مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة الدكتورة رقية الموسوي (أستاذة في جامعة السيدة زينب(ع) في طهران)

كلمة الدكتورة رقية الموسوي: النموذج الإسلامي في إدارة الأسرة عند الإمام الخامنئي(دام ظله) [في مواجهة الطروحات الأنثوية]

كلمة الدكتورة رقية الموسوي* (أستاذة في جامعة السيدة زينب(ع) في طهران):

النموذج الإسلامي في إدارة الأسرة عند الإمام الخامنئي(دام ظله) [في مواجهة الطروحات الأنثوية]:

بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم.
أتقدم بالتحية والسلام للحاضرين في هذا المؤتمر كما أُقدّم سلامي الخالص لشهداء ومجاهدي المقاومة والحاضرين هنا.
أشكر جميع الحاضرين وبالخصوص الحاجة عفاف الحكيم على دعوتها لي وأتمنى التوفيق لها.. لقد سافرت وزرت أماكن عديدة في المنطقة والبلاد العربية ولكنني لم أشاهد من قبل ما رأيته هنا في هذا المبنى وهذه المؤسسة وبرأيي هذا النموذج يمكن أن يصدّر إلى البلد العربي والإسلامي..
أولاً: يعتقد الإمام الخامنئي(حفظه الله) أنّ موقف الإسلام تجاه الأسرة هو موقف صحيح ونظرته حقيقيّة ويعتبر أنّ الأسرة هي المادة الأولى للمجتمع وأنّ ما تتعرض له الأسرة من مشاكل يؤثر على المجتمع.

الأسرة هي كلمة طيبة وهبها الله للإنسان، هي حق من حقوق الإنسان، ولتأكيد ذلك نذكر الآية القرآنية:
﴿ألمْ ترَ كيفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾ (إبراهيم 24-25) هذا هو مبدأ الكلام في هذه المقالة، أي مثال الله عز وجل، مثل الله عز وجل في القرآن يحتاج لعناية أكثر، لأن القرآن في هذا المثال يخبرنا بالحقيقة العظيمة؛ يجب أن نعلم هذه الحقيقة إن كنا نريد أن نفكر بحكمة.
الكلمة الطيبة دائماً تُصحح نفسها، وبركاتها تتسرب وتنفذ إلى كل مكان، لا نهاية لها وثمرتها حتمية. إذا لم نكن نعرف كيف نختارها في العمل فهناك مشكلة، وحتى يتبين لنا كيف نستطيع الاستفادة من ثمارها ينبغي علينا توضيح التالي:
أي إنسان لديه ثلاثة مجالات في الحياة: حياة فردية- عائلية- واجتماعيّة.
في الإسلام أن يعيش الإنسان وحيداً -سواءً كان رجلاً أو امرأة- أن يقضي عمره وحيداً ليس أمراً مرغوباً به، فالإنسان "الوحيد" –الذي يعيش دون ارتباط بأسرة- في المجتمع، يعتبر في الإسلام كمثل جزء أجنبي في مجموع جسم الإنسان.
الإسلام يدعو ويؤكد على الأسرة، والتي هي الخليّة الحقيقيّة والأساسية لمجموع المجتمع، ولا يدعو إلى الفرديّة. فكما يتكون جسم الإنسان من الخلايا، والتي قد يصيبها الدمار، والفساد، بسبب المرض -وهذا أمر طبيعي لكن عارض- لكنها تشكل باستمرار تطور دائم للجسم البشري. المجتمع أيضاً يتكون من خلايا اسمها أسرة. كل أسرة هي واحدة من خلايا جسم المجتمع، فعندما تكون الأسر بصحة جيدة ويكون سلوكهم سليماً يكون المجتمع سليماً.
إن لم يستفد المجتمع الإسلامي من الأسر الصحيّة، الحية، والفتيّة لن يتمكن من الحصول على أي تقدم، خاصة في المجالات الثقافية، فبدون الأسر الجيدة والصالحة لا يمكن إحراز التقدم، بالتالي فإن الأسرة هي ضرورة للمجتمع.
إذا كان يوجد في المجتمع أسرة قوية؛ أي يوجد زوجين يحترمان حقوق بعضهما البعض ويتعاونان لحل مشاكلهم وتربية الأطفال، فالمجتمع نتيجة وجود هذه الأسرة يعتدل وينجح. لكن إن لم تكن الأسر في المجتمع صالحة فإن أكبر المصلحين الحاضرين للإصلاح في هذا المجتمع لن يتمكنوا من إصلاح هذا المجتمع.

أسباب وضرورة وجود الأسرة الصالحة في المجتمع:
هي حاجة اجتماعية لأن المجتمع هو مجموع الأسر.
أحد الأسباب للبقاء وصحة وإصلاح المجتمعات.
طريق خروج المجتمع من المشاكل.
أساس الإصلاح وتغير المجتمع وأساس السعادة لجميع الناس.
إذا وجد المصلح في هكذا أسر يستطيع أن يعدل هذا المجتمع.
إن ضرورة وجود الأسرة الصالحة نراها أكثر ضرورة في بناء الحضارة الإسلامية، فهي أساس بناء الحضارة الإسلامية، فبالأسرة الصالحة وبالمصلح الاجتماعي وبالسعادة تنشأ الحضارة الإسلامية.
بناء على ذلك:
لا يوجد أصغر من الأسرة في المجتمع، والشخص "الوحيد" لا وجود له بناء على هذا المنهج، فالمجتمع يعرف كل فرد داخل الأسرة لا خارجها. 
العلاقات بين الفرد والأسرة والمجتمع تصح بالتفاعل فيما بينهم، أما إن كانت بين الفرد والمجتمع فقط دون الأسرة فحتى لو كانت متميزة فلا معنى لها.
أخيراً، إذا كانت الأسر في المجتمع مدمّرة فإنّ المجتمع بل كل شخص وكل حضارة ستتدمر؛ ستتحطم وتتدمر جميع مكونات السلطة، لهذا يعتقد الإمام الخامنئي(حفظه الله) أن أعلى قضايا الغرب اليوم هي الأسرة وأن ما يميز منهج الحضارة الإسلامية هو مبدأ الأسرة.
الهدوء الظاهري السائد في العالم قد بدأ يغيب عن الساحة العالمية وعلامة هذا الغياب ما نراه بعيوننا وهو أن الحضارة الغربية من بعد أوجها -والتي أساسها فكرة الهيومانستية- أصبحت تبدو فيها علامات واضحة من الاضمحلال وهذا الاضمحلال نرى أن أهم أسبابه هي الحركات النسوية...
الأسرة في الغرب اليوم هي الثغرة الموجودة، هي العيب الموجود، هي نقطة الضعف، هي أزمة الحضارة الغربية؛ وهي أحد المشاكل الخطيرة، فالأسرة في الغرب يتآكل أساسها تدريجياً كما يأكل النمل الأبيض النباتات والأشجار، فعلى الرغم من التقدم العلمي والصناعي، نجد أنّ الغرب أشرف على السقوط والدمار (بالطبع على المدى الطويل). المشكلة هنا هي في الغفلة عن الأسرة، أولاً الغفلة عن الأسرة وثانياً تغيير نموذجها.
أكبر مشكلة موجودة اليوم في الغرب، هي الأسرة المفككة، فإهمال الأسرة في العالم الغربي وتغيير نموذجها يؤدي إلى فقدان الأسرة وبالتالي فقدان أسس الحضارة وبالنهاية تدمير هذه الحضارة.
إن  التلوث الأخلاقي والفساد -الذي هو شائع في المجتمع الغربي- من شأنه أن يؤدي إلى انهيار المجتمع وهذه القضية يُبلى فيها المجتمع بشكل تدريجي.

خصائص المجتمع الغربي:
احتقار الزواج والأسرة.
تعزيز تأخير الزواج.
تدمير بنية الأسرة.
تغيير النظرة لدور ومكانة المرأة في الأسرة والمجتمع، وهذا ما نراه في طروحات الحركة النسوية.
نقل الوظائف الأساسية للأسرة إلى مؤسسات أخرى.
تأجيج مشكلة الشهوة في المجتمع.
إعطاء قيمة للمنكرات مثل زواج المثليين.
كل حضارة وكل ثقافة لديها هذا المنطق، فإنها ستخلق كارثة عظيمة.

خصائص الأسرة الصالحة:
وفق خطابات السيد القائد(دام ظله) فإن الأسرة النموذجية لديها الخصائص التالية:
 التوافق مع الشريعة الإسلامية: أثناء بناء الأسرة يجب أن تتوافق مع الشريعة الإسلامية وذلك للحفاظ عليها وإلا فإنها ستزول.
 وجوب احترام المرأة في الأسرة: إذا كانت المرأة في الأسرة محترمة في عين زوجها، في عيون
 أطفالها، وفي عيون الأب والأخ فإن مشاكل المجتمع سوف تنحل في جزء مهم منها. الأسرة هي قاعدة الهرم للمجتمع الإسلامي وللحضارة الإسلاميّة، وفي قاعدة الأسرة الأم والنساء.
 ترتيب مهمات المرأة الاستراتيجية يؤدي إلى تعزيز الأسرة: تنقسم المهمات إلى ثلاثة أقسام مهمات فردية، التزامات عائلية، مسؤوليات اجتماعية، وبما أن المرأة في قاعدة الهرم الأسري فإنّ أهم دور لها وفي قاعدة أدوارها هي الالتزامات العائلية من بعدها تأتي مهامها الفردية أو الشخصية والمسؤوليات الاجتماعية.
 ترتيب المواهب النسائية يؤثر في الأسرة والمجتمع: إنّ احترام المرأة هو الذي يعطي الفرصة للنساء للوصول إلى هذه القوة والمواهب المتميزة؛ فالله سبحانه وتعالى أودعها داخل كل إنسان. هذه المواهب تؤثر في الأسرة والمجتمع وهي على مستويات مختلفة، هناك مواهب واهتمامات على المستوى الدولي، على المستوى العلمي، المعرفة، البحث، والتعلم؛ هذا هو الاحترام الحقيقي للمرأة فترتيب المواهب والاهتمام بها يجعل المرأة تقوم بدورها في بناء الحضارة الإسلامية وتواجه أي حركة نسوية وأي حركة غربية.
خلاصة هذا الكلام والمقال: إن الإمام الخامنئي(حفظه الله) يعتقد أن هناك تميز خاص للحضارة الإسلامية مقارنة بالحضارة الغربية اتجاه الأسرة، الأسرة هي أصل ومبدأ في المجتمع الإسلامي. ونحن نعتقد أن الحركات النسوية بالتدريج سوف تهزم الحضارة الغربية.
في الختام أتمنى التوفيق لكل شخص يهتم بهذا الطريق، طريق الحق، خاصة السيدة الحكيم والأصدقاء الذين ساعدوها في هذا المسير.


والحمدلله رب العالمين


*حائزة على الدكتوراه وتدرّس مادة السياسة والاقتصاد في جامعتي السيدة زينب(ع) والشهيد بهشتي.  

التعليقات (0)

اترك تعليق