الرؤى المستقبلية لتطوير وتفعيل العمل التطوعي كلمة السيدة منى قمر مراد (رئيسة لجنة العلاقات الدولية في المجلس النسائي اللبناني)
الرؤى المستقبلية لتطوير وتفعيل العمل التطوعي
كلمة السيدة منى قمر مراد (رئيسة لجنة العلاقات الدولية في المجلس النسائي اللبناني)
الحاجة الجليلة السيدة عفاف الحكيم، رئيسة جمعية الرابطة اللبنانية الثقافية،
أيتها الزميلات والصديقات،
أيها الحفل النسائي النخبوي الكريم،
يسعدني أن أشارك في هذا المؤتمر الذي يرعاه، مشكورًا، معالي وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن، والذي يتناول موضوعًا في غاية الأهميّة ألا وهو: "العمل التطوّعي في الجمعيات الأهلية بما فيها النسائية: تحديات الحاضر وآفاق المستقبل"، وذلك بإعداد وتنظيم فريق عمل "جمعية الرابطة اللبنانية الثقافية" الدّيناميكي، وعلى رأسه الحاجة عفاف الحكيم التي تربطني بها علاقة محبة وتقدير نشأت بمناسبة انعقاد ا"لمؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة" في بيجين، عاصمة الصين عام 1995.
مؤتمرنا اليوم يتمحور حول ثلاث مواضيع:
أهمية العمل التطوّعي
واقع العمل التطوعي في الجمعيات الأهلية
تطوير ودعم العمل التطوّعي
تندرج مداخلتي هذه في المحور الثالث من المؤتمر وعنوانها:
"الرؤى لتطوير وتفعيل العمل التطوّعي"
سأتطرّق بإيجاز إلى النّقاط التالية، ضمن العشر دقائق المخصّصة إليّ:
مفهوم العمل التطوعي
الرؤى لتطوير وتفعيل العمل التطوّعي:
- على مستوى أجهزة الدولة اللبنانية
- على مستوى الموارد البشرية أي المتطوعات والمتطوعين في الجمعية الأهلية
- على مستوى الجمعية الأهلية كمؤسسة
مفهوم العمل التطوعي (Le benevolent)
لا بدّ أنّكنّ تعرفن هذا المفهوم لاسيما وقاربته زميلاتي في المحور الأول، وأشاركهنّ الرأي.
العمل التطوعي، بمفهومه الواسع، هو كلّ إسهامٍ يقدّمه الفرد أو الجماعة لصالح أفرادٍ، جماعات أو بيئاتٍ في إطار أشكال مختلفةٍ ومتنوّعة من الخدمة المجتمعيّة الإنسانية.
يتميّز هذا العمل بثلاث معايير:
تأدية العمل على سبيل فعل الخير لمصلحة الآخر
اختيار القيام به طوعًا بملء حريّة وإرادة المتطوّعة (والمتطوّع) (Benevolent- benevolent)
تأدية العمل مجّانًا، دون أي تعويضٍ ماليٍّ أو عينيّ.
إن هدف المتطوعة والمتطوع، المنفتحَين على الآخر والمؤمنَين بأهمية إسعاده، ليس ربح المال، بل الشعور بالرضا عن الذات بتكريس قسطٍ من وقتهما لإفادة الغير، وربّما كسب الصداقات والمهارات التّواصلية مع الآخرين...
نشير إلى أن البعض، وأشدّد على كلمة "البعض" من الأثرياء يصبون إلى الوجاهة والزّعامة والتّكريم من جرّاء تطوّعهم في العمل الخيري، لِمَ لا طالما يصب هذا الاتجاه في مصلحة المحتاجين والجمعيات الأهلية الناشطة والمعطاءة!
وُجدت ظاهرة العمل التطوعي في الحضارات والثقافات والمجتمعات في كلّ الأزمنة والأمكنة والظّروف لدى شرائح المجتمع كافة والمواطنين والمواطنات المقيمين والمغتربين والزائرين: عند الإناث والذكور، في كنف الأسرة وخارجها، في أعمار المراهقة والرشد والشيخوخة، لدى الأوساط الدينية والمدنية والعسكرية والتجارية والسياسية، لدى الأغنياء والفقراء، المتعلمين والأميين، أصحاب المهن، العاطلين عن العمل أو المتقاعدين، الأذكياء والأقلّ ذكاءً، في المدن وخاصة في الريف، مهما كانت جنسيتهم وعرقهم ولونهم وانتماءاتهم الإيديولوجية، وميولهم، وذلك على امتداد النّطاق المحليّ والإقليمي والدولي.
في لبنان غالبًا ما يختار المتطوّعات أو المتطوعون العمل في مجال الخدمات الاجتماعية التي تستقطبهم، مكرّسين وقتهم بدوام كامل أو جزئي لتقديم المساعدة لمن يرغب حسب إمكانياتهم، وبالأفضلية للمحتاجين والمهمشين والمنكوبين، وما أكثرهم حاليًا في بلدنا وفي منطقتنا المعذّبة والدامية من جرّاء الحروب الأهلية والأزمات الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية الحادّة والتي نتوق إلى رؤية نهايتها.
نشير إلى شكلٍ آخرٍ من التطوّع، التطوع غير المنظور الذي تتم فيه المهامّ كليًا أو جزئيًا، عبر الانترنيت Internet وجهاز الكمبيوتر في البيت أو مكان العمل وهكذا تقدّم الخدمة من خلال الوسائل الالكترونية.
الرؤى لتطوير وتفعيل العمل التطوعي
أ. على مستوى أجهزة الدولة اللبنانية:
لـمّا كان العمل التطوعي بواسطة إسهاماته المجانية العديدة قادرًا على إحداث تغيير إيجابيّ كبير نتيجة التغييرات الصّغيرة اليومية التي يقوم بها المتطوعات والمتطوعون والتي تتحوّل مع الوقت إلى تغييرات كبيرة في غاية الأهميّة للمجتمع اللبناني عامّة وللفئات الفقيرة والمهمّشة والمحتاجة خاصّة، فعلى المراجع الوطنية العليا، رئاسة الجمهورية، المجلس النيابي، رئاسة الوزارة بما فيها وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة التربية والتعليم العالي، وزارة الشباب والرياضة، وزارة البيئة، وزارة الإعلام، وزارة المالية، وزارة الداخلية بما فيها البلديات، وزارة المهجرين وغيرها من الوزارات، عليها أن تضع سياسةً وطنية ترسم الخطوط العريضة للعمل التطوّعي في لبنان، معبّرة عن الاهتمام الكافي بهذا النشاط البنّاء والمثمر، وعليها أن تشرف على ترجمة هذه السياسة في خطّة عمل مبرمجة، قصيرة، متوسّطة وطويلة المدى وفقًا لمتطلّبات ومستلزمات هذه البرامج. كما على أجهزة الدولة المساهمة في نشر ثقافة التطوع بواسطة كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، وبواسطة أدوات التواصل الالكترونية: Face book Twitter و YouTube، وذلك لرفع الوعي المجتمعي حول إنتاجية العمل التطوعي المساهم في النّهوض بشؤون البلد.
أشير إلى أن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان (2011-2021) التي أعدّتها "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية"، برئاسة اللبنانية الأولى السيدة وفاء سليمان، بالتعاون مع "صندوق الأمم المتحدة للسكان" والمصادق عليها من بعض الجهات، كالمجلس النسائي اللبناني وغيره من الجمعيات والمنظمات والإدارات والمجالس والجهات الإقليمية والدولية، بحاجة إلى فريق عمل متطوع مؤهّل للتمكّن من إنجاح انجازها.
ب. على مستوى المتطوعات والمتطوعين
ينبغي اختيار المتطوعات والمتطوعين وفق الميزات التالية:
- الأخلاق الحميدة
- الإيمان بأهمية إسعاد الآخرين
- القدرة على القيام بالعمل أو الخدمة التطوعية
- التحلي بالثقة بالنفس والانفتاح على الآخرين
- الالتزام بالعمل التطوعي
- إمكانية إعطاء الوقت الكافي والوافي للعمل التطوعي
ويقع على عاتق الجمعيات الأهلية والمراجع المختصة مساعدة المتطوعات والمتطوعين على نيل الثقة بالنفس وتعزيز قدراتهم وتوجيههم لربط العلاقات مع الآخرين باستخدام أدوات الاتصال الالكتروني.
ت. على مستوى الجمعيات الأهلية
ينبغي على الجمعيات الأهلية أن تعمل على استقطاب متطوعات ومتطوعين ملائمين لخدماتها، كمّا ونوعًا، والسهر على التنظيم الجيد لعملهم والإفادة الفاعلة من مؤهّلاتهم وكفاءاتهم، كما عليها أن تعمل على المحافظة عليهم باعتماد نمط تصرّف يحترم أصول ممارسة السلطة والتعاون ويحفّزهم ويتواصل معهم ممّا يقوّي انتماءهم وعطاءهم في إطار نشاطات الجمعية.
ومن الأهمية بمكان أن يتمّ قبول انتساب المتطوعات والمتطوعين مع مراعاة الملائمة الفعلية لتطلعاتهم وذهنيتهم ومهاراتهم وخبراتهم مع نوعية نشاط الجمعية وأهدافها وأساليب عملها، فجدّيّة إدارة وتنظيم العمل التطوعي في الجمعيات الأهلية تساهم حتمًا في إنجاح مشاريعها وخدماتها.
وينبغي على هذه الجمعيات الأهلية، ترقّب تطوّرات المجتمع لتعمل دون إبطاء على تعديل أهدافها وأساليب عملها وربّما هيكلية خدماتها، وتطوير المهارات والقدرات المتوفرة لديها، وتأمين المناوبة والتجدد في صفوفها، فمن شأن ذلك تدعيم استمرارها لا بل وجودها، وهنا تبرز أهمية تدريب المتطوعات والمتطوعين وتأهيلهم ووضع برامج هادفة ومرتبطة بالاحتياجات الفعلية التي من شأنها تلافي القصور، حتى لا نقول التخلف، في المعرفة والأداء والمساعدة على اكتساب تقنيات ومهارات جديدة وتهيئتهم لتولّي أنواع جديدة من المسؤوليات.
المعوقات
لا بدّ في نهاية هذا العرض الوجيز من إبراز بعض المعوقات التي تحول دون التطور الكافي للجمعيات الأهلية أذكر منها:
- تسخير أهداف ونشاطات الجمعيات الأهلية أحيانًا لأهداف سياسية ضيّقة
- الفردية في العمل
- حبّ الظّهور وإثبات الذّات لدى بعض المسئولين والمسئولات
- القصور بالدعم النفسي – الاجتماعي للعاملين والعاملات في الجمعية
- القصور عن تقديم الحوافز التي تجذب الفئات الشابة للانخراط في العمل التطوعي.
- المنافسة غير البناءة بين الجمعيات.
اترك تعليق