مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

مقام السيدة فاطمة المعصومة (ع)

مقام السيدة فاطمة المعصومة (ع)

عن أبي عبد الله(ع): "إن لله حرماً وهو مكة، وإن للرسول حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمّى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنّة"(1).
 
الحرم الشريف:
يقع حرم السيدة فاطمة المعصومة(ع) في قلب المدينة المقدسة قم، على مساحة واسعة من الأرض تقدر بثلاثة عشر ألفاً وخمسمائة وسبعة وعشرين متراً مربّعاً كما جاء في بعض التحقيقات، وتحيط به معاهد العلم وأماكن العبادة، فيتصل به من جهة الشمال مسجدان، أحدهما يعرف بمسجد "بالا سر" أي فوق الرأس، والآخر هو مسجد الكبير المعروف بالمسجد الأعظم، الذي تميّز منذ تأسيسه عام 1373هـ بأمر المرجع الديني الكبير زعيم الشيعة الإمامية آية الله العظمى السيد البروجردي(قدس سره) وتحت إشرافه، إلى يومنا هذا -إضافة إلى إقامة الجماعات فيه- بأنّه معهد للدراسات الدينيّة العليا، وملتقى الآلاف من الطلاب في موسم الدراسة من مختلف أنحاء العالم، حيث يتلقون العلم في الأصول والفقه والتفسير والحديث والرّجال.
ويعدّ اليوم أكبر مجمع علمي يضمّ أكبر عدد من الطلاب يقصدونه صباحاً ومساءً، حيث تلقى فيه الدروس بانتظام على مدى تسعة أشهر من السنة تقريباً هي موسم الدراسة من كل عام.
وقد شيّد المسجد الأعظم على مساحة من الأرض تقدر بأحد عشر ألف متر مربع، تقوم فوقه قبّة عظيمة مزيّنة بالكاشي من الداخل والخارج، ولعلّها أعظم قبّة في إيران، وله مئذنتان عظيمتان هما أعلى مئذنتين في قم، ومئذنتان صغيرتان وبناء لساعة كبيرة، وقد أنفق على بنائه وبناء سائر مرافقه أكثر من سبعة ملايين توماناً.
وينفتح الحرم الشريف من جهته الجنوبيّة على فناء واسع يعرف بالصحن الكبير يحوطه سور له أربعة أبواب، ويحوي في أطرافه الثلاث عدداً كبيراً من الحجرات هي أشبه شيء بالفصول الدراسية، حيث تلقى فيها الدروس المختلفة، كما أنّها تضمّ عدداً كبيراً من قبور العلماء والمؤمنين.
وأمّا من جهة الغرب فيتصل به مسجدان أو ثلاثة تمتلئ بحلقات الدروس أيضاً، والتي لا تنقطع صباحاً ومساء إلا في أوقات الصلاة، حيث تقام فيها الجماعات.
وأمّا من جهة الشرق فتتصل به مدرستان كبيرتان ـالفيضية ودار الشفاءـ تشتملان على عدد كبير من الغرف يسكن الطلاب ببعضها، ويدرسون في بعضها الآخر.
ويتوسط بين الحرم وبينهما فناء يعرف بالصحن الصغير، له ـمن جهة الجنوب- مدخلان ينفتحان على الصحن الكبير، ومدخلان ـمن جهة الشمالية- ينفتحان على ساحة المسجد الأعظم، وفي زواياه وجهته الشرقيّة عدد من الغرف.
وأما جهته الغربية ففيها الإيوان الذهبي الذي يتصل بالرّواق المتصل بالضريح المقدس.
وإنّك لتجد هذا الحرم المقدس كلّ يوم من قبل طلوع الفجر وإلى ما بعد منتصف الليل في حركة دائبة مستمرة، والناس يغدون ويروحون بين متعبّد، وزائر، ومصلٍّ، وقارئ للقرآن، وطالب علم.
لذلك كان هذا الحرم الشريف قلب هذه المدينة النابض، ومعلمها البارز، ومهوى الأفئدة(2).
مراحل تجديد الحرم الشريف:
            
هذا، وقد مرّ حرم السيدة فاطمة المعصومة(ع) في عمارته بمراحل عديدة حتى بلغ ما هو عليه اليوم من الجلالة والقدسية والعظمة.
وقد رد في بعض الروايات أنّه لما توفيت السيدة فاطمة(ع) ودفنت في روضتها، قام موسى بن خزرج ببناء سقيفة من البواري على قبرها، إلى أن بنت زينب بنت محمد بن علي الجواد(ع) قبّة عليها.
وذكر الباحث الشيخ علي أكبر مهدي ‏پور مختصراً عن مراحل تطوّر عمران هذا الحرم الشريف فقال ما ترجمته:
بعد دفن كريمة أهل البيت بنى موسى بن الخزرج المظلّة ـسقيفة- من القصب فوق القبر الشريف.
بعد ذلك بنت زينب بنت الإمام الجواد(ع) قبّة من الآجر فوق القبر.
في سنة 413هـ زين الحرم المطهّر بالآجر الملوّن النفيس.
في سنة 529هـ أسّست قبّة جديدة.
في سنة 592هـ جدّد بناء القبّة المطهّرة.
في سنة 1218هـ تمّ تذهيب القبّة المطهّرة.
في ذلك التاريخ زين سطح القبّة بـ12000 قطعة من الآجر المذهب.
في سنة 1275هـ صنع الضريح الفضّي.
في سنة 1285هـ أسّست مآذن الإيوان (الشرفة) الذهبي.
في سنة 1301هـ ذهّبت هذه المآذن.
في سنة 1292 هـ صنع الباب المنقوش للرّوضة المطهّرة.
في سنة 1303هـ أسّس الصّحن الجديد.
في سنة 1306هـ صنع الباب الفضّي للحرم المطهّر.

وجاء في بعض التحقيقات: وأقام أبناء سعد الأشعري على قبرها خيمة من الحصير المصنوعة من القصب، إلى أن جاءت زينب الإمام الجواد(ع) وبنت على القبر قبّة هي أول قبّة تقام على ذلك القبر، وكان للبناء باب صغير إلى جهة النّهر الذي يفصل بين شطري قم الآن.
واستمرّ الحال على هذا إلى سنة 350هـ حيث جاء زيد بن أحمد بن بحر الأصفهاني وبدّل ذلك الباب الصغير بباب أكبر منه.
وفي عهد طغرل السلجوقي (429-465هـ) هدمت القبّة الصغيرة، وبني بدلاً عنها قبّة أخرى منها وأعلى وأفخم، وكان الذي قام بهذا العمل الأمير أبو الفضل العراقي من أمراء طغرل، واستمرّ الحال على هذا فكان يتجدّد بناء المرافق والملاحق للمزار من دون أن يتجدّد بناء القبّة إلى زمان الصفويّة حيث بدأت التغييرات والتجديدات في عهدهم بصورة أوسع، فهدمت القبّة السلجوقيّة في سنة 925هـ وبني مكانها قبّة أعلى وأفخم وأحسن منها، تقوم على ثمانية أضلاع، وكانت مزيّنة من الخارج بالكاشي، وأمّا من الداخل فقد كانت منقوشة بالذهب واللاّزورد، وكان الذي قام بهذا العمل امرأة اسمها "شاه بيگم بنت عماد بيك" وكانت هي امرأة الشاه إسماعيل الصفويّ أول الملوك الصفويّة، وهذه القبّة باقية حتى الآن على المرقد الشريف بتغييرات في داخل القبة وخارجها، ولم يكن هناك إيوان ولا صحن ولا وضع ضريح من الداخل.
واستمرّ الحال على هذا إلى زمان الصفويّة حيث بدأت التغييرات والتجديدات من عهدهم وبالتحديد من سنة 906هـ.
وفي سنة 925هـ بنى شاه إسماعيل أو امرأته الإيوان الشمالي المتصل بالصّحن القديم، وزيّنه بالكاشي (المعرّق) وجعله المدخل الوحيد للحرم، كما أنّه ـأي شاه إسماعيل- قد وضع الأساس للصحن القديم، وفي سنة 950هـ بنى الشاه طهماسب ضريحاً على المرقد المطهّر وكان من الكاشي، وفي سنة 1077هـ بنى شاه سليمان الصفوي صحن النساء في الجهة الجنوبية من الحرم، وأصبح هذا الصحّن طريقاً خاصّاً لمقبرة الشاه سليمان، والشاه عباس، والشاه سلطان حسين، إذ من المعلوم أنّ مدخل هذه المقبرة كان من هذا الصّحن فقط.
هذا، وقد وضع الشاه عباس على ذلك المرقد المطهّر الذي كان قد زيّن بالكاشي قفصاً من الفولاذ الأبيض، وكان لإتقان صنعه بحيث أوجب أن يظن الرّحالة المشهورة (تاورينه) أنّه من الفضّة.
كما أنّ مرتضى قليخان أحد رجال الدولة الصفويّة قد جدّد بناء إيوان الحرم، وبعد عهد الصفويّة وبالتحديد في سنة 1218هـ رفع الكاشي عن القبّة ووضع بدلاً عنه لبنات من الذهب، وفي سنة 1236هـ بنى مسجد فوق الرأس، وفي سنة 2166هـ جدّد بناء إيوان الشاه إسماعيل، وفي ذلك الوقت أيضاً وسّع الصحن العتيق، وبنى من الجهة الشمالية منه مئذنة.
وفي سنة 1221هـ فرشت أرض الحرم وجدرانه بالرّخام كما زيّن الضّريح بالذّهب، ووضع أول باب ذهبي في الضلع الشمالي للرواق المتصل بإيوان الذهب الشمالي.
وفي سنة 1215هـ زين داخل القبّة بالنقوش البارزة والمرايا والكتابات الجميلة، وفي سنة 1276هـ زيّن إيوان الشاه إسماعيل بلبنات الذّهب، وفي سنة 1275هـ ألبس الضريح الفولاذي بالفضّة وزيّن بالنقوش والكتابة.
وبنى شهاب الملك مآذن الإيوان الشمالي وزيّنها بالكاشي، ووضع "كامران ميرزا" قضبان الذّهب في أعلاهما، وشرع أمين السلطان ببناء الصّحن الجديد المعروف بالصحن الأتابكي ووضع أسسه، لكن الأجل عاجله فأكمل العمل بعده ولده أمين السلطان والوزير الأعظم أتابك، وجعل في الجهة الغربية من الصحن إيواناً زيّنه بالمرايا من الداخل والكاشي من الخارج، وبنى حول الصّحن غرفاً متعدّدة أصبحت فيما بعد مقابر للأعيان والأشراف، كلّ ذلك مزيّن بالكتابة والنقوش الجميلة وقد انتهي من ذلك كلّه سنة 1303هـ.
وفي سنة 1346هـ جرت بعض التعميرات في صحن النساء وبني إيوان فيه، وفي سنة 1210- 1214هـ وضع "نظام السلطنة" بابين من الفضّة في الضلع الغربي من الحرم..
هذا، وقد تعاقبت الأيدي ـولا زالت- على عمارة الحرم الشريف وصيانته ونظافته وتجديد بنائه.
وتشرف على الحرم منذ عهد قديم هيئة خاصّة تعنى به وبمرافقه وتدير شؤون الأوقاف التابعة له، وترعى أمور الزائرين والوافدين.
وكانت الخدمة في الحرم الشريف ـولا زالت- تعتبر شرفاً لا يحظى به إلا القليل، حتى أن بعض المؤمنين يتبرّع بالخدمة تقرّباً إلى الله تعالى، وتشرفاً بخدمة حرم وليّ من أوليائه، وإظهاراً لمودّة أهل بيت نبيه (ع)(3) .
وأصبح هذا الحرم الشريف مصدر خير وبركة، وموطن عبادة ودعاء وأماناً للمؤمنين عامة، ولأهل قم خاصّة، فقد كان هذا الحرم ملجأً وملاذاً للناس عند الشدائد والأزمات، حيث يلوذون بقربها ويتوسّلون بها إلى الله، وهي كريمة أهل البيت، ولها عند الله شأن من الشأن، فلا يصدرون إلا بالفرج والخير والإجابة.
التجدد الأخير:
                       
هذا، وقد تعاقبت الأيدي ـولا زالت- على عمارة الحرم الشريف وصيانته ونظافته وتجديد بنائه، واليوم(2007) يتم تجديد الضريح المبارك بعد تعرض الضريح القديم للتآكل، حيث تم صناعة ضريح جديد في مدينة أصفهان الذي أستغرق العمل فيه حوالي الخمس سنوات، والضريح الجديد تم استخدام 3 كيلو من الذهب الخالص مع 150 كيلو من الفضة في صناعته، وهو يختلف عن الضريح القديم من ناحية الاستحكام والقوة والمتانة، ويتوقع عمر لهذا الضريح حوالي 200 سنة، كما يستغرق نصب الضريح الجديد مدة شهر حيث بدأ العمل في نصبه من تاريخ 22 ذي القعدة الحرام ويتأمل الانتهاء من نصبه قبل يوم الغدير الأغر، ليتم افتتاح الضريح الجديد في هذا اليوم المبارك.
وتُشرف على الحرم منذ عهد قديم هيئة خاصّة تعني به وبمرافقه وتدير شؤون الأوقاف التابعة له، وترعى أمور الزائرين والوافدين(4).
المرقد  الـشريف:
                               
 المرقد  هو بارتفاع 20/1 وطول وعرض 95/2 × 20/1 متر وقد غطّي بالكاشي النفيس في بداية القرن السابع. يحيط به جدار بارتفاع مترين وطول وعرض 80/4 × 40/4 بني في سنة 950 وزُيّن بالكاشي الملون. وقد غطّي هذا الجدار بالضريح المشبّك بالفضة.
وهناك فوق قبر السيّدة فاطمة صخرة عليها نقش كهيئة المحراب، تحيط به آية الكرسيّ، وكُتب في وسطه "توفيّت فاطمة بنت موسى في سنة إحدى ومائتين".
سنة 605 هـ أمر "الأمير المظفر أحمد بن إسماعيل" أمهر الأساتذة في بناء الكاشي آنذاك "محمد بن أبي طاهر، وقد عمل 8 سنوات حتى أتمّ ذلك سنة 613هـ.
سنة 965 هـ قام الشاه طهماسب الصفوي ببناء ضريح حول الأطراف الأربعة  باللبن المزيّن بالكاشي الملوّن والفسيفساء والألواح المنقوشة، وقد ترك في جوانبه منافذ مفتوحة لكي يحظى الزوّار بالنظر إلى القبر الشريف ويلقون نذورهم داخل الضريح.
سنة 1230 هـ قام الشاه فتح علي بتجليل الضريح  بالفضة بعد أن أصابه التلف بمرور الزمن.
سنة 1280 هـ تم نصب ضريح جديد من الفضة بدل السابق، وقد تم تجديده وترميمه عدة مرات في سنة1368هـ. وسنة 1377هـ تجديده بشكله الأخير بالكاشي والرخام، وكذلك زيّنت جدرانه الداخلية بالرخام الأخضر.
وفي سنة 1380هـ تم تبديل القسم المصنوع من الفضة من الضريح بأفضل أنواع الفضة الخالصة التي تم شراؤها من البنك المركزي في إيران، ووضع الضريح السابق المتآكل في خزانة الصحن الشريف ليتم إصلاحه وترميمه.
الضريح المطهر:
                             
في سنة 965هـ قام الشاه طهماسب الصفوي ببناء ضريح حول الأطراف الأربعة للقبر المطهّر باللبن المزيّن بالكاشي الملوّن والفسيفساء والألواح المنقوشة، وقد ترك في جوانبه منافذ مفتوحة لكي يحظى الزوّار بالنظر إلى القبر الشريف ويلقون نذورهم داخل الضريح. وفي سنة 1230هـ قام الشاه فتح علي بتجليل الضريح المذكور بالفضة. وبعد أن أصابه التلف بمرور الزمن وفي سنة 1280هـ تم نصب ضريح جديد من الفضة بدل السابق، وقد تم تجديده وترميمه عدة مرات، حتى تم تغييره سنة 1368هـ بأمر سادن الروضة آنذاك ونُصب بدله ضريح جديد بلَمَسات فنية جميلة.
وفي سنة 1380هـ تم تبديل القسم المصنوع من الفضة من الضريح بأفضل أنواع الفضة الخالصة التي تم شراؤها من البنك المركزي في إيران، ووضع الضريح السابق المتآكل في خزانة الصحن الشريف ليتم إصلاحه وترميمه.
 ويضم الضريح قبري ابنتي الإمام الجواد(ع) (زينب، وأم الحسن) وامرأة صالحة كانت تخدم السيدة المعصومة(ع).
            
             الباب القديمة لضريح السيدة فاطمة المعصومة وهي محفوظة اليوم في متحف الحرم
قبة الحرم المطهر:
                            
أول قبة بنيت -بعد المظلة الحصيرية التي وضعها موسى بن خزرج- على قبر فاطمة المعصومة(ع) هي قبة برجية الشكل بنتها السيدة زينب بنت الإمام الجواد(ع). في أواسط القرن الثالث الهجري وكانت مصنوعة من اللبن والحجر والجص.
وبعد فترة من الزمن دُفنت بعض السيدات العلويات بجوار فاطمة(ع) فبنيت قبّتان أخريان. وقد بقيت هذه القباب الثلاث حتى سنة 447 هـ حيث بنى "مير أبو الفضل العراقي" وزير طغرل الكبير -بدل القباب الثلاث- وبترغيب من المرحوم الشيخ الطوسي، قبة عالية مزيّنة بالنقوش الملونة والطابوق والكاشي المزيّن، وتضم تحتها قبور جميع السادة إضافة إلى قبر السيدة المعصومة.
وفي سنة 925هـ تم تجديد بناء هذه القبة على يد "الشاه بيگي بيگم" بنت الشاه إسماعيل وزيّن السطح الخارجي لها بالفسيفساء، وكذلك تم بناء إيوان عال مع منارتين في الصحن العتيق.
وأخيراً وفي سنة1218هـ وأثناء حكم "فتح علي شاه" القاجاري تم تزيين القبة المطهرة بالصفائح الذهبية وقد بقي ذلك حتى سنة 1379هـ.ش، حيث تم إعادة تذهيبها مؤخراً بأمر من آية الله الشيخ محمد تقي بهجت(قدس سره) ومساعدة مسؤولي الحرم والنظام الإسلامي. 
وفي سنة 1380 هـ.ش -وبسبب حصول بعض التشويه في ظاهر القبة- أقدم سادن الروضة آية الله المسعودي الخميني على تجديد بنائها وترميمها بعد أن جُمعت الصفائح الذهبية القديمة لكي تُبدّل وتغيّر، ويكلّف هذا المشروع 25 مليار ريال وهو لازال في مرحلة العمل.
هذا وقد ذكر صاحب كتاب تاريخ قم ص 214 أنّ القبة الأولى تضمّ قبر وقبر أم محمد بنت موسى الكاظم(ع) أخت محمد بن موسى الكاظم(ع)، وقبر أم إسحاق جارية محمد بن موسى الكاظم(ع) وتضم القبة الثانية قبر أم حبيب جارية أبي علي محمد بن أحمد بن الرضا(ع)، وكانت هذه الجارية هي والدة أم كلثوم بنت محمد، وقبر أم موسى بنت علي الكوكبي، وقبر ميمونة بنت موسى أخت محمد بن موسى الكاظم(ع). كما دفن جمع من البنات الفاطميات والسادات الرضوية في هذه البقعة المباركة، كميمونة بنت موسى بن جعفر(ع)، وزينب وأم محمد، وميمونة بنات الإمام الجواد(ع).
إيوانات الحرم المطهر:
1- إيوان الذهب:
                                    
تم بناء إيوان الذهب وكذا الإيوانين الصغيرين اللذين بجانبه في شمال الروضة المقدسة سنة 925 هـ عند تجديد بناء القبة وإحداث الصحن القديم (العتيق) ومناراته. وقد كتب حول الإيوان، الحديث الشريف: "ألا ومن مات على حب آل محمد مات شهيداً"(5) وبعد هذه الكتابة زُيّن الإيوان إلى مسافة مترين بالفسيفساء ثم بعدها بكتابة طويلة تعلوها مقرنصات مطلية بصفائح ذهبية، وكذلك يوجد إيوانان أقصر من الإيوانين المذكورين على جانبي إيوان الذهب وقد زيّنا بالفسيفساء. 
2- إيوان المرايا:
                              

يوجد في الجانب الشرقي من الحرم أيضا إيوان مرتفع يسمى "إيوان آيينه" لأنه مزيّن بالمرايا. وفي أسفل جداره بارتفاع أكثر من متر زيّن بالرخام ثم فوقه حتى السقف زيّن بالمرايا، وحول الإيوان نُقش على الرخام الآية الشريفة«اللهُ نُورُ السَّمَوَات وَالأَرْض»(6). وبين الإيوان والرواق الشرقي حرم إيواني زُيّن بالمرايا مثل الإيوان الأصلي ونقش عليه الحديث الشريف: "من زار فاطمة بقم فله الجنة". وهذه الآثار الفنية الرائعة هي من أعمال الفنان الشهير الأستاذ حسن المعمار القمي في العهد القاجاري، وقد تم انجازها عند بناء الصحن الجديد بأمر الصدر الأعظم "الميرزا علي أصغر خان أتابك". 
المنائر:
                                     
1- منارات الصحن العتيق:
توجد في الصحن العتيق فوق إيوان الذهب مئذنتان مرتفعتان يغطّيهما الكاشي المظفور ونُقشت عليه الكلمات التالية: (الله)، (محمد)، (علي). وقد تم بناؤها بأمر "محمد حسين خان شاهسون شهاب الملك" سنة 1285هـ وطليت رؤوسها بالذهب سنة1301هـ.
2- منارات إيوان المرايا:  
توجد على قاعدتي الإيوان مأذنتان هما من أعلى ما بني في الروضة. وكُتب في أعلاهما كتابة بعرض متر واحد، في إحداهما: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم". وفي الأخرى: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر". وغُطّيت المئذنتان من الأعلى إلى الأسفل بالكاشي وكُتب عيلهما أسماء الجلالة.
مآذن الصحن الكبير:
                                       
توجد مئذنتان أيضاً في الصحن الكبير (الجديد أو الأتابكي) وهما تقعان مقابل إيوان المرايا وكان المؤذّنون في السنوات الأخيرة يؤذنون ويقرأون المناجاة فيها.
مساجد الحرم المطهر:
1- مسجد "بالا سر" (الذي يلي الرأس):
                                           
يعتبر هذا المسجد من أجمل أروقة الروضة وتُعقد فيه المجالس العامة وصلاة الجماعة وكان في العهد الصفوي بمثابة دار الضيافة في الروضة. وقد تم تجديد بنائه في العهد القاجاري وصار بناؤه على شكل مسجد ذي قبيتن. وهو يعدّ اكبر مكان ذي سقف من أماكن الروضة. وفي سنة 1338 هـ ضمّ إليه الأرض في الجهة الغربية من المسجد مما زاد في مساحته مستندا إلى ثلاثة أعمدة ضخمة.  
وعندما بني المسجد الأعظم بشكله الواسع لم يكن البناء القديم لهذا المسجد "بين البناء الكبير للحرم المطهر ومسجد أعظم الجديد" ذا مظهر مناسب فقام سادن الروضة آنذاك بتجديد بنائه، وبني مكانه بناءً عالياً يُعدّ اليوم من أروع الأماكن في الحرم المطهر.
2- مسجد (طباطبائي):
                                           
لهذا المسجد قبة ذات خمسين اسطوانة وقد بني مكان صحن النساء "القديم" جنوب الروضة المطهرة. وقد بناه المرحوم "حجة الإسلام الحاج محمد الطباطبائي" ابن المرحوم "آية الله حسن القمي". وقد استمر العمل فيه منذ سنة 1360 هـ حتى سنة 1370 هـ.
3- مسجد الشهيد المطهري:   
بني هذا المسجد بمكان المتحف السابق. وقد زيّن بالكاشي الجديد الجميل المظهر. وتقام أكثر المراسم الدينية في هذا المكان من الحرم المطهر.
ملاحظة: تسمّى هذه الأماكن بالمساجد من باب إطلاق اسم المسجد عليها فقط ولا تشملها الأحكام الخاصة بالمسجد. ولذا دفن في هذه الأروقة العلماء والمراجع.
وهناك في مجموع الروضة والحرم المطهر مكانان فقط لهما أحكام المسجد، وهما:
1 ـ الساحة التي تقع أمام محراب مسجد الطباطبائي.
2 ـ الساحة التي تقع في الرواق الذي يلي الرأس. ولهذا فقد تم إطلاق اسم المسجد على هذه الأطراف أيضاً فيما بعد.
الأروقة:
يطلق على الساحات القريبة من الضريح المطهر الأروقة وهي:
1- الرواق الذي يلي الرأس (بالا سر):
وهي الساحة التي تقع بين المسجد الذي يلي الرأس إلى الضريح المطهر. وقد زيّن بالمرايا وهو محل وقوف المؤمنين أثناء الزيارة .
2- رواق دار الحفّاظ:
وهي الساحة بين إيوان الذهب والضريح المطهر والذي كان -في السابق- محلاً يقيم فيه خدّام الحرم وقارئو القرآن مراسمهم الخاصة وهو الآن أيضاً محل لخطبة الخدم المسائية.
3- رواق المرايا (الشهيد البهشتي):
ويقع في قسم النساء. ويلي موقع الرّجل من القبر الشريف. وتم ترميمه في السنوات الأخيرة بشكل جميل وجذّاب، وهو الآن محل الزيارة للنساء.
4- الرواق الأمامي:
وهو الساحة التي تقع بين مسجد الطباطبائي حتى الضريح المطهر، وكان في السنوات الماضية محلاً لإقامة مراسم الخطبة الصباحية من قبل خدّام الصحن المطهّر ومسؤولي الروضة المقدسة ولا زال كذلك.
الصحون في الحرم المطهر:
1- الصحن الجديد "الأتابكي":
                                       
يضم هذا الصحن الجميل أربعة إيوانات:
أ- الإيوان الشمالي: هو المدخل من ميدان الأستانة.
ب- الإيوان الجنوبي: هو المدخل من طرف القبلة.
ت- الإيوان الشرقي: هو المدخل من شارع إرم.
ث- الإيوان الغربي: هو إيوان المرايا.
وقد زيّنت هذه الإيوانات وفيها آثار فنية واضحة.. 
وقد كان لوجود هذه الإيوانات -لاسيما إيوان المراياـ وكذلك وجود الحوض في وسط الصحن المطهر أثر كبير في جمال هذا المكان المقدس. وقد بنى هذا الصحن "الميرزا علي أصغر خان، الصدر الأعظم" وقد استمر فيه العمل منذ سنة 1295 هـ حتى سنة 1303 هـ.
2- الصحن العتيق (القديم):  
                               
يعتبر الصحن العتيق ـالواقع شمال الروضة المباركــةـ أوّل بناء بني فيها، ويضم هذا الصحن أربعة إيوانات جميلة:
1-  الإيوان الواسع في الجنوب: وهو إيوان الذهب "مدخل الصحن إلى الروضة المطهرة".
2- الإيوان في الشمال: وهو مدخل المدرسة الفيضية إلى الصحن المطهر.
3- الإيوان في الغرب: وهو مدخل المسجد الأعظم.
4- الإيوان في الشرق وهو مدخل الصحن العتيق للصحن الجديد. وهذا الصحن -على صغره- فإنه يضم حجرات عديدة في جوانبه. وقد قامت ببنائه "الشاه بيگي بيگم" بنت الشاه إسماعيل الصفوي سنة 925هـ. وقد بدأت منذ سنة 1377 ـولا زالت لحد الآن- وبأمر سادن الروضة المقدسة ترميمات أساسية في هذا الصحن والمقابر الموجودة في أطرافه.
مشروع توسيع الحرم المطهر:
طُرح منذ سنة 1378 مشروع توسعة الحرم المطهر وهو بعهدة وزارة السكن. وهو مشروع كبير يتضمن إحداث رواقين كبيرين وتوابعها.(7)  
مصلّى السيّدة المعصومة:
ما يزال المحراب الذي كانت السيّدة فاطمة تصلّي فيه في دار موسى بن خزرج ماثلاً إلى الآن، يقصده الناس لزيارته والصلاة فيه. وقد جُدّدت عمارته خلال السنوات الأخيرة، وشُيّدت إلى جانبه مدرسة لطلبة العلوم الدينيّة تعرف بـ "المدرسة الستّيّة". يقع المحراب في الشارع المجاور للصحن الشريف، ويُعرف بشارع "چَهار مَرْدان" على يسار الذاهب من الروضة الفاطميّة، وهو مزدان بالقاشاني المعرّف، وعلى مدخله أبيات بالفارسيّة، معناها بالعربية:
لقد شُيِّد هذا البناء المُنير إجلالاً لبنت موسى بن جعفر، حيث مَثُل فيه محراب فاطمة المعصومة، فزادت به "قم" شرفاً على شرف(8).
بيت النور:
وهو البناء الذي أقيم في المحل الذي أقامت فيه السيدة فاطمة المعصومة(ع) عند نزولها في قم، وهو عبارة عن حجرة في بيت الموالي موسى بن خزرج الأشعري.
                              
قبة بيت النور من الداخل والتي أقيمت على محل نزول السيدة فاطمة المعصومة(ع) في بيت الأشعري في قم، وقد قضت 17 يوماً في هذا المكان مقبلة على العبادة والتهجد على الرغم من اشتداد المرض بها إلى أن التحقت روحها بالرفيق الأعلى في هذا المكان المقدس.
                            
محراب بديع وضع في حجرة السيدة فاطمة المعصومة التي كانت تتعبد فيها في منزل الأشعري في قم، فيما أصبح يُعرف اليوم ببيت النور ويقع داخل مدرسة (الستية) للعلوم الدينية في ميدان (مير) قرب الحرم المعصومي.
                         
مدخل "بيت النور" حيث يهتم المؤمنون والمؤمنات بزيارته والصلاة فيه وإهداء ثواب الصلاة لروح السيدة فاطمة المعصومة(ع) والتوسل إلى الله بمقامها الكريم.
                    
المدفونين في الحرم الشريف:
يضمّ الحرم عدداً كبيراً من قبور العلماء والأولياء والصّالحين، دفن أصحابها بجوار فاطمة المعصومة، كما دفن في داخل الحرم عدد من العلويات وغيرهن، وكانت قبورهنّ متميزة تحت قبّتين، وأمّا اليوم فيضمهنّ ضريح واحد تحت قبّة واحدة، ولا يتميز من تلك القبور إلاّ مرقد المعصومة وقد وضع عليه صندوق خشبي.
قال المحدّث القمي في منتهى الآمال: واعلم أنّ دفن جمع من البنات الفاطميّات والسادات الرضويّة في بقعة فاطمة(ع)، كزينب، وأم محمد، وميمونة بنات الإمام الجواد(ع)، ورأيت في نسخة من أنساب المجدي أنّ ميمونة بنت موسى بن جعفر(ع) دفنت مع فاطمة المعصومة(ع)، ومن المدفونين أيضاً بريهة بنت موسى المبرقع، وأم إسحاق جارية محمد بن موسى، وأم حبيب جارية محمد بن أحمد بن موسى رضوان الله تعالى عليهنّ، وكانت هذه الجارية والدة أمّ كلثوم بنت محمد.
هذا، وقد دفن أربعة من سلاطين إيران من السادة الصفوية الموسويّة في حرم السيدة فاطمة المعصومة(ع)، فإنّ المحدث القمّي -في منتهى الآمال- بعد أن ذكر الشاه عباس الأول وأنّ وفاته في ليلة 24 من شهر جمادي الأولى سنة 1038هـ، قال: وجاء بعده حفيده الشاه صفي الأول ابن ابنه صفي ميرزا الشهيد، وحكم أربع عشرة سنة، وتوفي في الثاني عشر من شهر صفر سنة 1053هـ، ودفن بقم، وقبره في جهة القبلة من الروضة المشرّفة لفاطمة بنت الإمام موسى الكاظم(ع) وأصبح اليوم داخل الروضة في المكان المخصّص لدخول النساء لزيارة السيدة المعصومة (ع)..، وجاء بعده ابنه الشاه عباس الثاني وهو في التاسعة من عمره وحكم 26 سنة، وتوفي بدامغان عند رجوعه من مازندران إلى أصفهان في سنة 1078هـ، ونقل جثمانه إلى قم، ودفن إلى جوار الروضة المقدسة لفاطمة بنت الإمام الكاظم(ع) في مساحة واسعة قرب أبيه.
وجاء بعد الشاه صفي الثاني في السادس من شهر شعبان سنة 1078هـ وألقى المحقّق الخونساري في مسجد جامع شاهي خطبة في تأييده، ولقب بشاه سليمان، وكان عادلاً، وهو الذي عمّر قبة الإمام الرضا(ع) في سنة 1086هـ وزاد في تذهيبها، وتوفي سنة 1105هـ، ودفن في مكان يقرب من قبر الشاه عباس، وانتقال الملك إلى ابنه الشاه سلطان حسين وهو آخر سلاطين الصفوية.. وذكر قصة مقتله في أصفهان ثم قال: ولكن الناس حملوا جثمان السطلان حسين بعد مدّة من الزمان وجاءوا به إلى قم، ودفن في جوار عمّته فاطمة المعصومة(ع) جنب قبر أبيه.
وقد ذكر أن السطلان فتح علي شاه القاجاري الذي هيأ تراب قبره من تراب أرض كربلاء، مدفون في إحدى غرف الصحن الصغير، ومن آثاره تذهيب قبّة حرم السيدة المعصومة.
ودفن أيضاً محمد شاه قاجار، وهو أحد سلاطين إيران.
وممّن دفن من الوزراء والأعيان: علي أصغر أتابك، الذي كان الصّدر الأعظم لإيران في زمان ناصر الدين شاه، ومظفر الدين شاه، وهو الذي بنى الصحن المعروف بالصحن الأتابكي.
ومنهم: كامران ميرزا بن ناصر الدين شاه، الذي كان نائب السّلطنة وحاكم طهران.
ومنهم: عين الملك، صهر محمد شاه قاجار الذي يقال أنّه تقلّد الوزارة.
ومنهم: فرخ أمين الدولة، وزير ناصر الدين شاه.
ومنهم: عبد الصّمد عزّ الدولة ابن محمد شاه الثاني.
ومنهم: الملك المنصور شعاع السلطنة ابن مظفر الدين شاه قاجار حاكم شيراز.
وغيرهم ممن حظي بالدفن في جوار الحرم المقدس وهم كثير.
وذلك يكشف عن أن سلاطين الدنيا وملوكها وأمراءها وإن خضعت لهم البلاد أو أخضعوها ـبحقّ أو بغيره- إلا أن سلطان الآخرة وملكها بيد غيرهم، ومثلهم في ذلك مثل سائر الناس، ولذا فإنّ بعضهم يتوسل إلى لطف الله ورحمته بجعل مدفنه في جوار الأبرار والصالحين.
ولا زال الدفن في هذه البقعة الطاهرة أمنية تراود كثيراً من العلماء والمؤمنين للحظوة بهذا الجوار المقدس، ولا شكّ أن لذلك آثاراً عظيمة كما أشارت إليه النصوص الواردة في شأن القبور والدفن في جوار الأولياء(9).

السلام عليك يا سيدتنا يا فاطمة المعصومة
يا فاطمة اشفعي لنا في الجنة.. 

الهوامش:
1- النجفي، الشيخ هادي: موسوعة أحاديث أهل البيت (ع). ط1، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان،1423هـ- 2002م. ج4، ص434.
2- مجلة الهادي، العدد الثاني من السنة الثانية ذو القعدة 1392هـ، ص109.
3- موقع الرسول (ص).
4- موقع ويكيبيديا.
5- القندوزي: ينابيع المودة، تحقيق: سيد علي جمال أشرف الحسيني. ط1، دار الأسوة، 1416هـ. ج1، ص91.
6- سورة النور، الآية: 35.
7- موقع السيدة فاطمة المعصومة (ع).
8- موقع الإمام الرضا (ع).
9- يراجع: المعلم، محمد علي: فاطمة المعصومة قبس من أشعة الزهراء (ع)، إيران، قم، 1420هـ.
إعداد: موقع ممهدات.

التعليقات (0)

اترك تعليق