مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

امرأة فرعون ودورها في القدوة للنساء والرجال

امرأة فرعون ودورها في القدوة للنساء والرجال

لا ریب في أن المجتمع البشري قد أسس من الإنسان،  والإنسان بداية لا یخلو من رجل وامرأة، ولهما دور مهم في تأسيس وبقاء هذا المجتمع.
وهذان الفردان أي الرجل والمرأة هما عنصران أصليان في تأسيس المجتمع أي مجتمع الأسرة، وهي أفضل مجتمع إنساني من بدء الخلقة إلى الآن وإلى الأبد.
قال الله تعالی مشیرا إلى هذه الأهمية ودورها (یا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً) النساء: 1.
إن هذه الآية تحکي لنا أن أصل البشر أسرة واحدة (نفس واحدة وخلق منها زوجها) ومن الزوجين بث أسرًا كثيرة. ويقول: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا). الفرقان: 54 نسبًا بالنسبة للذكور، وصهرًا بالنسبة للإناث.
فعلی هذا إن الأسرة مؤسسة تربوية دائمة لا تنفك أبدًا، فلذلك لا یمکن لنا أن نتصور مجتمعًا بدون أسرة ونعلم إن وجودها واستمرارها واستقرارها في العالم من مقاصد الله تعالی ومن مقاصد دینه وشریعته الإسلام.
وأما السؤال المهم والنقطة المهمة في هذا الموضوع هو أن الأسرة التي کانت بهذه القیمة الغالیة ما هو دور المرأة فیها؟ وما هي مکانتها في الأسرة؟ هل مکانة المرأة والرجل علی مستوی واحد أم لا؟
هل أن مستوی الرجل والمرأة ودورهما في تربیة الأطفال وسعادة أعضاء الأسرة واحد أم لا؟
أما الجواب أولا: جاءت تشريعات الإسلام كلها لتنظيم الأسرة وحمايتها من التفكك، ومن ذلك اکثر الأحكام الفقهية کالنكاح والطلاق والعدد وحقوق الآباء والأمهات، وغيرها، وكلها تدلّ على تلك المكانة للأسرة، لأنها مكان نشوء الأجيال، ومستقبل الأمة الصالحة على قدر ما تكون الأسرة صالحة.
وثانیا: لا ریب في أن المرأة هي العمود الفقري لهذه الأسرة، فلذلك المشهور بین الناس أن (وراء كل عظيم امرأة تربى في حجرها)، وهذه الکلمة أيضا تحکي لنا أن دور المرأة في الأسرة أعظم وأوسع وأثمر من الرجل.
إن رسالة المرأة هي الأمومة وهي أوسع من مجرد الإنجاب، بل رسالتها رسالة التربية ولا ریب في أن التربیة رسالة إلهية وتوحیدیة ومن مقاصد الله تعالى من الخلق.

امرأة فرعون ودورها في القدوة للنساء والرجال
إن دور المرأة في الأسرة وتربیة المجتمع البشري قد وقع في القرآن الکریم أکثر عناية من دور الرجل، وقد قام القرآن بتعریف عده من النساء الطاهرات بعنوان قدوة العالم.
منها امرأة فرعون: حيث يقول الله تعالى:
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
فمن الملاحظ أن امرأة فرعون التي قدمها القرآن الكريم قدوة، ليست قدوه للنساء فقط بل جعلها الله تعالی قدوه... للَّذٌينّ آمنٍوا....
إن امرأة فرعون قدوه في الصبر علی الزوج وسوء خلقه وعدم التزامه بالعدل والإحسان والأخلاق، وأيضا قدوة في التوجه إلى الله تعالی في حین أن الدنیا كانت مقبلة عليها بكل زخارفها، ولکنها أعرضت عنها متوجهة إلى الله تعالى فقالت: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ. في حین أن لها بیوتا متزينة في الدینا في قصر زوجها.
ومنها مريم ابنة عمران وأم عیسی
إن مریم امرأة عظمیه في الخلق والخلق والتربية، وقد وصفها الله تعالی في العديد من الآيات القرآنية وتكررت قصتها في أكثر من سورة من سور القرآن الكريم، وأشار إلى مراحل حياتها الشريفة والمباركة.
(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)
وأيضا القرآن الکریم وصفها بالمرأة المصطفاة والطاهرة من کل ألوان الرجس:
وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَآءِ الْعَالَمِين *  يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) مریم:43 و44.
ومنها حواء ومنها امرأة لوط ومنها سارة وهاجر زوجتا إبراهيم ومنها بنات شعیب، وأم موسی وأخت موسی وعلی رؤوس هؤلاء فاطمة الزهراء بنت محمد وزوجة علي وأم الحسن والحسین وزینب أم کلثوم.
فلذلك إن الصحیح أن نقول: إن المرأة هي صانعة الرجال، لأن المرء یربی في حجر المرأة، ولکن الذی نحن نتغافل عنه ولم نتوجه إليه هو هذه الکلمة وهذا الموضوع أي تأثير المرأة ودورها في الأسرة وتربیتها وکمالها وسعادتها.
حتی یمکن لنا أن نقول أن النساء والأمهات والزوجات کلهن لم تلتفتن بمکانتهن ودورهن في الأسرة والمجتمع البشري.
ألم تصنع فاطمة حسناً وحسيناً؟
ألم تصنع زینب(س) أولادها وأبنائها لکي یتقدموا إلى الجهاد في رکاب الحسین(ع) ولکي ینالوا الشهادة بین یدي الحسین(ع) وفداء للإسلام وللحسین؟

ألم تصنعن أمهات الشهداء أبنائهن الیوم لکي یتقدموا إلى الجهاد والشهادة.
ومن النساء اللواتي كان لهن دور عظيم ولهن تأثير کبیر في أسرتهن فهي زوجة زهير حيث أنها قامت في تحويل زوجها من شخص عثماني الهوى إلى شهيد بين يدي الإمام عليه السلام وذلك عندما التقت قافلة الإمام عليه السلام مع قافلة زهير بن القين الذي كان يتجنب اللقاء، أرسل الإمام عليه السلام رسولا إلى زهير يدعوه للالتقاء فتردد إلا أن دلهم بنت عمرو زوجته قالت: أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه؟ مقتل الإمام الحسين عليه السلام للأزدي: ص 74.
فحثته على الذهاب فنهض مسرعا وما لبث أن عاد كذلك حيث وطّن نفسه على الشهادة بين يدي الإمام عليه السلام وعندما سمعت زوجته بذلك طلبت منه أن يشركها معه إلا أنه رفض وذهب بمفرده ونال درجة الشهادة.
فلا ریب في أن موقفها ودعمها الروحي وتشجيعها سبباً لتحويل زهير إلى معسكر الحسين (ع).
فعلی هذا إن كلّ‏َ كلمة تلقيها المرأة في بيتها لها دور كبير فی نفوس أولادها بل فی نفس زوجها.
إن كلّ‏َ سلوك تقوم به المرأة في أسرتها له تأثير قوي على سلوك أسرتها وحتى زوجها. فعلى المجتمع أن لا يستهين بدور المرأة، بل على المرأة ذاتها أن لا تستهين بدورها في صناعة الرجال.

التعليقات (0)

اترك تعليق