كلمة نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في مؤتمر "المنظمات الدولية وقضايا المرأة"
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في افتتاح المؤتمر الذي نظمته وحدة الهيئات النسائية المركزية في حزب الله تحت عنوان "المنظمات الدولية وقضايا المرأة" في مبنى الجمعيات في 9/10/2014.
في البداية حيّى الشيخ قاسم الهيئات النسائية على إقامة هذا المؤتمر، ثمّ تحدث حول المسائل التالية (نص الكلمة):
1- القدرة والدور والتكامل.
عندما نتحدث عن حقوق المرأة من المنظور الصحيح، لا بدَّ أن نبدأ بقاعدة أساسية تحكم كل الأفكار التي نتحدث عنها وهي النظرة الأساسية للمرأة. بكل وضوح عندما نناقش الاتفاقيات الدولية أو القرارات التي تتخذها بعض الدول، أو التحركات التي تقوم بها المنظمات المختلفة، فإننا أمام تفاصيل لعنوان عام، ما هو هذا العنوان العام الذي يحكم تفاصيل مواقف المنظمات الدولية؟ إنَّه نظرة هذه المنظمات وهذه الدول إلى المرأة بطريقة مادية، وهذه نقطة الخلاف الأولى مع الإسلام الذي ينظر إلى المرأة من المنظور المتكامل ماديًا وروحيًا. وهنا علينا أن ننطلق من قاعدة لرسم الطريق الصحيح، ما هو المطلوب من واقع المرأة وظروفها؟ أعتقد أن علينا أن نراعي أمورًا ثلاثة:
أولًا : قدرة المرأة، وثانيًا: دورها، وثالثًا: تكاملها في داخل الأسرة وفي داخل المجتمع.
أمَّا القدرة فمعروفة والكل يدرك بالوجدان من دون الحاجة إلى تفصيلٍ أو شرح بأنَّ التفاوت موجود بين قدرة المرأة وقدرة الرجل في مجالات تستدعي أن نراعي من خلالها هذه القدرة لتكون التشريعات آخذة بعين الاعتبار ما تتمكن منه وما لا تطيقه وما تتمايز فيه بإبداعٍ يميزها عن الرجل، وما يكون للرجل من خصائص تختلف أيضًا في بعض المجالات.
أما الدور فمن الطبيعي أن يكون الدور الأساس والدور النجاح الذي ينسجم مع القدرة "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، أما إذا حمَّلناها دورًا لا تطيقه وحرمناها من دورٍ تطيقه فهذا يعني أننا عطلنا إمكانية الاستفادة من قدراتها ومن دورها.
والأمر الثالث هو التكامل الذي يستدعي بأن ننظر إلى هذا المجتمع كيف تكون الأدوار منسجمة بين الرجل والمرأة لإنعاش حياة الأسرة وتقدم ونهضة المجتمع. علينا أن نستفيد من هذه العوامل المتوفرة، وهذه القدرات الموجودة لنسخِّرها جميعها من أجل القيام بإنجازات يستفيد منها الإنسان بشكل عام.
إذًا نحن بحاجة إلى مراعاة أمور ثلاثة: القدرة والدور والتكامل.
2- الرؤية الغربية
فإذا نظرنا إلى الرؤية الغربية التي تتحكم اليوم بالمنظمات الدولية وفي الأمم المتحدة وفي كل هذه التفريعات التي نراها في بلداننا المختلفة تحت عنوان حقوق المرأة وحريتها بشكل عام، لوجدناها رؤية مادية بحتة، تنظر إلى جسد المرأة وترفض الاعتراف بالفروقات الموجودة بينها وبين الرجل، وهي دائمًا تتطلع إلى المساواة على قاعدة أن لا فرق على الإطلاق في أي شيء بين الرجل والمرأة، وإذا اصطدمت بواقع الفروقات اقترحوا حلولًا تراعي الضعف من أجل أن تتمكن من مساواة الرجل في الميدان العملي. فعلى سبيل المثال: هم يريدونها أن تقود الشاحنة، وأن تدخل إلى المواقع الصعبة، لكن يرفضون ذلك عندما يكون هناك ضعف صحي أو حالات خاصة بوجوب أن يراعي أرباب العمل هذه الحالات الخاصة، بدل أن يفكروا في نقلها من هذه المهمة إلى مهمة أخرى تنسجم معها وتقوم فيها بدورها الكامل.
إذًا الرؤية الغربية مبنية على عدم الاعتراف بالفروقات الموجودة بين الرجل والمرأة، ولا تريد أن تعترف بأنه يوجد دور للمرأة في بعض المجالات يختلف عن الدور الموجود للرجل في مجالات أخرى، وأيضًا يعتبرون التكامل إنما يكون مبنيًا بالمساواة في كل شيء وهذا ما يعطل التكامل، لأن التكامل بين الرجال مع بعضهم يتطلب الاعتراف بتمايز القدرات واختلاف الإدارة والمأمورية والتفاعل، فكيف إذا كنا أمام اختلافٍ بين جنسين يتواجدان في كل موقع وفي كل أسرة وفي كل بيت وفي كل مجالٍ من مجالات الحياة، فلا بدَّ أن يكون هناك تمييزٌ وتركيزٌ على ما يتساوى به الطرفان وما يختلفان عليه.
هذه النظرة في الرؤية الغربية هي جزءٌ من النظرة إلى الإنسان على قاعدة أن يتبع هواه، فالمسألة لا ترتبط فقط بالنظرة إلى المرأة إنما المسألة ترتبط بالنظرة إلى الإنسان، فهم يرون أن من حق الإنسان أن يختار مبدأً وخيارات تعطيه مجالًا لمتعة الجسد وخيارات الهوى بما لا يحدها أي قواعد وأي ضوابط تحت عنوان الحرية المطلقة للإنسان، ومعلوم أننا إذا سرنا في دائرة الهوى فهذا يعني أن لا يكون هناك تقيُّد لا بضوابط ولا بأخلاقيات ولا بمبادئ وهذا ما أدَّى إلى نشر الثقافة الغربية التي نرى آثارها في تدمير الأسرة، وفي منع إبداع المرأة في مجالاتها الخاصة، وفي عدم الوصول إلى حالة إنسانية تمكننا على مستوى العالم من أن نوزع الأدوار بشكل صحيح.
إذًا الرؤية الغربية هي رؤية مادية لا تراعي القدرة ولا الدور ولا التكامل بحسب الوقائع التي نراها وبحسب الأفكار التي يطرحونها.
3- الرؤية الإسلامية.
في المقابل هناك رؤية إسلامية نتبناها، وهذه الرؤية مبنية على المساواة الكاملة في المشتركات ونتائج الأعمال، وعلى التمايز في مراعاة القدرة والدور والتكامل، وهنا ينظر الإسلام إلى التساوي بالمشتركات ونتائج الأعمال ولا ينظر إليها في كل شيء لأنها غير متوفرة بسبب الاختلاف الجسدي وانعكاسات هذا الاختلاف على الأمور النفسية والعملية والدور في المجتمع، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (الحجرات : 13 )"، فهو لم يميز في نتائج الأعمال بين الرجل والمرأة، بل جعل المرتبة الأعلى للأتقى ، ورتب المراتب على أساس التقوى، ولذا قد تجد في سلم الأولويات في التقوى رجالًا ونساءً بأرقام وترتيبات متفاوتة، المهم أن ترتيبهم له علاقة بأعمالهم وإنجازاتهم، وليس بجنسهم وهذه هي المساواة في نتائج الأعمال.
قال إمامنا الخميني(قده): " فثمة صلاحيات للمرأة والرجل في الإسلام، وإذا كانت هناك اختلافات، فإنَّها موجودة في كليهما، وهي مرتبطة بطبيعتهما"، أي أن الاختلاف مرتبط بالطبيعة وليس الاختلاف مرتبط بالتمييز الفكري أو الثقافي أو المبدئي، وهذا منصف عندما نتعامل مع الإنسان بحسب قدرته وإمكاناته.
وقال إمامنا الخامنئي(حفظه الله ورعاه): "ما من فارق أبدًا عند الله تعالى بين المرأة والرجل في طيّ المراحل والأطوار المعنوية والتمتع بالحقوق الاجتماعية والفردية، وطبعًا فإنَّ لهما حسب الطبيعة الإنسانية امتيازات متباينة"، وهذا يرتبط بالتمايز في القدرة، وبالتالي كل تمايز في الدور سواءً كان التمايز لمصلحة الرجل أو لمصلحة المرأة فإن له علاقة بالقدرة التي يتميز بها كل واحد منهما. قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ"(النحل:97)".
فنظرة الإسلام تأخذ بعين الاعتبار هذه السلسلة الثلاثية القدرة والدور والتكامل، ويعطي منظومة رائعة في إنصاف المرأة وإنصاف الرجل كي نكون منسجمين تمامًا مع تعاملنا مع الإنسان. وهنا يكون التمايز فيما ينعكس في جوانب الخلقة والقدرة لتأدية الدور المناسب من أجل تحقيق التكامل. هذه هي نظرة الإسلام المبدئية، وهنا كل التفريعات التي نراها وكل التباينات التفصيلية بين النظرة الإسلامية والنظرة الغربية وفي كل الجزئيات تنطلق من القاعدة العامة؛ فالأساس في البداية: هل نحترم القدرة والدور والتكامل أم لا؟ وكيف ننظر إليها في كيفية التشريع؟
4- المنظمات الدولية وحقوق المرأة.
وهذا ما يوصلنا إلى الموضوع الذي نبحث عنه مباشرة من بوابة حقوق المرأة، هل بالفعل يوجد مسعى جدي على المستوى الدولي لإنصاف المرأة بإعطائها هذه الحقوق لأنها مهدورة؟ أم أنها عبارة عن يافطة وشعار يُخفي وراءه هدفًا تبشيريًا وتثقيفيًا من أجل تغيير منهجية التفكير، ومن أجل سيادة أفكار غربية تكون معتمدة من المجتمع وحاكمة على ما عداها؟
بكل وضوح: من بوابة حقوق المرأة يريدون تغيير الأيديولوجيا والالتفاف على الإيمان وما يترتب عليه، ويريدون تثبيت منظومة ثقافية مختلفة بمبادئها وتفاصيلها عن الإسلام وعن الرؤية الحق، وهذا ما ينكشف بشكل مباشر من خلال تصريحاتهم.
وهنا من أجل أن نعاين هذه الفكرة العامة ندخل إلى مادتين من مواد اتفاقية سيداو التي رسمت خطوطًا كثيرة لها علاقة بنظرتها إلى حقوق المرأة. نرى أن المادة الخامسة تتحدث بوضوح عن الهدف الثقافي فتقول: "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة، لتحقيق ما يلي: (أ) تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة " أي يريدون تغيير الأيديولوجيا والثقافة والمنطق الذي يفكر فيه الإنسان من أجل أن يُحدث تغييرًا في سلوكه الاجتماعي، وبالتالي هو انعكاس لنظرة غربية تريد أن تعدّل من فهمنا ومن واقعنا، هذا في الثقافة.
أما في الواقع العملي، فالمادة الأخرى التي تتحدث عن هدفها التطبيقي هي المادة رقم 16، تقول في الفقرة (ج): " نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه" يعني إذا كان الطلاق بيد الرجل فالمرأة بيدها الطلاق، الرجل بيده الإنفاق فالمرأة بيدها الإنفاق، الرجل بيده الإمرة على الأولاد والمرأة بيدها الإمرة على الأولاد، يتساويان في الحقوق تمامًا في موضوع الزواج، وبما يتعلق بالبيت وأعماله، ورعاية الطفل، وكيفية القيام بكل المهمات الموجودة في الأسرة، يعني عندما ندخل إلى داخل الأسرة من موقع الزواج الذي يتحدثون عنه يجب أن لا نلحظ أننا أمام امرأة ورجل في داخل الأسرة، علينا أن نلحظ وجود شريكين داخل الأسرة يتناوبان ويوزعان فيما بينهما بما يؤدي إلى التساوي الكامل في كل الأدوار وفي كل الأعمال، وبكل صراحة لا يعقل أن يسير قطارٌ بسائقين! أو سيارة بسائق في الأمام وآخر في الخلف! أو في داخل الأسرة كيف يوزعان الأدوار وكيف يتفقان عليها وكيف يمكن أن يتساويا؟ وعلى كل حال هم طبَّقوا هذه الفكرة عملياً فأنتجت مساكنة وعدم زواج، وأنتجت الدخول إلى المنزل من دون أن يلحظ هذا الطرف وجود الآخر، وأنتجت تبني للأولاد توفيرًا لعملية الإنجاب حتى يكون التساوي في الشراء وفي الاستقدام من الخارج كي لا تضطر المرأة أن تنجز شيئًا يتمايز عن الرجل بالحمل وتتحمل جزءًا من مسؤوليته، فإذًا هناك نتائج لهذا الشكل من الأسرة يؤدي إلى تخريب الأسرة وضربها وجعل العلاقات علاقات ندّية في داخل البيت الواحد، وهذا ما جعل إمكانية قيام الأسرة والأجواء الهادئة النفسية الطبيعية لبناء الطفل والأولاد وإنشاء المجتمع غير متوفرة.
وتقول الاتفاقية في المادة (و): "نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسسية الاجتماعية، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني؛ وفي جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هي الراجحة"، كيف تكون الولاية واحدة؟ وكيف تمارس المرأة الولاية في داخل الأسرة ويمارس الرجل الولاية نفسها في داخل الأسرة أيضًا؟ وكيف تكون القوامة للرجل وتكون أيضًا للمرأة؟ هذا الأمر غامض جدًا وهم في الواقع يريدون أن يقولوا بأن كل اختيار يعطي معنى المساواة من دون أي فرق سنضعه (وأنتم رتبوا وضعكم)، على قاعدة أن يكون هناك انعدام لحالة التمايز وانعدام لحالة الاهتمام بهذه الأسرة!
هنا لا بدَّ أن نؤكد النتيجة لهذه الرؤية لمشروع المنظمات الدولية حول حقوق المرأة: أن مشروع المنظمات الدولية هو مشروع تغيير ثقافي وبنيوي وليس مجرد حديث عن حقوق المرأة، وإنما هذه الحقوق هي عبارة عن شعار يُخفي وراءه محاول تعطيل مشروع الإسلام وتعطيل مشاريع نؤمن بها في منطقتنا إنسجامًا مع قناعاتنا بديننا.
5- الموقف من نظام الأحوال الشخصية.
على هذا الأساس، نحن نعتبر أن الأحوال الشخصية المعتمدة بصيغتها الدينية في لبنان وفق منظومة الإسلام، هي التشريع الأرقى لتنظيم الحقوق والواجبات، وهي التي علينا أن نتمسك بها وأن ندافع عنها لارتباطها بإيماننا وبمنظومة التكامل التي نؤمن بها.
نحن لا نتعاطى مع الأحوال الشخصية في لبنان على أساس أنها تشريع بشريٌ عادي، إنما هو تشريع إلهي نسّقه البشر في إطار قوانين وأنظمة من أجل أن يتداولوا بها ويتحاكموا إليها.
علينا هنا أن نبحث عن معالجة أخطاء التطبيق، لأنه لا يكفي أن تكون القواعد صحيحة، ولا يكفي أن تكون الأحوال الشخصية صحيحة في مادتها وفي مضمونها وفي مبادئها، وإنما علينا معالجة الأخطاء التي تنشأ من التطبيق، وهي أخطاء ليست موجودة في مجتمعنا فقط وإنما هي موجودة في كل مجتمع وفي كل مكان، وموجودة حتى في أماكن المنظمات الدولية، ونحن نسمع عن القسوة والعنف والاغتصاب في المجتمعات الغربية أكثر مما نسمع عنه في المجتمعات الشرقية. هذا يعني أن الممارسات الخاطئة تتطلب معالجة خاصة لا أن نتمرد على الثقافة الصحيحة وعلى الأحوال الشخصية السليمة.
وهنا نستطيع حتى عندما نستنتج أو نستكشف أن الممارسات الخاطئة ناتجة عن استغلال قوانين في الأحوال الشخصية فإن فسحة موجودة في قوانين الأحوال الشخصية تمكننا من أن نجري التعديلات المناسبة التي تخرجنا من هذا المأزق، وهذه التعديلات متوفرة بشكل كبير يصل إلى حوالي 90 % في عقد الزواج عندما نضع الشروط التي تلائمنا والتي لا تتعارض مع الأسس، بحيث أننا سنرى أننا أمام عقد زواج مختلف تمامًا عن العقد الذي نعرفه إذا وجدنا أن هذه هي الطريقة المناسبة لمعالجة بعض الثغرات، قد نضع في عقد الزواج شروطًا تصبح شبه ثابتة تقريبًا من خلال تثقيف الناس حتى يتبنوها عندما نكتبها وعندما نضعها فنعالج بعض الإشكالات، ولعلَّ أكثر الإشكالات في الأحوال عندنا تنشأ في حالات الطلاق التي يتمسك بها الرجل بصلاحياته ولا يُمكِّن المرأة من أن تتحرر في الوقت الذي تستحق فيه ذلك إلاَّ بعد معاناة طويلة، فقد يكون في عقد الزواج ما يعطيها الوكالة فتنتهي هذه المشكلة العويصة التي نعاني منها في كثير من الحالات، وكذلك المشاكل الأخرى.
وأيضًا نستطيع أن نضع ما نريد في الوصية التي يستطيع الإنسان أن يعالج فيها القضايا الكثيرة فما عدا ثلثي الثروة الذي يعتبر حقًا مشروعًا للتوزيع بآلية معينة، وباقي الأمور يستطيع أن يتصرف في إطار الثلث أو في حياته كما يشاء.
هذا الأمر هو من الأمور الذي يفتح فرصة للمعالجة، لا للانقلاب على الشريعة المقدسة بحيث أننا باسم الحقوق نواجه ونرفض ونلغي أحكامها، أنا أسأل هؤلاء الذين يتحدثون عن حقوق المرأة أسئلة محددة أتمنى أن يعطوا الإجابات الصحيحة والواضحة عنها:
1) ماذا فعلتم لحماية المرأة من أن تكون سلعة في ميدان الإغواء وإخراجها من خدرها وعفافها لتتحول إلى جسدٍ كامل ينهشه أولئك الذين يُربون أموالهم ويتصرفون بلا أخلاقية مع المرأة؟
2) ما هو موقفكم من تقديم المرأة الجسد مقابل المرأة الإنسان والعاقلة والخلوقة والمربية والعالمة؟
3) كيف يتم التكامل داخل الأسرة من دون توزيعٍ للأدوار وتقسيم لبعض المهمات؟
6- ندعو إلى إنقاذ المرأة
نحن مع كامل حقوق المرأة وحماية موقعها ودورها, ونعتبر الاحوال الشخصية من المنظور الاسلامي ناظمة لنظام الأسرة بشكل متكامل, ويجب أن نعمل للتربية الصحيحة, وعدم الانجرار وراء الشعارات الغربية الزائفة, ومعالجة التجوزات التي يرتكبها كل من الرجل والمرأة بالتوجيه والردع المناسبين, ولا نوافق على تخريب الأسرة والعلاقات الزوجية تحت مسميات براقة, ونفصل هذا الأمر عن الحقوق المدنية المشروعة ومنها حق الجنسية للمرأة عن أولادها, والمعاقبة على العنف الأسري, وحق المساواة في الراتب والوظائف، فهذه عناوين نشترك فيها مع الآخرين ولا نعتبر أننا مقصودون أو مستهدفون، أو أن شريعتنا مستهدفة عندما يُطالب ونطالب بإعطاء حق الجنسية عن الأم لأولادها أو المساواة في الوظائف أو الحقوق التي يمكن أن تكون من حق المرأة كما هي من حق الرجل.
انقذوا المرأة من أن تكون سلعة للغواية، ولعبة للهوى، وتعطيل قدراتها الأسرية والمجتمعية والسياسية, أو أن تكون مادة للاعلانات الخليعة والافلام الاباحية وعملًا انتاجيًا للرجل يستثمره على حساب إنسانيتها وكرامتها.
نقول بوضوح للمنظمات النسائية التي تعطل حقوق المرأة باسم حقوقها، وتعطل واجبات المرأة باسم حقوقها، دعوا المرأة تعيش حقيقتها وحياتها وارحموها في قمة عطاءاتها من موقع ضعفها بأن تبدع في ما أودعه الله تعالى بها في أن تكون البنت والأم والمربية والمجاهدة والعالمة والتي تتصدى في شؤون اجتماعية كثيرة، أطلقوا المرأة من حجز الحقوق التي توقعها في أتون الجسد إلى إطلاقة الروح من أجل أن تكون إنسانة في المجتمع تنافس وتحضر حيث يجب أن تكون، هكذا رأينا فاطمة الزهراء(عها) خطيبة تعبر عن الموقف الحق، وهكذا رأينا السيدة زينب(عها) تكمل مسيرة الاستشهاد والجهاد في إعلام يوضح مسار ثورة الإمام الحسين(ع)، وهكذا رأينا النساء المجاهدات والأخوات المجاهدات في لبنان وفلسطين وإيران ودول عدة ينطلقن من هذه الروحية الإسلامية العظيمة ويقدمن نموذجًا عن رؤية الإسلام. فنسأل الله تعالى أن يوفقنا لنواجه هذا التحدي ثقافيًا وعمليًا، وهذه من مهمات المؤتمر الذي أسأل الله تعالى للهيئات النسائية في إعطاء إضافة حقيقة لمشروع حماية المرأة في دورها وقدرتها وتكاملها في داخل المجتمع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اترك تعليق