مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة مديرة حوزة السيدة الزهراء(ع) في بعلبك الأستاذة أم زهراء خاتون

كلمة مديرة حوزة السيدة الزهراء(ع) في بعلبك الأستاذة أم زهراء خاتون: "المثل العليا عند قدوة النساء فاطمة"

بسم الله الرحمان الرحيم

كلمة مديرة حوزة السيدة الزهراء(ع) في بعلبك الأستاذة أم زهراء خاتون.

العنوان: "المثل العليا عند قدوة النساء فاطمة".

المناسبة: ولادة السيدة الزهراء عليها السلام.

المكان: مبنى الجمعيات، قاعة السيدة زينب عليها السلام.

الزمان: 24 آذار 2016 الموافق لـ 14 جمادى الآخرة 1437هـ.

 

المثل العليا عند قدوة النساء فاطمة:
هناك قدوة صالحة ومثل صالح، وهناك قدوة كاملة ومثل أعلى، ووجود القدوة بشكل عام هو أمر فطري طبيعي يحتاجه كل إنسان ويحصل في حياة كل فرد.
منذ الطفولة يبدأ الإنسان بالإقتداء والتشبه بمن يحبه ويُعجب به، فالطفل يقلد أمه ويحاول أن يكون مثلها ويتشبه بأبيه ويحاول أن يعمل مثله، ثم العلم والعلماء... و...
كلما اتسع عالم الإنسان وكبر محيطه توسعت علاقته وآفاقه. نتعرف على أشخاص فيهم أشياء جميلة ننجذب إليها، أشخاص موجودون بيننا أو رحلوا عنا ونتذكر صفاتهم ومواقفهم أو أشخاص نقرأ أو نسمع عنهم.
هناك أشخاص سجيتهم الكرم والعطاء وهناك أشخاص سمتهم الحلم والرأفة والتسامح، وهناك أهل العلم والمعرفة والنضج والثقافة الواعية، وهناك أهل النباهة والشجاعة والبطولة. هناك العابد الزاهد وهناك القوي المقاوم المدافع عن الحق، وهناك الأعزاء الشجعان الأقوياء. كل واحد من هؤلاء هو أسوة صالحة في هذه الصفة والصفات الحسنة التي يمتلكها دون غيرها.
الصالحون من الناس والعلماء والمجاهدون والأتقياء هم أسوة صالحة في كثير من الأمور، لكن ليسوا أسوة كاملة مطلقة في كل شيء. الأسوة الأمثل والمثل الأعلى والقدوة التامة هم أهل الكمال في كل شيء. هم مَن اجتمعت فيهم كل الكمالات وكل القيم وكل الحسن ومَن ليس في حياتهم أي خطأ أو انحراف أو نقص.


المقام المعنوي للزهراء عليها السلام:
عندما نتحدث عن المثل الأعلى، والمثل العليا نعني بهم الأنبياء والأولياء، وأعلاهم خاتم الأنبياء وأهل بيته الأطهار عليهم السلام، هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها، الذين يتربعون على قمة الفضائل والمكارم. هم الإنسان الأكمل الذي ليس فوقه كمال إلا كمال الله تعالى الذي خلقهم وكوَّنهم وطهرهم من الرجس تطهيراً.
قال رسول الله(ص): "إن الله جعل علياً وزوجته وأبناءه حجج الله على خلقه وهم أبواب العلم من اهتدى بهم هُدِي إلى صراط مستقيم"
وقال(ص): عن جابر الأنصاري: "اهتدوا بالشمس فإذا غاب الشمس فاهتدوا بالقمر فاهتدوا بالزهرة وإذا غابت الزهرة فاهتدوا بالفرقدين.
فقيل يا رسول الله: ما الشمس وما القمر وما الزهرة وما الفرقدان:
فقال(ص) أنا الشمس والقمر علي والزهرة فاطمة والفرقدان الحسن والحسين".
وقال(ص): "هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين". لها السيادة على الجميع. هي في القمة في جميع النواحي العلمية والأخلاقية والعملية. وهي ليست قدوة للنساء فقط بل قدوة العظماء من الرجال والنساء. بلحاظ أنها امرأة هي سيدة النساء لكن بلحاظ أنها إنسان فهي قدوة الجميع بل قدوة العظماء.
"لو كان الحُسن شخصاً لكان فاطمة بل هي أعظم، فاطمة ابنتي خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً"
يقول الإمام الحسن العسكري(ع): "نحن حجج الله على خلقه وأمنا فاطمة حجة الله علينا"، ويقول الإمام الحسين(ع) "وأمي خير مني"، ويقول الإمام المهدي(عج) "ولي أسوة بأمي فاطمة".
ويقول الإمام الخميني(قده): "إن جميع خصال النبيين والأولياء والصديقين عليهم السلام ومقاماتهم التي بلغوها -بما اشتملت عليه من مضامين- مجتمعة في سيدة نساء العالمين عليها السلام".
ويقول السيد القائد الخامنئي (وهو في صدد الحديث عن المقام المعنوي للزهراء(ع)): "فاطمة الزهراء عليها السلام في الظاهر هي بصورة بشر وامرأة وامرأة شابة أيضاً.. ولكنها في المعنى هي حقيقة عظيمة ونور إلهي ساطع وعبد صالح وإنسان مميز ومصطفى".
"هي شخص قال فيه الرسول الأكرم(ص) لأمير المؤمنين(ع):
"يا علي أنت إمام أمتي وخليفتي عليها من بعدي وأنت قائد المؤمنين إلى الجنة وكأني أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور.. عن يمينها سبعون ألف ملك، وعن يسارها سبعون ألف ملك، وبين يديها سبعون ألف ملك، وخلفها سبعون ألف ملك.. تقود مؤمنات أمتي إلى الجنة".
فهي عِدْلُ أمير المؤمنين(ع)..
"هي التي إذا وقفت في محراب العبادة فإن آلاف الملائكة المقربين يخاطبونها ويسلمون عليها ويهنؤنها ويقولون لها ما كانوا يقولون لمريم الطاهرة عليها السلام: "إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين"
هذا هو المقام المعنوي للزهراء عليها السلام.. فهي لها السيادة وهي في موقع الكمال في كل شيء.

مع أبيها:
كانت معه في كل شدّة. في شعب أبي طالب أيام الحصار الذي دام ثلاث سنوات وفي عام الحزن.
كانت مع صغر سنها تعامله معاملة الأم الشفيقة تحتضنه تُضمد جراحه، تخفف آلامه وتؤنس قلبه. كل ما يجده الولد في أمه من العطف والرقة والشفقة والأنس يجده في فاطمة.
وكان رسول الله(ص) يعاملها معاملة الولد لأمه يُكرمها ويحترمها ويقول لها: مرحباً بأم أبيها.
كان يقف لها، يُقبل يدها، وكان أول من يزوره بعد السفر وآخر من يودعه قبل السفر. كانت تُجسد بدقة مكارم أخلاق الرسول وتعاليمه حتى قالت عنها عائشة: "ما رأيت أحداً أشبه سمتاً وولاءً وهدياً برسول الله في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله". "ما رأيت أصدق منها إلاّ أباها مثل علي تحذو حذو الرسول".


مع زوجها:
يقول علي(ع): كانت عندما أنظر إليها تنكشف عني الغموم والهموم، ويقول: "إنها جرّت بالرحى حتى أثّر في يدها، واستسقت بالقربة حتى أثّر في نحرها وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها وأوقدت القدر حتى دكنت ثيابها".


زهدها:
كانت تواسي الفقراء في معيشتهم لا عن فقر وعجز بل عن مواساة وتواضع. حتى إذا تغيّرت أحوال المسلمين وتحسنت أوضاعهم جاءت بفضة خادمة لها فكانت تقسم العمل يوم عليها ويوم على خادمتها.


كرمها وإيثارها:
يُروى أن النبي(ص) صنع لها قميصاً جديداً ليلة عرسها وزفافها وكان لها قميص مرقوع وإذا بسائل على الباب يقول: أطلب من بيت النبوة قميصاً خلقاً فأرادت أن تدفع إليه القميص المرقوع فتذكرت قول الله عز وجلّ :"لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون" فدفعت له الجديد.
وفي رواية أخرى: أن النبي(ص) دخل عليها وسألها لم لا تلبس القميص الجديد فقالت تصدقت به.
فقال: نِعم ما فعلت ولو لبست الجديد لأجل بعلك وتصدقت بالعتيق لحصل لك بالحالين التوفيق.
فقالت(ع): يا رسول الله بك اهتدينا واقتدينا إنك لما تزوجت بأمي خديجة وأنفقت جميع ما أعطتك في طاعة الله حتى أفضت بك الحال أن وقف سائل ببابك فأعطيته قميصك والتحفت بالحصير... فبكى النبي وضمها إلى صدره.. فنزل جبرائيل برسالة من الله عز وجل: قد غفرت لعصاة أمتك لمن في قلبه محبة فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها"..


في الأمور العامة:
يحدثنا التاريخ أنها فتحت بيتها للنساء:
-كانت تعلم وتجيب عن الأسئلة وتحل الشبهات.
- تشارك في بعض المعارك. فكانت بلسماً لجراح قلوب المجاهدين، بل كانت أحياناً تتكفل بمداواة جروحهم.
- كانت تطعم المحتاجين وتداوي الجرحى، وتضمد جراح رسول الله وتسهر على سلامته ورعايته.
عبادتها وعلاقتها بالله عز وجل: "إن لنا مع الهو حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل"
معروف عن الزهراء عليها السلام أنها كانت أعبد أهل زمانها تصوم نهارها شكراً وتقوم ليلها تظل وافقة تدعو للمؤمنين ولجيرانها تسميهم فرداً فرداً.. حتى تتورم قدماها، حتى أن الله يباهي فيها ملائكته. ففي الحديث: "متى قامت في محرابها يزهر نورها لملائكة السموات كما يُزهر نور الكواكب لأهل الأرض".
وكان من دعائها: "اللهم فرغني لما خلقتني له ولا تشغلني بما تكفلت لي به ولا تعذبني وأنا أستغفرك ولا تحرمني وأنا أسألك. اللهم ذلل نفسي في نفسي وعظم شأنك في نفسي وألهمني طاعتك والعمل بما يرضيك يا أرحم الراحمين".
إن الزهراء عليها السلام بلغت بكل حالاتها وصفاتها وأعمالها درجة الكمال الأكمل، فهي الطاهرة المطهرة الزكية الراضية المرضية البتول المحدثة.
وصلت إلى أن الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها، وهذا يعني أن فاطمة دائماً مع الحق والحق دائماً مع فاطمة، وأنها تتربع على أعلى قمة هذا الوجود مع أبيها وزوجها والأئمة من بنيها..
فاطمة عليها السلام هي أهل لتكون المثل الأعلى والقدوة الأعظم يبقى أن نكون نحن أهل أن نقتدي بها.

 
والحمدلله رب العالمين

 

 

التعليقات (0)

اترك تعليق