مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

خديجة الكبرى عليها السلام المثل الأعلى

خديجة الكبرى عليها السلام المثل الأعلى

خديجة الكبرى المثل الأعلى:
في دنيا النساء نماذج عديدة للطهر والفضيلة والعفاف... ولكن تبقى لخديجة خصوصيتها وفرادتها المتألقة التي لا تنازلها في هذا المضمار امرأة أخرى فهي -كما تقول الأديبة الراحلة بنت الشاطئ- أولى أمهات المؤمنين وأقرب زوجات النبي وأعزهن عليه حية وميتة انفردت بحبه وإعزازه خمساً وعشرين سنة لا تشاركها فيه امرأة أخرى. ووقفت إلى جانبه في سني الاضطهاد الأولى تؤازره وترعاه وتهوّن عليه ما يلقى من قريش في سبيل رسالته.
وتضيف بنت الشاطئ: وستدخل في الإسلام من بعد خديجة ملايين النساء ولكنها ستظل منفردة دونهن بلقب المسلمة الأولى التي آثرها الله بالدور الأجلّ فى حياة البطل الرسول وسيذكرها المؤرخون -المسلمون منهم وغير المسلمين- بذلك الدور.
أما الأديبة سنيّة قراعة فتقول وهي تتحدث عن سيدة قريش وثريتها الملحوظة ذات المكانة العالية والنسب الرفيع ((إن التاريخ ليحني رأسه أمام عظمة أم المؤمنين خديجة ويقف أمامها خاشعاً مكتوف اليدين لا يدري أين يضعها في سجل العظماء)). ولئن كانت المقولة الشهيرة (وراء كل عظيم امرأة) تبحث عن مصاديق لها في آفاق العظمة فإنها ستقف طويلاً أمام خديجة. فحينما يبلغ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مرحلة الشباب، على وجه التحديد سن الخامسة والعشرين من عمره الشريف كان لا بد له من الاقتران بامرأة تناسب إنسانيته وتتجاوب مع عظيم أهدافه وترتفع إلى مستوى حياته بما ينتظرها من جهاد وبذل وصبر. ولم يكن في دنيا محمد (صلى الله عليه وآله)، من امرأة تصلح لهذه المهمة غير خديجة (رضي الله عنها)...
تلكم هي بعض مزايا خديجة، فيكفيها فخراً ذلك الشرف الرفيع، والشأن العظيم، والقدر الجليل.. أليس من رحمها خرجت الذرية الطاهرة المباركة... والتي بلغت أعلى سنام المجد حينما تعانقت النبوة المحمدية والإمامة العلوية، فكانت ذرية فاطمة... كان أهل مكة -في الجاهلية- يسمونها (الطاهرة) ويطلقون على الرسول -قبل أن يصدع بالرسالة- بالصادق الأمين.. ومن هاتين الأكرومتين أقيم البناء واجتمعت الأركان فشيد بيت النبوة من الأم (الطاهرة) أم المؤمنين الكبرى... والزوج الصادق الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) ذي الخلق العظيم. لقد كانت هذه الأسرة المثالية واحة الفضيلة في صحراء الجاهلية، وبحبوحة السعادة في دنيا الشقاء آنذاك يغمرها الحب ويشد أواصرها الاخلاص.
في أحد بيوتات مكة ولدت خديجة بنت خويلد لأسرة ذات مكانة وشرف عرفت بالعلم والتضحية والفداء وحماية الكعبة. وحينما جاء تبع -ملك اليمن- ليأخذ الحجر الأسود من المسجد الحرام إلى اليمن هبّ خويلد (أبو خديجة) لحمايته ومنعه عن ذلك. وكان أسيد بن عبد العزى -جد خديجة- من المبرزين في حلف الفضول الذي تداعت له قبائل من قريش فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً إلاّ قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد ظلامته، وهو الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((لقد شهدت في دار عبد الله  بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حُمر النّعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت)).


المصدر: كتاب المرأة المسلمة: هموم وتحديات؛ حسن السعيد، بغداد 1427هـ - 2006م

التعليقات (0)

اترك تعليق