مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة* الدكتورة نجوى اليحفوفي (منسقة مادة علم النفس في المعهد العالي للدكتوراه)

كلمة الدكتورة نجوى اليحفوفي: الأمن النفسي ودوره في تنمية الشخصية والتكيف الاجتماعي

كلمة* الدكتورة نجوى اليحفوفي (منسقة مادة علم النفس في المعهد العالي للدكتوراه):
الأمن النفسي ودوره في تنمية الشخصية والتكيف الاجتماعي:

بسم الله الرحمان الرحيم

تعريف الأمن النفسي:
حالة من الطمأنينة الإنفعالية والنفسية تؤدي إلى الشعور بالتوازن، والاستقرار والتوافق.

مكونات الأمن النفسي:
للأمن النفسي مكونان:
• داخلي: يتضمن التوافق النفسي للطفل مع ذاته وقدره على تحمل المآزم والصراعات
 وتخطيها.
• خارجي: ويشمل التكيف الاجتماعي متمثلاً بقدرة الطفل على الموائمة بين المتطلبات الداخلية والخارجية والأنا الأعلى.

الحاجات والأمن النفسي:
يحتل الأمن النفسي المرتبة الأولى بين الحاجات النفسية الضرورية لنمو الطفل والمتمثلة بالحاجة:
 الحاجة إلى الأمن.
الحاجة إلى الإنتماء.
الحاجة إلى تقدير الذات.
الحاجة إلى تحقيق الذات.

القبول الوالدي والأمن النفسي:
يشكل القبول الوالدي بعداً حاسماً في تشكيل شخصية الطفل.
القبول مسلمة يمنحها الآباء للأبناء تؤدي للأمن النفسي.
يتمثل القبول بالثناء على الطفل، والتواجد معه عند الحاجة.
وحسن الحديث إليه.

الأمن النفسي والقبول الوالدي:
يتمثل الشعور بالقبول: مشاعر الحب، والدفء العاطفي، وحماية الآخرين له، والرعاية مما يوفر الشعور بالأمن فيتقبل الذات والآخر ويعمم هذه المشاعر على البيئة الاجتماعية ويتفاعل معها إيجابا. 
    
الأمن النفسي والرفض الوالدي:
يتمثل عدم الأمن النفسي بالرفض الوالدي والمتمثل في غياب الحب والدفء فيعاني من الشعور بالاعتمادية: يسعى للحصول على العطف، والمساعدة والتشجيع.
 الشعور بالعدوانية: شعور بالغضب أو الكراهية يتجه نحو الذات أو الآخرين ويعبر عنه بسلوك بقصد إيقاع الأذى بفرد أو شيء ما ويترجم بصورة تدميرية: كالضرب، والعناد، والرغبة في الإنتقام.
 التقدير السلبي للذات: الشعور بالنقص والدونية.
 عدم الكفاية الشخصية: أي عدم القدرة على القيام بالمهام الموكلة إليه وعلى حل المشكلات.
 عدم التجاوب الإنفعالي: عدم القدرة على التعبير بحرية عن انفعالاته، وصعوبة تكوين صداقات، وإقامة علاقات طويلة الأمد.
 عدم الثبات الإنفعالي: عدم استقرار الحالة المزاجية، ومواجهة التوتر بالإحباط والإنزعاج، مما ينعكس نظرة تشاؤمية وسلبية للحياة فينظر إلى الكون على أنه مكان مهدد وغير آمن ومليئ بالمخاطر.

الأمن النفسي والاتزان الإنفعالي:
يرتبط الأمن النفسي ارتباطاً وثيقاً بالإتزان الإنفعالي، مما يساهم في خفض التوتر لديه وتنسجم المثيرات الخارجية مع مشاعره وسلوكه.
وتتأتى السعادة من ارتباط الثقة بالنفس والأمن النفسي هذه الطمأنينة القاعدية تؤدي إلى التكيف السليم ومواجهة المعوقات والإضطرابات النفسية وتخطي المخاوف/ بالمقابل فانخفاض الشعور بالأمن يزيد من مشاعر التهديد والقلق.

الأمن النفسي والثقة بالذات:
يدفع الأمن النفسي إلى الشعور بالثقة بالنفس فيكون مفهوم إيجابي عن ذاته/ ومن بناء علاقات سوية ومتكيفة مع الآخرين.                  
يمتلك القدرة على حل المشكلات، ومواجهة الصعاب، والتفوق الدراسي. فيتمتع بثقة قاعدية بذاته وبالآخرين. ولدى انعدام الثقة والأمن تتدنى قيمة الذات، ويشعر بالخطر وسؤ المعاملة وخبرات انفعالية غير سارة.

الأمن النفسي وأساليب التربية:
يتوقف نمو الشخصية والتكيف الاجتماعي على أسلوب التربية ونوع المعاملة، فالتربية التي تتسم بالتسلط، أو الحماية الزائدة، أو الإهمال، أو التدليل، أو التذبذب تؤدي إلى عدم إشباع الحاجة إلى الأمن فتنتاب الطفل الاضطرابات الحياتية والاختلالات النفسية، والمخاوف، والقلق النفسي، وتدني التحصيل الدراسي، وعدم الإلتزام بالمعايير الاجتماعية، وعدم القدرة على القيام بالمهام الموكلة إليه.
فيما يحقق الأسلوب الديمقراطي القائم على الحوار، التعبير عن الرأي، والمناقشة، واحترام حقوق الطفل، والود إلى تنمية قدراته الإبداعية، والتحفيز على حل المشكلات، والنمو والتكيف السليم.

الأمن النفسي والاستقلالية:
ترتبط تنمية السلوك الاستقلالي بنمو الشعور بالأمن والشعور بالكفاءة، والتحكم بالبيئة، والقدرة على إنجاز المهام المطلوبة بنجاح، والاعتماد على الذات، وتنمية فرديته، ويتصف سلوكه بالشجاعة، وروح المبادرة والقدرة على مواجهة المعوقات والصعاب، والتأقلم مع الجديد، وتولي مهام قيادية. 

الأمن النفسي والتكيف الاجتماعي:
والذي يعتمد على شعور الطفل بالأمن العاطفي، والثبات في العلاقات الأسرية، والتقبل مما يعزز اتزانه الإنفعالي، ويكتسب اتجاهاً إيجابياً من الحياة، فيتمكن من تطوير السلوك المرغوب به، واتخاذ المبادرة استعداداً لتحمل المسؤولية، وإن مفهوم الذات الإيجابي يقابله بثقة وإيجابية مع الآخرين، فالطفل القبول والمحبوب يتمكن من تطوير نموه النفسي، والإنفعالي، والمعرفي ويعمل على اختبار علاقات اجتماعية متنوعة.
ويحدد نموذج التفاعل الأسري القائم على الحب، والنقاش بالقدرة على نمذجة علاقات الطفل مع الآخرين بالدفء والتفاهم مع المحيطين، ويكتسب السلوك الاجتماعي، ويستدخل القيم، والقواعد وعمليات الضبط الاجتماعي، والتمتع بالاستقلالية، وينشط لتحقيق ذاته، ويرغب في أن تشجع إنجازاته، وأنشطته، والثناء على أعماله، ويتقدم حثيثاً نحو التطبيع الاجتماعي، ومشاركة أقرانه أنشطتهم، والتعاطف معهم، وتقديم تنازلات عن بعض رغباته إرضاءاً للجماعة، والميل للتسامح والإلتزام بالدور الذي يرسمه له الأصدقاء، واكتساب المهارات الاجتماعية في تفاعله معهم كالاعتذار عن الخطأ، والشكر لدى تقديم خدمة له، والاستئذان باستخدام أغراض الآخرين ومراعاة آداب الحديث ومساعدة المحتاجين.
وينبغي على الأهل تشجيع أطفالهم على المهمات الجديدة لتنمية الشعور بالثقة، والكفاءة، وتوجيه الملاحظات البناءة والإيجابية بدل السلبية فنمو الشخصية يتوقف على تحقيق وإشباع حاجات الطفل.
ويؤدي الأمن النفسي إلى مسايرة المعايير الاجتماعية، والتأثر بالجماعة المرجعية، ومشاركة الجماعة الدوافع، والميول، والاتجاهات، والقيم وتحدد مستوى طموحه والإطار المرجعي له.
لا ضرورة لموافقة الآباء على مشاعر الطفل لكن يتحتم عليهم إتاحة الفرصة لإبداء الرأي وتقبل مشاعره السلبية والإيجابية ومنحه الدعم وتفهم خبراته وتقبل انفعالاته من غضب وخوف وغيرة. 
من عمر 6- 9 سنوات:
إشباع الحاجات والمتطلبات يتيح للطفل الشعور بالأمن والسعادة فيما الفشل في تحقيقها يشعره بالإحباط والتعاسة.
إن اتساع شبكة علاقات الطفل يجعله أكثر مرونة ونضجاً ويقدم التنازلات، ويكتسب المزيد من خصائص السلوك الاجتماعي ويتمكن من التكيف مما يساعده على مواجهة المواقف الحياتية وحل المشكلات ويميل للاندماج مع الكبار ويتعرف على المزيد من القيم والمعايير الاجتماعية.
من عمر 9 حتى 12 سنة:
تتسع دائرة الطفل الاجتماعية بعد أن كانت محصورة بالوالدين والإخوة مما يكسبه مزيداً من النضج والاتزان والنمو الاجتماعي فتتعزز روح المبادرة والتفاعلية وتزداد ثقته بذاته وشعوره بالأمن ويصبح قادراً على ضبط مشاعر الغضب، والعنف، والتمرد.
وتعتبر الأسرة أهم مصادر النمو الاجتماعي، وتمثل مرحلة الطفولة المتاخرة أفضل مراحل التطبيع الاجتماعي ونضج المفاهيم ويكتسب عبر هذه العملية الإتجاهات الخلقية، والقيم الدينية، وإدماج ثقافة المجتمع، والتمييز ما بين السلوك المرغوب به والمقبول، والسلوك المرفوض من الأهل ويتحمل المزيد من المسؤوليات الاجتماعية. 

الأمن النفسي والصحة النفسية:
وتتمثل بقدرة الطفل على التوافق مع ذاته ومجتمعه، وتشمل معايير الصحة النفسية:
 السلوك السوي: الذي يتمثل بمواجهة المشكلات وليس الهروب منها.
 التوافق مع البيئة: وتتضمن قدرة الطفل على التوافق مع محيط الأسرة والمحيط البيئي الخارجي.
 تكامل الشخصية: وقدرة الطفل على السلوك البناء. 

ملخص:
الأمن النفسي: إشباع الحاجات/ القبول الوالدي/ التربية الديمقراطية/ التربية الإستقلالية= الصحة النفسية.
عدم الأمن النفسي: عدم إشباع الحاجات/ الرفض الوالدي.
التربية التسلطية، الإهمال، الحماية الزائدة، التدليل.
 
التربية الاعتمادية = سؤ الصحة النفسية.

والحمد لله رب العالمين

التعليقات (0)

اترك تعليق