مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

علاقة الشهيد(قده) بالسيدة أم جعفر

مع زوجته: علاقته بالسيدة أم جعفر

أمّا حول علاقته(رحمة الله) بالسيّدة أمّ جعفر، فيكفي ما في رسالةٍ له إلى أخيها وابن عمّه‏ السيّد رضا الصدر(رحمة الله) حيث يقول له:
«تسلّمتُ برقيّتكم العزيزة تبشّر عن وصول الأهل والأطفال، ولئن كنتُ أغبط كلَّ شي‏ءٍ هناك لأنّه أقرب منّي إلى فاطمة والأطفال، فإنّي أغبطهم لأنّهم سعدوا دوني بالاستظلال بظلالكم الوارفة وعاشوا في هذه الظلال الكريمة لقاءات سعيدة مع الأحبة والأهلين..»(1).
وكان(رحمة الله) يقدّر زوجته ويحترمها ويراعي مشاعرها وكان يقول لها: «أرجو منك أن تقدّري ظروفي وكثرة مشاغلي وأن تسامحيني إذا قصّرت بأمر معيّن».
وتقول زوجته: إنّها ومن أوّل زواجها أحسّت بأنّ السيّد زوجٌ غير عادي، فقد كانت تقدّسه وتكنّ له كلّ مشاعر الإجلال والتقدير(2).
كما ينقل أنّ السيّدة أم جعفر كانت إذا سافرت إلى الكاظميّة لزيارة ابنتها مرام وأراد السيّد الصدر(رحمة الله) منها أن تعود، فإنّه كان يتّصل بها هاتفيّاً ويسأل عن صحّتها وأحوالها، فتفهم أنّه يريد منها العودة، فتعود(3).
وكان -على الرغم من مشاغله- إذا صامت زوجته في غير شهر رمضان المبارك، يحاول أن يمرَّ عليها بعد المغرب ليطمئنَّ عليها بعد الإفطار(4).
يقول الشيخ محمّد رضا النعماني: «وبالنسبة لزوجته المكرّمة العلويّة الفاضلة أم جعفر(حفظها الله) فقد كانت تحتلُّ من قلبه موقعاً كبيراً، إذ كانت شريكته في السرّاء والضرّاء، وتحمّلت من أجله الكثير من العناء والمشقّة، بدأت من حين تغرّبها بعد هجرتها إلى العراق وانتهت بالحجز وما صاحبه وما أعقبه من صعاب ومشاكل، فكانت تستحقُّ وبكلّ جدارة اهتمامه الكبير وعنايته الخاصّة، فكان(رضوان الله عليه) يدرك أهميّة هذه التضحيات، ولذلك أولاها الكثير من الحنان والاحترام، وإنّي منذ عرفتها لم أرَ ولا مرّة واحدة ما عكّر صفو علاقتهما أبداً فلا مشاكل ولا منغّصات، وهو أمر عجيب حقّاً»(5).
ويقول: «كانت زوجته الطاهرة تكتب في كلِّ يوم ورقة صغيرة باحتياجات البيت وتسلّمها لآغاي (محقّق) ليوفّرها لهم، وهي الاحتياجات البسيطة المتعارفة، فأمرني(رضوان الله عليه) بالإشراف على تلك الورقة خشية أن يكون فيها من الطلبات أكثر من المألوف، بل كان في بعض الأحيان يشرف عليها بنفسه،
وسمعته يقول: لا أرضى بشراء الفواكه [الغالية](6)) مهما كان المبررّ، حتّى لو كان ذلك من أجل الضيوف، ويجب أن ننتظر إلى الوقت الذي يتمكن جميع الناس من شرائها»(7).
وينقل أنّ امرأة شكت زوجها عند السيّد الصدر(رحمه الله)، فلمّا حضر قال له: « اعلم يا فلان أنّني في طوال حياتي لم أقل لزوجتي بصيغة الأمر آتني بماء، وإنّما كنت إذا عطشت أو احتجت شيئاً أكنّي لها فإن فهمت ذلك واستجابت وإلاّ قمت برجليَّ وقضيت حاجتي»(8).

الهوامش:
(1) مقدّمة مباحث الأصول: 48 - 49.
(2) انظرها كاملة ضمن أحداث 1391هـ-
(3) من مذكّرات أسرة السيّد الصدر(رحمه الله) للمصنّف، (مخطوط).
(4) الإمام الصدر في سلوكه الأخلاقي: 21
(5) من مذكّرات أسرة السيّد الصدر(رحمه الله) للمصنّف، (مخطوط).
(6) شهيد الأمّة وشاهدها 206 :1.
(7) ما بين [] قيدٌ أضافته لي السيّدة أم جعفر الصدر على كلام الشيخ النعماني، وهو الصحيح المناسب لما يأتي بعد قليل ضمن ما ينقله السيّد فاضل النوري، وهو ما ذكره لي السيّد محمود الخطيب
(8) شهيد الأمّة وشاهدها 211 :1 - 212


المصدر: محمد باقر الصدر.. السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق: الشيخ أحمد أبو زيد العاملي، 2007م. ج2.

التعليقات (0)

اترك تعليق