مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة رئيسة الجمعيات الحاجة عفاف الحكيم في افتتاح المؤتمر

كلمة رئيسة الجمعيات الحاجة عفاف الحكيم في افتتاح مؤتمر "تحديات وإشكالات اجتماعيّة معاصرة: سبل التحصين وتحقيق السعادة الأسريّة" 2018:

كلمة رئيسة الجمعيات الحاجة عفاف الحكيم في افتتاح مؤتمر "تحديات وإشكالات اجتماعيّة معاصرة: سبل التحصين وتحقيق السعادة الأسريّة" 2018:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين محمد وآلة الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين. 
بداية أرحب براعي مؤتمرنا سعادة وزير الشباب والرياضة الأستاذ محمد فنيش، وبالعلماء الأفاضل والأساتذة المحترمين وبضيوفنا الأعزاء من إيران: الدكتورة طوبى كرماني، الأمين العام لاتحاد النساء المسلمات في المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب، والأستاذة في الحوزة العلميّة والباحثة الإسلاميّة السيدة جنان الواسطي بور. 
كما أرحب بسائر من شرّفنا بالحضور وخصوصاً الفعاليات النسائيّة والإجتماعيّة والثقافيّة والإعلاميّة والتربويّة من سائر المناطق والطوائف والمؤسسات.. أرحب بكم جميعاً وأهلا وسهلاً بكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. 
سبل التحصين وتحقيق السعادة الأسريّة، هو الموضوع الذي اخترنا هذا العام أن تطرحه محاور مؤتمرنا، لكونه يمثل مطلباً أساسياً عاماً تتوق إليه النفوس ويسعى الجميع للوصول إليه. 
وهو من جهة ثانية يمثل أحد أهم الموضوعات والتحديات التي تقلق مجتمعاتنا المعاصرة، وذلك بسبب المؤثرات العديدة التي باتت تعصف بالأسر من كل جانب وفي كل حين وخصوصاً في هذه الأيام. فالأسرة هذه الكلمة التي تلامس القلوب والتي جعلها الله تعالى قاعدة تنطلق منها المجتمعات، وأولتها الأديان السماوية عناية خاصة في التربية والتشريعات إذ اعتبرتها ركيزة السلامة والاستقامة للفرد والمجتمع. كما تحتل في النظام الإسلامي منزلة ومرتبة خاصة تفوق سائر المواضيع الاجتماعيّة بسبب الأهمية الكبيرة والمكانة الحساسة التي تمتاز بها لأنه بضمان صحة وسلامة هذه الهيكلية الاجتماعية -التي هي الأسرة- فإنا نضمن صحة وسلامة مجتمعنا الكبير.. 
وانطلاقاً من هذه المقدمات التي لها دلالتها، فإن الإسلام أحاط الأسرة بتشريعات وأحكام متوازية بما يكفل بناءها بناءاً سليماً، بحيث أولى عملية البناء عناية فائقة وأحاط إنشاءها بأحكام وآداب تكفل أن يكون البناء متماسكاً قوياً راسخ القواعد والحدود. وقد جعل أيضاً الزواج الإسلامي بداية الطريق وصانه بالضوابط التي تشدد على حسن الإختيار والتوجه وكل ما يحقق الأهداف الأسرية البعيدة المدى.. 
ولقد عبّر الإمام الخامنئي (دام ظله الشريف) لافتاً إلى حماية وصيانة الأسرة بأنها: [القاعدة الأساس والخلية الأساس للمجتمع. وإن استطعنا أن نحفظ هذه الخليّة سليمة سيكون المجتمع سليماً].. 
معتبراً أنها أحد أهم نقاط قوة الأمة، وأنها من أهم المرتكزات التي يستهدفها العدو بصورة مستمرة وصولاً إلى تفكيكها وتغيير نمط عيشها ومسارها وتقويض الثقة واللّحمة والترابط الذي يسود بين أفرادها. ولذا يندر أن نسمع خطبة لسماحته إلا ويؤكد على مهام الآباء والأمهات ودورهم الرعائي الخطير في تحقيق الانسجام والترابط المتين داخل الأسرة. ولما كانت الأم تحديداً تشكل قطب الرحى في تحقيق هذا الدور. فإن سماحته اعتبر أن مسؤوليتها عظيمة واعتبر أن ساحة الأسرة هي ساحة جهاد حقيقي لها.. 
وأن نظرة إلى واقعنا الإجتماعي، وإن كانت الأسر لا زالت تحتفظ بتماسكها واستقرارها، لتظهر عظم المسؤوليات وضخامتها في هذا العصر بعد أن اقتحمت حياتنا ثورة الإتصالات والتكنولوجيا الحديثة ووسائل الإعلام والفضائيات غير المنضبطة وأصبحت أبواب الفساد مشرّعة من كل حدب وصوب مع هبوب العواصف المختلفة التي تريد أن تهز بنيان الأسر وتفكك أواصرها.. 
إنه عصر الثورة الرقميّة والقريّة الكونيّة. عصر غياب الحدود الثقافيّة بين مختلف بلدان العالم، وحيث لا بد لنا من وقفات تأمل وتفكر ومن ثمّ سعي مركز لتحديد مكامن الضعف والقوة والتهديدات والفرص المتاحة من سبل التحصين وإمكاناته.. وحيث المواجهة العسيرة في ظل هذا الإنفلات القائم الذي حوّل الأسرة واقعاً إلى ساحة جهاد حقيقية للأبوين معاً، وللأم تحديداً.. أمام كل ما يخطط لمجتمعاتنا وأسرنا من مؤتمرات خبيثة.. 
إذ في أيامنا هذه على سبيل المثال: لم تعد التربية الأسرية على غرار (الخيم الزراعية..) بحيث يمكن للمزارع أن يعزل الخضار والفاكهة عن البيئة الخارجية مع تأمين المناخ والرعاية المناسبة لتنمو وتثمر.. 
في السابق كان يمكن للأسرة التعاطي مع أبنائها على هذا المبدأ، أما اليوم وفي ظل هذه الطفرة على مستوى وسائل التواصل لم يعد لمعنى الحدود من أجل الوقاية التربوية من معنى.. 
من هنا فإن الميدان الحقيقي لكل من الأم والأب بات هو التربيّة الأسريّة المشبعة بالمودة والرحمة والحنان وصولاً إلى توفير الرعاية التربوية الحقة على مختلف الصعد، وإلى تعزيز الرقابة الذاتيّة لغرس الإيمان والطاعة في النفوس. إضافة إلى توفير البيئة السليمة في كل حركة يتحرك فيها الأبناء سواء على صعيد المدرسة، الأصحاب أو الأنشطة العامة من حولهم.. 
وهذا كله  لكون البيئة السليمة تساهم مساهمة فعالة في تحصينهم وحمايتهم من التأثّر في الأمور الخاطئة وتساهم بضبط مسارهم وتأهيلهم للقيام بدورهم.. 
وعليه فإن الميدان الحقيقي لكل من الأم والأب هو التربية وغرس القيم في النفوس، وعظمة هذا الدور إنما تتحقق في إتقانه.. 
أمّا التخلي والتسابق في ميادين لا تتناسب مع طبيعة مشروعهما الأسري وتلبية متطلباته، فسيترتب عليه ما نراه من تفكك أسري ودمار أخلاقي، وبالتالي افتقادنا لسبل التحصين وتحقيق السعادة الأسرية كلياً. 
أخيراً: نسأل الله تعالى أن نوفق في مؤتمرنا هذا من إلقاء الضوء على سائر الإشكالات المطروحة لنحقق كل ما نتوق اليه من الروابط الأسرية المتينة.. وذلك التزاماً وامتثالاً لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ التحريم﴾ (سورة التحريم: آية 6) 


والحمدلله رب العالمين





  

التعليقات (0)

اترك تعليق