مرقدالسيدة زينب الکبرى سلام الله عليها
اختلف المؤرخون في مكان وفاة السيدة زينب ومحلّ قبرها، وشاء الله (تعالى) أن يكون ذلك سبباً لإظهار عظمتها وإبراز شأنها ومجدها.
المشهور والمعروف لدى الناس أنّ قبرها سلام الله عليها في الشام، وسنتحدّث في السّطور التالية عن مقام السيدة زينب (ع) الموجود في دمشق.
يقع مقام السيدة زينب في الجهة الشرقية الجنوبية على بعد سبعة كيلو مترات من دمشق، وقد أصبحت المنطقة كلّها تعرف باسم «السيدة زينب». وتبلغ مساحة المقام وملحقاته حوالي الـ(15000متر مربع)، ويتسّع لخمسة آلاف شخص.
وقد زار هذا المشهد الرحّالة الشهير ابن جبير المتوفى سنة (614هـ)، وقال عنه في رحلته المعروفة عند ذكر المزارات الشاميّة: «ومن مشاهد أهل البيت مشهد أمّ كلثوم بنت علي ويقال لها زينب الصغرى وأمّ كلثوم كنية أوقعها عليها النبي لشبهها بابنته أمّ كلثوم ومشهدها الكريم قبلي البلد يعرف براوية على مقدار فرسخ وعليه مسجد كبير وخارجه أوقاف وأهل هذه الجهات يعرفونه بقبر الستّ ومشينا إليه وبتنا به وتبركّنا برؤيته»(2).
كما زار هذا المشهد الرحّالة ابن بطوطة المتوفى (770هـ)، وقال عند ذكر مزارات دمشق: بقرية القبلي وعلى فرسخ منها مشهد أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة، ويقال أن اسمها زينب وكنّاها رسول الله لشبهها بخالتها أم كلثوم بنت رسول الله وعليه مسجد كبير وله مساكن وله أوقاف ويسمّيه أهل دمشق قبر الستّ أمّ كلثوم(3).
وذكر هذا المشهد الباحث الدمشقي عثمان بن أحمد السويدي الحوراني المتوفى سنة(970هـ-أو1003هـ) في كتابه: الإشارات إلى أماكن الزيارات)، قال: ومنها قرية يقال لها «راوية» بها السيدة زينب أمّ كلثوم ابنة علي بن أبي طالب توفيّت بغوطة دمشق عقيب محنة أخيها الحسين، ودفنت في هذه القرية ثمّ سميت القرية باسمها وهي الآن معروفة بـ «قبر الست»(4).
وإن كان السيد الأمين يرجّح أنّ القبر لزينب الصغرى أخت السيدة زينب الكبرى. وورد أنّ السيدة نفيسة صاحبة المقام المعروف في القاهرة بنت حسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن علي بن أبي طالب قد زارت هذا المشهد في قرية «راوية» سنة 193هـ(6). وقرب سنة 500هـ شيّد رجل قرقوبي من أهل حلب بمشهدها جامعاً كبيراً من أشهر جوامع دمشق(7) . وأرّخه الخطيب الشيخ علي البازي النّجفي بقوله:
ارخ «وقـــــوفاً في ضريح زينب» واستــــــــغفر الله لكــــــــلّ مــذنب
تـــــــــرى الملا طراً وأملاك السما هـــــــــذا ضـــريح زينب قف عنده
(1370هـ)(8).
وفي سنة 1373هـ أهدى جماعة من التجّار الإيرانيين صندوقاً ثميناً من أروع أمثلة الصناعة الإيرانية المعروفة، ومن صنع الفنان الإيراني الحاج محمد سميع، والذي بقي في صنع هذا الصندوق ثلاثين شهراً، وقدّر ثمنه بمائتي ألف ليرة سورية آنذاك، وعليه غطاء من البلّور أحضرته بعثة إيرانية برئاسة ضابط إيراني كبير، وأقيم يوم وصوله ونصبه على قبر السيدة زينب احتفال مهيب ترأسه السيد صبري العسلي رئيس وزارة سوريا وأرّخه الشاعر النجفي السيد محمد الحلي بقوله:
صـــــــــــندوق زيـــنب قد بدت
للفنّ فيـــــــــه عـــــــــــــــلائم
صنـــــــعته أيــــدي المخلصين
فحار فــــــــــــيه العــــــــــــالم
حيـــــــــث احتـــــــوى جثمانها
أرّخــــــــــــت راق الخــــــــاتم
(1373هـ)(9).
وأهدى بعض تجّار إيران سنة 1380هـ لمشهدها باباً ذهبياً رائعاً(10). وللمقام مئذنتان شامختان بارتفاع 54متراً. وفي عام 1380هـ أهدى للحرم باب ذهبي للمدخل الغربي وبابان مذهّبان بالميناء للمدخل الشمالي والقبلي كما تمّ في هذا العام 1413هـ اكساء قبّة المقام من الخارج بالذهب.
الهوامش:
1- (وفاة زينب الكبرى) الشيخ فرج العمران ص65.
2- (مرقد العقيلة زينب)، محمد حسنين السّابقي، ص109، نقلاً عن رحلة ابن جبير، ص269.
3- المصدر السابق: ص110، عن رحلة ابن بطوطة: ج1-ص61.
4- المصدر السابق: نقلاً عن (الإشارات)، ص18، طبع دمشق: 1302هـ.
5- مرقد العقيلة زينب: السابقي، ص141.
6- المصدر السابق.
7- أدب الطف: جواد شبر، ج1-ص251.
8- مرقد العقيلة: السابقي، ص231.
9- المصدر السابق.
10- زينب الكبرى: ص 62-63.
اترك تعليق