مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة الحاج عبدالله قصير: دور مراكز الدراسات الأسرية في تقديم حلول واقعية لمعضلات الأسرة

كلمة الحاج عبدالله قصير (نائب سابق في كتلة الوفاء للمقاومة ومدير عام مركز الأبحاث والدراسات التربوية): دور مراكز الدراسات الأسرية في تقديم حلول واقعية لمعضلات الأسر

دور مراكز الدراسات الأسرية في تقديم حلول واقعية لمعضلات الأسرة 
 
كلمة الحاج عبدالله قصير (نائب سابق في كتلة الوفاء للمقاومة ومدير عام مركز الأبحاث والدراسات التربوية):
 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
ارتبطت نشأة مراكز البحوث والدراسات بتطور الثورة العلميّة التّي كانت إحدى نتاجات الثورة الصناعيّة الحديثة، بينما تكاملت هذه المراكز في بدء نشأتها بمراكز المؤسسات العلميّة والجامعات، وقدّ أخذت مع مرور الزمن ذروتها في احتضان الحكومات والشركات الكبرى والتيارات السياسيّة لتلك المؤسسات العلميّة وتحويلها ورسم سياستها في حين تتولى تلك المراكز إجراء البحوث والدراسات والمسوح لاستنباط منتجات وأفكار وسياسات جديدة لتطوير الوضع القائم ومواجهة التحديات التي تحملها الظروف والزمن في البيئة المحيطة.
تتنوع مراكز البحوث والدراسات وفقًا لطبيعتها والمساحة العلميّة التي تتعامل معها حيث توجد مراكز بحوث صناعية وعلمية وزراعيّة وتربويّة وتاريخيّة واستراتيجيّة. ويختلف عمل هذه المراكز على مستوى المنطقة الجغرافية بين حدود وطنيّة وإقليميّة ودوليّة. وهي عادة تخطط وترسم الخطوات الأولى للتغيير في المجتمعات.
كما تتراوح جهات ارتباط هذه المراكز بين الجهات الحكومية أو القطاع العام والقطاع الخاص.
أمّا فعاليتها فترتبط بمجوعة عوامل:
1. النضوج السياسي للدولة والنظام السياسي القائم.
2. حرية العمل البحثي.
3. توفر الداتا والبيانات في الحقول المعرفية.
4. القناعة بدور مركز الدراسات والأبحاث.
5. استقلاليّة المراكز.
6. التحويل الوطني ومستوى الطلب على منتجاتها.
7. جودة الباحثين.
 
وتزداد أهمية مراكز الدراسات والأبحاث في عصرنا الحاضر مع ازدياد أهميّة المعرفة كمصدر أساسي لقوة وتطور وتقدم المجتمعات.
وبالولوج إلى مراكز الدراسات والأبحاث التربوية فقد عملت هذه المراكز، وما زالت في العالم لدراسة وبحث الفلسفة التربوية والمناهج في القطاع التربوي والتعليمي وتقصّت مشاكله وتحدياته واقترحت الحلول والبرامج لمعالجة هذه التحديات والمشكلات سواء في الجامعات والمدارس أو في الأسرة والمحيط الاجتماعي أو في الساحات المؤثرة في التربيّة كالإعلام ووسائل التواصل.
اسمحوا لي في هذه الورقة أن أقدِّم لكم تجربة مركز الأبحاث والدراسات التربوية في بيروت، وما قدَّمه من مساهمة في المجال التربوي (بالمعنى الشامل للعملية التربوية) التي تشمل -فضلاً عن التعليم- كلَّ مناحي التربية والعمليات التربوية في الساحات المختلفة في حياتنا.
مع افتتاح مركز الأبحاث والدراسات التربوية عام 2014، بدأنا في البحث في فلسفة التربية- انطلاقا من قناعتنا بأنّ الاختلاف في أساليب ومناهج التربية تعود لاختلاف النظرة الفلسفية للتربية، وأنّ الفلسفة التربوية هي المرتكز والمنطلق لرسم رؤية تربوية واضحة المعالم ومحددة المسارات، وقد وُفِّقنا إلى إعقاد فلسفة إسلاميّة أصيلة للتربية انطلاقا من إيماننا بـهدفيّة الخلق والخلافة الإلهية للإنسان وإعماره للأرض وإنسانية علاقته بالآخرين والمحيط وصولاً إلى السعي لنيل الرضا الإلهي والرضوان الأخروي.
واستناداً إلى هذه الفلسفة التربوية عمل المركز خلال الثلاث سنوات الماضية لوضع وثيقة تربوية شاملة لكل الأبعاد الإنسانية (الإيمانيّة، الاجتماعيّة، الاقتصاديّة، السياسيّة، البيئيّة، العلميّة، الجسميّة، الإداريّة، والجهاديّة).
 
وهي (الوثيقة) مكوّنة من ثلاثة أجزاء:
1. المباني– الفلسفية للتربية الإسلامية.
2. المباني والأصول التربوية في الأبعاد الإنسانية العشرة.
3. استراتيجيات وسياسات وإجراءات تسييل الوثيقة في المناهج التعليمية والتربوية في الساحات المختلفة.
 
أمّا على مستوى التربية الأسرية. ونظراً لتلمس المركز لأهمية هذا الموضوع، ومحوريته في العمل التربوي الاجتماعي. وبتوجيه من رئاسة المجلس التنفيذي في حزب الله –التي تعطي هذا الموضوع اهتماما خاصا- تمّ توزيع ثلاثة أدوار لثلاث جهات للتكامل العملي في هذا الموضوع:
1. مركز الأبحاث والدراسات التربوية– لوضع الدراسات والبحوث التأصيلية إسلامياً لموضوع التربية الأسرية بالتعاون والتنسيق مع المعاونية الثقافية.
2. المعاونية الثقافية في حزب الله– لإدخال متون التربية الأسرية وتسييلها في كلّ البرامج الثقافية للدورات الثقافية، والدروس الأسبوعية في ساحة عمل حزب الله.
3. مركز أمان للإرشاد الأسري– لإقامة خمسة مراكز إرشاد أسري في المناطق وإقامة الورش والحلقات التأهيلية والإرشادية، وتلقِّي المراجعات من الأسر والأهل والعمل على إيجاد الحلول العملية والواقعية والمباشرة لها، وإجراء المسوحات والدراسات الميدانية في الموضوع.
 وقد باشر المركز العمل لوضع الدراسات والأبحاث حول الموضوع وكانت الخطوة الأولى في المسار -عمليا- تشكيل لجنة ثلاثية من المركز والمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم وجمعية التعليم الديني لوضع ورسم خارطة طريق إدخال مادة التربية الأسرية في المناهج التعليمية والتربوية في المدارس الإسلامية. وقد أنجزت المهمة خلال الأشهر الأخيرة الماضية.
 
أخيراً أشير إلى مجموعة من العوامل التي تؤثّر في التربية الأسرية ونذكر منها:
1. العوامل الذاتية (الوراثية– القابليات)
2. العوامل البيئية (الخارجية)           
المدرسة (النظامية)
        العوامل غير النظامية (غير لمدرسية)
3. يتوقف الواقع الأسري على المستوى التعليمي للأهل (تربية الأطفال) وتختلف التوقعات عند الأهل لأبنائهم. كلما ارتفع المستوى التعليمي للأهل؛ ترتفع توقعاتهم من أبنائهم.
4. أنماط التربية الأسرية:
- النمط المتساهل. (دعه يمر/ ترك الأمور على عواتقها).
- النمط المتوازن. (الاتجاهات المنطقية والمعتدلة– بين الحرية والرقابة غير المباشرة) وهو النمط الأنجح والأفضل.
- النمط المحافظ/ المتشدد.(الضبط الشديد والرقابة العالية).
5. أهمية الانسجام بين المدرسة والأهل والبيئة في التربية– للأولاد.
6. العوامل الاجتماعية الأخرى:
النظام السياسي وأثره على النظام التعليمي. (اليابان: الاستثمار في القوة البشرية/ السعودية: الاستثمار في الثروات المالية)
النظام الاقتصادي وأثره على الأسرة– والتعليم.
الدين ونظام القيم الأخلاقية والاجتماعيّة.
النظام الإعلامي ووسائطه (التلفزيون/ Social Media).
كما أود الإشارة إلى أن ما أنتجه مركز أمان للإرشاد الأسري من بحوث ومسوح حول المواضيع المتعلقة بالأسرة، يمكن أنّ يشكل مرجعاً مهماً في معرفة الواقع الأسري في مجتمعنا، ويتلمس أبرز المشكلات والتحديات فيه، كما يضع مجموعة من المقترحات العملية للمعالجة ونذكر منها على سبيل المثال وأهمها:
1. تكريس الإعداد والتأهيل للثقافة التأسيسية لبناء الأسرة قبل مرحلة الزواج– للتعرف على الواجبات والمسؤوليات التي تقع على عاتق الزوجين في بناء الأسرة (التضحية– الصب- التعاون– الاحترام المتبادل).
2. رفع قدرات ومهارات علماء الدين في مجتمعنا لجهة الناحية العلمية والأساليب الذكية في معالجة التحديات والمشكلات الأسرية التي يتم مراجعتهم بها في محيط عملهم.
3. الاطلاع على التجارب الناجحة في مجال الإرشاد الأسري الوقائي والعلاجي، خصوصاً لجهة التربية على القيم الأسرية الإسلامية.
نسأل الله أن يحفظ أسرنا ويعزز مجتمعاتنا بالقيم الأصيلة
 

التعليقات (0)

اترك تعليق