مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة سماحة الشيخ محمد خاتون في مؤتمر الأسرة في فكر الإمام الخامنئي

كلمة سماحة الشيخ محمد خاتون في مؤتمر الأسرة في فكر الإمام الخامنئي (دام ظله): نعمة الوجود الأسري الصالح وأثره في المجتمع والأمّة


 
كلمة سماحة الشيخ محمد خاتون في مؤتمر الأسرة في فكر الإمام الخامنئي "دام ظله" تحت عنوان:


نعمة الوجود الأسري الصالح وأثره في المجتمع والأمّة


بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وهادينا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
     لا يمكن لنا تنشئة مجتمع صالح إلاّ من خلال أُسَر صالحة، ولا يمكن لنا في المقابل تشكيل أسرة صالحة إلاّ من خلال أفراد صالحين , فينبغي علينا أن نلتفت إلى أنّ هناك عملية تربوية تنبع من الأسفل من الداخل، من القاعدة،  إضافة إلى الحاكم العادل في عملية إصلاح المجتمع .
      نحن لسنا مسؤولين في الكلام عن الأسرة عن الحاكم العادل، نحن نتحدث عن الأسرة وكيف يمكن لها أن تقوم بعملية إصلاح المجتمع .
    القائد (حفظه الله) يقول أن الأسرة خلية أساسية للمجتمع ليس بمعنى أن هذه الخلية إذا كانت سليمة أو إذا كانت سقيمة فإنها ستفسد بتبعيتها، وإنما هذا يعني أنها إن كانت سليمة فإن المجتمع سليم، بمعنى أن سلامة الأسرة تسري على سلامة المجتمع لان المجتمع هو عبارة عن هذه الأسر .
   هناك مشكلة أساسية عاشتها المنظومات الأخرى المخالفة للإسلام عندما تحدثوا على سبيل المثال عن المرأة وإصلاح المرأة وحقوق المرأة، لم يأخذوا المرأة على الإطلاق، على  الرغم أنهم يقولون أنّ المرأة نصف المجتمع أو أكثر من نصف المجتمع، مع هذا لم يأخذوها ولو لمرة واحدة على أنها أم أو زوجة أو أخت أو بنت ولكن أخذوها على أساس أنها امرأة  ليس إلاّ، أخذوا أنوثتها  بعين الاعتبار ولم يأخذوا شيئا آخر؛ بينما نحن نعالج مسألة الأسرة ولا نستطيع هنا إلاّ أن نتعامل مع المرأة على أنها جزء من أسرة كما نتعامل مع الرجل أيضاً على أساس انه جزء من أسرة . قد لا تكون هذه المرأة متزوجة، قد لا تكون هذه المرأة وان كانت متزوجة ذات أطفال، ولكنها ابنة لرجل وامرأة وهي أخت لأخ أو لأخت، إذاً هناك عملية قهرية تجعلنا نحن جميعاً من أجزاء اسر سواء بنينا نحن اسر أو لم نبن هذه الأسر، تزوجنا أو لا، نعم، إذا تزوجنا نحن فإن علينا حقوقاً زائدة آو واجبات أخرى تضاف إلى مسؤولية الأخوَّة أو البنوَّة، فهناك عناصر جديدة دخلت على المجتمع، هذه العناصر الجديدة أنني أصبحت زوجاً أو أصبحت زوجةً وأصبح لدي أولاد، وكما كان هناك واجبات عليّ تجاه آبائي وأمهاتي فإنني الآن أعيش تجربة جديدة لأنّ عليّ واجبات على الأقل من دون التعرض للحقوق. إذاً أن ينطلق الإنسان في عملية الإصلاح (إصلاح المجتمع) من الخارج فهذه عملية لن تصلح على الإطلاق .
     في الغرب قد يُدعى أن هناك عملية تماسك، هذا التماسك الذي يبدو للخارج تفرضه أنظمة عسكرية وأمنية من جهة ولها أنظمة اجتماعية لها سلطة معينة هي التي تفرض الأمن والأمان بمعنى من المعاني في المجتمع .
     لكن لنفترض أنّ هذه الدولة تعرض أمنها لخطر ما فلم يعد جيشها الفدرالي على سبيل المثال ولا شرطتها الفدرالية قادرة على الضبط، فمن أين يحصل الضبط  لعملية المجتمع في الداخل؟ عندنا نحن على سبيل المثال في لبنان عشنا حرباً أهلية طاحنة، لم يكن فيها قوة تحفظ النظام والأمن لدى الناس، فكيف بقي مجتمعنا؟ كيف بقي متماسكاً؟ بقي متماسكاً لأنّ الأسرة بطبيعتها متماسكة، وهي التي حالت دون حصول جرائم. كان من المفترض لو أن ما حصل في لبنان حصل في بلد آخر لا تحكمه مثل هذا التماسك الأسري، مع تشديدنا على العيوب الموجودة في التعاملات الأسرية، لكن هناك جزء لا يمكن لنا أن ننكره بان الحد الأدنى من العلاقات الأسرية بين الزوج والزوجة ,بين الزوجة والزوج , بين الأب والابن ، بين الأم والولد، بين هؤلاء جميعاً كانت موجودة وهي التي حفظت بشكل أو بآخر جزءاً أساسياً من المكتسبات، إلى أن أصبح لدينا دولة ، هذه الدولة يجب أن تحدث النظام، إلى بناءٍ اجتماعيّ، فنحن بحاجة إلى هيكلية اجتماعية، ولكن الذي يعطي القوة والمتانة إلى البنيان الاجتماعي هو الأسرة .
     لا يمكن للإنسان إذا لم يكن يعيش الأخوة الإسلامية في داخل الأسرة ، أن يعمل بقول الله عزّ وجل " إنَّما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم " .  
     الإنسان هو أساس، وهذا الذي يعيش الخصام بينه وبين أخيه في البيت لا يمكن له أن يعيش الأخوة مع الآخرين في داخل المجتمع أي في خارج الأسرة.
    المنطلق لهذا الأمر، هذا الإنسان الذي لا يعيش العاطفة تجاه الأب والأم، لا يعيش العاطفة، لا يعيش المودة والرحمة التي هي المنطلق، لا يمكن له أن يفهم قول النبي (ص):"يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمّة "، أي أنه لم يفهم دور الأب والأم، فإنه كما ضيَّع حق الأب وحق الأم، فسوف يضيِّع حقّ النبيّ (ص) وحقّ الإمام (ع)، وسوف يضيِّع بذلك حق الولي. فمن لم يفهم الولاية داخل الأسرة لن يفهم الولاية خارجها، من لم يفهم المرجعية في داخل الأسرة لن يفهم المرجعية في خارجها، علينا إذاً أن نرجع إلى هذه النقطة وهي نقطة أساسية يحتاج إليها المجتمع.
    الله سبحانه وتعالى جعلها من الفطريات. الله تعالى جعل هذه الرحمة "وجعل بينكم مودة ورحمة"، نعم، هي ليست قهرية ولكنها مجعولة، أي أن الإنسان بمجرد أن يعمل بفطرته فإنه يعيش الرحمة طبعاً، والرحمة هنا جانب قوة وليست جانب ضعف، لانَّ البعض يعتبر أن الشخص الذي يرحم لديه في داخله شيء من الضعف، على العكس من ذلك، الله تعالى هو الرحيم والرحمة تختلف عن الشفقة. فالشفقة قد ترتبط بلص من اللصوص توسل إليّ فعفوتُ عنه رغم أنه كان ينبغي عليّ أن أضعه في السجن، أن أعامله بشدة لكن الشفقة تغلبت علي ّ وهذه ليست رحمة.
   الله تعالى ليس شفيقاً، نعم ورد في دعاء الجوشن الكبير: "يا شفيق من لا شفيق له"، ولكنها هي الشفقة التي التصقت بالفعل الإلهي وليس بالصفات الإلهية والذات الإلهية. الذات الإلهية هي ذات رحيمة وليست ذات شفيقة بمعنى أن الله يضعف أمام الإنسان.
    نأتي إلى هذا الجانب في الأسرة وكيف نطبقه؟ أنا أريد لهذا الولد أن يشفى من مرض ألمَّ به لكن الطبيب يريد أن يعطيه إبرة، والولد خائف من الإبرة ويبكي، فنقول حرام ولا نعطيه الإبرة! يشفق على ولده، هل يرحمه هنا؟ كلا، الرحمة شيء والشفقة شيء آخر. في المجتمع عملية التداوي في بعض الحالات قد تكون مُلجِأةً للقائد، للولي للقيام بعمل قد ينجم عنه أضرار جزئية (ألم، خسارة لبعض المكتسبات وما شابه ذلك) هذا الأمر إذا كان الإنسان غير مؤسَّس عليه في داخل الأسرة لا يمكن له أن يعيشه في المجتمع ككل، في المجتمع العام في هذا المجتمع الذي يضج بالعلاقات لا يمكن له أن ينتقل -وهو الذي عجز عن أن يقوم بهذا الفعل ضمن الدائرة الصغيرة-، فإنّه لا يمكن له ضمن الدائرة الأوسع أن يعيشه.
النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: - وهذا ما ينبغي علينا أن نتوصل إليه كيف نتوصل إليه ونحن لم نعشه داخل الأسرة؟ - "مثل المؤمنين" ولاحظوا هنا القرآن عندما قال «ومِن آياتِهِ أنْ خلَقَ لكُمْ مِنْ أنفُسِكُم أزواجاً لتسكُنُوا إليها وجعَلَ بينَكُمْ مودَّةً ورَحمةً» (الروم 21) "مودة ورحمة" هذان المصطلحان تحدث عنهما النبيّ(صلى الله عليه وآله) "مثل المؤمنين في توّادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى فيه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى"، فهل يمكن لمن كان عاقاً لولديه قاطعاً لرحمه أن يكون مثالاً لما قاله الرسول الأعظم (ص)؟ لا يمكن، هذا الإنسان إذا كان بارّاً لوالديه يصبح فيما بعد جزءاً أساسياً مؤثراً في المجتمع. هذا الأمر، - وأنا أقف عنده طويلا وان كان جزء منه خارج البحث- إنّ الله عزّ وجل جعل لنبيين عظيمين من أنبيائه وهما عيسى (ع) ويحيى (ع) طابع البر بالوالدين، حيث قال القرآن عنهما «وبرًّا بوالدَيهِ ولم يكُنْ جبَّارًا عصِيًّا» (مريم 14) وعن عيسى (ع) «وبرًّا بوالدَتِي ولَم يجْعَلْنِي جبَّاراً شَقيًّا والسَّلامُ عليَّ يومَ وُلِدْتُ ويومَ أمُوتُ ويومَ أُبعثُ حَيًّا» (مريم 32- 33).
 

 

التعليقات (0)

اترك تعليق