لماذا الحجاب؟ هكذا يتساءل الكثير من الشبّان والشابات.. أليس الحجاب تقييداً لحرِّيَّة المرأة؟
لماذا الحجاب؟
هكذا يتساءل الكثير من الشبّان والشابات..
أليس الحجاب تقييداً لحرِّيَّة المرأة؟
وأساساً ما هي العوامل التي جعلتْ الإسلام يُشرّع الحجاب؟
والجواب يتلخّص في الأمور التالية:
* أوّلاً: بقاء المحبّة الزوجيّة:
ينوّه (علم النفس) أنّ الزوجة المحجّبة تستقطب حبّ الزوج واهتمامه أكثر من غيرها.. لماذا؟(١).
ذلك لأنّ (الإنسان حريص على ما مُنِع) فالمرأة المحجّبة -عادةً- أقرب إلى قلب الزوج من المرأة المتبرّجة.. إذ المرأة بلا عباءة التي يراها الرجل من الرأس إلى القدم يوميّاً عشرات المرّات.. قد تفقد إغراءها نهائيّاً.. عكس المرأة المحجّبة التي تظلّ مجهولة، ومثيرة بالنسبة إلى الزوج..
ولذا نجد أنّ المرأة الريفيّة المحجّبة أقرب إلى قلب زوجها من المرأة العاديّة غير المحجّبة. إنّ المرأة في الريف تتعاون مع زوجها، تذهب في الصباح إلى الحقل لتزرع، وتطحن وتخبز، وتغسل، وتقوم بسائر المهام الملقاة على عاتقها وهي بحجابها ومن دون أنْ تختلط بالأجانب، وعندما تعود في الليل إلى الكوخ، إذا بالزوج ينظر إليها كملاك أو حوريّة، ويبدي حبّه تجاهها، لماذا؟ لأنّه بقي في هذه المرأة الإغراء.
هذا، ومن المكروهات في الإسلام: ذهاب الزوجين إلى الفراش عاريين، إذ في هذه الحالة لا تبقى في جسد الزوجة مناطق إغراء مجهولة نهائيّاً(2).
إضافةً إلى أنّ الرجل يشعر بأنّ الزوجة المحجّبة تخصّه دون سائر الرجال، عكس المرأة غير المحجّبة فإنّها لا تختصّ بزوجها، بل يراها الجميع.
ولهذا السبب نرى: أنّ آباءنا كانوا يتزوّجون ويعيشون سنين طويلة دون أنْ تجري على شفاههم كلمة (الطلاق)، إذ إنّهم كانوا يجدون في زوجاتهم -اللاتي كُنَّ يَرْتَدِيْنَ الحجاب- الإغراء والجاذبيّة.
* ثانياً: الحفاظ على الحياة الزوجيّة:
عندما تكون المرأة محجّبة، تستمرّ الحياة الزوجيّة، إذ في هذه الحالة لا يرى الزوج غير زوجته، ولذلك فهو قانع بها، ولا ترى الزوجة غير زوجها، ولذلك فهي قانعة به.
لكن، عندما تكون النساء سافرات، وعندما يكون هناك اختلاط، فمن الطبيعي أنْ يرى الزوج نساءً أجمل من زوجته، وأنْ ترى الزوجة رجالاً أجمل من زوجها، وهذا ما يؤدِّي كثيراً إلى تَرَدِّي العلاقات الزوجيّة، وفي النهاية: إلى الطلاق!
مثلاً:
- في أميركا وحدها يوجد (٧ ملايين) طلب طلاق، كما جاء في بعض الصحف(3).
- وفي الاتّحاد السوفيتي يقول تقرير نشرتْه إحدى الصحف الرسميّة: إنّ حالة واحدة من كلّ تسع حالات زواج تنتهي بالطلاق في الاتحاد السوفيتي!
لماذا تصل نسبة الطلاق في هذه البلدان هذا الحد؟
ببساطة: لأنّ الرجل رأى امرأة أجمل من زوجته في السينما، أو الجامعة، أو الشارع، أو في أيّ مكان آخر، فعاد إلى البيت ولم يكتف بزوجته، فأثّر على سلوكه وسلوكها، فطلّق زوجتَه لكي يتزوّج غيرها.
* ثالثاً: توقّي الانحرافات الجنسيّة:
كم من الانحرافات والاتصالات الجنسيّة غير المشروعة تحدث في المجتمع في الوقت الحاضر!
أَلاَ يلعب السفور والتبرّج دوراً أساسياً في ذلك؟
أَلاَ تسيل المرأة المتبرِّجة لُعَاب الرجال لكي يركضوا خلفها، ويحاولوا الحصول منها على الـمُتَع المحرّمة؟
وأَلَيس الحجاب هو الأفضل لتوقّي هذه الانحرافات؟
وهل من الصحيح أنْ يرمي الصائغ ذَهَبَهُ ومجوهراته في الطريق؟
أَلاَ يعني ذلك تعرّضها للسرقة من اللصوص؟
وكذلك المرأة المتبرّجة كثيراً ما تكون عرضة لـ (سُرَّاق الأعراض)(4).
ولنلقي هنا نظرة سريعة على واقع المجتمعات الغربيّة، يقول أحد القضاة في أميركا(5):
إنّ (٤٥%) من فتيات المدارس المختلطة يدنِّسن أعراضهن قبل خروجهنّ منها، وترتفع هذه النسبة كثيراً في مراحل التعليم التالية(6):
- كما دلّت الإحصاءات التي أُجريت على حقائب طالبات المدارس في بريطانيا: أنّ(٨٠%) منهنّ يحملن معهنّ الأقراص المانعة من الحمل، وهذا يكشف عن أنّهنّ مهيّئات نفسيّاً لممارسة الدعارة والفجور في أوّل لحظة، مهيّئات للاستجابة لأوّل طلب، وإنّهن يَقْدِمْنَ على حمل هذه الأقراص هروباً من التبعات الثقيلة(7).
- وأخيراً فإنّ للتبرّج والسفور دوراً كبيراً في حوادث الاغتصاب والقتل.. وما أشبه ذلك، فقد نشرت بعض الصحف الغربيّة(8): أنّ تقارير البوليس الأميركي تُشير إلى ارتفاع نسبة جرائم الاغتصاب عاماً بعد عام، ففي واشنطن فقط تقع جريمة اغتصاب كل (١٥ دقيقة).
والواقع:
أنّ مظاهر الميوعة التي تنتشر في أميركا وغيرها من بلاد الغرب ذات أثر بالغ في ازدياد حالات الاغتصاب، وفي كثير من الأحيان تحدث حالات قتل بسبب امتناع الفتاة من تسليم نفسها أو ما أشبه(9).
____________________
1- راجع كتب علم النفس.
2- راجع موسوعة الفقه (ج٦٢، ص١٢١ - ١٢٢) كتاب النكاح، في مكروهات المقاربة وفيه: ويكره الجماع وهو عريان.. وفي الحديث عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، قال: (إذا تجامع الرجل والمرأة فلا يتعرّيان) الحديث. وسائل الشيعة: ج١٤، ص٨٤، ب٥٨ من أبواب مقدّمات النكاح، ح٣.
3- صحيفة البراقدا.
4- ومن أبشع الجرائم في الغرب تجارة النساء، فمنذ بداية الثمانينات عرفت تجارة النساء تطوّراً لا سابق له، وفي أيّامنا هذه تُصدَّر الآلاف من نساء العالم إلى أوروبّا عن طريق تجّار جنس يجبروهنّ على ممارسة الدعارة، راجع للتفصيل كتاب: (تجارة النساء في أوروبّا) تأليف كريس دي ستووب.
5- هو القاضي (لندسي).
6- هذا بالإضافة إلى ما يجري من الفضائح في النوادي الليليّة ونوادي العُرَاة، راجع للتفصيل كتاب: (تجارة النساء في أوروبّا) ، تأليف كريس دي ستووب.
7- كانتشار بعض الأمراض الخطيرة القاتلة من أمثال الإيدز.. فقد نقلت (المجلّة) في ملحق عددها (٩٠٥) أنّ:(٨٥٠٠ شخص جديد) يصابون كلّ يوم بالإيدز، بينهم (ألف طفل تحت سن ١٥ عاماً)، وأكثر من (٨ ملايين طفل) فقدوا أمّهاتهم بسبب الإصابة بالإيدز، وحوالي (٨ ملايين) شخص أُصيبوا منذ بداية انتشار المرض وتوفّي (٦ ملايين)آخرين.
8- صحيفة الغارديان البريطانيّة.
9- ونقلت مجلّة (النبأ) الصادرة عن المستقبل للثقافة والإعلام في بيروت في عددها (١٧ - ١٨ رجب وشعبان ١٤١٨هـ، ص٣٧) تحت عنوان (المرأة البريطانية إذا حكت) : في استفتاء شمل (٥٠٠ امرأة بريطانيّة) تبيّن أنّ نصف البريطانيّات اعترفن بعلاقات مع الرجال خارج حياتهنّ الزوجيّة، وغالبيّتهنّ كشفْنَ أنّهن غير نادمات على ذلك، الاستفتاء الذي أُعْلِنَ عنه في حفلة توزيع جوائز (امرأة العالم) في لندن شمل نساء يمارسْنَ:
السياسة، والصحافة، والرياضة، والتجارة والإدارة، والطب، والمحاماة، والمقاولة، والجمعيّات الخيريّة وكشف الاستفتاء أنّ (٤٢%) اعترفن بالزنا وأعمارهنّ بين (٥١ و ٦٤ سنة) و (٣٩% مطلّقات) و (٦٠%) لديهنّ أولاد، الثلثان منهنّ اعترفْنَ بأنّهنّ لَسْنَ أمّهات جيّدات لأسباب عدّة، منها: غياب الوقت الكافي للجلوس مع العائلة والأنانيّة والتعب في العمل الذي ينعكس سلباً على البيت وفقدان الوقت لبحث قضايا مهمّة مع الأزواج.
ويذكر (كريس دي ستووب) في كتابه (تجارة النساء في أوروبّا):
في الوقت الحالي تُعدّ إيطاليا إحدى أكثر الدول المتأثّرة بالدعارة، حيث تزرع العاهرات الأفريقيّات والمخنّثون البرازيليّون الشوارع المحيطة بـ (روما وتيران وبولون وفلورانس وبادم..).
وهناك أكثر من (تسعة آلاف) عاهرة سوداء قَدِمْنَ على الأخص من نيجيريا، لقد أتوا دون توقّف منذ منتصف الثمانينات حينما انهار الاقتصاد النيجري، إنّ (تسعين بالمئة) من (الفِيَز) الممنوحة من السفارة الايطاليّة بنيجيريا هي لفتيات تتراوح أعمارهنّ بين (١٨ و٣٠ عاماً)، كما تملك إيطاليا شبكة كبيرة من نوادي الجنس وراقصات التعرّي، ولكنّ العاهرات النيجيريّات يمثّلن الشكل الأسوأ: فقد كنّ يُقْتَلْنَ ويُعَذَّبْنَ ويُغْتَصَبْنَ كلّ أُسبوع، كما اكتشفتْ جثّة مومس مقتولة بطعنة سكّين تحت جسر في (لنزا)، واكتشف قبر فيه جثث خمس نيجيريّات في (نابولي)، كما اكتشف في (تورين) جثث أربع فتيات مخنوقات ومرميّات في بئر..
وقامت المومسات البيض في ربيع (١٩٩٢م) في (بيللا شمال تورين) باحتجاج ضدّ أسعار السوداوات المنخفضة، إنّ بعض العاهرات واقعات تحت نير الديون، وإذا قُمْنَ بخرق الاتّفاق فإنّهن يتعرّضْنَ للضرب الوحشي أو الإهانات الشديدة بحسب الطريقة المتّبعة، ولكنّ المافيا الإيطاليّة تدخل أيضاً في هذه التجارة التي تُقَدَّر عائداتها بالمليارات، وحسب بعض التقديرات فإنّ هذه التجارة تجلب ما يقارب (مليار فرنك فرنسي) سنويّاً، إنّ ممارسة الدعارة في إيطاليا لا تُعَدّ جريمة ولكنّها بالطبع ممنوعة على المهاجرات غير النظاميّات.
وفي إسبانيا كما في إيطاليا، ثمة عشرات الآلاف من الفيليبّينيّات اللواتي قَدِمْنَ إلى البلاد كخادمات أو للعمل مقابل إقامتهنّ وطعامهنّ فقط، واللواتي يعشنَ بشكل مُزْرٍ وبرواتب زهيدة، وقد تّمّ مؤخّراً استبدالهنّ بالدومينيكانيّات اللواتي يُتْقِنَّ اللّغة الإسبانيّة، ويمكن اليوم رؤية المئات منهنّ في منطقة (مونكلو) وغيرها، وقد تمّ تدمير منزل تعيش فيه (ثمانون امرأة) منهنّ بسبب شكاوي الجيران. والتوافد الحالي والمتزايد للدومينيكانيات الى البلاد يعود إلى وجود نوادٍ للجنس حتّى في أصغر القرى الإسبانيّة، ويُقدّر عدد العاهرات في هذا البلد بحوالي (خمسمئة ألف امرأة!!) وفي عام (١٩٩٢م) تمّ الكشف عن عصابة ترغم الغواتيماليّات على الدعارة في ملاهي برشلونة.
وفي باريس يمكن مشاهدة العاهرات يذرعنَ شارع (سان دنيس) والمخنّثين القادمين من (جنوب أمريكا)، وهم متوزّعون في غابة (بولونيا)، بينما أصبحت منطقة (البيجال) مملوءة بالسوداوات أكثر فأكثر.
كما يقبض (مركز مكافحة الاتّجار بالجنس البشري) في فرنسا كلّ عام على (١٥٠٠ شخص) من المتورّطين في هذه التجارة، و (٢٥%) منهم من النساء، فإنّ الدعارة -بحدّ ذاتها في فرنسا- غير ممنوعة، ولكن كلّ مَن يستغل أو يشغل امرأة لحسابه يلاحقه القانون ويتعرّض للعقوبة. كما تشكّل فرنسا -أحياناً- محطّة (ترانزيت) لفتيات (جنوب أمريكا، وإسبانيا، والبرتغال)، حيث يُدَرَّبْنَ ويُرْسَلْنَ لاحقاً إلى (بلجيكا واللوكسمبورغ وهولندا)، فغالباً ما يستعمل تجّار النساء في (غانا)، فرنسا مركزاً أوّليّاً لنقل نسائهم إلى أُوروبّا.
إمّا (سويسرا) فتُدْعَى (جنّة فتيات الملاهي) التي تقدّم رقص التعرّي … وهنّ -غالبا آتيات- من (جمهورية الدومينيكان والبرازيل وتايلاند)، مع أنّ الأيدي العاملة الأجنبيّة غير مسموح لها بالدخول للبلاد، إلاّ إذا كانت من(أمريكا الشماليّة أو كندا أو أوروبّا)، ولكنّ هنالك استثناء للعاملات في الكاباريهات وتعطيهنّ الدولة إذنَ العمل الصالح لمدّة (ثمانية أشهر) في السنة، وإذا استمرّت الواحدة منهنّ بالعمل مدّة (سنتين متواصلتَين) فإنّها تحصل على إذن جديد لـ (ثمانية عشر شهراً).. وهنالك حوالي (٨٠٠ فتاة ملهى) بشكل دائم في سويسرا، وبالإضافة إلى هؤلاء النسوة هناك الكثير من المقيمات بشكلٍ غير شرعي ممّن يعملْنَ في تجارة الجنس المنظّمة، والتي تَدُرّ للدولة سنويّاً ما يقارب (٢ - ٣) مليون فرنك سويسري...
إنّ قمّة الدعارة في أوروبّا هي في ريبرباهن في هامبورغ، حيث يبلغ عدد التايلانديّات العاملات في الكاباريهات وبيوت الهوى المئات.
وفي (فرانكفورت) تصارع منظمة آجسترا منذ عام (١٩٨٣) تجارة النساء، ويقع مكتبها في المنطقة التي تُعدّ مملكة العاهرات، حيث تقف التايلانديات والكولومبيّات على باب عمارة فيها مئات الشقق المخصّصة (كبيوت هوى)لجلب (الزبُن) وهنّ يصفرْنَ ويصطدْنَ الرجال الذين يأتون ليختاروا إحداهنّ، ويراوحون بين الشباب الصغار إلى رجال الأعمال، فإنّ هناك في ألمانيا بحدود (٢٠٠ - ٤٠٠) ألف مومس.
كما قدّرت الشرطة عدد بنات الليل في (بلجيكا) لعام (١٩٨٠م) بـ (أربعة عشر) ألف امرأة!! ويقدّر عدد البغايا في هولندا بـ (عشرين ألف امرأة).
وفي خلال الثمانينات عرفت تجارة الجنس في أوروبّا تطوّراً وانتشاراً واسعاً، حيث أصبحت النساء مواداً للتفاوض والاستثمار في صناعة بلا حدود، وهذا الأمر يسير بشكل دائري، فالفتيات يذهبْنَ من نادٍ ليلي إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى، ومن بلد لآخر. للتفصيل الأكثر راجع كتاب: (تجارة النساء في أوروبّا) لمؤلّفه: (كريس دي ستووب).
المصدر: من كتاب الحجاب في القرآن، مركز الرسول الأعظم(ص) للتحقيق والنشر
اترك تعليق