مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب

أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب

أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب:

في مناقب ابن شهرآشوب عن عبد الملك بن عمير والحاكم والعباس قالوا خطب لحسن(ع) عائشة بنت عثمان فقال مروان أزوجها عبد الله بن الزبير، فلما قبض الحسن(ع) ومضت أيام من وفاته كتب معاوية إلى مروان، وهو عامله على الحجاز، يأمره أن يخطب أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد، فأتى عبد الله بن جعفر فأخبره بذلك فقال عبد الله إن أمرها ليس إلي إنما هو إلى سيدنا الحسين(ع) وهو خالها، فأخبر الحسين بذلك فقال أستخير الله تعالى اللهم وفق لهذه الجارية رضاك من آل محمد فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله(ص) أقبل مروان حتى جلس إلى الحسين(ع) وعنده من الجلة وقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أخطب أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ مع صلح ما بين هذين الحيين مع قضاء دين أبيها واعلم أن من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم، والعجب كيف يستمهر يزيد وهو كفو من لا كفو له، وبوجهه يستسقى الغمام فرد خيرا يا أبا عبد الله، فقال الحسين(ع): الحمد لله الذي اختارنا لنفسه وارتضانا لدينه واصطفانا على خلقه ثم قال: يا مروان قد قلت فسمعنا أما قولك مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله(ص) في بناته ونسائه وأهل بيته وهو اثنتا عشرة أوقية يكون أربعمائة وثمانين درهما، وأما قولك مع قضاء دين أبيها فمتى كان نساؤنا يقضين عنا ديوننا، وأما صلح ما بين هذين الحيين فإنا قوم عاديناكم في الله فلم نكن نصالحكم للدنيا فلعمري لقد أعيا النسب فكيف السبب، وأما قولك العجب ليزيد كيف يستمهر فقد استمهر من هو خير من يزيد ومن أبي يزيد ومن جد يزيد، وأما قولك أن يزيد كفو من لا كفو له فمن كان كفوه اليوم ما زادته إمارته في الكفاءة شيئا، وأما قولك بوجهه يستسقى الغمام فإنما كان ذلك بوجه رسول الله(ص)، وأما قولك من يغبطنا به أكثر ممن يغبطه بنا فإنما يغبطنا به أهل الجهل ويغبطه بنا أهل العقل، ثم قال فاشهدوا أني قد زوجت أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر على أربعمائة وثمانين درهما وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة، أو قال أرضي بالعقيق وإن غلتها في السنة ثمانية آلاف ففيها لهما غنى إن شاء الله.
قال فتغير وجه مروان وقال: عذرا يا بني هاشم تأبون الا العداوة فذكره الحسين(ع) خطبة أخيه الحسن عائشة وفعله، ثم قال فأين موضع الغدر يا مروان؟ فقال مروان: أردنا صهركم لنجد ودا قد أخلقه به حدث الزمان فلما جئتكم فجبهتموني وبحتم بالضمير من الشنآن فأجابه ذكوان مولى بني هاشم:
أماط الله عنهم كل رجس * وطهرهم بذلك في المثاني
فما لهم سواهم من نظير * ولا كفو هناك ولا مداني
أتجعل كل جبار عنيد * إلى الأخيار من أهل الجنان

وفي ترجمة أبي نيزر خبر خطبة معاوية أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر على ابنه يزيد بنحو من هذا مع بعض التفاوت وفي أول الخبر: تحدث الزبيريون وفي معجم البلدان بدله تحدث النيزريون ولعله هو الصواب، وحكى قبل ذلك عن محمد بن يزيد المبرد في الكامل أنه قال: رووا أن علي بن أبي طالب(ع) لما أوصى إلى ابنه الحسن في وقف أمواله وأن يجعل فيها عين أبي نيزر والبغيبغة قال وهذا غلط لأن وقفه هذين الموضعين كان لسنتين من خلافته، أه أقول وكان في كتاب الوقف الذي كتبه أمير المؤمنين علي(ع) في وقف عين أبي نيزر والبغيبغة المتقدم هناك أن لا توهبا حتى يرثهما الله وهو خير الوارثين إلا أن يحتاج إليهما الحسن والحسين. فلذلك نحلهما الحسين(ع) أم كلثوم أما عدم بيعه لها من معاوية كما مر هناك فلأنه لم يشأ أن يملك معاوية ما تصدق به أبوه وإن جاز له ذلك.


المصدر: أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين. ج3.

التعليقات (0)

اترك تعليق