مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

آمنة بنت وهب تحكي ولادة الرسول الأعظم (ص)

آمنة بنت وهب تحكي ولادة الرسول الأعظم (ص)

عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان يرفعه بإسناده قال: لما بلغ عبدالله بن عبدالمطلب زوجه عبدالمطلب آمنة بنت وهب الزهرى، فلما تزوجها حملت برسول الله صلى الله عليه وآله، فروي عنها أنها قالت:
لما حملت برسول الله صلى الله عليه واله لم أشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل، ورأيت في نومي كأن آتيا أتاني وقال لي: قد حملت بخير الأنام، فلما حان وقت الولادة خف ذلك علي حتى وضعه صلى الله عليه وآله، وهو يتقي الأرض بيديه، وسمعت قائلا يقول:
وضعت خير البشر، فعوذيه بالواحد الصمد ، من شر كل باغ وحاسد، فولدت رسول الله صلى الله عليه وآله عام الفيل لاثنتى عشرة ليلة من شهر ربيع الأول يوم  الاثنين، فقالت آمنة: لما سقط إلى الأرض اتقى الأرض بيديه وركبتيه، ورفع رأسه إلى السماء، وخرج مني نور أضاء ما بين السماء والأرض، ورميت الشياطين بالنجوم ، وحجبوا عن السماء، ورأيت قريش الشهب والنجوم تسير في السماء، ففزعوا لذلك وقالوا:

هذا قيام الساعة، واجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة فأخبروه بذلك، وكان شيخا كبيرا مجربا، فقال: انظروا إلى هذه النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر، فإن كانت قد زالت فهو قيام الساعة، وإن كانت هذه ثابتة فهو لا مرقد حدث، وأبصرت الشياطين ذلك فاجتمعوا إلى إبليس فأخبروه بأنهم قد منعوا من السماء، ورموا بالشهب، فقال: اطلبوا، فإن أمرا قد حدث، فجالوا في الدنيا ورجعوا فقالوا:

لم نر شيئا، فقال: أنا لهذا، فخرق ما بين المشرق والمغرب فانتهى إلى الحرم فوجد الحرم محفوفا بالملائكة، فلما أراد أن يدخل صاح به جبرئيل فقال: اخسأ يا ملعون، فجاء من قبل حرآء فصار مثل الصر
قال: يا جبرئيل ما هذا؟
قال: هذا نبي قد ولد وهو خير الأنبياء
قال: هل لي فيه نصيب؟
قال: لا 
قال: ففي أمته؟
قال: نعم
قال: قد رضيت
قال: وكان بمكة يهودي
يقال له: يوسف، فلما رأى النجوم يقذف بها وتتحرك قال: هذا نبي قد ولد في هذه الليلة، وهو الذي نجده في كتبنا أنه إذا ولد وهو آخر الأنبياء رجمت الشياطين، وحجبوا عن السماء، فلما أصبح جاء إلى نادي قريش وقال: يا معشر قريش هل ولد في مكه الليلة مولود؟ قالوا: لا، قال: أخطأكم والتوراة، ولد إذا بفلسطين، وهو آخر الأنبياء وأفضلهم ، فتفرق القوم فلما رجعوا إلى منازلهم أخبر كل رجل أهله بما قال اليهودي، فقالوا: لقد ولد لعبد الله بن عبدالمطلب ابن في هذه الليلة ، فأخبروا بذلك يوسف اليهودي  فقال: قبل أن أسألكم أو بعده، فقالوا: قبل ذلك ، قال: فأعرضوه علي، فمشوا إلى باب آمنة فقالوا: اخرجي ابنك ينظر إليه هذا اليهودي، فأخرجته في قماطه فنظر في عينيه، وكشف عن كتفيه، فرأى شامة سوداء بين كتفيه، عليها شعرات، فلما نظر إليه وقع إلى الأرض مغشيا عليه، فتعجبت منه قريش وضحكوا، فقال: أتضحكون يا معشر قريش، هذا نبي السيف ليبيرنكم، وقد ذهبت النبوة من بني إسرائيل إلى آخر الأبد، وتفرق الناس يتحدثون بما أخبر اليهودي، ونشأ في المصدر: اليوم كما ينشأ غيره في الجمعة، وينشأ في الجمعة كما ينشأ غيره في الشهر.

عن ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن البزنطي، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله الصادق صلى الله عليه وآله قال: كان إبليس لعنه الله يخترق السماوات السبع ، فلما ولد عيسى عليه السلام حجب عن ثلاث سماوات، وكان يخترق أربع سماوات، فلما ولد رسول الله صلى الله عليه واله حجب عن السبع كلها، ورميت الشياطين بالنجوم، وقالت قريش: هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه، وقال عمرو بن أمية: وكان من أزجر أهل الجاهلية: انظروا هذه النجوم التي يهتدي بها، ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف، فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شئ، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر حدث، وأصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي صلى الله عليه واله ليس منها صنم إلا وهو منكب على وجهه، وارتجس في تلك الليلة أيوان كسرى، وسقطت منه أربعة عشر شرفة، وغاضت بحيرة ساوة، وفاض وادي السمآوة، وخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى المؤبذان في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة، وانسربت في بلادهم، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه، وانخرقت عليه دجلة العورآء، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتى بلغ المشرق، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا، والملك مخرسا لا يتكلم يومه ذلك وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، ولم تبق كاهنة في العرب إلا حجبت عن صاحبها، وعظمت قريش في العرب، وسموا آل الله عز وجل.

قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: إنما سموا آل الله لأنهم في بيت الله الحرام، وقالت آمنة: إن بني والله سقط فاتقى الأرض بيده، ثم رفع رأسه إلى السماء فنظر إليها، ثم خرج مني نور أضاء له كل شئ، وسمعت في الضوء قائلا يقول:

إنك قد ولدت سيد الناس فسميه محمدا، وأتي به عبدالمطلب لينظر إليه وقد بلغه ما قالت أمه، فأخذه فوضعه في حجره ثم قال: الحمد لله الذي أعطاني، هذا الغلام الطيب الأردان، قد ساد في المهد على الغلمان. ثم عوذه بأركان الكعبة، وقال فيه أشعارا، قال: وصاح إبليس لعنه الله في أبالسته فاجتمعوا إليه، فقالوا: ما الذي أفزعك يا سيدنا؟ فقال لهم: ويلكم لقد أنكرت السماء والأرض منذ الليلة، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع عيسى بن مريم عليه السلام، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث، فافترقوا ثم اجتمعوا إليه فقالوا: ما وجدنا شيئا، فقال إبليس لعنه الله: أنا لهذا الأمر، ثم انغمس في الدنيا فجالها حتى انتهى إلى الحرم فوجد الحرم محفوظا بالملائكة، فذهب ليدخل فصاحوا به، فرجع ثم صار مثل الصر وهو العصفور فدخل من قبل حرى، فقال له جبرئيل: وراك لعنك الله، فقال له: حرف أسألك عنه يا جبرئيل، ما هذا الحديث الذي حدث منذ الليلة في الأرض؟ فقال له: ولد محمد صلى الله عليه وآله، فقال له: هل لي فيه نصيب؟ قال: لا، قال: ففي أمته؟ قال: نعم، قال: رضيت.


المصدر: وكالة أبنا.

التعليقات (0)

اترك تعليق