مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

رحلة الشهادة

رحلة الشهادة

عندما عرفت السلطة خطورة الموقف فرضت الإقامة الجبرية على السيّد الشهيد وعائلته بهدف منعه من الإتصال بالحركة الإسلامية، وتمهيداً لتصفية أقطاب التحرك الإسلامي، ومن ثمّ تصفية السيد الشهيد جسدياً. وفعلاً فقد أقدمت حكومة البعث الصليبية على جريمة كبرى حيث اعتقلت الشهيد الصدر واُخته العلوية بنت الهدى في يوم السبت 19 جمادي الاُولى سنة 1400هـ، الموافق 5|4|1980م، وبعد ثلاثة أو أربعة أيام تمّ تنفيذ حكم الإعدام بالسيّد الصدر واُخته العلوية آمنة الصدر.
بعد اعتقال السّيد الشهيد رحمه الله يوم الخامس من نيسان 1980 بعد أن خرج إلى صحن حرم أمير المؤمنين لمخاطبة أهل النجف سحبت السلطة كافة قواتها التي كانت تطوّق المنزل، أحست رحمها الله أن يوم التضحية قد جاء فذهبت إلي غرفتها فأبدلت ملابسها بأخرى، وربطت ثوبها على معصميها ظناً منها بأنها ستسترها حين التعذيب وقالت: "أترى أن هذا يسترني حين التعذيب؟"
فقلت لها: سوف لن تتعرضي للاعتقال إن شاء الله.
فقالت: "والله لست خائفة فأنا أنتظر هذه الساعة، وما أسعدني إن استشهدت مع أخي، وما أتعسني إن بقيتُ بعده".
ثم أعطتني حقيبة صغيرة فيها مجموعة من الرسائل والصور وقالت هذه مجموعة اعتبرها حصيلة عمر من الذكريات بحلوها ومرها لم أتلفها في أيام الأولى فإذا اعتقلوني فأرجوا إحراقها لكي لا يقع شيء منها بيد السلطة.
وفي اليوم التالي السادس من نيسان عام 1980م بعد الظهر جاء المجرم الخبيث مساعد مدير أمن النجف المكنى بـ"أبي شيماء" طرق الباب قائلاً: علويّة إن السّيد طلب حضورك إلى بغداد!
فقالت سمعاً وطاعة لأخي إن كان قد طلبني ولا تظن أني خائفة من الإعدام والله إني سعيدة بذلك إن هذا طريق آبائي وأجدادي.
فقال لها –كاذباً- "لا علويّة بشرفي إن السّيد طلب حضورك".
فأجابته الشهيدة مستهزئة: "صدقت بدليل إن قواتكم طوقت بيتنا من جديد".
وكانت قوات الإجرام قد طوقت منزل السيّد الشهيد رضوان الله عليه.
ثم قالت له: دعني قليلاً وسوف أعود إليك ولا تخف فأنا لن أهرب وأغلقت الباب بوجهه.
ثم جاءتني وقالت: "أخي أبا علي لقد أدى أخي ما عليه، وأنا ذاهبة لكي أؤدي ما عليّ إن عاقبتنا على خير، أوصيك بأمي وأولاد أخي، لم يبق لهم أحد غيرك إن جزاءك على أمي الزهراء(ع).
يتحدث صاحب كتاب الشهيدة بنت الهدى كيف روت له ثلاثة مصادر كيفية حدوث المأساة كما يرويها أحد قوات الأمن ممن كان حاضراً في غرفة الإعدام، قال: "احضروا السيد الصدر إلى مديرية الأمن العامة فقاموا بتقييده بالحديد، ثم جاء المجرم صدام التكريتي، فقال باللهجة العامية: "ولك محمد باقر تريد تسوي حكومة"، ثم أخذ يهشم رأسه ووجهه بسوط بلاستيكي صلب.
فقال له السيد الصدر: "أنا تارك الحكومات لكم".
وحدث جدال بينهما عن هذا الموضوع وعن علاقته بالثورة الإسلامية في إيران، مما أثار المجرم صدام فأمر جلاوزته بتعذيب السيد الصدر تعذيباً قاسياً. ثم أمر بجلب الشهيدة بنت الهدى ــويبدو أنها كانت قد عذبت في غرفة أخرى- جاءوا بها فاقدة الوعي يجرونها جراً، فلما رأها السيد استشاط غضباً ورقّ لحالها ووضعها.
فقال لصدام: إذا كنت رجلاً ففك قيودي. فأخذ صدام سوطاً وأخذ يضرب العلوية الشهيدة وهي لا تشعر بشيء. ثم أمر بقطع ثدييها مما جعل السيد في حالة من الغضب، فقال صدام "لو كنت رجلاً فجابهني وجهاً لوجه ودع أختي، ولكنك جبان وأنت بين حمايتك"، فغضب المجرم وأخرج مسدسه فأطلق النار عليه ثم على أخته الشهيدة وخرج كالمجنون يسب ويشتم".
وفي مساء يوم التاسع من نيسان عام 1980 م وفي حدود الساعة التاسعة أو العاشرة مساءً، قطعت السلطة التيار الكهربائي عن مدينة النجف الأشرف. وفي ظلام الليل الدامس تسللت مجموعة من قوات الأمن إلى دار المرحوم الحجة السيد محمد صادق الصدر ــرحمه الله- فطلبوا منه الحضور إلى بناية محافظة النجف، وهناك سلّموه جنازة السيد الشهيد وأخته الطاهرة بنت الهدى، وحذروه من الإخبار عن شهادة بنت الهدى، ثم أخذوه إلى مقبرة وادي السلام ووارهما الثرى.



  
المصادر:
www.alnoor.se -1
2- 
www.alshuhadaa.com
3- wasat-sadr.com

www.dr-alhilli.com -4      
      
   
 

التعليقات (0)

اترك تعليق