كلمة فضيلة الشيخ محمد حسن زراقط: النموذج الإسلامي للأسرة مقاربة أوليّة: النظام الإسلامي للعلاقات الرحمية والقرابية (الأسرة الموسعة)
كلمة فضيلة الشيخ محمد حسن زراقط (مدير مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي):
النموذج الإسلامي للأسرة مقاربة أوليّة: النظام الإسلامي للعلاقات الرحمية والقرابية (الأسرة الموسعة):
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
البحث عن الأسرة وما يرتبط بها من أخطر المسائل والقضايا والموضوعات في مجتمعاتنا المعاصرة. وقد التفت العلماء على اختلاف توجّهاتهم وانتماءاتهم المذهبية والعلمية على البحث في شؤون الأسرة وقضاياها؛ ولأجل هذا تأسست علومٌ أو فروع علومٍ للبحث في مثل هذه المسائل، منها على سبيل المثال لا الحصر: علم الاجتماع الأسري وعلم النفس الأسري، وعلى هذه يُقاس ما سواها. ولست أقصد في مداخلتي هذه التجوّل في تلك البقاع؛ لأنّ ما يهمّني منها هو محاولة التأمّل في بعض المفاهيم الدينيّة والتعاليم الوحيانية التي لها عظيم الأثر في استقرار الأسرة، الأمر الذي ينعكس حتًما استقرارًا اجتماعيًّا. وذلك أنّ الأسرة في الحدّ الأدنى تشبه حجرًا في البناء الاجتماعيّ، ولا يمكن للبناء أن يستقرّ إذا لم تستقرّ أجزاؤه التي يتألّف منها. ويبدو أنّ الاهتمام العلميّ بالأسرة بدأ في الغرب في وقت متأخّر ويرجع بعض الباحثين هذا الاهتمام إلى التحدّيات التي بدأت تواجه الأسرة التقليدية والتغييرات الاجتماعية التي بدأت تعصف بالمجتمعات الغربية في عصر الثورة الصناعية وما بعدها. ولا يمكن لمداخلة كالتي أنا بصددها أن تحيط بجميع جوانب موضوع على هذه الدرجة من الخطورة والأهمية؛ لذلك سوف أحصر اهتمامي في النموذج الإسلامي للأسرة من خلال إطلالة على أهمّ التقسيمات التي تذكر لهذه المؤسسة الاجتماعيّة. مع ما يقتضيه هذا الهدف من متطلّبات.
تعريف الأسرة:
ذُكِرت للأسرة في علم الاجتماع تعريفات عدّة للأسرة لا يبدو استعراضها والموازنة بينها أمرًا ضروريًّا. وعلى قاعدة حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق، أكتفي بالإشارة إلى أنّ الأسرة هي مجموعة من الأفراد تعيش حياةً مشتركة في محلٍّ واحدٍ تتشارك المصالح والحاجات وتسعى لتحقيق هدفٍ مشتركٍ، ومن أهمّ الأركان الملحوظة في تعريف الأسرة عند علماء الاجتماع هي علاقات القرابة الزوجية بين الزوجية والأبويّة بين الزوجين والأبناء. والهدف من هذا القيد الأخير التمييز بين الأسرة وبين الوحدات الاجتماعية الأخرى التي تشبه الأسرة ولكنّها ليست منها، مثلا علاقة الصداقة مع الاشتراك في المسكن لا ينطبق عليها مفهوم الأسرة. وعلاقة الجوار مع الاشتراك في بعض مرافق المسكن كما في المباني المؤلّفة من طبقات وتسكنها أسر متعدّدة تتشارك بعض المرافق العامّة. وعلى هذين المثالين تُقاس بقيّة الأمثلة. وما يعفينا من مزيد من التوضيح وضوح مفهوم الأسرة خاصّة في مجتمعاتنا الإسلاميّة. ولذلك نستغني عن التفصيل بهذا الوضوح.
وربّما لا يجد المتطلّع في المصادر الإسلامية أفضل من قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾1، للتعبير عن أركان الأسرة وأعمدتها الأساس. وذلك أنّ هذه الآية الشريفة تحدّد كيفية تشكيل الأسرة أو بعض أنواعها على الأقل بناء على تركّب الأسرة من أسرة أصغر كما سوف يأتي.
وما يُستفاد من هذه الآية الشريفة:
1- التكافؤ: الركن الأوّل الذي تلمّح إليه الآية الشريفة هو التكافؤ بين الزوجين وأنّ كلّ واحدٍ منهما نفسٌ للآخر خاصّة إذا لاحظنا أنّ الخطاب فيها ليس للرجال بل لبني الإنسان ذكورًا كانوا أم إناثًا، ولا يمنع من هذا الفهم توجه الخطاب بصيغة التذكير؛ وذلك أنّ استخدام صيغة المذكّر للتعبير عن الذكر والأنثى من الأمور المعروفة، في كثير من اللغات التي تميّز بين المذكّر والمؤنّث في الخطاب. والتكافؤ المذكور هو تكافؤ في القيمة والمكانة الاجتماعية وتكافؤ في الاستناد إلى الله عزّ وجلّ.
2- السكن: الركن الثاني وهو كون أحد الزوجين وسيلة من وسائل الاستقرار والاطمئنان النفسي لزوجه.
والوجه الآخر للسكن هو أنّه غاية من الغايات التي أرادها الله لتكون هدفًا لإنشاء العلاقة الزوجية بين الزوجين.
3- الفطرة: الركن الثالث الذي يمكن أن يُستفاد من الآية هو أنّ حاجة كلٍّ من الزوجين لزوجه ليس أمرًا تابعًا للعادة أو التربية أو الظروف الاجتماعية؛ بل مستندٌ إلى التدبير الإلهيّ من خلال المودّة التي غرسها الله في جنان الزوجين لينجذب كلّ طرفٍ منهما إلى الآخر. الأمر الذي يسمح لنا بربط الزواج وتأسيس الأسرة بالسنن الإلهيّة في المجتمع الإنسانيّ.
4- الرحمة لا العدل: العدل أساس وركنٌ لا يمكن الاستغناء عنه في العلاقات الاجتماعيّة. وقد دعا الله تعالى إلى العدل في العلاقة بين الزوجين وعدم تجاوز أيٍّ منهما حدود العدالة في تعامله مع الآخر. ولكنّ الحكمة الإلهيّة اقتضت تدبيرًا أعمق وهو أنّ العلاقة الزوجية على الرغم من طابعها القانونيّ وصياغتها التعاقدية في الإسلام بخلاف المسيحية التي ترى أنّ عقد الزواج سرٌّ من الأسرار اللاهوتية التي تخضع للإرادة الإلهيّة أكثر من الإرادة الشخصية، على الأقل في ما يرتبط بإنهاء العلاقة وفسخها، فإذا كان الإنسان حرًّا في الزواج فإنّه غير حرٍّ في الطلاق. على الرغم من ذلك كلّه، غير أنّ العدل في الأسرة يمثّل الحد الأدنى الذي لا ينبغي أن تجاوزه؛ ولكنّ ما يؤدّي إلى استمرار العلاقة وثبات المؤسسة الأسريّة هو الرحمة المودعة في قلبي الزوج والزوجة.
ولعلّ لقاءنا هذا يُعدّ عملًا بخاتمة الآية التي تدعو إلى التفكّر في هذا الكيان المسمّى بالأسرة وذلك أنّ تحوّل المخلوق من ترابٍ كما تنبئ الآية السابقة على هذه الآية، إلى كائن رحوم يألف ويؤلف، أمرٌ يستحقّ التفكر والتدبّر لاكتناه الحكمة الإلهية.
النموذج الإسلامي للأسرة ممتدة أم نووية
يُقسم علماء الاجتماع الأسرة إلى أقسام عدّة وفق اعتباراتٍ مختلفةٍ، بعضها لا يدخل في دائرة اهتمامنا على الأقل في مثل هذا اللقاء2. والشكلان الأهمّ للأسرة بحسب علم الاجتماع الأسريّ هما:
أ- الأسرة الممتدّة: هي التي تتألف على الأقل من ثلاثة أجيال أي الآباء والأبناء والأحفاد. والمعيار في الأسرة الممتدّة: السكن، والسلطة، والإعالة. ولا يتحقّق هذا المفهوم بالسكن وحده، بل ربّما يكون السكن هو الأقل تأثيرًا في تحقّق هذا المفهوم.
خصائص هذا النوع:
لكلّ شكلٍ من أشكال الأسرة خصائص تميّزه عن الشكل الآخر وربّما يمكن عدّ بعض هذه الخصائص حسنات وعدّ أخرى مساوئ، تدعو الأولى إلى اعتماد هذا الشكل والثانية إلى اعتماد الشكل الثاني.
ومن أهمّ الخصائص التي تُذكر للأسرة الممتدّة، ما يأتي:
1- الاشتراك في الإنتاج: تترتّب على الأسرة مصالح متعدّدة للفرد منها المصالح الاقتصاديّة فإنّ الإنسان وخاصّة في المجتمعات الزراعية كان عاجزًا عن إنتاج ما يريد من حاجات وخاصّة في مجال إنتاج الغذاء. ويدّعي بعض علماء الاجتماع أنّ الاشتراك في الإنتاج هو أهمّ السمات التي تترتّب على امتداد الأسرة واستمرارها من الجيل الأول إلى الجيل الثاني، وبالتالي فإنّ تراكم الأجيال يؤدّي إلى زيادة عدد الأيدي العاملة وبالتالي زيادة القوّة الاقتصاديّة للأسرة أو فلنقل زيادة القدرة الإنتاجية.
2- الاشتراك في الاستهلاك: من الطبيعيّ أن يترتّب على الاشتراك في الإنتاج الاشتراك في الاستهلاك، وهذه السمة أيضًا هي سمة اقتصادية وخدمة حسن تترتّب على الأسرة التي توزّع حاصل نشاطها الاقتصاديّ على أفرادها.
3- السلطة للأكبر وهو الجد: لمّا كان مفهوم الأسرة الممتدّة لا يتحقّق إلا إذا مع اجتماع ثلاثة أجيال على الأقل في أسرة واحدةٍ. كان من أهمّ خصائص الأسرة الممتدة، وربما من أهم السمات التي تؤدّي إلى تحقّق هذا الشكل من أشكال الأسرة وحدة السلطة على الأسرة؛ وذلك أنّ بعض الأسر المستقلّة قد تتشارك منفعة من المنافع أو مصدر إنتاج ودخل أو غير ذلك من أسباب الاشتراك، ولكن تبقى أسرًا مستقلّة ما دامت لا تخضع لسلطة فرد واحدٍ. وعندما نتحدّث عن السلطة على الأسرة نشير إلى السلطة الاقتصاديّة وغيرها، ولكن مع اختلافات تقتضيها العادات والتقاليد.
ب- الأسرة النووية: هي التي تتألّف من من زوج وزوجة وأبنائهما.
خصائص هذا النوع: قد تترتّب على الأسرة النووية كثيرٌ من منافع الأسرة الممتدّة ومصالحها ولكن على نطاقٍ ضيّقٍ في حدود الزوجين والأبناء المباشرين، وغير المباشرين في الحالات التي يتولّى الجدّ أو الجدّة تربية الأحفاد مع عدم وجود الأبناء لأيّ سبب من الأسباب كالوفاة أو الانفصال وربّما لا يؤثّر هذا الأمر في تحوّل الأسرة من نووية إلى ممتدّة. ويمكن من خلال هذه المقاربة ومن خلال ما تقدّم من خصائص للأسرة الممتدّة يمكن معرفة خصائص الأسرة النووية ولذلك لا داعي لتعدادها وتوضيحها.
النموذج الإسلاميّ للأسرة:
من يتأمل التعاليم الإسلامية المرتبطة بمجال العلاقات القرابية يحتار في النموذج الإسلاميّ وهل هو الأول أو الثاني. وسوف أستعرض في ما يأتي بعض التشريعات والتعاليم الإسلاميّة
الملكية: إذا كان الإنتاج والاشتراك فيه من خصائص الأسرة الممتدّة والنووية فإنّ موقف الإسلام غريب عن الشكلين في هذا المجال؛ وذلك أنّ الإنتاج والاستهلاك في التشريعات الإسلامية يتعلّق بمجال الحقوق الفرديّة. وربّما يمكن تشبيه العلاقات الاقتصادية بين أفراد الأسرة بالمسؤولية الجزائية والجنائية عن الأفعال؛ حيث تحكمها في الإسلام قاعدة: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"3، وعلى هذا النحو يحترم الإسلام الملكية الفردية للزوج والزوجة ولا نجد في التعاليم الإسلاميّة كيانًا اقتصاديًّا اسمه الأسرة يملك بشكل مشترك بل من يملك هو الأفراد سواء كانوا أزواجًا أم أبناء وآباء. وقد قرر الإسلام قاعدة ملكية الزوج وشرّع التشريعات التي تدعو إلى احترامها وتحرّم التعدّي عنها في موارد عدّة منها، كمثال:
بين الزوجين:
- قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَال ِنَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْن َوَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍعَلِيمًا﴾4
- وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً﴾5 ووجه الاستناد إلى هذه الآية أنّ القرآن الكريم يشرّع المهر للمرأة ويحرّم أكل شيء منه وهذا يعني أنّ الملكية فرديّة وليست ملكيّة مشتركة للأسرة، وإلا لما كان للمهر معنًى ولما صحّ النهي عن الأكل من الملك المشترك.
بين الآباء والأبناء:
كما يحرم على الزوج استغلال أموال زوجته كذلك يحرم عليه استغلال أموال أبنائه. وعلى الرغم من كون الأب وليًّا على أموال أبنائه إلا أنّه وليٌّ إدارة لا وليّ تصرّف فلا يجوز له التصرف فيها لمصلحته الخاصّة وأمّا حدود تصرّفه فيها لمصلحتهم فتوجد آراء عدّة بعضها يشترط الغبطة بحسب التعبير الفقهيّ أي يشترط المصلحة التي تعود على الطفل القاصر ولا يكفي للتصرّف تساوي المصلحة والمفسدة.
وفي مقابل هذا الموقف التشريعيّ الذي يجعل المتأمّل يرجّح كفّة الأسرة النووية نجد مجموعة من التشريعات تصبّ في الجانب المقابل أي الميل إلى جانب الأسرة الممتدّة وسوف أكتفي بعرضٍ سريع لبعض الأحكام التي تكسر قانون الملكية الفرديّة وتقرّ شكلًا من أشكال المشاركة في الإنتاج والاستهلاك:
- إلزام الأب بالإنفاق على الأسرة زوجة وأطفالًا.
- تجويز الأكل من بعض البيوت عملًا بالآية الشريفة التي تقول: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِن ْبُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم ْبُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُم ْتَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَات ِلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾6
- تجويز الربا بين الوالد وولده. بناء على فتوى من يفتي بالجواز عملًا بقاعدة لا ربا بين الوالد وولده، الأمر الذي يوحي بما نسميه باللهجة اللبنانية بـ"وحدة الحال" الأمر الذي يحوّل مفهوم الربا بين طرفين إلى أخذ بيد وإعطاء بيد أخرى.
- ورد في الرواية عن النبيّ (صلى الله عليه وآله): "أنت ومالك لأبيك".
- تجويز النبيّ (صلى الله عليه وآله) لزوجة أبي سفيان الأكل من مال زوجها دون إذنه بعدما اشتكت إليه بخله.
- وجوب الإنفاق على الأبوين مع حاجتهما.
- وجوب الإنفاق على الزوجة ولو مع غناها.
- تحريم الصدقات الواجبة على من يجب الإنفاق عليه.
فهذه التشريعات تكشف عن شكلٍ من أشكال الشراكة في الملكية بمستوًى أو بآخر من الشراكة.
وأما خارج دائرة حدود الإنفاق والملكية فثمّة تشريعات فتوجد تشريعات توحي بميل إلى خيار الأسرة الممتدّة
وأخرى توحي بميل إلى خيار الأسرة النووية، أستعرضها سريعًا وأترك البحث في دلالاتها لفطنة القارئ الكريم:
- الزواج: خيارٌ فرديٌّ مع صلاحية للأب ولو على مستوى النقض والاعتراض تبعًا للفتاوى الفقهيّة.
- صلة الرحم: تتّسع دائرة صلة الرحم في الإسلام إلى حدود تتجاوز حدود الأسرة النووية قطعًا، مع الاختلاف في المستوى الذي تصل إليه أفرادًا (العمّ والخال والعمّة والخالة وأبنائهم؟)، ونوعًا (الزيارة والصدقة والهدية وما شابه أو الاكتفاء بمثل التسميت والسلام وردّه).
- تحريم التجسّس: يجب على الأب متابعة أمور تربية الأبناء ولكن في الوقت نفسه يحرم عليه التجسّس عليهم كما يحرم عليه التجسّس على الآخرين.
إلى غير ذلك من التشريعات التي يطول بنا المقام لو أردنا استعراضها جميعًا.
وفي الختام يتوقّف حسم الموقف من النموذج الإسلاميّ للأسرة وأنه الممتدة أم النووية على مزيد من التتبّع والتدقيق في تفاصيل التعاليم الإسلاميّة المرتبطة بالأسرة. ولكن سريعًا يمكن القول إلى النموذج الإسلاميّ للأسرة هو لا هذا ولا ذلك بل نموذج يعترف للأسرة بأهميّتها والمحافظة عليها مع احترام الخصوصية الفردية ولكن شرط عدم تحوّل الأسرة الصغيرة إلى وحدة اجتماعية مستقلّة عن المجال الأوسع الذي انحدرت منه.
الهوامش:
1 سورة الروم: الآية 21.
2 من تقسيمات الأسرة، غير ما هو مذكور أعلاه: الأسرة المنتشرة، الأسرة الاستبدادية والديمقراطية.
3 وردت هذه العبارة في القرآن الكريم أكثر من مرّة منها: سورة الزمر: الآية 7.
4 سورة النساء: الآية 32.
5 سورة النساء: الآية 20.
6 سورة النور: الآية 61.
اترك تعليق