كلمة الشيخ محمد تقي سبحاني في ندوة المرأة بين النموذجين الإسلامي والغربي
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا ونبينا أبي القاسم وعلى آله لاسيما بقية الله في الأراضين حجة الله المهدي(عج).
بداية أشكر حضور الأخوات المشاركات خاصة أشكر أختي الكريمة السيدة الحكيم لاستضافتي، للدعوة لي لحضور هذا المجمع الثقافي الضخم وأبارك لكم هذه الجمعية الثقافية الفكرية ونتمنى أن تسير نحو تحقيق أهدافها في هذا السياق.
تأسيس الأطروحة حول شخصية المرأة:
أنا أريد أن أطرح معالم هذه الأطروحة الفكرية والعملية حول شخصية المرأة وطبعاً من اللازم أن أذكر أنّ هذه الأطروحة –أي كتاب شخصية المرأة (دراسة في النموذج الحضاري الإسلامي)- أطروحة شاملة خصصت قبل سنين في إيران، ممكن أن نقول نواة هذا المشروع بدأت قبل عشر سنوات في إيران، في مركز تخصصي بدراسات المرأة والأسرة، وكان آنذاك في ذهننا أن نبدأ بمشروع متكامل في تبني أطروحة جامعة للتعريف بشخصية المرأة والدراسة في شتى جوانب هذه الشخصية ونسلط الضوء على حقيقة القيم الإسلاميّة والمبادئ الإسلاميّة حول المرأة في الواقع المعاصر، وكيف يمكن أن ندرس هذه القيم والمبادئ عبر التعرف على التطورات والتحولات بالمجتمع والإنسان المعاصر.
كما أنّه في هذا الوقت الضيّق أستطيع أن أطرح ملامح هذه الأطروحة وأسلّط الضوء على بعض النقاط ذات الأهمية حتى يستطيع القارئ للكتاب وهذا المشروع أن يتعرف على عمق هذه الفكرة، ويستطيع أن يناقش في بعض نواحي هذه الأطروحة.
تأسيس رؤية جديدة لمعالجة قضايا المرأة:
بداية أقول أنّ أهمية هذه الأطروحة ليست فقط في طرح بعض النظريات والقضايا بل هي في تأسيس وتبني الإطار الجديد أو يمكن أن نقول جديد، وتأسيس الرؤية الجديدة لمعالجة قضايا المرأة عبر هذا الكتاب الإسلامي والأصيل؛ ولذلك لأن نتعرف حقيقة هذا الموضوع فقد طرحت في الفصل الأول من الكتاب خلفية هذا المشروع وأهدافها وأثرها في تكوين المشروع الفكري والدراسي للمرأة.
الاتجاهات الفكرية الرائجة في المجتمع الإسلامي:
بدأنا في تعريف الاتجاهات الرائجة في المجتمع الإسلامي، ومجتمعنا -المجتمع الشيعي- حول قضايا اجتماعية ومنها قضية المرأة. كما تعرفون فإنّه قبل قرون يمكننا بالضبط أن نقول أنه بحدود قرنين من الزمن نحن في العالم الإسلامي نواجه الحضارة الجديدة الحديثة العلمانية من الغرب الذي يهاجم المجتمع الإسلامي أو يواجه المجتمع الإسلامي، ويقدم صورة جديدة عن الإنسان والمجتمع والتنمية وغيرها، ولذلك نرى أو يرى الإنسان المعاصر أنّ هناك كثيرٌ من القيم ومن المبادئ تختلف عن ما عنده من القيم الإسلامية، ومن هذا المنطلق بدأت نزعات فكرية واجتماعية عديدة بين المسلمين في حين أنّه بالسابق لم تكن موجودة تيارات منفصلة بعضها عن بعض. هذا الانطلاق انطلاق لتصنيف ولانقسام بين الشرائح من المفكرين والخبراء في المجتمع الإسلامي.
طبعاً في البداية نرى أنّ هناك تيار علماني ليبرالي أو شيوعي في المجتمع الإسلامي، يتكوّن من الذين اهتموا بالتعرف على الفكر الغربي واستيرادها إلى المجتمع الإنساني، وتطبيقها على الإنسان المسلم المعاصر، وتكييف المجتمع الإنساني تحت هذه الأصول والمبادئ الغربية العلمانيّة. بعد مواجهة علماؤنا ومفكريننا لهذه الظاهرة العلمانيّة في مجتمعنا بدأوا بتأسيس الفكر الجديد الإسلامي وبدأت دراسات جديدة حول التعرف بالإسلام والفكر الإسلامي من جديد.
نرى في البداية هناك تياران مختلفان أو اتجاهان مختلفان في العالم الإسلامي، نسمّي الأوّل للعجالة بالتيار التجديدي، حيث نرى أنّ هناك مفكرون إسلاميّون يعرفون الإسلام إلى حدّ ما ولكن يتعلقون فكريا وثقافيا بالجامعات الجديدة في العالم الإسلامي والمجتمع الإسلامي نحن نسميهم المتنورين نسميهم المثقفين الجدد أو شيء مثل هذا.
بعض هؤلاء الناس من المسلمين يختلفون مع التيار العلماني الليبرالي أو الشيوعي لأنهم يعتقدون بأنّه لديهم إمكانية لتطبيق الإسلام على المجتمع المعاصر، ولذلك في كثير من الأحيان نرى أن المثقفين الجدد الإسلاميين ينقدون الفكر الليبرالي أو الغربي أو الشيوعي، يواجهون هذه الظاهرة الغربية، ولكن في نفس الوقت أنه وبما لديهم من خلفيات ثقافيّة وقيمية من العالم الغربي، لم يستطيعوا أن يقدموا شيئاً متمايزاً عن ما هو الموجود في الفكر الغربي.
نعم في البداية دائماً يكررون بأننا نحن نريد أن نطبّق الإسلام على الواقع، نريد أن نواجه الهجمات الشرسة من العالم الفكري الغربي، ولكن بالعمل وبالممارسة لا نرى أنّ هناك فرق بين هذا التيار والتيار العلماني، لماذا؟ لأنّه في العالم الغربي -أنا أؤكد على هذه النقطة. ونريد أن ننطلق من هذه النقطة حتى نطرح هذه الأطروحة الجديدة- يوجد إطار فكري وثقافي وأخلاقي منسجم ومتسق بعضه مع بعض وهناك فلسفات عميقة لترسيخ القيم الأخلاقية الحديثة العلمانية على الإنسان والمجتمع، فإذا لم تكن عند الشخص خلفية فكرية شاملة لتطبيق الإسلام على الواقع يقع في هذا المستنقع الفكري والثقافي الغربي ونرى أنّ هناك مشكلة وقد بدأت تتصاعد. ترى أنّ هناك إنسان مسلم يعتقد أنه مفكر إسلامي يبدأ بممارسة ودراسة الفكر الإسلامي، ولكن، بعد ذلك ترى شيئاً فشيئاً أنّ هناك خلل فكري، ويقع هذا الشخص في الإطار الفكري الغربي ولا يستطيع أن ينجو منها، وهذه حالة عامة لكثير من المفكرين الجدد الإسلاميين. هذا الاتجاه بدأ يتسع شيئاً فشيئاً من القرن التاسع عشر إلى الآن ولا يزال يوجد كثير من الأشخاص المهتمّين بهذا التيار(الاتجاه) وبطروحات.
وفي المقابل نرى هناك اتجاه آخر في الحوزات العلمية بين علمائنا الإسلاميين حيث يواجهون هذه الظاهرة الإلتقاطية والإنحرافيّة بطريقة أخرى، نسمي هذه الطريقة بالطريقة التقليدية في الدراسة والمواجهة للفكر الغربي. الإتجاه التقليدي كما نرى في كثير من مجتمعنا ويتبناه العديد من مفكرينا، وأنا أقول أنّ هذا التيار تيار أصيل له جذور عميقة في الفكر الإسلامي والتراث الإسلامي وأؤكد هنا على هذه النقطة. ولكن الآن التيار التقليدي في مجتمعنا -إما بين أهل السنة أو في الحوزات الشيعية- يركز على نقطة واحدة وهي التأصيل للفكر الإسلامي ومواجهة هذا الفكر التجديدي والفكر الغربي بالتجنب والابتعاد عن الدخول في هذه المعركة الثقافية والاجتماعية. دائما يركّزون على أنّ الفكر الإسلامي يجب أن يبتعد عن كل ما يمّهد لأرضيّة التقاطية وانحرافيّة وهكذا.
إذاً نقول أنّ هناك قضايا اجتماعية جديدة مستحدثة يجب أن نحلّها عبر ممارسة اجتماعية واقعية، يجب أن نتعرف على مكونات هذه القضايا ومكونات المجتمع. الفكر التقليدي يطرح بأنّه لدينا أحكام، لدينا قيم، لدينا أسس، يجب أن نتعبّد ونتقلّد هذه المبادئ والأسس ولا ننخرط في ما هو الموجود في المجتمعات الجديدة.
نعم، يجب أن نؤسس مؤسسات، يجب أن نتصدى لإدارة المجتمع عبر تطبيق هذه القيم والأسس على الواقع ونحل هذه المشاكل عبر فقط التطبيق وإذا نحن نقول لمذا بعد سنين من تطبيق الأسس والقيم على المجتمع، على الأسرة، على الإنسان، لماذا لم يحصل شيءٌ جديد، ودائماً المجتمع االإسلامي ينخرط في القيم الأخلاقية الغربية، والأسرة الإسلامية دائماً تتفكك وتبتعد عن القيم الشرعية الدينية. نحن نحتاج إلى أشخاص متعبدة متخلقة عندها إمكانية للإدارة حتى تطبق هذه القيم وتحلّ المشكلة. أنا أؤكد وأركز على هذه النقطة فلنبدأ بهذا الاتجاه الجديد، المشكلة الأساسية في هذا التيار وفي هذا الاتجاه أنه لم يعرف، أو لم يستطع أن يعرف أنّ المجتمع الجديد فيه قضايا معقدة، وهذه المشاكل الجديدة لها جذور عميقة في الاقتصاد والسياسة والثقافة والحقوق وغيرها، وبدون التعرف العميق على هذه النقاط وعلى هذه المكونات لم نستطع أن نقدم حلولاً جذرية عميقة لهذه القضايا، لا يمكن أن نركز على قضية واحدة منفصلة عن القضية الأخرى، لا يمكن أن نحل قضية أخلاق وثقافة في الأسرة بدون أن نرى بأن هناك جذوراً اقتصادية وسياسية تثير هذه الإشكالية الأخلاقية الثقافية، وفي المجتمع الجديد لا يمكن الانفصال بين الأخلاق والقيم الشخصية والأسرية وبين ما هو موجود في المجتمع والسياسة والحقوق والاقتصاد، كلٌ يرتبط ببعضه البعض، ولا يمكن الانفصال بين كل شرائح المجتمع وكل هذه الطبقات من المسائل والقضايا.
الاتجاه التقليدي صحيح أنه يؤكد على تأصيل الفكر الإسلامي وعلى خروجه عن المآزق الثقافية والفكرية الغربية ولكن لا نصدقه بما أن ليس لديه أي مشروع للتطبيق والتطوير والتنمية والمواجهة العالية اتجاه الحضارة الغربية. في المقابل نرى أنّ في الاتجاه التجديدي أصلا مشروعه بالأساس هو المشروع الجديد العلماني في العمق، المتنورين الجدد الإسلاميين حتى نرى عند بعض العلماء من التجددين الإسلاميين والفقهاء في عمق فكرتهم؛ ترى أنه هناك مشروع ثقافي وفكري غربي ينسجم في داخله مع الفكر الغربي أكثر بكثير من انسجامه مع الفكر الإسلامي، وفي الحقيقة شاؤوا أم أبوا يريدون أن يطبقوا هذه القيم والمبادئ على الإنسان في المجتمع الإسلامي.
بروز اتجاه متوازن:
بين هذين الاتجاهين نرى انبثاق التيار الجديد قبل عقود خاصة في العالم الشيعي ونحن نرى هناك شرائح من العالم السني تميل إلى هذه الفكرة ولكن نرى أن في الفكر الشيعي هذا التيار وهذا الاتجاه أقوى بكثير من بين أهل السنة، ما هو هذا الاتجاه؟ هذا الاتجاه يريد أن يأخذ بأصلين متوازيين ومتكاملين، الأصل الأول تأصيل الفكر الإسلامي والمتابعة للمبادئ والقيم الإسلاميّة أولاً وعدم الخروج من الأسس والتراث الإسلامي وتعاليم الوحي وثانياً إدخال وتطبيق هذه الأسس على المجتمع المعاصر، على المجتمع المسلم، ويعتقد بأن ليس هناك انفصام وليس هناك تناقض، بين أن نركز على أسسنا ومبادئنا وقيمنا وبين أن نمارس في واقع الحياة ونطور هذا المجتمع وهذا الإنسان ونقدم حلولاً إسلامية أصيلة. وهذه القضية أي الأخذ بكلا الأصلين لم يكن موجوداً لا في التيار التقليدي ولا في التيار التجديدي، لا في النزعة التقليدية ولا في النزعة التجديدية، كلٌ منهما ينفي أصل من الأصولين، إما أن ينفي أنّ الإسلام دين خالد أصيل، يجب أن نركز عليه وأن نبقى على ما هو موجود في التراث الإسلامي والوحياني وإما أن ينفي ممارسة الواقع الاجتماعي الجديد عبر دراسة دقيقة للمجتمع وللفكر الإسلامي. وفي هذا الاتجاه الجديد نرى هناك محاولات كثيرة إما في المستوى النظري والدراسي وإما في المستوى التطبيقي والعملي أو العملاني.
طرحنا أولاً ووضّحنا في هذا الكتاب صورة إجمالية لهذه الأطروحة طبعاً لا يسعنا المجال في هذا الكتاب للتعرف على شخصيات أو مؤسسات تعنى بهذا التيار أو ذاك، لكن في مقالات أخرى أنا أصدرت بالحد الأدنى مقالتين شرحت ودرست المشهد الإيراني الثقافي والفكري ووضعت اليد على كل هذه المؤسسات والشخصيات وعلى حسب رأيي وُفِّقت أن أبيّن كيفية الانفصال بين هذه الاتجاهات الثلاثة، ولكن في هذا الكتاب تكلمنا بصورة عامة عبر تعريف البحث لخصوصيات كل تيار، وفي الفصل الأول طرحنا مقارنة بين كل هذه التيارات الثلاثة عبر خمس خصوصيات معينة؛ بسرعة أنا سأعرض فقط العناوين التي طرحتها في هذا الفصل كي نميز بين خصوصيات هذه الاتجاهات الثلاث، هذه الخصوصيات تمهّد لما نريد أن نطرح تحت عنوان الاتجاه الحضاري نسمي هذا التيار الثالث أو الاتجاه الثالث بالفكر الحضاري الإسلامي نقول الحضاري الإسلامي؛ بداية يجب أن نوضح هذه العبارة: "الفكر الحضاري الإسلامي" لأنه عبر هذه الفكرة نريد أن نؤسس للنمط الحضاري الجديد تحت ضوء القيم الإسلامية، لا نكتفي هنا بالفكر الإسلامي وبالأحكام الإسلاميّة فقط ولا نكتفي بتطبيق وممارسة إدارة المجتمع بدون التعرف والتركيز على القيم والأسس الإسلامية.
خصوصيّات الاتجاه التقليدي:
طرحنا في هذا الفصل للاتجاه التقليدي يبدو أن له خمس خصوصيات:
1- الأصولية: قلنا بأن الاتجاه التقليدي يقول بأنه من اللازم أن نكون أصوليين بمعنى يجب أن نرجع إلى تراثنا وقواعدنا ومبادئنا ولا نرضى بأن نخرج من سياق الفكر الإسلامي. وهذا التيار دائما يدعونا لاجتناب ويقدم إنذارات عند التوجه إلى فكر الآخرين ودراسة سائر الأفكار والمدارس الفكرية.
2- التركيز على قضية التكليف، أو محورية التكليف، والتجنب عن طرح قضية الحقوق، دائماً يعبر عن تكاليف إلهية، يجب أن نراعيها في المجتمع في داخلنا وفي أخلاقنا.
3- اعتماد الاجتهاد أو منهجية الاجتهاد في فهم الدين هذا الاتجاه يعتقد بأنّ الاجتهاد هو الطريق الوحيد للوصول إلى تعاليم الوحي وليس هناك طريقٌ آخر. سأقدّم لاحقاً مقارنة بين الاتجاهات الأخرى.
4- محاربة كل نواحي أو كل خيوط الانحراف والالتقاط في الفكر الإسلامي وفي الأحكام الإسلامية حرصاً على الحفاظ على أصالة المعارف والتعاليم الدينية.
5- إحالة إلى الماضي، أو تقدير الماضي أويمكننا أن نسميه بالفكر السلفي الذي نقدس الماضي بدل التركيز والتعرف على الحاضر والمستقبل. يجب أن أؤكد على هذه النقطة وهي أنّ الاتجاه التقليدي فيه كثير من المستويات والمراتب، بين بعض المجتهدين في الفكر الشيعي، في الفكر الإسلامي بالمعنى العام إلى الفكر السلفي التقليدي، لا نريد أن نقارن بين هذين الطريقين ولكن نريد أن نوصّف وأن نوضح بعض القواسم المشتركة بين هذه الأفكار، مثلاً في السلفية المتطرفة والمتشددة دائماً إذا سألنا ما هو النموذج الأساس الذي يمكننا أن نطبقه على الواقع؟ دائماً يرجعنا إلى الماضي إلى المجتمع المسلم إما في العهد النبوي أو بعده؛ عند أهل السنة هناك مجتمع له مواصفات وقيم أصيلة يجب أن نرجع إلى هذا المجتمع ونطبقها، نطبقها ونقارنها بالمجتمع الجديد، ففي بعض الأحيان شخصاً ليس سلفيا ولكن نرى عنده هذه الجذور من الفكر الماضوي فيرى بأنّ المجتمع الديني المسلم في زمن الأئمة(ع) أو في زمن الإمام علي(ع) أو في العهد النبوي هو مجتمع مثالي ونمطي يجب أن نتعرف عليه ونجد فيه ما هو صالح للتطبيق على المجتمع الجديد.
أنا أقول أنه في الفكر الحضاري لا نقبل هذه الفكرة ولا نقدّس الماضي بل نقدّس التعاليم ونقدّس القيم الدينية والتراث الوحياني، خاصة أنّكم تعرفون أنّ الفكر الشيعي في هذا الموضوع يختلف تماماً عن الفكر السني، الفكر السني عقل، قاعدة الإجماع، وعدالة الصحابة، دائماً يقدّس هذا المادّي الإسلامي، ولكن نحن الشيعة متحررين من هذا الأصل ولا نقبل تطبيق هذه الأصول على الواقع ولا نرى بالمادّي مجتمعاً مثالياً ونموذجياً ونمطياً حتى نطبقه على مستقبلنا.
خصوصيات الاتجاه التجديدي:
في مقابل الاتجاه التقليدي هناك الاتجاه التجديدي الإسلامي، أيضاً يتميّز بخصوصيّات، وجدنا خمس خصوصيات وطرحناها في هذا الفصل:
أولاً: النزعة الإنسانيّة أو المذهب الإنساني أو الإنسانوي كما يسمونه أو الإنسانوية، المدرسة الإنسانويّة، كما يقول بعض المترجمين. هذه النزعة الإنسانيةL’humanisme هي القاعدة الأساسيّة وحجر الأساس للفكر التجديدي الغربي، الغرب انفصل بتراثه عبر هذا الأساس وهذه القاعدة، قال بأنّ الإنسان هو الأساس في القيم وفي التفكير وفي التأسيس، وفي التنميّة وليس هناك شيء خارج عن الإنسان، ما هو الإنسان؟ هذا الإنسان الموجود الكائن الذي يعيش في المجتمع ونرى متطلباته، ونرى روحيته أو روحانياته ونرى تمنياته وليس هناك شيء خارج هذا الكائن الموجود، هذه الإنسانويّة وصلت إلى نقطة بحيث فكّكت الإنسان من داخله ومن مبادئه ومن أخلاقياته، هذه القصة تحتاج إلى جلسة أخرى وأنتم تعرفون أكثر مني.
ثانياً: التأكيد والتركيز على قضية التنمية، الفكر الغربي، الفكر الحديث الغربي، بدأ بمبدأ التقدّم. كانوا يقولون الأصل هو تقدّم الإنسان، الإنسان عبر التاريخ بدأ في التقدّم شيئاً فشيئاً ووصل إلى الإنسان الجديد، والإنسان الجديد في قمة هذا التقدّم، وهذه التنميّة ولذلك نحن كإنسان يجب أن نمارس قضية التنمية في كل مجالاتها. ما هي التنمية؟
نعم يمكن أن نقول أولاً لا نقبل مبدأ التقدّم، الآن كثير من المفكرين الغربيين قدّموا دراسات معمّقة تقول بأنّ مبدأ التقدّم ليس لديه أي مؤشّرات في التاريخ الإنساني. تعالوا الآن نقول بأننا نحن نقبل مبدأ التقدّم ولكن أيّ تقدّم، ما هي مواصفات هذا التقدّم، ما هي التنميّة للإنسان، كيف يمكن أن نعبّر عن هذه الخصوصيات بأنها خصوصيّات للتنميّة الإنسانيّة ولكن الفكر الغربي يتجنب أن يقول بأنّ هذه المواصفات موجودة في العالم العلماني الغربي، وهذه الثقافة المادّية هي الأساس في التنمية وليس هناك -وهذه نقطة مهمة- ليس هناك أيّ خصوصيات للتنميّة مختلفة عن هذه الخصوصيات للتنمية في المجتمع الغربي.
ثالثاً: تقديس العلم والاعتماد على العقلانيّة: أنا طرحت في هذا الكتاب وفي المقالات الأخرى بأنّ قضيّة العقلانيّة أداة لترغيب الآخرين، بالنسبة للغربيين، وإدخال الآخرين في الفكر الغربي، يقولون نحن عقلانيين، عندنا مدرسة عقلانيّة، وأنتم كمتديين أصحاب أديان لستم عقلانيين، دائماً أنتم تركّزون على مبادئ تقليديّة أو شيء من هذا القبيل.
طرحنا أنّ العقلانيّة في الغرب ليست عقلانيّة بالمعنى الدقيق، بل ذريعة لمصادرة المذاهب الأخرى وتأزيم الهجمة على الآخرين عبر هذا المبدأ. ولكن المهم يجب أن نكون منصفين بما يتعلق بهذه القضية فنقول أنّ قضية العلم الجديد في الفكر الغربي، بمعنى العلم الذي يمارس الحياة ويريد أن يدرس الحياة والعيش ويطبّق القيم على الواقع، هذا شيء مهم وكان موجوداً في حضارتنا الإسلاميّة، ولكن بدأ يتّسع في الحضارة الغربية، ونحن رهائن هذا الالتفات المهم. نحن دائماً في الحضارة الإسلاميّة كنّا نركّز على العلوم المدنية والفكرية والقيمية وصحيح أنّ هذه العلوم هي الأساس، ولكن كما سأشير نحتاج إلى علوم وسطيّة؛ يمكننا أن نقول أنّ الربط بين القيم والمدنيّة من جهة وبين واقع الحياة والعيش المشترك من جهة أخرى، هو حلقة مفقودة في حضارتنا الإسلاميّة، ويجب أن نعرف مكامن هذا الخلل في الفكر الإسلامي وسأقول بأنّه في الفكر الحضاري يوجد هناك، توجد محاولات لملء الفراغ ووضع خطّة كي يرتبط الواقع مع القيم. ولكن في الفكر التجديدي ينحصر العلم فقط على ما هو الموجود في العالم الغربي، يبدو أن العلم ينحصر في هذا المجتمع وفي هذه الثقافة، وليس للآخرين، ولا يستطيع الآخرون أن يؤسسوا علماً جديداً مخالفاً أو مختلفاً مع هذه الأمور الدارجة.
وأخيراً طرحنا خصوصية "التاريخية والنسبية" [...]: الفكر الجديد والتجديدي العلماني دائماً يطرح أن الفكر الانساني في كل مجالاته إما ديني أو غير ديني، نسبي بحت، دائماً يجب أن نجدد هذه الأفكار، الإنسان لا يعرف كل الأمور، وبهذه الذريعة يخرب كل القيم والمبادئ الأساسية للفكر والثقافة، ليس هناك ثوابت نعتمد عليها ولذلك كل إنسان وفي كل مرحلة، وفي كل حقبة، إذا استطاع أن ينتج شيئاً فكرياً هو فقط يصلح لهذه المرحلة ولا يصلح لمرحلة أخرى، هذه نسبية للفهم وللقيم، والفكر الغربي وطبعاً الفكر التجديدي الإسلامي يريد أن يخرب ثوابت في الفكر الإسلامي، ويخرب ما عندنا من التراث والأفكار الإسلاميّة، ودائماً يقدّم الفكر والقيم القلبية بذريعة أنّ هناك نسبية، ولا يمكن أن نعتمد على التراث الإسلامي والفكر الإسلامي.
الاتجاه الحضاري:
في اتجاه هذين الاتجاهين كما قلت بدأ ينتشر الاتجاه الحضاري، الاتجاه الحضاري يُبنى على أصول ومبادئ، سوف أتكلم عن بعض الخصوصيّات التي تميّزه:
أولاً: الجمع بين الأصالة والخلود، بين الأصالة وممارسة الواقع، لا يكون هناك تناقض بين أن نكون أصيلين ومعتقدين ومتدينين وبين أن ندخل في ممارسة الواقع وإدارة المجتمع وتطوير المجتمع عبر هذه الأصول والأسس والقيم.
ثانياً: النظر إلى قضية المرأة وكل القضايا الانسانية بشكل منهجي: طرحنا في هذا الكتاب وفي مقالات أخرى، وكما أشرت- بأنّ حل القضايا الاجتماعية المعقّدة لا يمكن إلّا عبر الرؤية الجامعة والنظرة الشمولية، لذا إذا لم تكون لدينا هذه الرؤية لن نستطيع أولاً أن نتعرف على الواقع كما هو بكل جوانبه ولا نستطيع أن نقدّم حلولاً جامعة كي نحل هذه القضيّة، نريد أن نحل مثلاً قضية عمل المرأة نخرّب ثقافته وقيمه، نريد أن نقدم حلولاً لقضية الحقوق للمرأة ونريد إعادة حقوق المرأة ولكن إذا لم تكن لدينا أطروحة معينة نخرب أركان ومقومات الأسرة. نرى الآن في العالم الغربي، وتبعاً له في العالم الإسلامي، أنّ المرأة المسلمة إذا أرادت أن تقدّم حلولاً لإعادة حقوق المرأة لا ترى أن هناك حقوق وأنّ هناك مسؤوليّات، والأسرة تحتاج إلى قيم خاصة، لا تتنافى مع حقوق المرأة وحقوق الرجل، ولكن يجب أن ننظر بنظرة شاملة إلى كل هذه الجوانب كي نحل المشكلة من الأساس ولا نقع في المشاكل والقضايا الموجودة في الأسرة الغربية والمجتمع الغربي، ولذلك فإنّ الرؤية الشاملة وممارسة منهجيّة للواقع ولتقديم الحلول، هذه نقطة وخصوصية مهمة في هذا الفكر الحضاري.
ثالثاً: والخصوصية الأخرى: الأصولية في فهم الدين والتطور في التطبيق؛ هذه نقطة مهمة وتحضن هذه الأسس والخصوصيات. طرحنا في الفصول الأخيرة أطروحة منهجيّة لمواجهة المشاكل الاجتماعيّة، يمكن أن نقول نحن في فهم الدين أصوليين ونركز على منهجية الاجتهاد وفي نفس الوقت عندما يتعلق الأمر بالواقع نحن متطورون، لا نقبل أن الاجتهاد يكفي لممارسة الواقع ولتطبيق القيم على الحياة، بل نحتاج، إلى جانب الاجتهاد المنهجي القويم، إلى علوم ودراسات علمية وإلى النهج العلمي؛ أن ندرس الواقع ولكن عبر القيم.
والخصوصيّة الرابعة: ضرورة تدوين النمط الأكمل لشخصية المرأة المسلمة: طرحنا في الفصول الأخيرة كيف نستطيع أن نقدّم النمط الواقعي كي تُحلّ القضايا الاجتماعية، نحن الآن نريد مثلاً أن نقدّم، هذه الجمعية المباركة تريد أن تقدّم النمط الواقعي لحل مشاكل الأسرة اللبنانية، هذا يحتاج أولاً إلى التعرف على كلّ القيم والمبادئ الخاصة بالأسرة المسلمة؛ هذا اجتهاد، للمجتهدين أن يطلعوا على كل التراث الاسلامي ويستخرجوا كل المبادئ والأسس والقيم ويقدّموا مواصفات الأسرة المسلمة، هل هذا يكفي لأن نقدّم النمط الواقعي للحياة في الأسرة المسلمة اللبنانية؟ لا يكفي. نحتاج إلى شيء آخر، نحتاج إلى دراسة عميقة شاملة لواقعية المجتمع وواقعية الأسرة بخصوصياتها الموجودة في هذا البلد، هذه هو دور العلم الإنساني والإسلامي.
ومن هذا المنطلق نحن نبدأ بطرح قضية إسلامية المعرفة، أو تأسيس العلوم الإسلامية- الإنسانية، أو الإنسانية- الإسلامية، نحتاج إلى معرفة أولاً العلم التطبيقي وليس العلم النظري. دائما بعض الأشخاص يقولون الإقتصاد الإسلامي، ما هو الإقتصاد الإسلامي؟ اجتهادات ومجتهدين حول القيم الاقتصادية. لا، ليس هذا الإقتصاد الإسلامي. نعم، هذا فقه الاقتصاد. هناك فقه التربية، هناك فقه السياسة. فقه السياسة شيء وعلم السياسة شيء آخر. التجديديون دائما يصرّون على علم الاقتصاد، يقولون هناك علم له منهج، له مواصفات، له خصوصيات، لا نستطيع أن نقدم حلولاً اقتصادية بدون التمسك بالعلم المنهجي للاقتصاد، نقول لهم نعم! ولكن هناك اجتهادات، هناك قيم، هناك أسس، حتى علم الاقتصاد الغربي -ليبراليّاً أو شيوعيّاً- عنده مدرسة أخلاقيّة قيمية تسيطر على علم الاقتصاد، العلوم الإنسانية لا يمكن أن تتكون وتتأسس بدون وجود المذهب الفلسفي والأخلاقي، ولذلك نقول نحن نحتاج إلى العلم التطبيقي الجديد والتخصصي، لا نرفض، بذريعة وجود الفقه، علم الاقتصاد، لا نرفض، بذريعة وجود أخلاق إسلاميّة، علم التربية لممارسة واقع التربية في الإنسان والمجتمع. يجب أن ننظر بنظرتين: نظرة إلى الإجتهاد والتعرف على مكونات الفكر الإسلامي في كل الخصوصيات بنظرة اجتهادية تخصصيّة، ويجب أن ننظر بنظرة علمية منهجية للتعرف على واقع الحياة وممارسة الواقع وتقديم الحلول، هذا هو دور العلوم التجريبية الإنسانية.
ولكن الفكر الحضاري هنا يقدّم قضية مهمة وهي إيجاد ربط وثيق بين الإجتهادات الدينية وبين الممارسة والدراسة في العلم التطبيقي، بعض الناس، حتى بين فقهائنا -أنا أقول الصراحة- حتى بين المفكرين الجدد من علمائنا و-ليس التجريبيين- يتكلمون بلغة أنّ الإنسان يشعر بأنه يعتقد بأنّ العلم الجديد يكفي لتطبيق ما عنده من الاجتهادات، والمجدد بالاجتهاد يطرح اجتهادات جديدة، ولكن لا يلتفت إلى أنه إذا لم يكن، بجانب هذا الاجتهاد، علم صادق، بأن يتعرف على هذه القيم والاجتهادات ويطبقها على الواقع، هذا الاجتهاد سيخسر في الواقع والعمل.
نعم، في الدراسات، في الكتب، على المنابر، في المساجد هذا الفكر موجود ولكن في الواقع لا تطبّق هذه القيم والاجتهادات لماذا؟ لأنّه ليس هناك حلقة علميّة منهجيّة كي يتعرف على هذه القيم وينزلها على الواقع.
الفكر الحضاري يعتقد بأننا نحتاج إلى مشروعين:
الأول: التطور في منهج الاجتهاد، لاحظوا بين علمائنا الكبار والمجتهدين –أدام الله عمرهم ورحمهم- يوجد هناك اعتقاد وسَعيْ لتوسيع دائرة الإجتهاد، ولكن نحن نحتاج إلى تطوير في منهج الاجتهاد، التطوير في منهج الاجتهاد لا يعني الخروج من المنهجية الاجتهادية كما يفهم البعض، نحن الآن نرى أن هناك مجتمعاً فيه مشاكل، ولتقديم حلولاً لهذه المشاكل أنا أرجع إلى التراث الإسلامي أفهم شيئاً آخر. مثلاً إلى الآن كنت أعتقد بأن حقوق المرأة كانت كذا وكذا والآن أنا أقول بشيء آخر لماذا؟ لأني أحاول أن أحل هذه المشكلة فقط، لا، نعتقد بمنهجية الاجتهاد، ومنهجية الاجتهاد أمر عقلاني، مشترك، من المؤسف أنّ كثيرون -في الوقت الحالي- في مجتمعنا بذريعة تطوير الاجتهاد يخرّبون منهجية الاجتهاد. أقول من يعرف كل خصوصيات الاجتهاد ويتخصص في الموضوع، يجب أن يعرف أنّ هناك كثير من القواعد الاجتهادية من الممكن خارج مجتمعنا، ويمكن أن نتعرف عبر دراسة عميقة لكثير من الأمور ونقدم تكميلاً لهذا الاجتهاد الموجود.
هذه نقطة وبجانبها نحتاج إلى إعادة النظر في مناهج العلوم -كما قلت- وبأن في الفكر الحضاري لا يوجد هناك علماً تجريبياً ثابتاً لا يمكن دحضه، بل هناك فلسفات تسيطر على العلم التجريبي ونحن نعتقد بأننا عندنا فلسفة إسلامية، وعندنا قيم وعندنا مبادئ، يجب أن تتغير هذه العلوم عبر هذه الفلسفات والمبادئ والقيم الإسلاميّة.
وبالأخير الفكر الحضاري يعتقد بالتأسيس بدل التكييف وحتى بدل التطبيق، أوضح هذه النقطة وأختم كلامي وأستفيد من الأخوات.
هناك ثلاث رؤى:
1- رؤية التكييف: هذه الرؤية يعتقد بها الإسلاميون التجديديون. رؤية التكييف ماذا تعني؟ يقولون بأنّ هناك أنماط، نماذج موجودة في العالم الغربي ويقولون أن الإنسان الجديد وصل إلى هذه القمة من التطور وجرب الكثير من الأنماط في السياسة والاقتصاد والثقافة والتربية.. يجب أن نقتبس منها ونكيّف الإسلام والأحكام الإسلامية وبهذه الأنماط. ليس هناك قيما وأطرا ونماذج إسلامية أنزّلها على الواقع وأطوّر الواقع عبرها، بل بالعكس هنك أنماطاً موجودة ونحن فقط يجب أن نجتهد في الإسلام ونكيّف الإسلام بهذه الأنماط والخصوصيات.
هذا نسميه تكييف الإسلام عبر هذه الأنماط الجديدة العلمانية.
2- وثانياً في الفكر التقليدي توجد هناك رؤية تسمى التطبيق، نعني بالتطبيق أنّ لدينا أسساً، مبادئ، أحكاماً شرعية؛ اجتهدنا في التراث واستنبطنا هذه الأحكام. وإذا كان هناك قضية مستحدثة نراجع، نجتهد ثانياً وثالثاً ونقدّم هذه الأحكام والقيم، وإذا نزلنا إلى الواقع نطبّق هذه الأحكام على الواقع. نقول مثلاً الآن في الأسرة المسلمة توجد هناك مشاكل، ماذا نفعل؟ ننصح أو نضع قوانين لحل هذه المشكلة، مثلاً نقول أننا نعيش في إيران نقرر في مجلس الشورى أن هناك أحكاماً شرعية وهذه الأسرة الإيرانية فيها مشاكل، فإذاً نقدّم قوانين إسلامية لتطبيق هذه الأحكام والقيم على هذا الواقع. نقول هذه الرؤية تطبيقية، ولعله لا يوجد في الواقع خصوصيات ومكونات يجب أن نتعرف عليها ونجدها عبر هذه القيم.
3- الاتجاه الثالث يعتقد بأنّ حتى التطبيق لا يفي بالتنميّة الإسلاميّة للمجتمع ولا يصل إلى هذه النقطة، بل نحتاج إلى قضية تأسيس أنماط جديدة وحلول ونماذج جديدة لحلّ هذه المشكلة ولذلك عبر تقديم هذه الأنماط نستطيع أن نؤسس الحضارية لا التكييف ولا التطبيق بل تأسيس هذه الأنماط.
وهذا الكتاب يتصدى بطرح أطروحة لحلّ هذه القضية، كيف نتمكن أن نستفيد من الاجتهاد ونعتبر دور الاجتهاد دوراً إيجابياً وأساسياً ونستفيد من العلوم الإنسانية والإسلامية، وكيف نضع كلٌّ في مجاله وكيف نخطط لإيجاد الأنماط كاملة، وكيف نستفيد من الأنماط الكاملة في كل المجالات لتأسيس أنماط عملانية وتطبيقية لحاضرنا ومجتمعنا. هذه هي خارطة تقديم هذه الأطروحة في هذا الكتاب.
طبعاً هذه الأطروحة قدمنا وقدم بعض الأخوات والأخوة في إيران دراسات عميقة في كثير من هذه المحاور يمكن أن نستفيد منهم، وكان لهم دور في تطوير هذه الأطروحة وتقديمها للمجتمع الإيراني، وأنا أعتقد إذا تعرفنا على خصوصيات عامة ثم بعد ذلك نصل إلى هذه الخريطة يمكن أن نجدد ونناقش ونكمّل هذه الأطروحة بأطروحة جديدة.
نص كلمة الشيخ محمد تقي سبحاني في ندوة "المرأة بين النموذجين الإسلامي والغربي"، التي ألقاها في مبنى الجمعيّات، جمعية الرابطة اللبنانيّة الثقافيّة- مركز دراسات المرأة والأسرة والطفل، بتاريخ: 12/12/2012م.
اترك تعليق