زيارة خديجة عليها السلام في مدرسة أهل البيت عليهم السلام والصلاة عليها
زيارة خديجة عليها السلام في مدرسة أهل البيت عليهم السلام والصلاة عليها:
أولاً: الصلاة عليها في يوم الجمعة:
إنّ من البديهيّات في مذهب الإماميّة هو رجوعهم في تكاليفهم الشرعيّة إلى الثقلين (القرآن والعترة النبويّة)، وحيث إن زيارة خديجة والصلاة عليها من البعد أو القرب حيث الوقوف عند حضرها المشرفة وروضتها الفردوسيّة كان يرجع فيه أتباع هذه المدرسة إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام.
فأما إتيان قبرها (صلوات الله وسلامه عليها) فقد دلت الروايات على أنّ الإمام أبا عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام كان قد تعاهد قبرها بالزيارة والدعاء والمناجاة لله رب العالمين –كما مر بيانه سابقاً- وأما من البعد فقد روى شيخ الطائفة الطوسي رضوان الله تعالى عليه عن أبي المفضل الشيباني قال حدثنا أبو محمد عبدالله بن محمد العابد بالدالية لفظاً، قال: سألت مولاي أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام في منزله بسر من رأى، سنة خمس وخمسين ومائتين أن يُمليء عليّ من الصلاة على النبي وأوصيائه عليه وعليهم السلام، وأحضرت معي قرطاساً كثيراً فأملى عليّ لفظاً من غير كتاب.
فقال عليه السلام: "اللهم صل على محمد كما حمل وحيك وبلغ رسالاتك، وصل على محمد كما أحل حلالك وحرم حرامك وعلم كتابك، وصل على محمد كما أقام الصلاة وأتى الزكاة ودعا إلى دينك، وصل على محمد كما صدق بوعدك وأشفق من وعيدك، وصل على محمد كما غفرت به الذنوب وسترت به العيوب، وفرجت به الكروب، وصل على محمد كما دفعت به الشقاء، وكشفت به العماء، وأجبت به الدعاء، ونجيت به من البلاء، وصل على محمد كما رحمت به العباد، وأحييت به البلاد، وقصمت به الجبابرة، وأهلكت به الفراعنة، وصل على محمد كما أضعفت به الأموال، وحذرت به من الأهوال، وكسرت به الأصنام، ورحمت به الأنام وصل على محمد كما بعثته بخير الأديان، وأعززت به الإيمان، وتبرت به الأوثان، وعصمت به البيت الحرام، وصل على محمد وأهل بيته الطاهرين الأخيار وسلم تسليما".
ثانياً: أقوال الفقهاء في زيارة قبر أم المؤمنين خديجة عليها السلام:
1- قال الشهيد الأول(1) قدس سره (المتوفى سنة 786هـ): (ويستحب أن يزور خديجة عليها السلام بالحجون، وقبرها معروف هناك قريب من سفح الجبل)(2).
2- قال المحقق النراقي (المتوفى عام 1244هـ): "ومما عده بعضهم من المستحبات: إتيان بعض المواضع المتبركة بمكة، كمولد رسول الله(ص)، ومنزل خديجة، وزيارة قبر خديجة..."(3).
وقال أيضاً في تحديد موضع قبرها نقلاً عن والده رحمه الله: قبر خديجة، وهو في مقابر معلاة، قريب بانتهاء المقابر في سفح الجبل، وله قبة معروفة، أصل القبة بيضاء وحيطانها صفراء، وتستحب زيارتها"(4).
قال العلامة المجلسي، في الأيام الشريفة التي يستحب فيها زيارة رسول الله(ص)، فعدّ (منها يوم عاشر شهر ربيع الأول: وكذا يستحب فيه زيارة خديجة، وكذا ساير الأيام والليالي المختصة به)(5).
3- ذكر المحقق السبزواري قدس سره (المتوفى سنة 1090هـ) في ذخيرة المعاد: -إنّ من المستحبات في مكة أموراً، وعدة منها- زيارة خديجة عليها السلام بالحجون(6).
4- قال السيد محسن الحكيم قدس سره (المتوفى 1390 هـ): ويستحب زيارة خديجة بالحجون، وقبرها هناك معروف في سفح الجبل، وأن يزور قبر أبي طالب)(7).
5- وذكر الشيخ أحمد آل كاشف الغطاء قدس سره في القلائد، قوله: (ويستحب زيارة خديجة بالحجون)(8).
6- وقال السيد محمد رضا الكلبايكاني قدس سره: يستحب مؤكداً للحاج مدة بقائه بمكة عدة أمور –وعد منها- زيارة قبر خديجة الكبرى، وقبرها بالحجون معروف في سفح الجبل(9).
7- وقال السيد عبد الأعلى السبزواري قدس سره: (ويستحب زيارة قبر خديجة عليها السلام المعروفة بالمعلى؛ لأنها أم المسلمين ومن بر الأولاد بأمهم زيارة قبرها بعد ارتحالها مع أنها بذلت نهاية جهدها في خدمة سيد المرسلين ومالها في نشر دعوة خاتم النبيين(ص) إلى غير ذلك من مفاخرها التي ملأت كتب الفريقين، فمن شك بعد ذلك في رجحان زيارها فهو عاق لأمه)(10).
وغير ذلك من أقوال فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام الذين اتبعوا سبيل آل محمد وساروا بهديهم وتمسكوا بحجزتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، في تعظيم حق أم المؤمنين خديجة عليها السلام وبرها بعد وفاتها من خلال زيارة قبرها والتوسل إلى الله تعالى بها فإن لها شأناً عند الله تعالى وجاهاً، ومنزلة عظيمة.
ثالثاً: نص زيارتها:
أما بخصوص ما يقوله الزائر لحضرتها المشرفة فقد جاء عن السيد التقي القمي زاد الله في شرفه: (لا ريب ولا إشكال في أنّ الإتيان بهذه الزيارة من القريب أو البعيد رجاء لا يكون فيه خلاف فإن باب الرجاء واسع ويمكن الاستدلال على رجحان زيارتها بأنها مقربة عند الله تعالى وعند الرسول وعند أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء والأئمة عليهم السلام؛ ولكن مقتضى الاحتياط التام أن لا يقصد بزيارتها الورود بل يقصد الرجاء والله العالم بحقائق الأشياء)(11).
ألف: نص ما جاء من زيارتها في روضات الجنات:
"اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا أم الْمُؤْمِنِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا أم فاطِمَةَ الزَّهْراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمِينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا أَوَّلَ الْمُؤْمِناتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا مَنْ أَنْفَقَتْ مالَها فِي نُصْرَةِ سَيِّدِ الأنبياء، وَنَصَرَتْهُ مَا اسْتَطاعَتْ وَدافَعَتْ عَنْهُ الأعداء، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا مَنْ سَلَّمَ عَلَيْها جَبْرَئيلُ، وَبلَّغَهَا السَّلامَ مِنَ اللهِ الْجَلِيلِ، فَهَنِيئاً لَكِ بِما أَوْلاكِ اللهُ مِنْ فَضْل، وَالسَّلامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ»(12).
باء: نص ما جاء في زيارتها في كتاب آداب الحرمين:
السَّلامُ عَلَيْكِ يا زوجةَ رسول الله سيِّدِ المُرسَلينَ، السلام عليك يا زوجة نبي الله خاتم النبيين؛ السَّلامُ عَلَيْكِ يا أمَّ فاطِمَةَ الزّهراءِ سيِّدَةِ نِسَاءِ الَعالَمينَ، السَّلامُ عَلَيْكِ يا أوّلَ المُؤمِنَاتِ، السَّلامُ عَلَيْكِ يَا مَنْ أنفقتْ مالَـها في نُصرَةِ سيِّدِ الأنبياءِ ونصَرَتَهُ ما استطَاعَتْ ودَافعَتْ عنهُ الأعداءَ، السَّلامُ عليك يا من سلم عليها جبرائيل وبلغها السلام من اللهِ الجَليلِ، فهَنيئاً لَكِ بِمَا أولاكِ اللهُ من فضلٍ، والسَّلامُ علَيكِ ورحمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ.
وذكرها في المنتخب الحسني، وذكر السيد البطحائي زيارة أخرى:
اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ سَيِّدِ الْمُرْسَلينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا زَوْجَةَ خاتَمِ النَّبِيّينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا أمَّ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا أم الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَىْ شَبابِ أهْلِ الْجَنَّةِ أجْمَعينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا أم الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا أمَّ المُؤْمِنينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا أم الْمُؤْمِناتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا خالِصَةَ الْمُخْلِصاتِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا سَيِّدَةَ الْحَرَمِ وَمَلائِكَةَ الْبَطْحآءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا أوَّلَ مَنْ صَدَّقَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ مِنَ النِّساءِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا مَنْ وَفَتْ بِالْعُبُودِيَّةِ حَقَّ الْوَفآءِ، وَأسْلَمَتْ نَفْسَاً وَأنْفَقْتَ مالَها لِسَيِّدِ الْأَنْبِيآءِ اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا قَرينَةَ حَبيبِ إلهِ السَّمآءِ، اَلْمُزَوَّجَةِ بِخُلاصَةِ الْأَصْفِيآءِ، يَا ابْنَةَ إبْراهيمَ الْخَليلِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا مَنْ سَلَّمَ عَلَيْها جَبْرآئيلُ، وَبَلَّغَ إلَيْهَا السَّلامُ مِنَ اللَّهِ الْجَليلِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا حافِظَةَ دينِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا ناصِرَةَ رَسُولِ اللَّهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا مَنْ تَوَلّى دَفْنَها رَسُولُ اللَّهِ، وَاسْتَوْدَعَها إلى رَحْمَةِ اللَّه، اَشْهَدُ اَنَّكِ حَبيبَةُ اللَّهِ وَخِيَرَةُ أمته، إن اللَّهَ جَعَلَكِ في مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِهِ في قَصْرٍ مِنَ الْياقُوتِ وَالْعِقْبانِ، في أعلى مَنازِلِ الْجَنانِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ(13).
الهوامش:
1- مصباح المتهجد للشيخ الطوسي: ص 401؛ جمال الأسبوع لابن طاووس: ص 297؛ البحار للمجلسي: ج91، ص74.
2- مرّ ذكر ترجمته رضوان الله تعالى عليه في مبحث البرزخ فليراجع.
3- الدروس للشهيد الأول: ج1، ص 469.
4- مستند الشيعة للمحقق النراقي: ج13، ص 96.
5- البحار للمجلسي: ج 97، ص 169.
6- ذخيرة المعاد للمحقق السبزواري: ج1، ق3، ص695.
7- دليل المناسك للسيد محسن الطباطبائي الحكيم: ص 489.
8- الأنوار الساطعة للشيخ غالب السيلاوي: ص 404، نقلاً عن: قلائد الدرر في مناسك من حج واعتمر: ص 143.
9- مناسك الحج للسيد الكلبايكاني: ص 167، ص 168.
10- مهذب الأحكام للسيد السبزواري: ج14، ص 401.
11- الأنوار الساطعة للشيخ غالب السيلاوي: ص 406.
12- مفتاح الجنات للسيد محسن الأمين: ص 306، مناسك الحج للسيد الكلبايكاني: ص 169.
13- الأنوار الساطعة: ص 407.
المصدر: خديجة بنت خويلد أمة جمعت في امرأة، دراسة، وتحقيق السيد نبيل الحسني، قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة الحسينية المقدسة، ج4، ط١، ٢٠١١م، كربلاء المقدسة العراق.
اترك تعليق