مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة الدكتورة طوبى كرماني في الفطور الصباحي الذي أقامته الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي في مبنى الجمعيات في 24 آذار 2016

كلمة الدكتورة طوبى كرماني في الفطور الصباحي الذي أقامته الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي في مبنى الجمعيات في 24 آذار 2016

كلمة الدكتورة طوبى كرماني في الفطور الصباحي الذي أقامته الجمعية النسائية للتكافل الاجتماعي.
العنوان: المنهج التربوي للزهراء(ع) لا نستقي منه النتائج العملية اللازمة، لماذا؟ 
المكان: مبنى الجمعيات/ قاعة السيدة زينب عليها السلام.
الزمان: 24 آذار 2016 الموافق لـ 14 جمادى الآخرة 1437هـ.
المناسبة: في أجواء ولادة السيدة الزهراء عليها السلام.
قبل دراسة المنهج التربوي للسيدة فاطمة الزهراء(ع)، لا بد من بيان مقدمة ضرورية وطويلة نوعا ما للإجابة على هذا السؤال المهم: "لماذا يعيش أفضل عباد الله وأولياؤه، كالأنبياء والأئمة والأولياء –ومن بينهم السيدة فاطمة الزهراء(ع)– الغربة فلا يجدون من يقتدي ويتأسي بهم؟
وببيان آخر، "كيف يمكننا كشف هذه الغربة وإزاحة الستار لنتحسس وجودهم أو حضورهم في حياتنا؟" إذا عرفنا أسباب هذه الغربة والإقصاء والإزواء، عند ذلك نستطيع التحدث عن المنهج التربوي للزهراء(ع) ونأمل التأسي بهم.

هنالك عدة عوامل مهمة لهذه الغربة والإقصاء سنشير إلى بعض منها:
أولا إن أولياء الله وعباده الصالحين لهم أهداف متعالية لدعوة الناس للوصول إلى قمة الكمال وذلك على خلاف المدارس الفكرية الشرقية والغربية والقديمة والحديثة والتي تهتم بتأمين الحاجات المادية المتلخصة بالسكن و العمل ولقمة العيش، كما هو الحال في الشيوعية الشرقية والرأسمالية الغربية. يصف الوين تافلر في كتابه "الموجة الثالثة" الجنة الموعودة –بعد العبور من مرحلة الحياة الأولى (الزراعية البسيطة) والثانية (الحياة الصناعية التي بدأت في انكلترا واستمرت إلى 300 عام) بأنها الموجة الثالثة أي العالم الالكتروني والواقع الافتراضي هي نتاج ثورة التواصل، بحيث أنه في هذه الجنة الموعودة لا يجب عليك الذهاب إلى الجامعة، بل إننا ندعو الجامعة إلى بيوتنا من خلال الفضاء الالكتروني ولا نذهب للتسوق بل إننا نتسوق عن طريق الانترنت من دون أعباء جسمية ولا نذهب إلى المصارف  والبنوك للتعاملات المصرفية وفي الحقيقة الجنة الموعودة هي الدولة الالكترونية حسب تعريفه!
من الواضح أنه يتم تأمين مثلث الاحتياجات الأساسية، (السكن والعمل ولقمة العيش) في ظل حكومة الأولياء والصلحاء ولكن أدنى مراتب العطاء الموعود من قبل الأولياء والصالحين هو أسمى وارفع من أقصى مراتب العطاء الموعود من قبل المدارس الفكرية المادية ألا وهو الأمان والطمأنينة والاستقرار الروحي والمعنوي وفي كلمة واحدة "العبودية"، عبودية الله و الارتباط بمبدأ اللانهاية وذلك يعني الوصول إلى قمة التحرر من العبودية ولكن الكثير من الناس ينشغلون في دائرة الماديات كالشهوة  والشهرة بسبب كسلهم عن الترقي والتعالي نحو القمة الإنسانية. إذن يتبين لنا عمق الاختلاف بين الأهداف المتعالية للصلحاء وأهداف عبيد الدنيا وهذا أهم ما يميز عبيد الدنيا من عبيد الله.
هنالك قصة لطيفة في كتاب المثنوي للشاعر الإيراني المولوي عن الاختلاف الماهوي في الأهداف والذي يمايز أولياء الله عن باقي الناس.
قيس (المجنون) عاشق ليلى يركب على ناقة ليسير إلى مدينة معشوقته ليلى ليزورها ويراها وكان لهذه الناقة مولود جديد ومتعلقة به جداً وفي منتصف الطريق وعندما يغور قيس المجنون في وصل ليلى ويسرح في خيال معشوقته يترك لجام الناقة. عندما تشعر الناقة انه على ظهرها حمل من دون أن يقودها احد، تغير الطريق لترجع إلى الحظيرة بشوق طفلها وعندما ينتبه قيس (المجنون) فيرى نفسه في الحظيرة عند بيته! فيسير من جديد إلى ليلى ويتكرر الأمر ثلاث مرات. في المرة الثالثة ينزل قيس (المجنون) من على ظهر الناقة ويتركها لأنه يعلم أن للناقة غاية غير غايته. يروي مولوي هذه الحقيقة بطريقة جميلة من خلال الشعر:
     همچو مجنون در تنازع با شتر                      گَه شتر می بُرد وگه مجنونِ حُر 
     یکدم ار مجنون ز خود غافل شدی              ناقه گردیدی و واپس آمدی 
    گفت ای ناقه چون هردو عاشقیم                    ما دو ضد، بس هَمره نالایقیم 

إذن هذه الأهداف المتعالية للصلحاء والأولياء كالزهراء المرضية(ع)، هي ما يميزهم عن عبيد الدنيا فلا يمكن اتباع هذه القدوات الإلهية لمن يتبع الظواهر.
هنالك سبب آخر مما يمنع الكثير من الناس الاقتداء بالصلحاء وتمايزهم عن بعض وهي أنهم لا يملكون المعرفة الحقة التي بالأولياء والصلحاء. ونجد هذا الأمر من خلال قراءة زيارة عاشوراء: "فأسأل الله الذي أكرمني بمعرفتكم ومعرفة أوليائكم ورزقني البراءة من أعدائكم أن يجعني معكم في الدنيا والآخرة". فإذن هنالك 3 شروط أساسية للمعية، الاقتداء وعدم الانفصال عن ولي الله:
1. "أكرمني بمعرفتكم": العرفان الحقيقي هو الإيمان بحقانيتهم وهذا ما يكرمه الله لمن يملك صفاء النفس والروح ولا ينقاد للماديات.
2. "معرفة أوليائكم": لا بد من معرفة أنصار وأصحاب وأتباع الأولياء وليس فقط الأولياء.
3. "رزقني البراءة من أعدائكم": نسأل الله أن يرزقنا البراءة من أعداء أولياء الله وأصحابهم وأتباعهم بيقين.
إن مجرد معرفة أصل ونسب وفضائل أولياء الله لا تكفي، بل يجب معرفة حق ولي الله والإيمان بولايته ونفود حكمه على أنفسنا وعلى كل العالم والتصديق بأنه لا يوجد إنسان حر في هذا العالم، مما يعني أنه لا يمكن لشخص أن يكون بدون ولي، فإما يكون وليه الله والأنبياء والأولياء وإما يكون وليه الشيطان. فإذا لم نكن تحت حماية أولياء الله فنكون تحت ولاية الشيطان وإذا لم نبايع ولي الله بعزة فنكون قد بايعنا الشيطان بذلة فنسحق وتدمر إرادتنا الإنسانية. وإذا لم نتعوذ بالله فنكون في خدمة الشيطان كما نرى في التاريخ البشري أمثال عديدة لهذا الأمر ونرى اليوم بوضوح وحتى دون الاحتياج إلى بصيرة خاصة كيف يبايع أتباع الشر في المنطقة –أعني مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية- الشيطان ويسمون أصحاب وأنصار ولي الله – أي حزب الله- في مؤتمراتهم المزعومة إرهابيين ويعينون الجماعات الإرهابية كداعش والنصرة و.... بأوامر من شياطينهم.
تبين لنا هذه المقدمة أنه لا يمكن الوصول إلى نتيجة من خلال الدراسة السطحية والصورية للأساليب التربوية في سيرة الزهراء(ع) بل  يجب معرفة وتصديق أهداف الصديقة الكبرى(ع) الغائية وحقها علينا للحصول على نتائج عملية. دراسة حياة السيدة الزهراء(ع) هي في الحقيقة سيرة حياة الرسول الأكرم(ص)، لأنه الرسول هو الذي عرّفها لنا كبضعته "فاطمة بضعة مني" يعني بضعة من وجود النبي الأعظم(ص)، قطعة من كيانه الروحي والمعنوي المنير، فيكون لها نفس مجموعة الصفات التي ذكرها القرآن الكريم لنبي الرحمة رسول الله(ص) (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)(القلم/4) (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبیاء/107) (بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ)(التوبه/128) و...  وتكون هي صاحبة الخلق العظيم ورحمة للعالمين وبالمؤمنين رؤوفة رحيمة و.....
لهذا سنذكر بعض من صفات السيدة فاطمة الزهراء(ع) ومقتطفات من منهج حياتها وهي في الحقيقة بيان لصفات الرسول الأعظم(ص) (ولكن بفارق الجنس).

النظرة الشمولية والجامعة في قبول المسؤولية:
أحكام الإسلام هي حلقات متصلة و متواصلة لكل  حلقة منها أهمية حياتية في دائرة الحياة الفردية، العبادية، الأسرية، والاجتماعية. فإذن لا يمكن اعتبار أحد هذه الأحكام والحلقات أقل أهمية من أخرى. تؤدي السيدة فاطمة الزهراء(ع) مسؤولياتها في دائرة المجتمع الصغيرة الأسرة كما تعمل بمسؤولياتها في دائرة المجتمع الكبيرة وهي المجتمع الإنساني وهذه الدوائر متداخلة وأساسية في حياة الإنسان. لا تضحي بمسؤوليتها في دائرة على حساب مسئوليتها في الدائرة الأخرى وهذه هي إحدى صفات الرسول الأعظم(ص) "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهله" وأهل وعيال الأنبياء والأولياء(ص) هم أهل بيتهم والمجتمع البشري بكامله.
السيدة فاطمة الزهراء(ع) تتحمل أعباء المسؤوليات الفردية والأسرية و المسؤولية الاجتماعية في جميع المجالات بشكل متوازن ولا ترجح مسئولية على أخرى.
في حياتها الفردية، لا تترك العبادة والمناجاة مع الله تعالى لأسباب دنيوية، مع أنها تعتبر الاهتمام بالأولاد وبالزوج والتعليم والتربية وخدمة الآخرين من العبادات ولكنها مع ذلك، تستمر وتهتم بعلاقتها  وارتباطها المعنوي المباشر مع الله تعالى ولهذه العلاقة أهمية خاصة في حياتها لأنها تأخذ وتستمد القوة والطاقة اللازمة من هذا الارتباط الوثيق والمباشر من أجل الاستقامة في مسؤولياتها الأخرى لأن (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا. إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا) (سورة المزمل، 6 و 7) 
العبادة و المناجاة والعلاقة مع الله تقوّي نفسية الإنسان وتمنحه الاستقلال ليستقوي أمام التحديات اليومية للحياة ليكون الله هدفه الوحيد.
تبرز هذه الشمولية والنظرة الجامعة و في قبول المسؤولية نفسها وتتجسد في دقة السيدة فاطمة الزهراء(ع) في قبولها وكيفية أدائها لمسؤولياتها وعلى مستوى الزمان والمكان.

ألف. تدقق السيدة فاطمة الزهراء(ع) مع أبيها رسول الله(ص) في جميع المسائل لتفرح قلبه إلى أن لقبت بـ"أم أبيها".
كانت السيدة فاطمة الزهراء(ع) ومن خلال نظرها إلى وجه أبيها تفهم مكنونات قلبه وأوامره ونواهيه من نظرته. لقد سمعنا من الروايات أنه في أحد الأيام عندما عاد رسول الله(ص) من سفره وذهب كالمعتاد لزيارة ابنته الزهراء(ع) وقد ابتاعت سلام الله عليها زينة لنفسها فترى السيدة فاطمة الزهراء(ع) تغيرَ وجه أبيها فتعرف عدم رضا الرسول من نظرته وعند ذلك ترسل الأشياء مع الإمام الحسين(ع) إلى الرسول ليتصدق بها في سبيل الله وما أجمل الأجر الذي تحصل عليه مقابل هذا العطاء حيث قال(ص) "فداها أبوها لقد علمت ما نريد". تبين لنا هذه المسألة عمق دقة البنت في فهم طلبات والدها من دون كلام.

ب. تسعى السيدة فاطمة الزهراء(ع) لتكون أفضل زوجة: 
في يوم من الأيام مرضت السيدة فاطمة الزهراء(ع) وذهب الشيخين لزيارتها. عندما دقوا الباب يفتح الإمام علي(ع) الباب لهم ويخبره الشيخين أنهم أتو لزيارة بنت الرسول(ص)، يخبرهم الإمام علي(ع) أنه يجب أن يستأذن من السيدة فاطمة الزهراء(ع) ويأتي ليستفسر منها "يا أيتها الحرة فلان وفلان بالباب، يريدان أن يسلما عليك فما تقولين؟ فتجيب الزهراء(ع) "يا علي! البيت بيتك، والحرة أمتك، إفعل ما تشاء" وفي هذه الزيارة تسألهم الفاطمة المعصومة(ع) بحزن "ألا سمعتم أبي رسول الله(ص) قال: فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني"، قالا بلى يا بنت رسول الله(ص) قالت فإني أشهد الله أنكما آذيتماني ولن أرض عنكما أبدا"...
يبين لنا هذا الأسلوب مدى حساسيتها في رعايتها لحق الإمام علي(ع) كزوج وكوليّ ومدى دقتها في رعاية حقوقها في داخل المنزل.

ج. تعليم العبادة:
عندما تقف السيدة فاطمة الزهراء(ع) في محراب العبادة من الليل وحتى الصباح  تقوي نفسها في هذا الطريق و تعطينا دروس تربوية كثيرة بحيث يقول الإمام الحسن(ع) "يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟" فتقول: "يا بني الجار ثم الدار" وهذا هو بيان رسول الله(ص): "من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم".
تقول السيدة فاطمة الزهراء(ع): "من أصعد إلى الله خالص عبادته أهبط الله إليه أفضل مصلحته" مما يعني أنها ترى الإخلاص في العبادة ينتهي بصلاح وفلاح الجميع.

د. تعليم اتّباع الحق:
تعلم السيدة فاطمة الزهراء(ع) جيداً كيفية التعامل وتربية الأولاد وتعلم أن لحظات تنويم الطفل في حجر أمه وقريباً من دقات قلبها وحنين صوتها هي أكثر اللحظات تأثيراً في زرع الطمأنينة والأمن في نفسيته وإذا استثمرت هذه اللحظات لتعلمه درس الإيمان والمعرفة والجهاد والإنسانية والأخلاق تكون هذه الدروس كنقش في الحجر في ضميره وعقله الباطن لتؤثر في حياته المستقبلية. وإن إحدى أفضل الأساليب التربوية للأولاد منحهم الثقة بأنفسهم وإعطائهم الشخصية عن طريق رسم وتصوير حسن لشخصية الأب أمامهم، لأنه عندما يعلم الطفل مدى عظمة  شخصية والده من خلال كلمات الأم، يزداد احتراما واعتزازا فيقتدي به. فمن هذا المنطلق تنشد الزهراء نشيد النوم لابنها الإمام الحسن(ع) تزيد به عزة والده و تلقنه التعاليم التوحيدية، ومقاومة الظلم والدفاع عن الحق والمظلوم وعدم مجالسة الأذلاء:
أشبه أباك يا حسن        واخلَع عن الحقِّ الرَّسَن
واعبُد اِلهاً ذا المَنَن         ولا تُوالِ ذا الاَحَن 

هـ. دور المحبة والاعتزاز بالنفس في التربية:
من الأساليب التربوية الأخرى للسيدة فاطمة الزهراء(ع) هي العدالة في محبتها لأولادها ومنحهم الثقة والاعتزاز بالنفس، لأن عدم رعاية هذه المسائل تجرّ إلى مشاهد مؤلمة عند الأولاد. إن السيدة فاطمة الزهراء(ع) تدرك الدور المهم للمحبة وتعزيز الثقة بالنفس وتراعي هذه القضايا فتخاطب أولادها دوما بألفاظ "نور عيني" و"ثمرة فؤادي" وتسعى لتعينهم في أمورهم الشخصية ونرى هذا المنشور التربوي المميز في "حديث الكساء" فعلينا أن نعمّمه عالميا من أجل سعادة الإنسان والإنسانية.

و: دور تسمية الأولاد في تكوين الشخصية:
يضع كل اسم لوحة و علماً على عاتق الشخص من أولى لحظات حياته وحتى النهاية ليعرف به فيكون الاسم في كل مكان وبلد كعلم يرفع على قمة شخصية الإنسان يعرف به معتقداته وجنسيته ومن هذا المنطلق يؤكد الإسلام على أهمية اختيار الأسماء الحسنة والدقة في معاني الأسماء وآثارها الجانبية. ولكن نرى أن الزهراء المرضية(ع)  وعلى الرغم من قدراتها العلمية والمعرفية لا تتقدم على اختيار أسماء أولادها وتسأل الإمام علي(ع) ليختار اسم الطفل ولا يتقدم الإمام علي(ع) على الجد الكريم- الرسول الأعظم(ص) ويوكله لاختيار الاسم. وعندما يوكل الأمر للرسول(ص) بسبب علمه بشخصية أولاد الزهراء(ع) الملكوتية والسماوية، لا يستبق على الله وينتظر الوحي لتسميتهم. فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرائيل انه قد ولد لمحمد(ص) ابن فاهبط أقرئه السلام وهنئه وقل له: إن عليا(ع) منك بمنزلة هارون من موسى، فسمه باسم ابن هارون. وهكذا سمي الطفل الأول للزهراء(ع) بشبر أي الحسن. وكذلك الأمر في تسمية السيدة زينب(س). إذ كان رسول الله(ص) عند ولادتها في سفر خارج المدينة المنورة، فلما ولدت زينب(ع) سألت فاطمة الزهراء(ع) أمير المؤمنين(ع) أن يختار لوليدتهما اسما مخافة أن يبطئ رسول الله(صلوات الله عليه) في سفره، فكان منه(ع): إني لا أسبق أباك رسول الله(صلوات الله عليه) في ذلك، وإني آمل  أن يرجع من سفره قريبا إن شاء الله، ويختار لها اسماً. فما انقضت إلّا ثلاثة أيام حتّى قدم رسول الله(صلوات الله عليه)، فأتى دار ابنته فاطمة الزهراء(عليها السلام) على عادته، فلما أخذها رسول الله(صلوات الله عليه) وضَّمها الى صدره الشريف ووضع خده الشريف على خدّها فبكى بكاءا حاراً. فلما سألته ابنته فاطمة(ع) فأجابها: اعلمي إن هذه البنت -بعدك وبعدي- تُبتلى ببلايا فادحة وتَرد عليها مصائب ورزايا مفجعة. ثم قال: إن ذرية فاطمة(عليها السلام)  – وإن كانوا ذريّتي، إلا أن أمرهم إلى الله تعالى، وانّي انتظر وحي ربّي في تسميتها. وإذا بجبرائيل ينزل من السماء على رسول الله(صلوات الله عليه): السلام يخصك بالسلام ويقول لك: سمِّ  هذا المولود باسم "زينب"، فقد كتبناه لها في اللوح المحفوظ. وزينب يعني "زين أبيها" ونعم ما أسماها الله فكانت زيناً لعلي(عليه السلام).

ح: التربية العلمية:
كانت السيدة فاطمة الزهراء(ع) ترسل دوما ابنيها الحسن والحسين(ع) مع أبيهما إلى المسجد وتوصيهم أن ينقلوا لها ما يسمعوه عن رسول الله(ص) وما يحدث في المسجد لأنها كانت تعلم أن هذه الطريقة ستزيد من انتباههم في التعلم وتمرين وتكرار كلام رسول الله(ص) يقويهم روحيا ويثبت سيرته في نفوسهم. وهكذا أهدت "مرج البحرين يلتقيان" و"زينب أسوة النجابة والاستقامة" إلى العالم البشري.

التعليقات (0)

اترك تعليق