مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

علي أشمر ووعد أمي (1): لو مرت حين صلاة

علي أشمر ووعد أمي (1): لو مرت حين صلاة

لم يكن الشاب الذي أُرسل إليهم مهيأ لتنفيذ العملية. وجب على قائد التخطيط استدعاء شاب آخر، فحضر "علي" من بيروت على عجل.
- هل أنت جاهز للعميلة يا علي؟
- نعم، بإذن الله.
- صرت تعرف ظروفها وتفاصيلها. عليك الانتظار في ذلك البيت ريثما يمر الموكب. هل لديك أي استفسار؟!
- لا.
- لا!؟ كيف وأنت مقدم على عملية استشهادية، غيرك يسأل كثيرًا.
- الاتكال على الله. نعم تذكرت، لدي سؤال.
- تفضل، وأخيرًا!
- إذا مر الموكب وقت الصلاة، فهل أذهب لملاقاته وأنفذ العملية أم أنتظر.
نظر القائد إلى زميله باستغراب. لم يخطر السؤال في باله، فكّر قليلًا وقال:
- سيمرّ الموكب بعد الصلاة، يمكنك أن تصلّي.
- ولديّ سؤال آخر!
- تفضل؟
- إذا ناديتني وأنا أصلي، هل أقطع الصلاة أم أكمل؟!
استغرب القائد مرة أخرى، فكّر قليلًا وأجابه:
- أكمل.

ذهب علي إلى البيت المحدد ينتظر مرور الموكب، فسأل أحد الشباب القائد:
- ما رأيك بـ"علي"؟ هل كان خائفًا؟!
- أبدًا، تسري طمأنينة عجيبة في قلبه.
- وهل سألك كثيرًا؟
- يا أخي! هذا الشاب لم يسأل إلا عن الصلاة!
- علي، علي، حوّل.
- علي أين أنت؟
- يا الله! علي لا يجيب والموكب يقترب.
- علي، أين أنت؟
ماذا أصاب علي؟ تراه عزف عن إتمام مهمته؟ ترى هل ضعف؟ هل حنّ إلى أهله ودنياه؟
آه يا عزيزي!لن ألومك مهما كان قرارك، فما تُقدم عليه ليس سهلًا أبدًا، ولا يرتاده إلا ذو قلب باع الدنيا وما فيها، ولم نصل كلّنا إلى هذه المرحلة بعد.
ربما فضّلت أن تحمي شبابك الغض، فثمّة بيت ينتظرك وأم تدعو الله ليعيدك إليها سالمًا.
لكن يا علي في الجنوب أيامى ليس لهم سوى الله ونحن! في الجنوب خلف الشريط الحدودي تبكي الإنسانية دموع أسى على الحرمات التي تُنتهك، والأطفال التي تُرعب، والنساء اللواتي تُهتك أعراضهنّ. في المعتقلات يا أخي آلاف -مثلك– ولكنه يعيشون شبه حياة، على هامش الذل والمعاناة. هؤلاء جميعهم ينظرون إليك، إلى عليائك القادر على تحريرهم من بلاء احتلالٍ جاثم على الصدور.
آه يا علي!
علّمهم كيف نعشق الحسين عشقًا يحرّرنا من أسر دنيانا، وكيف نصوغ من صبره حكاياتٍ تُعَلَّمُ في مدارس الأجيال.
بعد مرور الموكب ومرور  وقتٍ معه ليس بقليل، أمسك علي الجهاز وقال بهدوء:
- معك يا منادي علي.
- أين كنت يا علي؟
- لقد كنت أصلّي، أليس هذا اتّفاقنا؟!
- رباه! بلى! لقد ظننتك تراجعت وحنيّت إلى الدنيا. سامحني!
لكن يا علي لقد  مرّ الموكب.
- أعوذ بالله! كيف أتراجع؟ ولكن هذا ما حدث، ماذا عسانا نفعل الآن؟
- ننتظر مروره مرّة أخرى. لا نعلم كم علينا أن ننتظر بعد.
- حسنٌ، ننتظر! وسنكون على الموعد إن شاء الله تعالى

المصدر: موقع المقاومة الإسلاميّة.
زينب صالح.

التعليقات (0)

اترك تعليق