حكيمة(ع) الحاضرة في ولادة المنقذ
حكيمة(ع) الحاضرة في ولادة المنقذ:
مع أن الكثير كان يحب التشرف بخدمة الأئمة، إلا أن هناك أمورا لا يمكن أن يطلع عليها إلا من ملئ إيمانا ويقينا، وبلغ مرحلة من الكمال بحيث لا يخضع لضغط الظهور، وحب الشهرة.. لقد أفسد هذا الأمر كثيرا من خطط العاملين، وأضاع فرصا كبيرة على المؤمنين، ولكن في مثل هذه القضية التي يرتبط بها مصير العالم والرسالة الإسلامية لا مجال للتساهل.. ها أنت ترى الإمام العسكري يكتم الاسم (اسم الحجة) فضلا عن المكان بالنسبة إلى قسم من المؤمنين، ويتدخل الغيب لكي يسدل ستارا من الخفاء على الولادة المباركة، وها هي مليكة (أو نرجس أو سوسن..) تمارس حياتها الطبيعية من دون آثار ظاهرة للحمل، تشي بها للناظر، يساعدها في ذلك التخفي عن أنظار الأغراب كثرة أسمائها، ولذا نقل أن إحدى الجواري ممن كانت في بيت الإمام العسكري عليه السلام اشتبه على جواسيس السلطة أمرها، ورأوا في بطنها انتفاخا فأخذوها وأودعوها في حجرة ووكل بها نحرير الخادم، وبعض النسوة لحراستها.. إلى أن حدثت تغيرات سياسية على مستوى تغيير الخليفة، فلهوا عن أمرها، وكانت تلك المرأة بمثابة الفداء لأم المهدي في تلك الفترة.
وهنا كانت حكيمة الحاضرة في ولادة نور الله في ظلمات الأرض، ولنستمع إليها تذكر لنا قصة الولادة المباركة:
- حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن رزق الله (عبيد الله) قال: حدثني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قالت: بعث إلي أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام فقال: يا عمة اجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا فإنها ليلة النصف من شعبان فإن الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة والحجة وهو حجته في أرضه قالت: فقلت له: ومن أمه قال لي: نرجس.
قلت له: جعلني الله فداك ما بها أثر فقال: هوما أقول لك قالت: فجئت فلما سلمت وجلست جاءت تنزع خفي وقالت لي: يا سيدتي وسيدة أهلي كيف أمسيت؟
فقلت: بل أنت سيدتي سيدة أهلي قالت: فأنكرت قولي وقالت: ما هذا يا عمة؟ قالت: فقلت لها: يا بنية إن الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا والآخرة.
قالت: فخجلت واستحيت فلما أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت فلمان كان في جوف الليل قمت إلي الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ثم جلست معقبة ثم اضطجعت ثم انتبهت فزعة وهي راقدة ثم قامت فصلت ونامت قالت حكيمة: وخرجت أتفقد الفجر فاذا أنا بالفجر الأول كذنب السرحان وهي نائمة فدخلني الشكوك فصاح بي أبو محمد عليه السلام من المجلس فقال: لا تعجلي يا عمة فهاك الأمر قد قرب قالت: فجلست وقرأت الم السجدة ويس فبينما أنا كذلك إذا انتبهت فزعة فوثبت إليها فقلت: اسم الله عليك ثم قلت لها: أتحسين شيئا قالت: نعم يا عمة فقلت لها: اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك قالت: فأخذتني فترة وأخذتها فترة فانتبهت بحس سيدي فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه السلام ساجدا يتلقى الأرض بمساجده فضممته إلي(1).
وكانت حكيمة فيما بعد الاختفاء والغيبة، تحدث بذلك من تثق به، وتبين له ولادة الإمام الحجة، وما رافقها من الكرامات الإلهية(2).
الهوامش:
1- كمال الدين ٤٢٤.
2- ذكر ولادته الشافعي محمد بن طلحة في مطالب السؤول وقال أما مولده فهو بسر من رأى سنة ٢٥٨، ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه كفاية الطالب في باب ذكر الأدلة على كون المهدي حيا باقيا منذ غيبته إلى الآن. وابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة في ذكر طرف من أخباره وغيبته، ومدة قيام دولته، أما أبوه فالحسن وأما أمه فنرجس. وسبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأئمة وابن خلكان وغيرهم من علماء العامة وللتفصيل يراجع كتاب الإمام المهدي للعلامة الشيخ باقر القرشي، وأما من الشيعة فكل من كتب حول الإمامة أثبت ذلك.
المصدر: كتاب نساء حول أهل البيت(ع)، فوزي آل سيف، ج2.
اترك تعليق