مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة الدكتورة طوبى كرماني في مؤتمر

كلمة الدكتورة طوبى كرماني في مؤتمر "الأسرة في فكر الإمام الخامنئي" نظرة الغرب إلی الأسرة في رؤية الإمام الخامنئي

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم
لاحول و لا قوه الا بالله العليّ العظيم
أرى لزاماً عَليَّ من الناحيتَين الشرعيةِ والاخلاقيةِ أن أَتَقدّم بالشكر والتقديرِ إلى جميع مَن اقترحوا وتَبنّوا فكرةَ عقدِ هذا المؤتمر، ولاسيما شخصياتٍ ثقافيةٍ مثلَ السيّدةِ العالمة المجاهدة عَفاف الحكيم، في عالَمٍ عَزم فيه الاستكبارُ عَلى انتهاكِ كلِّ الحُرُماتِ الانسانية، وعَلى الرُّغم مِن الضُغوط التي تُمارَس على عددٍ مِن الدُول المقاومةِ ومنها لبنان، فإنّ أمثالَ السيّدة عَفاف الحكيم على بصيرةٍ برسالتهن الأساسيةِ أَمامَ الله عز وجل، وأمامَ المجتمعِ البشري، وأمامَ النُّواةِ الأساسية للمجتمع البشري الكبير ـألا و هي الأسرةـ ويُعاهِدنَ على الوفاء لهذه الرسالة، وهذا طبعاً يأتي انطلاقاً مِن نَظرة القائد سماحةِ آية الله الخامنئي. إنّ العالَمَ الظالمَ والاستكباريَ الحالي، يُحاول على الدوام، التشويشَ على أذهانِ النساء مِن خِلال الإيحاءِ بقضيةٍ مريرةٍ وهي أنّ "الإسلام في تشريعاته قد أجاز الظُلم عَلي المرأةِ وممارسةَ التمييز ضدَها"، ولهذا فإنه يَتسنّى فقط مِن خلال أمثالِ هذه المؤتمراتِ والندوات، والكتبِ والمقالات، تبيينُ حقوقِ المرأة ومكانةِ الأسرة والغايةِ التي شُرِّعت مِن أجلها هذه الأحكامُ والحقوقُ، ويتسنّى لنا تحصينُ الإسلام والنظامِ الإسلامي في مقابل أمثالِ هذه الشبهات.
أنتم تعلمون هذا بكل جلاءٍ و وضوحٍ، ولكن مع ذلك أرى لزاماً عليَّ أن أُبيّن مدى محبّةَ زعيمِ الأمّةِ الاسلامية سماحة آية الله الخامنئي المعزّز، لكم -أنتم أبناءُ الشعب اللبناني الصامدِ والمقاوم والواعي- ولجميع الأحرارِ في العالَم، فأنتم بالنسبة إليه بمثابةِ أبنائه، كما أوُدُّ أن اُقَدّم شكري للمجمع العالمي لأهل البيت الذي يَضطَلِع بجهودٍ بالغةٍ لِنشر الأفكار الساميةِ لأهل البيت عليهم السلام.
أعربُ عن سروري، لأنّ أقوالَ سماحةِ السيد القائد -الإمام الخامنئي- قد جُمعت في كتاب، وقد كتبتُ لها مقدمةً، و تُرجَمَ ملخّصُها باللغة العربية و الإنجليزية، ومِن هنا فانني أُقَدّم نُسخاً من النص الفارسي والترجمة العربية والانجليزية لهذا الكتاب إلى أمانة المجمع، كما أُقدّم مختاراتٍ مِن أقواله-حفظه الله- في ما يَخُصُّ موضوعَ المؤتمر في مجالَي "المرأةِ" و"الأسرةِ". مِن وُجهة نظَره "دام عزّه العالي"، تُعتبر المرأةُ، هي النُّواةُ الأساسيةُ للأسرة؛ فهي معلّمةُ رجالِ العالَم ونسائه، والحديثُ عن أسرةِ صالحة دون وجودِ امرأةٍ صالحةٍ جليلةٍ ومكرّمةٍ هو حديثٌ لا معنى له.
إنّ المرأة في المجتمع الإسلامي ذاتُ شأنٍ ومنزلةٍ، لا بصفتها هويةٌ إنسانيةٌ فحسب، بل إنّها تتمتع بمكانةٍ خاصة بصفتها هويةً حقوقيةً أيضاً، وهذا مِن الخصائص البارزة في النظام الإسلامي الذي لا يَعتبر حمايةَ الحقوق الفردية والحِفاظَ عَلی الأمن في المجتمع محصوراً في اِطار الرجال فحسب؛ بل يتّجه مِن خلال نظرةٍ تقوم عَلى مبدأ المساواة في الحقوق المشروعة لكلٍ مِن الرَجل والمرأة إلى بَناءِ علاقةٍ بينهما تقوم على أساس المَحبّة والمودّة، وليس على أساس التنافسِ والمِلكية ، وعند الحديثِ عن طبيعة العلاقة بين المرأة والمجتمع، يَنظر الإسلامُ إلى المرأة باعتبارها العضوِ الأصيل في المجتمع ولها حقُ المشاركة في شتّى ميادينِ الحياة، ولها الخيارُ وكاملُ الحُرية في أحكام النكاح، والإرث، والطلاق، مثلَما الحال بالنسبة إلى الرجال. وعلى الرُّغم مِن اعتقاد الإسلام بالمساواة بين الرجل والمرأة في الكرامة الانسانية ـوهو ما يتقرر (يتحقق) في ضوء عملِ كلِ فردٍ إزاءَ ذاتِه- إلّا أنه يَرى أنّ المساواةَ في الحقوق والواجبات، ليست ذاتَ طابعٍ شخصيٍ بحتٍ، وإنما تَتجلّى في المجتمع في ظلِ ما يأتي مِن خدماتٍ متبادلةٍ في الاُسرة والمجتمع، ويَتحقق التوازنُ الاجتماعي والمساواةُ فقط من خِلال تنظيمِ العلاقات المتوازنةِ والسليمة، ويَحصُل هذا التوازنُ في ظلِ تعيينِ الواجبات؛ وليست الغايةَ مِن ذلك، الحفاظُ على المنافع الفردية فحسب، وإنما شُرِّع ذلك التوازن، مِن أجل بَناء الأسرة وترسيخِ النظام الأسَري وتحقيقِ الأهداف الحقوقية التي يَسعى إليها المجتمعُ، وفي ضوء ذلك لو أنّ جميع الأدوار في الحياة، وُضعت بشكلٍ متشابه، وَوُضِعت على عاتقِ كلٍّ مِن الرجل والمرأة مسؤولياتٌ متشابهةٌ ومتساويةٌ، فلن يَتحققَ النظمُ والتوازنُ الطبيعي الذي أقَرَّه نظامُ الخِلقة.
القسم الأوّل: الجوانب السلبية في نظرة الغرب إلى المرأة مِن وُجهة نظرِ آية الله الخامنئي:
المرأة في نظر الغرب ذاتُ شخصية ذيلية؛ إذا أردنا تَقصّي مكانةَ المرأة في الرؤية الغربية لا ينبغي النظرُ إلى الشعارات التي تَرفعُها الثقافةُ الغربية، فالمرأةُ مُنذُ القرونِ الوسطى إلى أواسط القرن الحالي كانت كياناً مِن الدرجة الثانية وذاتِ شخصيةٍ ذيليةٍ (22/10/1997).
وحتى في الوقت الحاضرِ أيضاً حين تَتزوج المرأةُ يَزول لقبُ اُسرتها ويُطلَق عليها لقبُ زوجِها، وإذا تزوجت مرّةً أُخرى تبقى تَحمل اسمِ الزوجِ السابق إلى أن تَحصُلَ على زوجٍ جديد. (22/10/1997).

علينا النَظَرُ إلى واقع العالَم الغربي:
في الرؤية الغربية، المرأةُ عبارةٌ عن أداةٍ لِتلذذ الرجل، وكلُ شيءٍ آخر، يدخل ضمنَ إطار هذهِ اللذة. (13/11/1991) في حينِ أنّ تَبرّجَ المرأةِ وإبرازَ مفاتنِها لأجل إشباعِ شهوة الرجل، أكبرُ إهانةٍ لها. (15/8/2004 و 25/12/1991). ولهذا السبب يَتحسس الغربُ مِن حجاب المرأة المسلمةِ، ويَوُدُّ تغليبَ جاهليتِه على ثَقافة العالَم، ويقولون: إنّ العالَم كلَّه ينبغي أن يسيرَ على خُطاهم. (13/11/1991).
مِن وُجهة نظرهم، الحُريةُ الجنسيةُ تَعني انتهاكَ حدودِ العلاقات بين الرجل والمرأة... وفي رأيهم إنّ الرَّجعي هو مَن يقف ضدَ هذه القضية ويَصمُد أمامَها (25/12/1991).

(مثال للاستشهاد):
المرأةُ الإيرانية تمُارِس اليوم نشاطاً في مجالات العلم والسياسة والفن وغيرها من النشاطات الاجتماعية الأخرى، ولها حضورٌ في ميادين الحياة أكثرُ مما كانت عليه في الماضي، إلّا أنّ كلَ هذه النجاحاتِ التي أحرزتها المرأةُ الايرانية تُعتبر (مِن وُجهة نظرهم) نَجاحاتٌ من الدرجة الثانية؛ وذلك لأنّ القضيةَ الأساسية في نظر الغربيين هي انتهاكُ الحدودِ بين الرجل والمرأة، وهتكُ الحرمة الانسانيةِ للمرأة، وتحويلُها إلى أداةٍ لتلذذ الرجل، أو جعلُها بمثابةِ آلةٍ لاستهلاك المنتجات المُبَهرَجة (للشركات وأصحابِ رؤوس الأموال). (25/10/1989). في الثَقاقة الغربية، الأمرُ المباح الذي لا تَحُدّه أيّةُ قيود ولا شروطٍ، هو فقط حُريّةُ الشهوات الجنسية. (30/3/1990).
الأرقام تتحدث:
وفقاً لتقرير مركزٍ رسمي مثلَ مُنظّمةِ الامم المتّحدة، تُعتَبر المتاجرةُ بالنساء، أسرع أنواعِ التجارة نُمواً في عالَم اليوم، ومِن أسوأ الدولِ في هذا المَجال، الكيانُ الصهيوني؛ حيث يجمَعون النساءَ والفتياتِ مِن الدول الفقيرة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وبعضِ البلدان الآسيوية وبلدانِ أوروبا الفقيرة، ويُرسلونهن إلى مراكزَ يَقشَعِرّ بدنُ الإنسان لمجرّد تصوّرِ أسمائها (22/5/2011).
- تُظهِر الإحصائياتُ أنّ الآباءَ والأزواجَ في الأسَر الأمريكية والأوروبية يَظلمون أبناءَهم وزوجاتِهم بكل سهولة. (12/5/1990).
- تُظهِر إحصائياتُ عام 2007، أنّ ثُلثَ النساءِ في العالَم يتعرضنَ للضرب مِن قِبَل أزواجهن. وأكثرُ مّا يَحصل هذا، في البلدان الصناعيةِ والغربية. (3/1/2008).
- تُظهِر الإحصائياتُ الرسمية الأمريكية ومنها إحصائياتُ الاِدّعاءِ العام الأمريكي أنه يقع في كل ستِّ ثوانٍ اعتداءٌ جنسيٌ بالقوّة في هذا البلد (22/10/1997).
- إنهم لا يَحترمون الديمقراطيةَ والحريةَ وآراءَ الشعب أبداً. والمثالُ على ذلك: أنهم لا يَسمحون للطالبة بالدخول إلى قاعة الدرس وهي تَرتدي غطاءَ الرأس (5/7/2004).
الحَلُّ والموقفُ المبدئي إزاءَ الغرب مِن وجهة نظر السيد القائد:
-
 مُنذ عام 1916 أو عام 1918 فصاعداً، عَزمت البلدانُ الاوربية شيئاً فشيئاً على إعطاءِ الحقِ للمرأة، لممارسة رأيها والتصرفِ في أموالها وحقوقها الاجتماعيةِ بشكلٍ مساوٍ للرجل، و هُم يريدون الآن التعويضَ عن هذا التأخير وعن هذا الاستيقاظِ المتأخِّر عن أوانه، مِن خلال الضجيج والتطبيل الكاذب (لحقوق الإنسان) (16/1/1990).
- إنّ جلوسَ المرأة والرجل جَنباً إلى جنبِ حول طاولةِ الدبلوماسية لا يُعوِّض عن تلك الإساءات والاِضرار التي ارتكبها الغربيون بحق المرأة. (15/8/2004).
- ينبغي وضعُ تعريفٍ للمرأة، والوقوفُ بحزمٍ ضَد المنطق الغربي المُتعنّت.... فهم الذين يَظلمون المرأة، ويَستهينون بها، ويَحُطّون مِن منزلتها.... يجب على الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تقف في ما يخُصُّ قضيةَ المرأة موقفاً صريحاً و تنطق مِن غير مجاملةٍ بكلمة الحق التي تَعني بشكل أساسي، الاعتراضُ على النظرة الغربية الظالمة وغير المُتّزنة. (22/5/2011).
- العالم الغربي يجب أن يوضَع اليوم في قفصِ الاتّهام أمامَ الرأي العام العالَمي ويُسأل عن قتل الأطفال في فلسطين، وعن حقوق المرأة وحفظ كرامتها، وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعن حق الشعوب في الانتفاع بثرواتها، بلى ويُسأل حتى عن حرياتِ مُواطِنيه (17/2/2004).
- نحن أصحاب اليدِ الطولى على العالم؛ وذلك لأنّ الغرب أساء للبشرية، وخاصةً المرأة. (4/7/2007).
- إنَّ منطقَهم منطقٌ واهنٌ جداً؛ ومَثُله كمثَل الثلج الذي يَذوب ويَتبخّر تحت حرارة شمسِ المكانة المعنوية للسيدة فاطمة الزهراء(سلام الله عليها). (16/1/2008).
- سوف يَتسنّى للمجتمع البشري أن يصل إلى السلامة وإلى الكمال المنشود في ما يَخُص قضيةَ المرأة والعلاقة بين الرجل والمرأة، متى ما أدرك وعَرضَ آراءَ الإسلام كما هي بشكلٍ عِلميٍ مِن غير نقصٍ ولا إفراطٍ أو تفريط. (16/1/1990).
القسم الثاني: الأسرة:
عدمُ وجود شيءٍ واقعي اسمُه الأسرةُ في الغرب:
قال زعيمُ الأمة الإسلامية ما يلي: ذاتُ مرّةٍ ألقيتُ كلمةً في الجمعية العامة للأمم المتّحدة، مدةَ ساعة ونيّف حولَ الأسرة. ثم أَخبَروني لاحقاً أنّ شبكاتِ التلفزة الأمريكية -التي كانت تَعمد بإصرارٍ  على التشويش عَلى كلمتي- ركّزت هذه المرّةَ على ما قلتُه وأعادت بَثَّه عدّةَ مرّاتٍ ووَضعت له شرحاً، وسببُ ذلك هو فقط، لأنني تكلمتُ بكلامٍ حول الأسرة، أي أنّ الرسالة التي تَتضمنّ قضيةَ الاُسرة يَتلقَّونَها اليومَ كتَلقّيهِم للماء العذب؛ وذلك لأنهم يَشعُرون بما يُعانونه مِن نقصٍ في هذا المجال. (اليوم في الغرب) ما أكثرَ النساء اللواتي يَعِشن وحيداتٍ إلى آخر أعمارهن، ورجالٍ يعيشون إلى آخِرِ أعمارهم وحيدين وغُرباء وبلا أنيسٍ، وما أكثرَ الشُبّان الذين يَتشرّدون بسبب عدم وجود اُسَرٍ تَحتَضنُهم. في الغرب، كيانُ الأسرة معدوم، وإن وُجد فهو أشبهُ بالعَدَم. (15/12/1997).
الأسرة في الغرب عبارةٌ عن عقدٍ قانونيٍ مؤقتٍ ويَعني فقط العَيشُ في بَيتٍ واحد (23/11/1994).
في الغرب تلاشت الكثيرُ مِن الأسَر، والكثيرُ مِن النساء والرجال يعيشون بمفردهم... والكثيرُ مِن حالات الزواج تتلاشى و تَزول في السنوات الأولى لحصولها. (22/10/1997).
إنّ وَضع النساء والرجال والأسرةِ في الغرب يَتجلّى بِروعةٍ في الصور التالية:
-
 في الغرب قد يعيش الابنُ والأبُ والأمّ في مدينةٍ واحدة، ولكنَّ الابنَ لا يَسأل عن أحوال والدَيه مرةً في السنة.... وهذا مِن الأدلة على تَخلّف (العالم الغربي). (9/11/2006).
- إحدى المَآثمِ التي ارتكبتها الحَضارةُ الغربية بحق البشرية أنها هَوَّنَت واستخفّت بقضية الزواجِ والأُسرة، وجَعلت مِن قضية الزوج والزوجة مثلَ الثوب الذي يُمكن استبدالُه على الدوام (13/4/2002).
الثَقافة الغربية تَستهين بخيانة الزوج والزوجة لبعضهما في داخل الأسرة، أليس هذا اإثماً بل وخيانةً للمرأة؟ والعجب أنهم بهذه الثَقافة يشعرون باأن لهم اليدُ الطولى على العالَم، في حينٍ أنهم ينبغي أن يَشعروا بالتقصير والمديونية للعالَم (20/9/2000).
- إنَّ حصيلةَ عدمِ الاهتمام بالعفّة وحُرمة المرأة والرجلِ أدَّت إلى ظهورِ مشكلةِ الشذوذ الجنسي، وكذلك تَلاشي الأسرةِ. (4/7/2007).
- اليوم في أمريكا وبريطانيا اكتسبت العلاقاتُ الجنسية المِثْلية، صفةً قانونية ورسمية ولا يُراودُهم أيَّ شعور بالخجل مِن ذلك... عندما يُصبح الزواجُ المِثلي في بلدٍ مّا عملاً قانونياً، هل يدوم كيانُ الأسرة في مثل هذا المجتمع؟ (6/12/1989).
- الأسرة في الحياة المعاصرة تُعاني أزمّةً حادّةً بحيث لو أنّ أحداً بعث برسالةٍ وإن كانت رسالةً رقيقة في هذا المجال، لَحُظيَت باستقبال النساء والرجال والأبناءِ. وهذه الازمّةُ، ناتجةٌ عن العلاقات والتعايش المغلوط بين الجنسين، بمعنى أنّ هندسةَ موضعِ الجنسين مرسومةٌ بشكل مغلوط. (25/12/1991).
- اليوم في الغرب، الجذور والأسس العميقةُ للأسرة الموجودة في بُلداننا، ضعيفةٌ جداً هناك، ومِن النادر جدّاً  أن تَرى في الغرب اليوم الأقاربَ، والجَدّةَ والجَدّ، والأولادَ والأحفادَ يكونون معاً، و.... (22/10/1981).
أنقل لكم قصة واقعية:
نَعلم أنه عُقدت حتّى الآن مِن قِبَل مُنظماتٍ أهليةٍ عدّةُ مؤتمراتٍ وندواتٍ في كل أرجاء العالَم حول الحاجة إلى وجود الأسرة، ومِن ذلك كانت هناك ثلاثةُ مؤتمرات دُوَليةٍ كبرى عُقدت تحت عنوان (World Congress of Families)، حيث عُقد المؤتمرُ الثاني في عام 1999 في فندق هيلتون في مدينة جُنَيف في سويسرا، وشارك فيه ما يقارب 1700 وفدٌ علمي ثَقافيٌ مِن كل أرجاء العالَم.
قد شاركتُ في هذاالمؤتمر وألقيتُ محاضَرةً باسم "لماذا الأسرة؟". في هذا المؤتمر الذي اُفتُتِحَ في مقرّ منظّمة الامم المتحدة في جنيف، شاركَ لأول مرّةٍ شخصياتٌ وخاصةً مِن مُنظَّي ذلك المؤتمر، و هُم يَحتضنون أطفالاً، وكان ذلك أولُ مؤتمرٍ يُفتتحُ بالدعاء ويُختتم بالدعاء، وكان جميع المُنشدين، والعازفين، والمذيعين يحتضنون أطفالاً رُضّعاً وبرفقتهم الآباءُ والأمّهات والأجداد والجَدّات، وفي هذا المؤتمر اُعطيت أكبرُ جائزةٍ إلى امرأةٍ استراليةٍ ذاتَ أحدَ عشر ولداً، ولِاُسرةٍ إيرلندية تَعيش في بيتٍ كبير مع والدَي الزوج والزوجة والأحفاد، وأُعطيت جائزةُ أفضلِ مقالةٍ، لِقصّةٍ مُقتبسةٍ مِن القصيدة المعروفة باسم "الأمّ" للشاعر الإيراني ايرج ميرزا، وهي مِن تأليف شخصٍ أمريكي مِن أصلٍ لبناني. وخلاصتُها أنّ فتىً أعماه حبُّ فتاةٍ، إذ أوعَزَت له تلك الحبيبةُ أن يكون ثمنُ الوصال أن يَشُقَ صدرَ اُمِّه ويقتلعَ قلبَها ويُقدِّمَه هديةً لتلك الفتاة، فاستجاب لها الفتى وفَعَل ما أمرته به، واستخرجَ قلبَ أمه وجاء راكضاً به إلى الفتاة. وفي الطريق عَثر بحجرٍ؛ فصاح قلبُ الأم: يا ويلاه لقد عثر ولدي بحجر! وهنا وعلى وَقعِ صوتِ الأم، انتبه الفتى مِن غفلته، وأدرك فظاعةَ فِعلتِه واستلَّ سِكّيناً لكي يَطعَن قلبَه.  وهنا ناداه صوتُ الأم مرّةً أُخرى، يا ولدي لقد كَسَرتَ قلبي حين عُثرتَ -وليس حين شققتَ صدري- ؛  فلا تَكسِر قلبي مرّة أُخرى بإيذاء نفسك!!!  في تلك اللحظة لم يكن ذلك المجلسُ الحافلُ يدري هل عليه أن يبكي، أم يَضحَك، أم يُصَفِّق، ثارت في المجلس ضجّةٌ عجيبهٌ.  نعم إنّ العالم الغربي قد سلب هذه المحبّةَ وهذه العاطفةَ من الإنسان المعاصر ودَفع به نحوَ هاويةِ العدم.
(وهنا لنستمع لجواب السؤال التالي مِن لسان زعيم الأمّة الإسلامية -الإمام الخامنئي- والسؤال هو: لماذا العالَمُ الغربي يَفعلون بنا هكذا).
(نحن نعلم) أنّ المجتمع مِن غير أسرةٍ، مجتمعٌ مضطرب ومتزعزع، ومجتمع يَفتقد الثِقة، وهو مجتمعٌ لا ينتقل فيه التراثُ الثَقافي والفكري والعقائدُ مِن أجيالٍ إلى أجيال أُخرى بسهولة، مجتمعٌ لا تَتحققُ فيه تربيةُ الإنسان بسهولةٍ ويُسرٍ. (19/1/1999).
إنّ فقدان الهويةِ الثَقافيةِ معناه أن يُصبحَ المجتمعُ أعزلَ مِن غير سلاحٍ أمامَ الأجنبي، ولهذا يُحاول الغربيون إشاعةَ الفساد في البلدان الشرقية، والإسلامية والآسيوية؛ وهم يَرومون عن هذا الطريق، القضاءَ على الأسرة مِن أجل إضعاف ثقافةِ هذه المجتمعات، ليتسنّى لهم بعد ذلك، الهيمنةُ على هذه الشعوب؛ فأيُّ شعبٍ إذا لم تَضعُف ثَقافتُه، لا يتمكن أحدٌ مِن لَجمه والسيطرة عليه. (15/4/7....).
وفي الختام مِن أجل إدراك عظمة مكانة المرأة والأسرة في الإسلام، أدعوكم ونفسي إلى إعادة قراءة المنشور التربوي الواردِ في الحديث المعروف باِسم حديث الكساء: " السلام عليك يا ولدي! ويا قرّة عيني! ويا ثمرة فؤادي!. السلام على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها وسرّ المستودع فيها.


الدكتورة طوبى كرماني

التعليقات (0)

اترك تعليق