مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

نساء على راية الاسلام

نساء على راية الاسلام: الصحابيات والراويات في زمن الرسول (ص)

كان للنساء في مسيرة رسول الله محمد(ص) دوراً بارزاً ومهماً على كافة الأصعدة، دافعن عن رسول الله، وواكبنه في حياته من أجل الدين الذي اخترنه وتمسكن به وبأهدافه ومبادئه، واحدة ختمت تضحياتها بالشهادة، وأخرى توفيت وهي تنطق بالشهادتين بعد جهاد مرير يستحقه الاسلام وأهله. بنظرهن اخترن الجهاد سبيلاً لما آمنّ به في حياتهن، فسلكن طريقا" طويلا" ليثبتن في النهايه أنّ باستطاعة المرأة أن تقدم في حياتها الكثير لأهدافها، ودينها، وقيمها.
بعض هذه النسوة تعرفت إليهن جموع المسلمين بسبب العديد من الآثار الإسلامية التي رصدت تاريخهن المشرق، كأمهات المؤمنين جميعهن، والسيدة الزهراء(ع). إلا أنّ البعض الآخر كانت حصتهن أقل بكثير مما قدّمن للدين الحنيف. لذا ستحاول الأسطر التالية تقديم غيض من فيض لسيرتهن العطرة:
سمية بنت خياط:
"سمية بنت خياط " الشهيدة الأولى في الإسلام . زوجة ياسر أحد أصحاب الرسول(ص). اعتنقت الإسلام بعد أن استمعت إلى الدعوة، وكانت من أوائل من آمنوا بالرسالة المحمدية وعملوا على نشر الإسلام ومبادئه في مكة المكرمة، وكانت قد سبقت زوجها وابنها عمار في إيمانها والتزامها المطلق بالإسلام.
وفي خضم رفض أهل مكة للإسلام ولدعوة محمد(ص)، تعرضت سمية إلى أشد أنواع التعذيب والاضهاد والقمع سعيا" لإبعادها عن الإسلام بعد أن كانوا قد طلبوا منها أن تفكر بالنبي ودينه ورفضت ذلك، واستمرت سميّة الصحابية الجليلة كما أسماها الرسول(ص) في تمسكها بما وجدته خيرا" لها ولأهلها، حتى استشهدت على يد "أبو جهل" وهي في عمر كبير، فصبرت وقويت على التعذيب والمهانة حتى نالت لقب الشهيدة الأولى في الإسلام وأظهرت أنها رمز للصمود والثبات وللمرأة المؤمنة والصابرة دفاعا" عن دينها ومعتقداتها، وما لبث أن استشهد من بعدها زوجها ياسر وابنها عمار.
عفراء بنت عبيد الأنصارية:
عند الحديث عن صحابيات الرسول(ص)، لا بد من ذكر أم الشهداء عفراء بنت عبيد الانصارية تلك المرأة التي ضحت بأولادها السبعة في معركة  بدر الكبرى دفاعا" عن نبيها ودينها، وذلك بعد أن أسلمت وبايعت محمد(ص) وشهدت معه الكثير من المعارك، حيث كانت تقوم بخدمة المجاهدين وتضميد جراح المصابين، فعرفت بالشجاعة والقوة بعد أن شهدت استشهاد أولادها السبعة أمامها، متمنية لو كان بإمكانها تقديم المزيد لحماية رسول الله(ص)، كما تميزت بإيمانها الراسخ بالإسلام فكانت معلمة ومدرسة لأحكام الاسلام وللقرآن ولأحاديث النبي(ص).
نسيبة بنت كعب بن عمرو:
الجرحى وتأمين الطعام والشراب للمجاهدين، بل بعض النساء قاتلن بين يدي نبيهم وحموه ودافعوا عنه في أصعب اللحظات، والمثال الأبرز أم عمارة "المرأة المحاربة " التي كانت استنادا" إلى العديد من الروايات قد شاركت في معركة أحد وأخذت تتلقى الرماح وطعنات السيوف دفاعا" عن محمد(ص) وحماية له غير آبهه بالجراح والأوجاع. كما قدمت أم عمارة وهي نسيبة بنت كعب بن عمرو أولادها فداءا" للاسلام فقضوا جميعهم شهداء، فأظهرت في ذلك شجاعة بارزة وقدرة عاليه على الصبر والتحمل، حتى قال فيها رسول الله(ص) بعد انتهاء المعركة: "لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان، كما وصفها بأنها امرأة بألف رجل، جاهدت وحاربت وصبرت حتى نالت مقاما" وقدرا" عظيما" عند النبي(ص) وتركت أثرا" بالغا" في مسيرة الاسلام.
أم حرام بنت ملحان:
ومن الشهيدات المجاهدات أم حرام بنت ملحان الملقبة "بشهيدة البحر"، فمن بعد مبايعتها الرسول(ص) وتعلقها برسالته، تمنت الشهادة في سبيل معتقدها وإيمانها فلقيت ما تمنته وحلمت به فقضت شهيدة بعد أن سافرت مع الغزاة المجاهدين الذين يركبون البحر لنشر الدعوة المحمدية وتحرير الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة الله عز وجل فقضت شهيدة بعد أن سافرت مع الغزاة المجاهدين الذين يركبون البحر لنشر الدعوة المحمدية وتحرير الناس من عبادة الأصنام إلى عبادة الله عز وجل فقضت في غزوة "قبرس" هي وزوجها الصحابي عبادة ابن صامت. وعرفت "شهيدة البحر" بوفائها لمحمد(ص) فجاهدت وصبرت ودعت إلى عبادة الله والتسليم بالقرآن وأحكام الاسلام حتى حققت مبتغاها بالشهادة.
أمنة بنت الأرقم المخزومية:
ومن النساء اللواتي عاصرن فجر الدعوة الإسلامية وتابعن فضولها منذ البداية أي من بنت الأرقم المخزومية حيث كان رسول الله(ص) يجتمع مع المؤمنين في بيت أبيها. واكبت آمنة المراحل الكاملة لانتشار الإسلام وكانت ترافق النبي(ص) أينما حل مساندة إياه في دعوته وجهاده. وكان يأتمنها ويثق بها فهي التي شاركته في نشر أحكام الإسلام ودعوة الناس إليه. هاجرت آمنة إلى المدينة المنورة مع المصطفى(ص) الذي كافأها بأن وهبها بئراً ودعا لها بالبركة فسمي البئر باسمها ولقبت هي بصاحبة البئر، وبتضحياتها من أجله حيث وهبت حياتها كاملة في سبيل الإسلام وأهله فكانت مثالاً احتذت به العديد من النسوة في عهد الرسول(ص).
نسيبة بنت الحارث الأنصارية:
ومن صحابيات النبي (ص) امرأة عرفت واشتهرت بعلمها وحكمتها ورجاحة عقلها، وهي نسيبة بنت الحارث الأنصارية "أم عطية"، والتي كانت رائدة في مجال العلم والفقه، فكانت تشرح وتفسر المسائل المتعلقة بالنساء كما رواها وحدثها عنها الرسول (ص)،كما اشتهرت بتغسيلها لموتى المسلمين في المدينة المنورة، فكانت المعلمة والفقيهة والبليغة بين النساء.
كما شاركت مع رسول الله(ص) في سبعة غزوات كانت تقوم فيها بأعمال التمريض وإعداد الطعام للجنود وحماية وحراسة أمتعتهم وحاجياتهم بالاضافة إلى قيامها بتطيب الجرحى والسهر على راحة المرض وخدمتهم.
استفاد الكثيرون من علمها وحكمتها التي تناقلها الناس من المدينة إلى مكة فالبصرة .
ليلى بنت عبد الله العدوية:
أما الشفاء بنت عبد الله العدوية واسمها ليلى لكن غلب عليها اسم الشفاء، فكانت امرأة مؤمنة وتقية، بايعت رسول الله(ص) واعتنقت الاسلام، وكانت بارعة في الكتابة والقراءة فأوكلها الرسول مهمة تعليمها بين أوساط الرجال والنساء، كما أنها برعت بالطب والرقية. وروي أنها كانت تداوي المرض وتشفيهم بالرقية التي أقرها محمد(ص) بعيداً عن التكهن والشعوذة وعلمتها لنساء الصحابة (رضي الله عنهم)، وكانت مقربة جداً من أمهات المسلمين، زوجات الرسول(ص)، وتعلمهن القراءة والكتابة، عرفت بين النساء بتعقلها وفضائلها الكثيرة وإيمانها الشديد.
فاطمة بنت أسد بن هاشم:
وقد شهدت مقبرة البقيع في المدينة المنورة دفن الكثير من الصحابيات الجليلات منهن فاطمة بنت أسد بن هاشم والتي كفنها رسول الله(ص) بقميصه فلقبت بـ"ذات القميص النبوي"، وهي زوجة عمه ووالدة علي بن أبي طالب، ساندته في مسيرته فكانت أول امرأة هاجرت إلى المدينة، أحبها رسول الله حباً كبيراً، كما يصف صحابته، فكانت بمثابة والدته، ومن أكثر النساء المقربات منه، فكان يذكرها ويمدحها دائماً كما تشير الروايات.
خير النساء سلكن طريق الحق إلى جانب خير خلق الله(ص)، ضحين وجاهدن وثابرن فكن قدوات مؤمنات وصالحات، وأظهرن مكانة المرأة في الاسلام، رفعن شأنها وأثبتن قدرتها على العطاء في كافة الشؤون الدينية، والسياسية، والجهادية بالاضافة إلى عظمة النعمة التي هداها إياها الله وهي الأمومة، نساء خالدات الذكر يقتدي بهن في كل العصور والأزمنة، يعتمد عليهن في سائر المواقف، سطرن أنبل وأسمى القيم، والمعاني الإنسانيه، والدينيه العظيمة، وشاركن في إعلاء وترسيخ أهمية الإسلام ومبادئه، وفي تثبيت راية حق أعلينها وتمسكن بها.

المصدر: مجلة نداء التقريب، عدد3.

التعليقات (0)

اترك تعليق