مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

حوار مع حفيدة الإمام الخميني قدس

حوار مع حفيدة الإمام الخميني قدس

س- في أي الأوقات تذهبين لرؤية الإمام، وكيف كان استقباله لك ولأحفاده الآخرين؟
ج-
أذهب للإمام في أوقات استراحته، وأحيانا قبل صلاة المغرب والعشاء وأحيانا بعد الأخبار، وأخرى قبل الذهاب إلى المدرسة.
في الوقت الذي أدخل غرفة الإمام، أشعر أن الإمام يفرح بقدومي إليه ويرد سلامي بابتسامه.
وحتى الآن عندما أذهب لمرقده وأسلم عليه أرى ابتسامته لي، هذه الابتسامة التي لن أنساها.
طبعا الإمام يفعل هذا مع جميع أفراد أسرته، ولا يظهر أي درجة من التفاوت في معاملته لأفراد أسرته.

س- في الوقت الذي تذهبين فيه لرؤية الإمام في أي المواضيع كنتم تتحدثون؟

ج- في البداية يسأل الإمام عن أحوالي، وعن كيفية تمضيتي لوقتي. وفي بعض الأوقات أسأله مسائل شرعية.
وأسعى أن أخفف من المسائل السياسية، لأني أشعر أن قدومي إليه بعنوان الاستراحة للإمام، وأشعر أن الكلام في السياسة يتعبه.
كان الإمام يوصيني بمراقبه نفسي حتى لا أرتكب المعاصي وبالخصوص الغيبة، فقد كان يعتقد أن على النساء عندما يجتمعن مع بعضهن لا بد أن يدور حديثهن عن أنفسهن لا عن الآخرين، وكذلك كان يوصي كثيرا بعدم الكذب حتى عند المزاح.
ومن المسائل التي كان يوليها الإمام عناية كبيرة هي الحد من العلاقات بين النساء والرجال، حيث أتذكر في هذا الصدد حينما كان عمري عشر سنوات لا أكثر كنت ألعب مع إخواني وابن خالتي لعبة الغميضة وكنت متحجبة، ولكن الإمام في ذلك اليوم ناداني وقال:  أنت الآن لا فرق بينك وبين أخواتك، فهل أخواتك يلعبون مع الأولاد حتى تلعبي أنت معهم؟!!
ومنذ ذلك اليوم لم ألعب مع الأولاد، والآن عندما أتذكر هذه الحادثة وأفكر وأتعمق فيها، أصل إلى أن الإنسان حين بلوغه لا فرق بينه وبين الكبار.
ويجب على الإنسان أن يرى أن حياته فانية ولذلك الإمام لم يرتكب معصية وعلى الإنسان أن يفكر في كل لحظه أن تعويض اليوم بالغد هو تأخير جدا.

س- ما رأي الإمام في إكمالك للدراسة وهل كان ينصحك بتخصص معين؟

ج- الحمد لله كنت موفقه في دراستي، وكنت أطلب منه الدعاء دائما لقبولي في الجامعه، وكان دائما يجيبني: أنا أدعوا للجميع وسأدعو إن شاء الله لك أيضا.
أما عن موضوع التخصص فكان لا يوصي بتخصص معين، وكما جاء في وصيته يجب على الإنسان أن يتخصص في جميع المجالات ولكن عليه أن يضع هدفا واحدا أمام ناظريه وأن يصل إلى ذلك الهدف وهو مقام القرب الإلهي.
وأنا أعتقد أن هذا الهدف هو سبب نجاح الإمام في حياته وبهذا الإخلاص وعدم الرياء في طريق الحق سبحانه أحبه الناس.

س-هل طرحتي على الإمام مشكلاتك الخاصة؟
ج-
طبعا، الإمام كان أفضل مرشد لنا ونحن في جميع مسائلنا ومشاكلنا نرجع إليه.
كان الإمام في مقابلاته جدي كثيرا، وفي بعض الأوقات يحاول إزالة الاضطراب والقلق ويسلي الشخص عما أصيب به، ولكن كان يعتقد أن أخذ القرار يجب أن يكون بأيدينا وفقط هو يرشدنا.

س- بماذا كان الإمام يوصي والديك في شؤون تربيتك؟

ج- لقد فقدت والدي وأنا طفله صغيره، ولا توجد ذكريات كثيرة في ذهني عنه.
أما والدتي فقد كان يوصيها دائما بأن أفضل العبادات للأم هي حفظ الأولاد وتربيتهم، فمثلا في بداية الثورة أرادت والدتي أن تعمل في الشؤون الاجتماعية ولكن لصغر أطفالها الإمام أوصاها أن تتفرغ لتربيتهم.
كان الإمام يعامل أولاده وخصوصا الكبار باحترام ووقار ويستقبلهم بوجه باسم.
ففي بعض الأوقات كان الإمام وبدون أن يخبرنا يذهب إلى المطبخ لإعداد الشاي وإحضاره لنا، وقد كنت اخجل منه لقيامه بهذا لكنه كان يعطينا بهذه الضيافة أفضل الدروس.
في الوقت الذي أتذكر فيه تلك الأيام أتألم لفقدها.

س- ما وجه نظر الإمام في الرياضة وتسليه الشباب؟

ج- يعتقد الإمام أن الرياضة أسلم وأفضل تسليه للشباب، وقد كان الإمام يمارس رياضه المشي، ففي أثناء اعتقاله من قبل حكومة الشاه وضع في زنزانة طولها متر في متر وقد كان يمارس رياضه المشي فيها، وكذلك سمعت أن الإمام في كل صباح وبعد الظهر كان يمارس رياضه المشي وقد كانت تعتبر له أفضل رياضه وتسليه في نفس الوقت.
الآن عندما أرى ساحة المنزل خالية من الإمام تأتي إلى ذهني ذكريات جميلة عن الإمام.
أحيانا عيوني تتسمر على مقبض باب غرفته عله يتحرك ويخرج منه الإمام إلى ساحة المنزل وبحضوره تتنور وتتعطر الساحة بوجوده المبارك، ولكن هذا الانتظار الصعب يبقى مكان الإمام في كل مكان خالي.
تذكرت الآن حيث كان يقول دائما: في ساعة اللعب لا تذاكري، وفي ساعة المذاكرة لا تلعبي ضعي كل شيء في محله.
وكذلك كان يقول حينما كنت صغيره لا تعوضي ساعة اللعب في ساعة المذاكرة ولا ساعة المذاكرة في ساعة اللعب.

س- ماذا كانت نظرة الإمام لنوع اللباس وسلوك أحفاده وبالخصوص البنات؟
ج- أنا لا أتذكر أن الإمام وجه لي ملاحظات على نوعية لباسي في المنزل، ولكن كان دائما يقول: صحيح أن كشف الوجه واليدين جائز ولكن الأفضل للشابات أن يتسترن بشكل أكثر.
وكان يؤكد علينا أن لا نضع عطر ونحن خارجون من المنزل، والآن أتذكر حادثة بهذا الشأن، ففي أحد الأعياد أعطى الإمام لأحد حفيداته هديه عطرا وأنا أعطاني شيئا آخر وقال: لأنك لم تتزوجي لذلك فأنت لا تحتاجين للعطر.
كان الإمام يفهم في جميع المجالات بشكل كبير وفي الحقيقة كان مثال الإنسان المسلم الواقعي، وكان عنده سعه علم في التعاليم الإسلامية.

س- أي ذكرى للإمام كانت تعبك أكثر من غيرها؟

ج- إن حياة الإمام من أولها إلى آخرها دروس.
في الحقيقة أن حياة الإمام هي الطريقة المثلى التي يجب علينا اتباعها في هذا العصر.
أتذكر الآن في بداية الحرب، فجأة سمعنا مدفع مضاد للطائرات، ولأنه في ذلك اليوم لأول مرة أسمعها أحسست أن صوت الانفجار بمنزلنا وبسرعة وعجلة ذهبنا إلى غرفة الإمام وكان الإمام مشغولا بالصلاة والعبادة في إيوان غرفته فقد كان مثل الذي لم يسمع صوت أصلا ولم يكن قد انتبه لدخولنا غرفته، ونحن في حاله اضطراب وخوف، وكنا ننظر إلى الإمام وعندما رأينا حالة الإمام وهدوئه هدأت نفوسنا.
ومن الذكريات الأخرى عن الإمام التي أتذكرها هي تأكيده على عدم الإسراف حيث كان يقول: استخدام التلفون في وقت الضرورة وفي غير الضرورة تنبوا استخدامه، واستخدموا الأنوار في المنزل بحد احتياجكم.
فالإمام نفسه كان يصلي في الظلام، وإذا كانت هناك أنوار إضافية مضاءة كان لا يرتاح من ذلك ويطفئها، هذا الإمام نفسه هو الذي وقف أمام أمريكا وهو الذي يحترز حتى عن إيذاء نملة
في الواقع إيمان الإمام وعظمته هي التي جعلت الشرق والغرب يهتز.

س- متى كان آخر لقاء لك مع الإمام، وماذا كانت آخر توصياته لك؟

ج- آخر لقاء معه كان وهو في المستشفى ووفي الأيام الأخيرة كانت صحته متدهورة جداً ولم أستطع الكلام معه كثيرا.
سلام الله على الامام الخميني


المصدر: شبكة العرفان الثقافية.

التعليقات (0)

اترك تعليق