كلمة الدكتور أحمد جشي: المفهوم الإسلامي للأمن الاقتصادي الأسري
كلمة الدكتور أحمد جشي (النائب السابق لحاكم مصرف لبنان):
المفهوم الإسلامي للأمن الاقتصادي الأسري:
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا التركيز على المفهوم الإسلامي؟
• لماذا لا نكتفي بالمفهوم المعاصر للأمن الاقتصادي للأسرة؟
• من هو الله سبحانه؟
• الكون وعظمة الخالق.
• نظرة الغرب المادية للحياة.
• بعض المسلمين مثلهم كمثل اليهود- ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ (سورة الجمعة، الآية: ٥)
• المخلوق يريد أن يرشد الخالق (والعياذ بالله) لما يصلح للمخلوق من أمر دنياه!!! ﴿قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَه﴾ (سورة عبس، الآية: ١٧)
المفهوم المعاصر للأمن الاقتصادي الأسري:
الأمن الاقتصادي للأسرة يطلق على مجموع العناصر الأساسية التي يجب توفرها لضمان حياة كريمة من أمن غذائي وتعليم وفرص عمل ومسكن ورعاية صحية.
إن توفر العناصر الأساسية أمر ضروري لكنه ليس كافياً لتحقيق الحياة الكريمة، فأب البشرية آدم الذي توفرت له ولزوجه حواء كل أسباب الحياة الكريمة التي لم تتوفر لبشر بعدهما حيث أسكنهما الله سبحانه الجنة ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى* وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ﴾ (سورة طه، الآيات: ١١٨- ١١٩). فتحقيق الأمن الاقتصادي المستدام مشروط بطاعة الله سبحانه ومناصبة العداء لأعداء الله وأولهم وسيدهم إبليس: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ (سورة فاطر، الآية: ٦).
الحالة الإيمانية للأسرة:
على سبيل المثال، بعض الناس لا ينكر وجود الله سبحانه ولا الميعاد لكنهم لا يلتزمون بالأحكام الشرعية فيما آخرون يلتزمون ببعض الأحكام الشرعية دون بعضها الآخر كالفتيات اللاتي تصلين وتصمن ولا تتحجبن.
ولو كان الكذب عادة لدى الأبوين لنشأ الأولاد على الكذب؛ وكذلك الأمر لو كان شرب الخمر أو فعل المنكر أمر طبيعي داخل الأسرة. كما إن احتمال تمتع الأبناء بالأخلاق الحسنة احتمال ضئيل لو كان الأبوين سيئي الخلق؛ ففاقد الشيء لا يعطيه.
المكانة الاجتماعية للأسرة:
يرث المولود الجديد المكانة الاجتماعية لأسرته وينمو ضمن البيئة الاجتماعية للأسرة ما يفرض عليه نمط حياة خاص وعادات وتقاليد ومعتقدات موروثة.
العلاقة بين الزواج والأسرة:
إن تفسخ الروابط العائلية سواء جراء الطلاق أو الزيادة المطردة في أعداد المعاشرة خارج الزواج (العلاقات غير الشرعية) من شأنه أن يؤثر سلباً على الأبناء لناحية الضغوط النفسية والعاطفية التي يتعرضون لها فضلاً عن تدني تحصيلهم العلمي وبالتالي ارتفاع نسبة فقرهم. كما أن كلفة ازدياد نسب الطلاق في مجتمع ما على النمو الاقتصادي كلفة كبيرة جداً ما يؤثر سلباً على الأمن الاقتصادي للأسر.
المفهوم القرآني للأمن الاقتصادي الأسري:
المفهوم الغربي للأمن الاقتصادي يحصر الموضوع بالحاضر وأثره على الأجيال القادمة. فنظرة الغرب المادية للحياة الكريمة تجعل الآباء يوبخون أبناءهم لرسوبهم في المدرسة بينما يعتبرون علاقة الإبن غير الشرعية بزميلته في المدرسة أمراً طبيعياً.
أما المفهوم الإسلامي للأمن الاقتصادي، هو ذلك الذي يحقق الحياة الكريمة في الدارين معاً لا حصراً في الدار الدنيا. فمن يعمل في مصرف ربوي قد يحقق الأمن الاقتصادي لأسرته في هذه الدنيا لكن على حساب شقائه في الآخرة - ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (سورة هود، الآيات: ١٥- ١٦).
دور الأبوين في تعزيز الأمن الاقتصادي الأسري:
إن السلوك السيء لأحد أفراد العائلة قد يطيح بالأمن الاقتصادي للأسرة. على سبيل المثال، قد يبدد الزوج ثروته في الميسر ما يحرم أسرته من أبسط مقومات الحياة الكريمة. وقد يزني أحد الأبوين فيحصل الطلاق وتفكك الأسرة ويطاح بأمنها الاقتصادي.
كما درجت العادة أن يزوج الأهل بناتهن لميسورين أو أثرياء حرصاً على مستقبلهن كما يزعمون- ﴿وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (سورة النور، الآية: ٣٢).
فتقوى الأبوين شرط أساسي في حفظ الأسرة ونموها وديمومتها وتأمين أمنها الاقتصادي في الدارين معاً.
البيئة الملائمة لتحقيق الأمن الاقتصادي الأسري:
تستند هذه البيئة إلى خمس ركائز أساسية تحفظ عزة المؤمن الذي يستمد عزته من الله العزيز الحكيم:
(١) نظام حكم يؤمن العدالة؛ (٢) إقتصاد قوي؛ (٣) نظام تعليمي مميّز؛ (٤) جيش قوي؛ (٥) نظام تكافلي.
1- نظام حكم يؤمن العدالة:
نظام الحكم الإسلامي هو النظام الأمثل لتنظيم حياة الإنسان وتأمين العدالة في هذه الدنيا، فهو الكفيل بأن يوفر للإنسان الحياة الكريمة ويسمح له بإطلاق طاقاته الابداعية: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (سورة إبراهيم، الآية: ١) ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (سورة النحل، الآية: ٨٩)؛ فإشاعة الفاحشة والمنكر في المجتمع من شأنهما تقويض أسس الأمن الاقتصادي للأسرة وللمجتمع: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ (سورة النحل، الآية: ١١٢).
إن المجتمعات التي تسودها المفاهيم والقيم الإسلامية توفر البيئة الصالحة للأسرة ما يجعل أفرادها يساهمون كلٌ في مجاله في تغيير المجتمع نحو الأفضل: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ (سورة النور، الآية: ٥٥).
إن قدرة الأبناء على التمييز بين الحق والباطل تؤهلهم للاقتراع للأصلح على كافة المستويات الطلابية والمهنية والنقابية والبلدية والبرلمانية واختيار الحكام الصالحين ما يعزز نظام الحكم الإسلامي وبالتالي يوفر الأمن الاقتصادي للمجتمع.
2- إقتصاد قوي:
الاقتصاد القوي الذي يضمن عدم التبعية الاقتصادية للخارج ويؤمّن عدالة توزيع الإنتاج من شأنه أن يوفر الحاجات الأساسية للأفراد والأُسر فيمنع إمساك فئة قليلة بالمقدرات الاقتصادية للبلاد فيما تصاب شرائح واسعة بالفقر ما يهدد النسيج الاجتماعي ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار.
- ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ (سورة الأعراف، الآية: ٩٦).
- ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ﴾ (سورة المائدة، الآية: ٦٦).
3- نظام تعليمي مميّز:
نظام تعليمي مميز من خلال توفير التعليم الرسمي الجيد بكل مراحله لجميع شرائح المجتمع وتدريس العلوم الدينية جنباً إلى جنب مع سائر العلوم الأخرى من المراحل الابتدائية وصولاً إلى الدكتوراه وهو:
- يعزز الأمن الاقتصادي للأسر ويكسب الأفراد مهارات علمية متطورة تلعب دوراً محورياً في
التنمية الاقتصادية المستدامة وفي تحقيق الاستقلال الاقتصادي وفي بناء قدرات عسكرية متطورة تساهم في ردع الأعداء وحماية الأوطان: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ (سورة الأنفال، الآية: ٦٠).
- يسمح لهم بالتمييز بين الحق والباطل فيحسنوا اختيار الصالحين لقيادة البلاد ومحاسبتهم عند الضرورة.
- يفسح ذلك المجال أمام المتفوقين من طلاب الدراسات العليا من حيازة مرتبة الاجتهاد الخاص كلٌ ضمن تخصصه العلمي فينطلقوا في رحلة الابتكار والإبداع ليضفوا المفاهيم الإسلامية على العلوم المعاصرة: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (سورة المجادلة، الآية: ١١)/ ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً﴾ (سورة طه، الآية: ١١٤).
4- جيش قوي:
جيش قوي يرتكز إلى ثلاث مكونات:
(١) عقيدة واضحة؛ (٢) روح جهادية لدى أفراده؛ و(٣) عتاد متطور.
1- عقيدة واضحة تسمح بالتمييز بين الصديق والعدو.
2- روح جهادية تدفع بالمرء لأن يضحي بنفسه في سبيل الله سبحانه فيحمي أهله وبلده ويفوز بإحدى الحسنيين.
3- قدرات علمية تساعد في تطوير العتاد وملاءمة المخاطر التي تهدد البلاد: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ (سورة الأنفال، الآية:٦٠).
6- نظام تكافلي:
تكافل اجتماعي:
- ترابط بين حجم الأسرة وقدرتها على تقديم المعونة.
- مصدر دعم أساسي عندما لا تتوفر المعونة من مصادر أخرى كما هي الحال بالنسبة لتمويل المشاريع الصغيرة.
عدد الأولاد في كل عائلة | عدد الإخوة والأخوات | عدد الأعمام والأخوال | عدد أولاد العم والأخوال |
1 | 0 | 0 | 0 |
2 | 1 | 2 | 4 |
3 | 2 | 4 | 12 |
4 | 3 | 6 | 24 |
5 | 4 | 8 | 40 |
6 | 5 | 10 | 60 |
7 | 6 | 12 | 84 |
- للصدقات دور أساسي في سد حاجات الأسر ذات الدخل المحدود وتوفير الأمن والاستقرار. ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (سورة الصف، الآيات: ١١-١٠).
اترك تعليق