کلمة الأمين العام للإتحاد السيدة زهراء مصطفوي في مؤتمر "فلسطين صحوة الأمم" 2012م
أقدم سلامي وتحياتي للمشاركين المحترمين، وأقدم لكم التهنئة والتبريك بهذه الأيام التي تصادف ذكرى المبعث النبوي الشريف للرسول الأكرم(ص) وذكرى انتصار الحق على الباطل، وأحمد الله تعالى الذي وفقني للحديث معكم في لبنان أرض الشهادة والانتصار، لأتحدث عن فلسطين ذات التاريخ العريق في المقاومة، وعن الصحوة الإسلامية التي شرعت في طريق المقاومة.
لا شك أنّ لأخينا الكبير سماحة السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله في لبنان كان له الدور المؤثر جداً في إيجاد الصحوة الإسلامية في الدول العربية، وأقدّم شكري للسيدة عفاف الحكيم على استضافتها لنا، وأعتذر من جميع الأعزاء الذين كان لهم دور في إقامة هذا المؤتمر الكبير.
يا شعب لبنان الغيور...
إننا نعيش في مرحلة يُعدّ فيها إعلاء كلمة الحق وإزهاق الباطل في العالم الخاضع للاستكبار أمراً إعجازياً. لكننا أدركنا جيداً أنّ إبطال سحر هذه الظلمة الشيطانية يكون بإخلاص النية والاتكال على الله تعالى والثقة المطلقة بالوعد الإلهي.
إنّ نظرة إلى سيرة الأنبياء والأولياء الربانيين وسنتهم تجعلنا ندرك أنهم لم يقعوا في الشك والتردد حتى في أصعب الظروف ولم يفقدوا إيمانهم، بل تحملوا شتى الصعاب وانتصروا في المواجهة من خلال إيمانهم بصدق الوعد الإلهي، وقد انتصروا على الروم والفرس وكل القوى العظمى التي عاصرتهم بأيد خالية لكن بقلوب ملؤها الأمل بالله، أو كما حصل في كربلاء حيث سطروا انتصارهم المعنوي في وجه المستكبرين والظالمين على مدى الدهر.
من هنا كان الإمام الخميني الراحل يؤكد أننا أبناء (إحدى الحُسنيين) وأننا منتصرون في كلتا الحالتين.
إنّ البذرة التي بذرها الإمام الخميني الراحل بنية خالصة في إيران بعد أربعة عشر قرناً من بعثة جدّه الطاهر، قد أينعت ثمارها المباركة في فلسطين ومصر وليبيا واليمن والبحرين وتونس وهي مشهودة في كل المناطق. لا شك أنّ لبنان كان السابق في هذا المضمار وابن لبنان الكبير سماحة السيد حسن نصر الله فخر العرب والعجم، والذي نتباهى به جميعاً كان مصداقاً لقوله تعالى: «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ».
إني باعتباري الأمين العام للاتحاد العالمي للمنظمات غير الحكومية المدافعة عن فلسطين أود التحدث إليكم بكلمات حول الأوضاع الحالية للمنطقة. ليس لدينا جميعاً أي شك في أننا نعيش اليوم في أكثر مناطق العالم حساسية، وأعداؤنا الذين يدركون ذلك يسعون بكل ما أوتوا أن يديموا ظلمات جهلهم وجاهليتهم على هذه المنطقة وأهلها. إنّ النهضة والبعثة التي عمّت المنطقة لا شك أنها تأثرت بالتعاليم الدينية وهناك شواهد متعددة على ذلك "ولو كره الكافرون" فالمطالبة بالعدالة ومكافحة الظلم ومواجهة الاحتلال ومحاربة الاستكبار ومعاداة الديكتاتورية كلها تعاليم دينية. حيث أنّ الإسلام قد علّمنا أنّ كرامة الإنسان وحرمته أمر محترم، وليس لأي أحد أن ينال من كرامة الإنسان واحترامه. والإسلام هو الذي علمنا أنه لا يحق لنا الخضوع لقوة المستكبرين رغم تكبّرهم وتظاهرهم بالعظمة. والإسلام هو الذي علّمنا أن نقف إلى جانب المظلوم دوماً والإسلام هو الذي علّمنا أنّ علينا الاحتراز عن الظلم، خاصة لمن لا يجد ملجأ إلا الله. والإسلام هو الذي علّمنا أنه لا حدود لعلو كلمة الحق. وأخيراً هو الذي علّمنا أن "انهضوا ووعوا الصامتين والمسحوقين". وفي هذه الظروف الحساسة فإن من واجبنا الإنساني والإسلامي أن نهب جميعاً لتقديم العون وأن نبذل الجدّ والجهد الكافي وأن نعين بني جنسنا ونساعدهم، وأن نحذرهم من المخاطر التي تعترضهم في طريق الحرية والاستقلال.
أعزائي...
كلكم تدركون جيداً أنّ المنطقة تمرّ في ظروف صعبة ومرهقة لم تمر بمثلها من قبل حيث برز الإسلام كله لمواجهة الكفر كله. فالأنظمة المستبدة القديمة قد انهارت الواحد تلو الآخر، وهناك نظام جديد قد أخذ بالتشكل.
حيث دقت ساعة الصحوة الإسلامية وتداعى حماة الاستكبار والمنافقون المدّعون، وارتدوا زي الداعين إلى الديمقراطية وظهروا بقناع الصديق، يريدون بذلك أن يختطفوا الحركات الشعبية وأن يسطوا على ثورات المنطقة والشاهد على ذلك ما يجري حالياً في تونس وفي مصر واليمن خاصة. والوضع السوري يدار في نفس السياق حيث سأشير إليه لاحقاً.
إنّ حوادث البحرين والتعامل الغربي بمعايير مزدوجة يندرج تحت هدف السيطرة والاستمرار في التسلّط. فسلطة الإعلام الشيطاني لم تتكالب إلى هذا الحد إلا من أجل قرصنة مفاهيم المؤمنين وقد لمستم ذلك وشاهدتموه خاصة في لبنان.
إنّ واجبنا الإسلامي والإنساني في هذه الظروف يتطلب منّا الدقة والتدبّر أكثر فأكثر في معرفة القضايا وفهمها وتقديم الحلول المناسبة لها، ماذا يمكننا أن نفعل في هذه الظروف؟
إنني كناشطة غير حكومية عندما أنظر إلى الحوادث الأخيرة الجارية في العالم العربي، فإنّ أول ما أستنتجه هو أنّ الإسلام يستعيد حياته وعزته في المنطقة، وأرى من ناحية أخرى أنّ الجهود الواسعة التي يبذلها الغرب وعملاءه في المنطقة كانت من أجل السيطرة على المنطقة تواجه الفشل الذريع، لذلك لا يمكنني أن أخفي سروري بانتصار الإسلاميين.
يبدو أنّ الإمام الخميني الراحل كان يشاهد هذه الأيام بوضوح وكان يرى تهافت هذه الحكومات وتوقع ذلك بصراحة وقد أدرك بفراسته أنّ مرحلة الإسلام الغربي قد انتهت وأن لا مكان للإسلام السعودي والقطري والمغربي والمباركي، فشعار الإسلام أولاً قد انطلق من مشاعر عناء المسلم من الإسلام المصطنع الذي اعتمد على المال والتزوير الغربي.
فأولئك الثائرون يتوقون إلى إسلام يقوم كرامتهم الإنسانية، ويروج الأخلاق ويدافع عن القيم الإسلامية كالعدالة والحرية والأخوة. عن الإعلام الذي يروّج بذاته ومضمونه «رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ» والذي يكون مصداقاً «أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ» في مواجهة الأعداء والمعتدين على حريم. عن الإسلام الذي يقف في مواجهته التاريخية الحتمية مع الكفر والشرك ليمنع أي تفرّق ووقوع في المشاكل والمعضلات المهلكة والصراع بين الشيعة والسنة الذي يفرح قلوب الأعداء.
فالإسلام الذي يبيح سفك دماء المسلمين بذرائع واهية ويفرّق بينهم هو عين الكفر والشرك، وعلينا جميعاً أن نفرّ منه. فأنا وأنتم كأبناء نبيين ومعنويين للإمام الخميني الراحل علينا الاهتمام بشدة بالجهد الذي بذله من أجل التقريب بين الشيعة والسنة ووحدتهم ونبذ الفرقة بينهم والاحتراز عن السقوط في هذا الفخ.
الإمام الخامنئي بدوره قد أكد في خطبه الحكيمة أنّ من واجب الأمة الإسلامية أن تتغلب على عوامل التفرقة المذهبية والقومية والسياسية وأن تغلق طرق بثّ الاختلاف.
إنني من خلال تخصيص جزء من وقتي وعمري من أجل فلسطين امتثالاً لتعاليم الإمام الخميني الراحل وتأكيد الإمام الخامنئي القائد أشعر بأهمية خاصة في هذا الموضوع وفي هذه الظروف. فالأوضاع السورية واستنفار دعاة الفرقة وداعميهم الأجانب تجعل الأمر هاماً لا يمكن المرور أمامه بسهولة. كما أنّ تعاضد الغرب مع دعاة الفتنة لا يمكن اعتباره أمراً عادياً كما أنّ تصاعد الحيل والأكاذيب اليهودية تشير إلى أنّ ملة الكفر قد تعاضدت بشكل خطر لمواجهة الأمة الإسلامية.
إذا تأملنا ما يجري في سوريا فسنجد أنّ هناك تمازجاً بين الحق والباطل، وأنّ عدم الالتفات إلى ذلك سيكبّدنا خسائر كبيرة، فنحن نعترف بحق الشعب السوري في إجراء الإصلاحات، ونصر على التفاهم بين الشعب والحكومة. لكننا في نفس الوقت نستنكر تشجيع الغرب ودعمه للحملات التي تشنّها دول الفتنة ضد سوريا، وهي الدول التي لم تراعي أي حق من حقوق شعبها.
لا شك أنّ الغرب يستهدف بذلك جبهة المقاومة، والحوادث التي وقعت أخيراً قدمت للأعداء ذرائع مناسبة.
لا ينبغي أن نسمح لهذا الوضع أن ينال من آمال الفلسطينيين التي تألقت في ظل الصحوة الإسلامية بأن تتراجع، بل علينا جميعاً أن نبذل قصارى جهودنا في الدفاع عن حركة المقاومة ضد الغرب وعملائه الإقليميين، وأن لا نخشى في هذا الطريق شماتة الشامتين.
أصدقائي وسادتي الكرام...
تعلمون جيداً أنّ الكيان الصهيوني لا يخفي عدائه لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل أنّ عداءه لإيران داخل المنظمات الدولية في تصاعد مستمر. إنّ الغرب يعلم جيداً عقم التهديد الموجه إلى إيران كما أنّ تنامي قدرات النظام الإسلامي في المنطقة والعالم وانتشار الأفكار الراقية للنظام الإسلامي في ظل قيادة الإمام الخامنئي رغماً عن أنف الأعداء هو أمر واضح وبيّن، فبالإضافة إلى تحقق أهداف النظام الإسلامي، وانتشار العداء للصهيونية في العالم فإنّ التهديد المتكرر الذي يطلقه الكيان الصهيوني والذي يحكي من خلال بعد نماذجه عن مدى ضعف وعجز هذا الكيان في مواجهة أعدائه، ومن تلك النماذج انتصاركم المشرّف في حرب تموز عام 2006م، واستعادة الشرف الذي أضاعه الحكّام العرب، والمقاومة المستميتة التي أبدتها حركة حماس في الحفاظ على الأسير الإسرائيلي والصمود طوال 22 يوماً من الحرب الطاحنة وتحقيق مطالبها بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والعمليات التي نفذها أبناء عشائر صحراء سيناء بتدمير خط الغاز المصري إلى إسرائيل عدة مرات، تلك بعض النماذج الدالة على ضعف وخواء وفشل هذه القوة الصهيونية في مواجهة العمليات الجهادية لمنظمات صغيرة، فماذا ستفعل هذه السلطة الغاصبة في مواجهة الجمهورية الإسلامية؟
أود أن أكرّر هذه الجملة التي أطلقها سيد المقاومة "إنّ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت"
إخوتي وأخواتي الكرام...
إنّ لدي الكثير لأقوله في مجال الدفاع عن مواقف النظام الإسلامي، وحق المقاومة وضرورة دعم الفلسطينيين، لكني مضطرة لإنهاء كلمتي مراعاة لكم، وأشكركم على صبركم وتحمّلكم وأستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا شك أنّ لأخينا الكبير سماحة السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله في لبنان كان له الدور المؤثر جداً في إيجاد الصحوة الإسلامية في الدول العربية، وأقدّم شكري للسيدة عفاف الحكيم على استضافتها لنا، وأعتذر من جميع الأعزاء الذين كان لهم دور في إقامة هذا المؤتمر الكبير.
يا شعب لبنان الغيور...
إننا نعيش في مرحلة يُعدّ فيها إعلاء كلمة الحق وإزهاق الباطل في العالم الخاضع للاستكبار أمراً إعجازياً. لكننا أدركنا جيداً أنّ إبطال سحر هذه الظلمة الشيطانية يكون بإخلاص النية والاتكال على الله تعالى والثقة المطلقة بالوعد الإلهي.
إنّ نظرة إلى سيرة الأنبياء والأولياء الربانيين وسنتهم تجعلنا ندرك أنهم لم يقعوا في الشك والتردد حتى في أصعب الظروف ولم يفقدوا إيمانهم، بل تحملوا شتى الصعاب وانتصروا في المواجهة من خلال إيمانهم بصدق الوعد الإلهي، وقد انتصروا على الروم والفرس وكل القوى العظمى التي عاصرتهم بأيد خالية لكن بقلوب ملؤها الأمل بالله، أو كما حصل في كربلاء حيث سطروا انتصارهم المعنوي في وجه المستكبرين والظالمين على مدى الدهر.
من هنا كان الإمام الخميني الراحل يؤكد أننا أبناء (إحدى الحُسنيين) وأننا منتصرون في كلتا الحالتين.
إنّ البذرة التي بذرها الإمام الخميني الراحل بنية خالصة في إيران بعد أربعة عشر قرناً من بعثة جدّه الطاهر، قد أينعت ثمارها المباركة في فلسطين ومصر وليبيا واليمن والبحرين وتونس وهي مشهودة في كل المناطق. لا شك أنّ لبنان كان السابق في هذا المضمار وابن لبنان الكبير سماحة السيد حسن نصر الله فخر العرب والعجم، والذي نتباهى به جميعاً كان مصداقاً لقوله تعالى: «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ».
إني باعتباري الأمين العام للاتحاد العالمي للمنظمات غير الحكومية المدافعة عن فلسطين أود التحدث إليكم بكلمات حول الأوضاع الحالية للمنطقة. ليس لدينا جميعاً أي شك في أننا نعيش اليوم في أكثر مناطق العالم حساسية، وأعداؤنا الذين يدركون ذلك يسعون بكل ما أوتوا أن يديموا ظلمات جهلهم وجاهليتهم على هذه المنطقة وأهلها. إنّ النهضة والبعثة التي عمّت المنطقة لا شك أنها تأثرت بالتعاليم الدينية وهناك شواهد متعددة على ذلك "ولو كره الكافرون" فالمطالبة بالعدالة ومكافحة الظلم ومواجهة الاحتلال ومحاربة الاستكبار ومعاداة الديكتاتورية كلها تعاليم دينية. حيث أنّ الإسلام قد علّمنا أنّ كرامة الإنسان وحرمته أمر محترم، وليس لأي أحد أن ينال من كرامة الإنسان واحترامه. والإسلام هو الذي علمنا أنه لا يحق لنا الخضوع لقوة المستكبرين رغم تكبّرهم وتظاهرهم بالعظمة. والإسلام هو الذي علّمنا أن نقف إلى جانب المظلوم دوماً والإسلام هو الذي علّمنا أنّ علينا الاحتراز عن الظلم، خاصة لمن لا يجد ملجأ إلا الله. والإسلام هو الذي علّمنا أنه لا حدود لعلو كلمة الحق. وأخيراً هو الذي علّمنا أن "انهضوا ووعوا الصامتين والمسحوقين". وفي هذه الظروف الحساسة فإن من واجبنا الإنساني والإسلامي أن نهب جميعاً لتقديم العون وأن نبذل الجدّ والجهد الكافي وأن نعين بني جنسنا ونساعدهم، وأن نحذرهم من المخاطر التي تعترضهم في طريق الحرية والاستقلال.
أعزائي...
كلكم تدركون جيداً أنّ المنطقة تمرّ في ظروف صعبة ومرهقة لم تمر بمثلها من قبل حيث برز الإسلام كله لمواجهة الكفر كله. فالأنظمة المستبدة القديمة قد انهارت الواحد تلو الآخر، وهناك نظام جديد قد أخذ بالتشكل.
حيث دقت ساعة الصحوة الإسلامية وتداعى حماة الاستكبار والمنافقون المدّعون، وارتدوا زي الداعين إلى الديمقراطية وظهروا بقناع الصديق، يريدون بذلك أن يختطفوا الحركات الشعبية وأن يسطوا على ثورات المنطقة والشاهد على ذلك ما يجري حالياً في تونس وفي مصر واليمن خاصة. والوضع السوري يدار في نفس السياق حيث سأشير إليه لاحقاً.
إنّ حوادث البحرين والتعامل الغربي بمعايير مزدوجة يندرج تحت هدف السيطرة والاستمرار في التسلّط. فسلطة الإعلام الشيطاني لم تتكالب إلى هذا الحد إلا من أجل قرصنة مفاهيم المؤمنين وقد لمستم ذلك وشاهدتموه خاصة في لبنان.
إنّ واجبنا الإسلامي والإنساني في هذه الظروف يتطلب منّا الدقة والتدبّر أكثر فأكثر في معرفة القضايا وفهمها وتقديم الحلول المناسبة لها، ماذا يمكننا أن نفعل في هذه الظروف؟
إنني كناشطة غير حكومية عندما أنظر إلى الحوادث الأخيرة الجارية في العالم العربي، فإنّ أول ما أستنتجه هو أنّ الإسلام يستعيد حياته وعزته في المنطقة، وأرى من ناحية أخرى أنّ الجهود الواسعة التي يبذلها الغرب وعملاءه في المنطقة كانت من أجل السيطرة على المنطقة تواجه الفشل الذريع، لذلك لا يمكنني أن أخفي سروري بانتصار الإسلاميين.
يبدو أنّ الإمام الخميني الراحل كان يشاهد هذه الأيام بوضوح وكان يرى تهافت هذه الحكومات وتوقع ذلك بصراحة وقد أدرك بفراسته أنّ مرحلة الإسلام الغربي قد انتهت وأن لا مكان للإسلام السعودي والقطري والمغربي والمباركي، فشعار الإسلام أولاً قد انطلق من مشاعر عناء المسلم من الإسلام المصطنع الذي اعتمد على المال والتزوير الغربي.
فأولئك الثائرون يتوقون إلى إسلام يقوم كرامتهم الإنسانية، ويروج الأخلاق ويدافع عن القيم الإسلامية كالعدالة والحرية والأخوة. عن الإعلام الذي يروّج بذاته ومضمونه «رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ» والذي يكون مصداقاً «أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ» في مواجهة الأعداء والمعتدين على حريم. عن الإسلام الذي يقف في مواجهته التاريخية الحتمية مع الكفر والشرك ليمنع أي تفرّق ووقوع في المشاكل والمعضلات المهلكة والصراع بين الشيعة والسنة الذي يفرح قلوب الأعداء.
فالإسلام الذي يبيح سفك دماء المسلمين بذرائع واهية ويفرّق بينهم هو عين الكفر والشرك، وعلينا جميعاً أن نفرّ منه. فأنا وأنتم كأبناء نبيين ومعنويين للإمام الخميني الراحل علينا الاهتمام بشدة بالجهد الذي بذله من أجل التقريب بين الشيعة والسنة ووحدتهم ونبذ الفرقة بينهم والاحتراز عن السقوط في هذا الفخ.
الإمام الخامنئي بدوره قد أكد في خطبه الحكيمة أنّ من واجب الأمة الإسلامية أن تتغلب على عوامل التفرقة المذهبية والقومية والسياسية وأن تغلق طرق بثّ الاختلاف.
إنني من خلال تخصيص جزء من وقتي وعمري من أجل فلسطين امتثالاً لتعاليم الإمام الخميني الراحل وتأكيد الإمام الخامنئي القائد أشعر بأهمية خاصة في هذا الموضوع وفي هذه الظروف. فالأوضاع السورية واستنفار دعاة الفرقة وداعميهم الأجانب تجعل الأمر هاماً لا يمكن المرور أمامه بسهولة. كما أنّ تعاضد الغرب مع دعاة الفتنة لا يمكن اعتباره أمراً عادياً كما أنّ تصاعد الحيل والأكاذيب اليهودية تشير إلى أنّ ملة الكفر قد تعاضدت بشكل خطر لمواجهة الأمة الإسلامية.
إذا تأملنا ما يجري في سوريا فسنجد أنّ هناك تمازجاً بين الحق والباطل، وأنّ عدم الالتفات إلى ذلك سيكبّدنا خسائر كبيرة، فنحن نعترف بحق الشعب السوري في إجراء الإصلاحات، ونصر على التفاهم بين الشعب والحكومة. لكننا في نفس الوقت نستنكر تشجيع الغرب ودعمه للحملات التي تشنّها دول الفتنة ضد سوريا، وهي الدول التي لم تراعي أي حق من حقوق شعبها.
لا شك أنّ الغرب يستهدف بذلك جبهة المقاومة، والحوادث التي وقعت أخيراً قدمت للأعداء ذرائع مناسبة.
لا ينبغي أن نسمح لهذا الوضع أن ينال من آمال الفلسطينيين التي تألقت في ظل الصحوة الإسلامية بأن تتراجع، بل علينا جميعاً أن نبذل قصارى جهودنا في الدفاع عن حركة المقاومة ضد الغرب وعملائه الإقليميين، وأن لا نخشى في هذا الطريق شماتة الشامتين.
أصدقائي وسادتي الكرام...
تعلمون جيداً أنّ الكيان الصهيوني لا يخفي عدائه لنظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بل أنّ عداءه لإيران داخل المنظمات الدولية في تصاعد مستمر. إنّ الغرب يعلم جيداً عقم التهديد الموجه إلى إيران كما أنّ تنامي قدرات النظام الإسلامي في المنطقة والعالم وانتشار الأفكار الراقية للنظام الإسلامي في ظل قيادة الإمام الخامنئي رغماً عن أنف الأعداء هو أمر واضح وبيّن، فبالإضافة إلى تحقق أهداف النظام الإسلامي، وانتشار العداء للصهيونية في العالم فإنّ التهديد المتكرر الذي يطلقه الكيان الصهيوني والذي يحكي من خلال بعد نماذجه عن مدى ضعف وعجز هذا الكيان في مواجهة أعدائه، ومن تلك النماذج انتصاركم المشرّف في حرب تموز عام 2006م، واستعادة الشرف الذي أضاعه الحكّام العرب، والمقاومة المستميتة التي أبدتها حركة حماس في الحفاظ على الأسير الإسرائيلي والصمود طوال 22 يوماً من الحرب الطاحنة وتحقيق مطالبها بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والعمليات التي نفذها أبناء عشائر صحراء سيناء بتدمير خط الغاز المصري إلى إسرائيل عدة مرات، تلك بعض النماذج الدالة على ضعف وخواء وفشل هذه القوة الصهيونية في مواجهة العمليات الجهادية لمنظمات صغيرة، فماذا ستفعل هذه السلطة الغاصبة في مواجهة الجمهورية الإسلامية؟
أود أن أكرّر هذه الجملة التي أطلقها سيد المقاومة "إنّ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت"
إخوتي وأخواتي الكرام...
إنّ لدي الكثير لأقوله في مجال الدفاع عن مواقف النظام الإسلامي، وحق المقاومة وضرورة دعم الفلسطينيين، لكني مضطرة لإنهاء كلمتي مراعاة لكم، وأشكركم على صبركم وتحمّلكم وأستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اترك تعليق