مؤتمر "الأمن الأسري2: نحو نموذج إسلامي للأسرة" الذي أقامته جمعية الرابطة اللبنانية الثقافية في 6 نيسان 2017م
أقامت جمعية الرابطة اللبنانية الثقافية مؤتمرها الرابع تحت عنوان: "الأمن الأسري2: نحو نموذج إسلامي للأسرة" برعاية نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، وذلك بتاريخ 6 نيسان 2017، وبحضور حشد من العلماء والباحثين والفعاليات النسائية.
ابتدئ المؤتمر بآيات بينات من الذكر الحكيم، ثم تحدثت الحاجة عفاف الحكيم رئيسة الجمعية.
حيث لفتت إلى أهمية الدور الأسري قائلة أن "الدور الأسري الجليل الذي نهدف إلى ضبطه وتفعيله.. من الصعب أن تتحقق فعاليته إلا في ظل أسر واعية تحقق فيها كل ما أقرته لها الشرائع السماوية من أمن اجتماعي وغذائي وأخلاقي وبيئي وصحي وغيره.. وكل ما يشبع حاجات أفرادها. إلى الاستقرار والطمأنينة.."
وقالت بأنّ "الأمن نعمة كبرى تهفوا إليها النفس الإنسانية بالفطرة إذ به يتحقق اطمئنان الناس على دينهم وأنفسهم وأموالهم من خلال الوسائل التربوية والوقائية والردعية التي شرّعها الإسلام ..." ".. أما الأمن الأسري .. فهو بالنسبة لكل أسرة يصبح أمنية وهدف بحيث يسعى الكل للاستظلال بظلاله.. باعتبار أن إنشاء الطفل في جو من التوتر والكراهية وحرمانه من عملية التربية السليمة والتوجيه فإنه ينشأ نشوءا غير سوي في سلوكه وعلاقاته بالآخرين وإن تأمن له المأكل والملبس وأمثاله".
ودعت إلى تحمّل أفراد الأسرة كلٌّ لدوره فالأب حسب رأيها لا بديل عن فعالية دوره وحضوره الأساسي الذي يتكامل مع دور الأم في تعزيز ودعم مسار الأسرة في سائر المجالات. أما الأم فهي التي عودتنا أن تبقى أبدا الحاضر الأكبر في قلوب وعقول الأبناء حتى قيل أنّ الأمن الأسري قوامه الأم بعطائها وحنانها وتضحياتها وصبرها وقوة تحملها وتعويضها لغياب دور الأب أحياناً..
وختمت كلامها بالتأكيد على "دور الدولة والمجتمع وتعاون الجميع لإحداث حالة من النهوض على هذا الصعيد وذلك لأن التحديات الكبيرة التي تواجه مجتمعاتنا تستوجب تكاتف سائر المؤسسات الرسمية والأهلية الثقافية منها والدينية للمساهمة في تحمل أعباء هذا العمل الجليل.."
بعدها ألقى سماحة الشيخ نعيم قاسم كلمة شكر فيها جمعيّة الرابطة اللبنانية الثقافية على جهودها في مجال الأسرة. ثم كان له دعوة إلى تحمل المسؤولية في التحرك العام وقال:
"ثلاثة أمور أراها ضرورية للتحرك على المستوى العام: أولا: رفض العبث بقوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في المحاكم، ورفض استبدال هذه القوانين بقوانين مدنية مهما كان عنوان هذه القوانين، لأن المطلوب أن نعود إلى الشرع لنستفتي الفقهاء ونتعرف على الحلول التي تعالج قضايانا ومشاكلنا ثم نعدِّل في المحاكم الشرعية في قوانين الأحوال الشخصية بناء على إشارة الفقهاء وبناء على المعلومات الدينية من مصادرها، لأن الأحوال الشخصية بالنسبة إلينا هي دين شرَّعه الله تعالى، وربما بالنسبة لآخرين الأحوال الشخصية اجتهاد بشري، ولذلك نحن لا نقبل أن يتحايل البعض تحت عنوان قانون مدني فرعي لقضية من القضايا يدخلون من خلالها للبدء بكسر حرمة قوانين الأحوال الشخصية بحجج شتى، إذا كان لدينا مشاكل لنذهب إلى تعديلها في داخل قوانين الأحوال الشخصية من خلال المسوِّغ الشرعي للتعديل والأدلة التي تكون موجودة، وفي بعض الأحيان قد لا يكون هناك إمكانية للتعديل وهذا الموضوع يتابع مع المعنيين ومع الفقهاء".
أضاف: "لاحظنا في الفترة الأخيرة أن هناك مجموعة موجَّهة تأخذ قضايا الأحوال الشخصية قضية قضية بشكل جزئي، وتخوض فيها حملة إعلامية ليتمكنوا من إجراء التعديل المناسب، وكان آخر حفلة -والحمد لله أنها فشلت- هي تشريع قانون الاغتصاب الزوجي، تحت عنوان العنف الأسري، وهذا أمر مخالف لأصل الزواج، اغتصاب زوجي وعنف أسري. وصلنا في النهاية أنه نعم إذا كان العنف الأسري ضرب للمرأة وللولد. لا مشكلة، فهذا قانون مدني لأن له علاقة بالضرب، لكن أحذّر العبث بالقوانين. هذا أمر مرفوض.
ثانيا: إقامة حملة توعية لرفض الإباحية والابتذال في بعض وسائل الإعلام، وسن القوانين المناسبة وتحمل المسؤوليات في هذا المجال إذ لا يحق لأي وسيلة إعلامية، ولا يحق لأي جهة معلنة أن تقدم للجمهور أمور تخدش الحياء تحت عنوان حرية الرأي، ماذا عن الإضرار بتربية الأولاد؟ وماذا عن تأثير هذه الأمور على البيئة الأسرية والمجتمعية؟ لا يحق لهؤلاء أن يتصرفوا بهذه الطريقة.
ثالثًا: نؤكد على أن بناء الأسرة هو الأمر الطبيعي الذي يجب أن نحرص عليه، ونعلن بكل وضوح حرمة العلاقات الجنسية خارج الزواج، والتعامل مع المثلية كانحراف تربوي أخلاقي يتطلب إصلاحا، ومن يروّج يجب أن يعاقب، أما من يُبتلى فلا بدَّ من إعانته على أن يتخلص من هذه البلوى، ولكن لن تكون المثلية يوما حقا طبيعيا لأنها خلاف الطبيعة وخلاف الإنسانية وخلاف التشريعات وخلاف الذوق البشري، وهذا طريق يؤدي إلى ضرب بنيان الأسرة، وها هو الغرب ماثلا أمامنا وهو يتجه يوما بعد يوم إلى إلغاء عنوان الأسرة، بينما نحن نعتبر أن البداية هي الأسرة، وأساس الأمن النفسي والمجتمعي هو الأسرة، ويحضرني هنا ما قاله الإمام زين العابدين عندما تحدث عن العلاقة الزوجية "أن تعلم أن الله جعلها سكنا ومستقرا وأنسا وواقيا" فيها كل عوامل الهدوء النفسي والاستقرار".
بعدها تواصلت أعمال المؤتمر بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين.
محاور المؤتمر:
المحور الأول: إشكاليات أساسية في مجال الأسرة
- النموذج الإسلامي في إدارة الأسرة عند الإمام الخامنئي (دام ظله) [في مواجهة الطروحات الأنثوية] الدكتورة رقية الموسوي (أستاذة في جامعة السيدة زينب عليها السلام في طهران).
- الإختلاط ونظام العلاقات بين الجنسين في الإسلام: الشيخ شفيق جرادي (مدير عام معهد المعارف الحكميّة).
- الزواج المبكر (مفهومه، أهميته وإشكاليات الرفض والتطبيق) الشيخ إسماعيل حريري (عضو مكتب الوكيل الشرعي للإمام الخامنئي (دام ظله) في لبنان).
المحور الثاني: الأسرة بين النص والممارسة
- النظام الإسلامي للعلاقات الرحمية والقرابية (الأسرة الموسعة) الشيخ محمد زراقط (مدير مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي).
- العلاقات الأسرية بين النص والتطبيق: كيف نعزز مفاهيم الرحمة والمودة بين الزوجين وأفراد الأسرة؟ الدكتورة فائزة عظيم زاده (أستاذة في جامعة الإمام الصادق(ع) في طهران)
- الطلاق والمشاكل الزوجية: دور مراكز الإرشاد الأسري والمؤسسات الاجتماعية في الوقاية والعلاج الشيخ أمين ترمس (المعاون التربوي والثقافي في جامعة المصطفى(ص) العالميّة في لبنان).
المحور الثالث: تعزيز المفاهيم الإسلامية في الأسرة والمجتمع
- القيم الإسلامية في التصميم المعماري: الأسرة والمسكن الإسلامي الشرعي المهندس حسن حجازي (مسؤول وحدة المهن الحرة في حزب الله).
- في ظل الظروف البيئية والاجتماعية الصعبة: نشر القيم الجمالية في الأسرة والمجتمع الدكتور محمد عليق (أستاذ التربية في الجامعة اللبنانيّة)
- "حسن تدبير المعيشة" مفهوم إسلامي غائب حاضر في ظل الثقافة الإستهلاكية: الحاجة أمل قطان (مديرة معاهد سيدة نساء العالمين(ع)).
وختم المؤتمر بقراءة التوصيات التي ألقتها الأخت ميسون رضا.
اترك تعليق