مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة الدكتور حسين يوسف (مدير عام المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم، مدارس المهدي(عج))

كلمة الدكتور حسين يوسف: "المشاريع والبرامج التعليمية- تطوير آليات جديدة"

كلمة الدكتور حسين يوسف (مدير عام المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم، مدارس المهدي(عج)):
"المشاريع والبرامج التعليمية- تطوير آليات جديدة":

لا شك أن القراءة هي إحدى الميزات الحضارية التي تتفاضل بها الشعوب وتتمايز بها المجتمعات وأنّ علاقة أيِّ شعبٍ أو أمةٍ بالكتاب هي مؤشرٌ صادقُ الدلالةِ على هويتهما الحضارية، ولا شك أيضاً أنّ هذه السمةَ متحركةٌ وقابلةٌ للاكتساب، كما هي قابلة للضمور والاضمحلال. ومع الأسف، تشكّل الأمة الإسلامية، في مدِّ علاقتها بالكتاب وجزرها، مثالاً صادقاً على مسار التقلب هذا، فبعد أن نقلها الإسلام الحنيف، من أمةِ جهلٍ يندُرُ القارئُ فيها، إلى أمةِ "إقرأ" التي أهدت الإنسانيةَ على مدى عصورٍ تراثاً أغنى تجاربها وأثرى حضارتها، عادت هذه الأمةُ سيرتها الأولى أو تكاد، وارتَدَّت إلى أسوأ حالٍ في علاقتها بالقراءة والكتاب، مما يدركه الوجدان، وتثبته الإحصاءات والدراسات التي لا نرى هنا حاجة للتعرض لها... 
إن إيراد هذه الإشارة في بداية هذه الورقة لا يهدفُ إلى الوقوف على أطلالِ أمجادٍ غابرة، إنما هو لبثِّ الأملِ في الفرص الجادّة لإصلاح هذا الواقع المرير، ولتأكيد أهمية ارتكاز هذا الإصلاح على تعاليم الإسلام وإرشاداته، ومنظوماته العبادية والقيمية السامية، لما لها من قدرةٍ ذاتيةٍ هائلةٍ على بناء الارتباط الثابت والمتين بالكتاب والقراءة. من هنا، فإن عبور الأمة، في مسار قيامها، من مدخل النهضة بالكتاب والقراءة، لا تفرضه ضرورات دوران عجلة الإنتاج الفكري والعلمي والأدبي فحسب، بل هو شرطٌ لازم للنهضة القيميَّة لأبنائها ولتكاملهم المعنوي، وبالتالي الشرط الضروري للنهوض الحضاري الشامل وبناء نموذج التقدّم الإسلامي المنشود...
فالقراءة وسيلةٌ وأداةٌ لغاية... هي أداةٌ للتواصل والتفاعل، للعلم والمعرفة، لتحقق الهوية وتعزيز الثقة بها والانتماء إليها، لنقل التجارب والنتاجات الإنسانية، لإطلاق الخيال وتوسعة الآفاق، للتأمل والتدبّر والتفكّر، للسير في الأنفس والآفاق... أداةٌ للوصول إلى حبّ العلم ومن يحمله ويمثّله ويوصل إليه، وللاستجابة للوصية المحمدية الخالدة في طلب العلم من المهد إلى اللحد المعبّر عنه في لغة العصر بضرورات التعلُّم المستمر... هي فرصة انعتاقٍ من قيود المكان وأغلال الزمان، بها يمكن طيُّ البعيدِ  من المسافات تواصلاً مع التجارب الإنسانية والنتاجات البشرية المتسارعة، وبواسطتها يمكن سبرُ غيابات التاريخ وخزائنه، واستشراف المستقبل وأسراره...
وما حضُّ الإسلام على نقل المعارف والعلوم من الصدور والعقول، وتقييده بالكتابة والتدوين، على متون الصفحات والكتب وغيرها، إلا المقدمة الضرورية لتأمين مادة القراءة وأرضية التواصل الإنساني بين القارئ والكاتب، بين العالِم والمتعلِم، بين الأديب والشاعر والمتأدِّب المتذوِّق المستأنس، بين العارف والكادح السالك...

[نقطة الانطلاق بناء عادة القراءة لدى أبناء المجتمع]
لهذا علينا ألّا نغفل، في سعينا لاستعادة علاقة الأمة الصحيحة بالقراءة والكتاب، الأهمية الكبيرة لجودة ما يُنشر في شكله ومضمونه وتنوعه، وملاءمته للحاجات الحقيقية للمجتمع، واستجابته الفعّالة للتحديات المعاصرة، مع التأكيد على إيماننا العميق بما ذهب إليه إمامنا الخامنائي (دام ظلّه) في أن انتشار عادة المطالعة والشغف بها كفيلان بالتحريك التلقائي لعجلتي التأليف والنشر(1)...
إذاً، تكمن نقطة الانطلاق الأساسية لهذا المشروع، في بناء هذه العادة وصناعة هذه الرغبة وهذا الشغف لدى أبناء مجتمعنا لاسيما الأطفال والناشئة، ولا شك أنَّ الشركاء المفترضين كثر، ولكن يبقى الدور الأساس للأهل وللمدرسة، ودورهما في ذلك متكاملان ومتقاطعان، ولكن بطبيعة الحال، سنركز في هذه الورقة على دور المدرسة في هذا المجال.
لا يخفى أن الشغف بالكتاب والرغبة بالقراءة تجربة تحتاج إلى مناخ وبيئة خاصة لتنمو وتصبح قيمةً راسخةً قادرةً على الثبات في وجه كلّ ما ينافسها على الفوز بوقت الناشئة وقلوبهم واهتماماتهم. لذا كان لزاماً على المدرسة أن تعمل، من خلال مناهجها المعتمدة، وبالشراكة مع الأهل، على توفير هذا المناخ وصناعة هذه البيئة، منذ اليوم الأول لالتحاق الطفل بالمدرسة، فضلاً عن تعليمه المهارات المتنوعة للقراءة. ونحن لا نبالغ إن قلنا هنا، أن معيار النجاح الحقيقي للتربية يكمن في ارتفاع مستوى الانجذاب النفسي والتعلّق القلبي للمتربي بالعلم والكتاب، وازدياد حبّه للقراءة. ولعل دور المدرسة هنا يزداد كلما كانت ظروف الأهل لا تساعدهم بالشكل الكافي على تحمل مسؤوليتهم في هذا المجال.

دور المدرسة:
إن المنهج المتعلَّم (Taught curriculum) من التلميذ في مؤسسة مدرسية لا ينتج عن المنهج الدراسيّ المعلَّم (learned curriculum) فحسب، إنما هو الثمرة الطبيعية والنتيجة الواقعية لأنواع أخرى من المناهج نكتفي بذكر اثنين منها لأهميتهما ولصلتهما المباشرة بالموضوع الذي نحن بصدد معالجته، وهما المنهج الموازي أو الجانبي collateral) curriculum)، والمنهج الخفي أو المضمر (Hidden curriculum). صحيح أنّ للنوعين الأول والثاني الدور الأساس في إكساب التلاميذ المهارات المتنوعة للقراءة، وأنهما يشاركان في بناء الموقف الإيجابي منها، ولكن لهذا الأخير أثر خطير وحاسم في تكوين اتجاهاتهم وترسيخ قيمهم نحوها، وذلك لكونه غير معلن، وبالتالي غير معروف للتلاميذ والأهل، وغالباً غير معروف أيضاً من المعلمين وبالتالي غير مقصود منهم، لهذا سنتناول في البداية دور هذا المنهج...

المنهج الخفي:
وهو المنهج الذي يُنْتِج تعليم قيم مضمرة لدى المتعلمين دون علمهم وعلم الأهل والمعلمين(2)، وهو بدوره يَنْتُج من ثقافة المدرسة والفلسفة التربوية المتبناة فيها، ومن الأنظمة المدرسية المعتمدة لاسيما تلك المتصلة بالتلامذة، النمط المعتمد للحياة المدرسية، النمط السائد للعلاقات الاجتماعية داخل المدرسة ومع المحيط، مظهر المعلمين وأسلوبهم في التعامل مع التلاميذ ومع المواد التعليمية ومع الأنظمة، البناء المدرسي والتجهيزات... وغالباً ما يكون هذا المنهج، مع عدم التفات المعنيين إليه، سلبياً في هذا المجال، ويمكن أن يتحوَّل إيجابياً عند إدخاله تحت دائرة الاهتمام والرعاية والسيطرة الواعية والتحكم الهادف.
فحين يكون المعلم غير شغوفٍ بالقراءة، لن يكون لدعوته الباردة الآثار المرجوة والمنتظرة لدى التلامذة، على عكس المعلم المنشغل بالقراءة والمتعلّق قلبه بالكتاب، الذي سيشعل تلامذته حماسةً لكلِّ جديدٍ قَرأَه، وسيلهبهم تنافساً وفخراً مع كل جديدٍ يقرأونه، سيكون مُوَفَّقًا في الكشف عن علاقة القادة والأسوة المميَّزة بالكتاب، فضلاً عن تفوقه الأكيد على غيره، في إكساب تلامذته مهارات القراءة ومدارك الغنى والجمال في النصوص، وفي تذوق الأنس والمتعة في مجالسة الكتاب،... 
وحين يكون للكتاب المدرسي الموقع العمليّ والمعنويّ المميَّز في العمليات التربوية والتعليمية، ولا تتم المسارعة إلى الاستغناء عن خدماته ومرجعيته سعياً إلى الوصول التقنيّ السريع إلى المعلومة المحمولة على بطاقاتٍ مبعثرةٍ، حينها لا نعطي المتعلم إشاراتٍ خاطئةً في سهولة التخلي عن مرجعية الكتاب وأهميته...
وحين تكون المكتبة المدرسية في موقع غيرمناسب أو تفتقد إلى الناحية الجمالية الجذابة وتفتقر إلى التنظيم والترتيب، أو تكون وظيفة أمين المكتبة مشغولة بالشخص غير المناسب... أو حين تكون المناهج الدراسية المعتمدة كثيفة ومضغوطة لا تتيح الوقت الكافي للمطالعة الحرة فيصبح التلميذ أحوج إلى أخذ وقت راحة وتتحول المطالعة إلى عبء إضافي، أو حين لا يكون بُعْدُ علاقةِ المتعلمِ بالكتاب حاضراً مع كلِّ قرارٍ تربويٍّ ذي صلة، نكون إما نصنع تهديداً أو نضيع فرصةً.

المنهج المعلَّم والمنهج الموازي:
وهما المنهجان اللذان يحكمان كل عمليات التربية والتعليم والتعلم المعتمدة والفعلية، ويوجهان كل برامج النوادي والاحتفالات والرحلات والأنشطة الصفية واللاصفية، التعليمية والداعمة والترفيهية. ونحن فيما يلي سنتناول بعض السياسات والأفكار والأنشطة التي يمكن لاعتمادها في المناهج أن يسهم في تعزيز هذه القضية.
إذاً تكمن المسؤولية الأولى للمناهج المدرسية في أن تؤمن للطفل القارئ الوسائل وتكسبه المهارات المتنوعة للقراءة وتوفر له الفرص المتنوعة لتذوق متعتها وهذا لا بد أن يبدأ من خلال تأمين الشروط الجمالية في شكل ومضمون وبيئة القراءة والكتاب، لاسيما في تجارب احتكاك التلاميذ الأولى به، وفي بناء وإعداد أدوات دقيقة تسمح له بفهم المقروء والوصول إلى المعاني الذيسيقود حتما، كما يرى بعض علماء التربيّة، إلى متعة القراءة.
يرتكز التصوّر الكلاسيكي لتعليم القراءة على تعلّم تقطيع الأصوات وتفكيك الرموز، والعناية بالتدريب المتواصل بغية جعل هذا التقطيع آلياً يفسح المجال أمام إدراك العلاقات بين الكلمات والمعاني وبين العبارات والتعابير، ويساعد على ذلك الاعتناء باختيار النص لناحية توافق المضمون مع اهتمامات التلاميذ، وملاءمة المفردات للمخزون اللغوي لمرحلتهم العمرية،  وجمال موسيقى الكلمات، وحسن العرض، وتنويع وضعيات القراءة، وقدرات المعلم على التعبير الجذاب في تلاوته للقصص وفي توفير كل الشروط الضرورية لتأمين البيئة الجذابة للقراءة...

[منهج معالجة المقروء بدوافع واقعية عند التلميذ]
ولكن هذا ليس كافياً، فقد أدت معظم الأبحاث المنفذة في السنوات العشرين الأخيرة في مجال القراءة، إلى قناعةٍ بأن اقتصار مناهج تعليم القراءة على التصوّر الكلاسيكي لا يكفي لانتاج معرفة مبنيّة ولا متعة قراءة. وجاءت، على رأس المقاربات البديلة المعتمدة في تجاوز هذا التصور، استراتيجيّة "المداولة الجماعيّة" ومناقشة الآراء حول كتاب معيّن أو شخصية معيّنة أو حتى حدث معيّن، والتي ظهر أنها الاستراتيجية الأغنى والأفعل في مجال دفع المتعلمين باتجاه القراءة وتذوّق مكنوناتها.
والسر في ذلك أنها تساعد على معالجة المقروء بدوافع واقعية، تعبّر إما عن حاجة لمعرفة معينة، أو عن رغبة بمعرفة معينة. ولما كانت هذه الدوافع تختلف بين فرد وآخر نسبة إلى المقروء، وبين مقروء وآخر نسبة إلى الفرد، فهي تستلزم إعطاء أو تبني التلميذ، من خلال المداولة والنقاش، فرضيّات حول المعاني أو المضامين من خلال بعض المؤشرات الدالة، وبعد ذلك يكون الغوص في القراءة بهدف التحقق من صحة الفرضيّات وتثبيتها أو نفيها. وهكذا يتحقق الفهم وبناء المعرفة بلحاظ نوع الدافع أو المحرّك الذي يسمح للتلميذ بتحديد المؤشرات الملائمة، وهكذا فكلما فهم الطفل مضمون المقروء بلغ متعة القراءة.
كما يجدر الاهتمام بالتعامل مع النص المدرسي كنص ذا هوية تستحضر الكاتب وتتفاعل مع القارئ، فتتوجه إليه وتخاطبه وتتعامل مع انفعالاته المنتظرة، وتستحضر بيئة الكاتب وظروف النص الزمانية والمكانية ما يسمح بإقامة تواصل يسمو نحو علاقة إنسانية راقية.
وتطبيق هذه المنهجيّات من قبل المدرسة، من خلال مسارٍ فعّالٍ وناشطٍ واستراتيجيّات متنوّعة، يتيح للتلميذ فرصة التعلّم الناشط عند استخدامها في وضعيّاتٍ جديدةٍ ومتنوّعةٍ بشكل مستقل.

وهذه المنهجيّات يمكن أن تكون صفيّة تكسب المتعلم استراتيجيات القراءة، ولاصفيّة توفر له وضعيات توظيفية في أطر جديدة ومتنوّعة:
المنهجيات الصفيّة: في ما يخص المنهجيات الصفيّة نجد نوعين من التطبيقات: 
- كلاسيكي: يعتمد على قراءة وتحليل نصوص  من أنواع وأنماط متعدّدة، ويكون هذا المسار في صلب المنهاج التعليمي وهو جزء لا يتجزأ منه، إذ أنّه يسهم في تعريف المتعلم على استراتيجيّات تحديد المؤشرات الدالة التي تساعد في تفكيك المقروء وتحليله وبالتالي فهمه. 
- المطالعة الموجهة: وهي تتميّز بمطابقة متونها لشروط المنهاج التعليمي وملاءمتها لمحاوره ضمن إطار واقعي. وهي تنفّذ بموازاة محتوى المحاور التعليمية وتسمح للمتعلّم بترحيل مكتسبات المسار الأوّل بطريقة منهجيّة من الإطار التعليمي والاكتسابي المحدود إلى الإطار التعلّمي المقيّد بتوجيهات وملاحظات وإرشادات المعلِّم المتابع والمنظم لعمليّة الترحيل والتوظيف.يبقى أن نشير إلى أنه يتم التدرج باختيار متون هذا النوع من المطالعة بلحاظ المراحل العمرية وإمكانات المتعلمين.
يتميّز هذا النوع من المطالعة باعتماد "عمل كامل" (قصة أو كتاب) وجعل المتعلمين يقرأونه صفحة صفحة، ثمّ يناقشون أجزاءه المقروءة تدريجيا، وفي حال تعذر قراءة كل الأجزاء في الصف، يستطيع المعلّم تحديد أجزاء معيّنة من الكتاب أو القصة ويطلب إلى المتعلمين مطالعتها كتكليف منزلي ويكتفي.

وتتطلب معالجة "العمل الكامل" عدّة شروط: 
قراءة كاملة للقصة أو للكتاب من قبل المتعلمين.
تقييم لتلقيهم ولتفاعلهم الأوّلي مع القصة.
تحليل القصة بطريقة منهجيّة منظمة وموجهة من خلال:
- تحديد هدف توظيفي واضح لكل فترة من فترات المطالعة الموجهة.
- تحديد تمارين تطبيقية تستهدف ترحيل المكتسبات وتوظيفها.
- تقويم قدرة المتعلمين على ترحيل توظيف الاستراتيجيات المكتسبة.
- مناقشة الأحداث وتفسيرها والذهاب أبعد من النص في مجال تقييمها.
من خلال ما تقدّم، نستطيع القول إن هدف هذا النوع من أنواع المطالعة هو تدريب المتعلّم وتهيئته للمطالعة الحرة والمستقلة من خلال تحسين استعداداته المعرفيّة والمهارية والموقفيّة، ونخص بالذكر هنا الموقفيّة حيث أنّ عمليّة مساندة المتعلم أثناء المطالعة الموجهة تعزز ثقته بنفسه وبقدرته على التعامل مع الكتب أو القصص.
أما الاستراتيجيات والخطوات التشجيعية التي يمكن أن يعتمدها المعلّم، أثناء فترات المطالعة الموجهة، لحث المتعلمين على القراءة فهي متعدّدة ومتنوّعة نذكر منها: 
التمثيل ولعب الأدوار حيث يطلب المعلم من مجموعة من المتعلمين قراءة محور أو جزء معيّن وإعادة تمثيله مع تخيّل حوار أو التعديل في حوار... 
توقّع الأحداث اللاحقة كتابيا ثمّ التأكد من صحة التوقعات.
تغيير حدث معيّن والطلب إلى المتعلمين قراءة الجزء التالي وتغيير أحداثه بلحاظ الحدث المتغيّر.
مناقشة موقف أو حادثة وتقييمها.
قراءة القصة وتحديد الشخصيّة التي تشبهه في القصة أو التي أحبها أو لم يحبها والتسويغ المنطقي المستند إلى مؤشرات...
كتابة رسالة للكاتب تتضمن إما تحديدا للأحداث التي أعجبته أو نقدا للأحداث التي لم تعجبه مع تسويغ أو اقتراحات تخص تعديلات معينة في الأحداث أو النهاية.
المنهجيات اللاصفيّة: أما في إطار المنهجيات اللاصفيّة، فنجد مسارا ثالثا يطلق عليه اسم المطالعة المستقلة أو الحرة. هذا المسار هو مسار المطالعة المحضة أي القراءة لحاجة أو لرغبة، حيث يقوم المتعلم باستثمار وتوظيف حر لمكتسباته الصفيّة من استراتيجيات قراءة وتحليل في فهم متون واقعيّة منسجمة مع إمكاناته العلميّة واللغويّة وهي أوسع وأعمق من المنهاج التعليمي. هنا تغيب كل رقابة أو تدخل حيث يقوم المتعلم باختيار القصة أو الكتاب (الوضعية) ويتعامل معها بشكل مستقل مستخدما استراتيجياته وأدواته الخاصة. في هذا المسار يصادف المتعلّم أو القارئ كل أنواع الكتابات الأدبية والعلمية والتوجيهيّة. وذلك بلحاظ دوافعه للمطالعة.
ويقع هنا على عاتق المدرسة أن تحاول إثارة هذه الدوافع أو خلقها، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال برامج منهجيّة معلَّمة أو موازية رديفة.

نذكر منها على سبيل المثال: 
مسابقة المطالعة أو القراءة التي تشرف عليها وتنفّذها الوحدات التعليميّة (اللغات خاصةً) والذي يقضي باستعارة قصص من مكتبة المدرسة وقراءتها بشكل مستقل، ثمّ إعادتها واستعارة أخرى على أن يتم تسجيل القصص عند المعلمة للإحصاء وتحديد الفائز أي الذي قرأ العدد الأكبر. 
مباراة في المطالعة حيث يتم تحديد مجموعة قصص للقراءة وبالتالي تنظيم يوم للمباراة حيث يتم طرح أسئلة حول أحداث القصص...
من الممكن أن تكون المطالعة المستقلة أو الحرة صفيّة حيث يتم تخصيص زاوية في الصف للمكتبة التي تحتوي على مجموعة من القصص مختارة بعناية. يقوم المعلم بالإيعاز إلى المتعلمين بإشغال أنفسهم بمطالعة واحدة من هذه القصص أثناء تنفيذ بعض الأنشطة المحددة: كأنشطة المعالجة التربوية لمجموعة من المتعلمين يقوم البعض الآخر بمطالعة قصة يختارها هو بنفسه. أو عند إنجاز المتعلم للمهمة المنوطة به من قبل زملائه...
منتدى الكتاب حيث يلتقي المتعلمون بكاتب قصة أو مجموعة قصص قرأها المتعلمون ويبدأون بمناقشة مضمون القصص، ونقدها وتقديم اقتراحاتهم حولها، بعد ذلك يقوم الكاتب والمتعلمون بتأليف قصة جماعيّة أو تغيير نهاية بعض مؤلفاته.
وفي النهاية، حين يتمكن القارئ من طي مهارات القراءة فهماً وتفسيراً، تنظيماً وتحليلاً، مساءلةً ونقداً، ويصل إلى مرحلة التأمل والتدبر والتفكر انطلاقاً من منصة كلمات النص وفقراته نحو الأنفس والآفاق، عندها يكون قد وفِّق للقراءة الإبداعية...

د. حسين يوسف
20-4-2015م


 
الهوامش:
1- أنا والكتاب، مركز باء للدراسات، 2012
2- المنهج التعليمي، د. هاشم عواضة، 2015

التعليقات (0)

اترك تعليق