كلمة سماحة السيد سامي خضرة (خبير في الشؤون التربويّة والإعلاميّة): البرامج التلفزيونيّة ولاأخلاقيّة المضمون: كيف نحصن أسرنا ونرقى بالذوق الاجتماعي
البرامج التلفزيونيّة ولاأخلاقيّة المضمون: كيف نحصن أسرنا ونرقى بالذوق الاجتماعي
كلمة سماحة السيد سامي خضرة (خبير في الشؤون التربويّة والإعلاميّة)
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ نيِّف وعقدين انتقل البثُّ التلفزيوني الأرضي ليصبح فضائياً، وبات الوسيلةَ الإعلاميّة الأكثر شعبيّة في العالم.
وكالعادة كانت الساحةُ اللبنانيّة كما المصريّة ونتيجة معطيات تاريخيّة الأكثر تفاعلاً والأكثر تأثيراً.
بما أنَّ للفضائيات دوراً فاعلاً في تشكيل الخلفيات الاجتماعيّة والثقافيّة كان الاهتمام بها مطلوباً لتكون المنصَّات المناسبة الموصِلة للأهداف المعلَنة والمستترة.
القصة من أولها:
مع مطلع التسعينات كان السعي حثيثاً لإدخال ثقافات وعادات جديدة على مجتمعنا، تمهيداً لمفاهيم جديدة، ليست موضع تسليم عند عموم اللبنانيين.
وتناطحت برامج الفضائيات اللبنانيّة فيما بينها، وكان البرنامج الأبرز الذي ظهر آنذاك برنامج "الشاطر يحكي" الذّي خرق خطوطاً أخلاقيّة واجتماعيّة أساسيّة، وتمّ ذلك بتغطية سياسيّة وبسياسة إعلامية في أوج العصر الذهبي وتأسيسِ وانطلاق وسكرة إمبراطورية الإعلام الخليجي... وكان ذلك برعاية شركة إعلانيّة إقليميّة عابرة للجيوب، وبحماية الانفتاح والحضارة!
ثم تدرَّجت الخروقات ازدياداً وعلى عدة قنوات مدعومة بما هبَّ ودبَّ من الإنتاج المختلف، ومنه حملة البرامج المكسيكيّة والتركيّة.
إلى أن رسَى الأمر عند إنتاج محلي، وببهارات محضُ مستوردة ومُسْتلَبة، لتبلغَ القمة مع برنامج "لول" الذي كان فاتحاً لكل المصطلحات الوقحة والصريحة والمباشرة والواضحة والمبتذلة في عرض صوتي جنسي جارح، وبحضور نسائي إنتاجاً وتلقِّياً!
والخرق الأخير الحاصل لساحتنا في مثل هذه النوعية من البرامج، وجود المحجبة إعجاباً وتصفيقاً، وأصبحت المشاركة في تقديم البرامج والحضور من الرجال والنساء سواء.
وهذا الزخم (التسونامي) من المعروضات حمل معه كماً غير محدود من المفاهيم التي تناولت الحياة الزوجية والعائلية والعلاقات الاجتماعية المختلفة والتي تركت آثارها حتماً علينا ونرى ثمارها اليوم في ظل صمت تام!
واليوم تغرق الشاشات المحلية في مضامين الابتذال، واستغلال قضايا الناس، واللعب على أوتار الإثارة والبذاءة.
فهل نحن بحاجة للحديث أو للبرهان حول دور الابتذال وتسليع النساء في تمام الانجذاب والاستلاب؟!
والتنافس السائد اليوم بين برامج أساسية: أنا إباحي إذاً أنا موجود!
النتائج:
عند ذلك باتت الأبواب مُخلَّعة على منصات التنافس المنهزم أمام جاذبية الإثارة الجنسيّة والتي وصلت إلى أنّ طبعت عموم الشعب اللبناني وخصوصاً نساءه بطابع غيرِ محمود.
وبذلك حصل التفلُّت الأعظم المستمر إلى ساعتنا هذه.
وبالمقابل لم تكن هناك مواجهة حقيقية لاعتبارات يُظن أنها سياسية أو مصلحية أو الخوف من تهمة التخلُّف والرجعية...
وجرت وما زالت محاولاتٌ خجولة تحت عنوان "ميثاق شرف" التي لم تكن يوما إلا لرفع العتب ولم يأخذْ أحدٌ جديَّتها في الواقع!
والنزف مستمر في مصاديق عدديَّة ونوعية يجري التنافس فيما بينها وبلا حدود...
والنتائج بحسب نظري القاصر ليس على فئة أو عمر بل على الجميع.
وهذا ما بِتنْا نراه أي نرى آثار كوارثه على مجمل حياتنا الاجتماعية والأُسرية.
وَهَنُ المواجهة الفردية:
والمعركة الفردية هنا شبه ساقطة سلفاً، لا من باب التوهين أو الاستخفاف أو قلة الثقة بل لأن انتشار الأوبئة المهولة لا يواجه إفرادياً إلا اللهم من باب إبراء الذمة والتعبد في التكليف.
وأما القول بالمواجهة الشاملة أو الموازِية فهي مجمدة في أجواء التردُّد والحذر والإستيلاب وعدم وضوح الانتماء والاعتزاز بالهوية!
وأما الاعتماد على الذوقية الاجتماعية فهو ساقطٌ بتشوِّه الفطرة التي كانت أكثر تجذُّراً وعمقاً وصفاء.
أصلا هل هناك عزم وقرار بالمواجهة!
عندما يُؤخذ القرار بالمواجهة، لو أُخذ، عندئذٍ نُحدِّد التفاصيل!
وذلك كي لا نبقى في دوامة تحديد الأولويَّات بين الشؤون العسكريّة والأمنيّة والدفاعيّة ثم السياسيّة بعد ذلك، فالفساد والشأن العام... فمتى يأتي دور الرد على الجبهة الإعلامية فالاجتماعية؟!!!
لذا عندما نطالَب بحلٍ أو مُقترح أو تحصين، يجب مسبقاً حسمُ قرار الرد على ما يُطرح من مواضيع المساكنة والمصاحبة والزواج وحفلات ملكات الجمال والعبودية المستحدثة ("برنامج نقشت" الذي هو أسوء من أسواق النخاسة المنضبطة بشروط وآداب، بينما هو غير منضبط بقول أو فعل أو تصرف...) وبعض المواضيع والبرامج الأخرى... فسياسة عدم الحسم المتَّبعة في ظواهر اجتماعية وأخلاقية شتى, أدَّت بنا إلى ما نحن فيه من دوَّامة وضياع!
والمقدِّمات المخيفة تؤدي لنتائج مرعبة.
ومَن كان لديه اقتراح فعَّال ومُنْتج فنحن المُنصتون.
فقد تعلَّمنا من المقاومة المنتمية للإسلام الأصيل: أنَّ القرار والعزيمة قبل الإمكانيات والمجاملات والإسترضاءات؛ فكم من دولٍ وجيوش تهاوت لانعدام قرارها، وكم من مقاومة انتصرت بقوةٍ عزيمتها.
الحلول المقترحة (بصيغة استفهامية بقصد التحفيز).
أين الحل في ظل بورصة تنافسية لبرامج هابطة وبلا حدود!
1- أين الجمعيّات والمنظمات النسائيّة والناشطات في المجتمع... مما نحن فيه؟!
2- هل نستطيع عقد مؤتمر صحفي في نقابة الصحافة والحديث عن هذا البرامج الساقطة (بعيداً عن عقدة التعاون مع الطوائف وأسطورة الثمانية عشرة طائفة في لبنان)؟
3- كيف يمكن أن نتصرف ونحن نرى "كبار القوم" من سياسيين وإعلاميين ومثقفين وفنانين يحضرون ويصفقون ويضحكون وينتشون... ويتفاعلون بأقسى ما يكون عندما تُعرض" نكتة سمجة " في عمل مسرحي ما!
وتُسلِّط الكاميرات عدساتها close" "على المشهد الرائع الذي يحتاج للخرزة الزرقاء خوفاً من صيبة العين!
4- هل لديكم تصور حول كيفية التعامل مع طبقة من داخلنا (من المؤمنين والمؤمنات) يُسارعون إلى ركوب الموجات المخالِفة على وسائل التواصل عند طرح أي موضوع خلافي، وإنّ كان الموقف علمانياً فجا أو معادياً للدين؟!
طبقة بيننا تزداد يومياً مغرمة بالمناكفة والنكد تماشياً مع الحضارة والانفتاح؟
5- ماذا تقترحون لطريقة التعامل مع المحجبة المنفتحة والمفاكِهة والراقصة والمغنية والتي تتناغم مع ما نحن فيه، والتي أصبح وجودها "ضرورة"؟!
6- كيف نتعامل مع تهمة "داعش" التي أصبحت حاضرة وغب الطلب في كل مناسبة أو تحرك أصيل؟
لو كان أمرنا كالثمانينات والتسعينات لكان أسهل.
7- وماذا عمَّن يتناغم أو يتعاون مع هؤلاء (ولو بنية ساذجة أو مادية أو هدف دنيوي) علناً أو سراً؟
8- هل نحن مستعدون للقيام بمبادرات ناصحة ومحذرة تجاه أشخاص متورطين في مثل هذه المشاريع وكثير منهم أقارب ومعارف وأبناء بلد؟
والحمدلله رب العالمين
اترك تعليق