مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

المنامات المقدسة-14

المنامات المقدسة-14

وكانت حرم روح الله ترد المجالس النسوية البسيطةً إلى درجة أنّ من لا يعر فها لا يستطيع أن يميزها عن باقي النسوة. ففي إحدى مآدب الإفطار، كانت زوجة أحد الموظفين مدعوة أيضاً، ورأت أنّ شأنها أقل من أنْ تجلس إلى جوار نساء كان يبدو من ثيابهن وحركاتهن أنهن نساء مدراء عامين فما فوق، وحانت منها التفاتة فشاهدت في زاوية من المجلس مكاناً جلست فيه بعض النساء بشكل غير متراص، فذهبت إلى هناك، وسألت امرأة لا تعرفها أن تفسح لها المجال قليلاً، وبعد تبادل الأحاديث علمت أنها جالسة إلى جانب نصيرة الشمس، التي كانت وديةً معها إلى درجة لم تعد تملك القدرة على مفارقتها.

لم يعد التظاهر بالدين في إيران أمراً معقَّداً في يومنا هذا، بينما كان أمراً صعباً في العقود المنصرمة. غير أن الكشف عن بعض الحقائق قد يبدو عسيراً أحياناً، ومن بينها تلكؤ الأبناء عن أداء الفرائض الدينية في بعض الأوقات. ولم يكن الإمام يتردد عن القول بأنّ أبناءه ليسوا مستثنين على هذا الصعيد:
"معنوية الإمام وحركاته وكلماته، ولا سيما تدينه، أثّرت بمجموعها على الأبناء. أبنائي متدينون كثيراً. وكان لدينه وتقواه أثر عليّ أيضاً مثلما على أبنائه، لكنه كان ذا تأثير أكبر على الأبناء من حيث الأخلاق والسجايا أما أنا فبقيت على ما كنت عليه. وكان قليلاً ما ينصح، كان يركز على التربية الدينية منذ العام السابع، أي أنه يأمر بالصلاة في العام السابع، كان يقول احمليهم على الصلاة حتى إذا بلغوا التاسعة من العمر، تعودوا عليها. وكنت أقول له: شؤون تربيتهم الأخرى من شأني، أما صلاتهم فمن شأنك، أنت تحدث معهم، إنهم لا يصغون إليّ لو تحدثت معهم. فكان الإمام ملزماً بسؤالهم، لكنه كان يقبل منهم ما أن يقولوا صلينا، ولا يستتبع الأمر".
عظمة العبارات البسيطة لطيفة بلطافة البراعم. فما أروع وأعظم بساطتها هذه، ليس لأنها تبدو ساذجة بل لأنها تمسك بزمام النفس وتنظر إلى المصالح الهشة نظرة ازدراء.

والبطاقة العائلية لنصيرة الشمس هي كما يلي بالمقدار الذي تعرفه، مع الإيجاز والتصرف: "والدي الحاج الميرزا محمد الثقفي، كان من علماء طهران، لكنه كان منصرفاً نحو التأليف وقلما يولي اهتماماً للأعمال المألوفة لدى رجال الدين مثل استلام الحقوق الشرعية والارتباط بالتجار. كما كان إماماً للجماعة ومدرّساً، ولديه مكتبة كبيرة وهب جزءاً من كتبها إلى مدرسة "سبهسالار" السابقة والمسماة حالياً بمدرسة الشهيد المطهري. وملأ جزءٌ منها حجرةً بكاملها حتى السقف".


المصدر: مجلة المحراب، العدد: 1105، الخميني روح الله ـ سيرة ذاتية

التعليقات (0)

اترك تعليق