مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

كلمة معالي وزير الشباب والرياضة الحاج محمد فنيش في افتتاح المؤتمر

كلمة معالي وزير الشباب والرياضة الحاج محمد فنيش في افتتاح مؤتمر "التحديات والمخاطر وسبل تحصين مجتمعاتنا الأسريّة"

كلمة معالي وزير الشباب والرياضة الحاج محمد فنيش في افتتاح المؤتمر:

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين وصل الله على سيدنا ونبينا وقائدنا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
أصحاب الفضيلة، أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في البداية أشكر جمعيّة الرابطة اللبنانيّة الثقافيّة على تشريفي لرعاية هذا المؤتمر الهام، الذي ينعقد تحت عنوان "التحديات والمخاطر وسبل تحصين مجتمعاتنا الأسريّة". لا أجد تعبيراً أدق وأبلغ من توصيف مكانة الأسرة في المجتمع بأنها الخلية الأساس، لأنّه بدون الخليّة الأساس يفقد المجتمع تماسكه ووحدته وترابطه، والاعتناء والاهتمام بالأسرة يعني الاهتمام بهذا البناء الاجتماعي السليم، عندما لا تكون الأسرة سليمة ومتينة وقويّة لا يكون المجتمع سليماً ومعافى وقوياً ومنيعاً.
المخاطر التي تواجه مجتمعاتنا كثيرة لعلّ أخطرها ما يمكن أنّ ينفذ من خلال ما يعترينا أحياناً من ثغرات ليصيب ما نحن عليه من مناعة فكريّة أو ثقافيّة. فخطر المواجهات مع الاحتلال أو الغزو، هو أقل-برأيي- خطورة من تمكين أو تمكّن أعدائنا من النفاذ إلى قوّتنا ومناعتنا وهويتنا.
كثيرةٌ هي العِبَر التاريخيّة والدلائل التاريخيّة التّي تؤكّد أنّه لا يكفي لغازٍ أنّ يسيطر عسكرياً على مجتمع، لأنّ غزوه العسكري قد يُفقد المجتمع قدرته على المواجهة، لكن عندما ينجح المجتمع في تحصين هويته قد يصبح هذا المجتمع قادراً على التأثير حتى على الغزاة والشواهد التاريخية عديدة..
الخطورة أن يتمكن الغزاة من تحطيم أسوار المناعة الداخلية لهذا المجتمع، وتشويه وتحريف وتفكيك عرى هويته وثقافته، فيضيع هذا المجتمع ويفقد مقوّمات بقائه وقدرته على التحرر من سيطرة القوى الخارجيّة. وهذا ما يعبّر عنه إمامنا الراحل الخميني(قده) أنّ المشكلة لم تكن في الاستعمار، المشكلة كانت في مجتمعاتنا التي امتلكت قابلية الخضوع للمستعمر، هذه القابليّة هي الأخطر؛ فالمستعمر في مرحلة ما بلغ قوة بسبب حال من التطور أو ضعف مجتمعاتنا.. لكن ضعف المجتمعات هو الذي مكّنه من الوصول إلى غاياته وأطماعه. لذلك ونحن نقاوم هذه التحديات في هذا المؤتمر لا بد أن ننظر بواقعية إلى مشاكلنا وإلى تشخيص هذه المشاكل.
اليوم نحن ننتمي إلى هذا الدين وإلى هذه الرسالة وإلى هذه الحضارة بلغنا مرحلة من التطور بعد انتصار الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران وبعد تنامي قدرة المقاومة في مجتمعاتنا. بلغنا مرحلة من القوة في مواجهة الغزو الخارجي بحيث تمكنا من إلحاق الهزيمة بالعدو الإسرائيلي، وتمكنّا من إحباط مشاريع القوة المستبدة وعلى رأسها أمريكا، ومواجهة أدوات هذه القوة الطاغيّة المتمثلة في الجماعات التكفيريّة والإرهابية. هذه مرحلة متقدمة بلغها المشروع الإسلامي قوةً واقتداراً ولا يزال -إن شاء الله- قادراً على تنامي هذه القدرة. بالتأكيد العامل الثقافي كان له دوره الأساس في هذه النهضة، لأنه الروحية التي ترَفَعَ بها المجاهدون والروحية التي قام بها الشعب في جمهوريّة إيران الإسلاميّة.. هي روحيّة إيمانيّة وإسلاميّة.
لولا هذه الثقافة، ولولا هذه الهوية، ولولا هذا الانتماء لما بلغنا هذا المستوى من القدرة بحيث تحطمت أعتى قوة في المنطقة بفعل إرادة شعب وبفعل مواجهة كل التدخلات الخارجية وعوامل الضعف ومواجهة كافة المؤامرات والمكائد.
إذاً تمكنت الجمهوريّة الإسلاميّة من تنامي قوتها ودورها بفعل العامل الثقافي أولاً الذي وحّد الشعب ومكّنه من تشخيص أهدافه وتحرير الوسائل ومن خلال بذل التضحيات وانتشار الوعي والإرادة والتصميم. كذلك نحن في لبنان بفعل هذا العامل الثقافي تمكنا من مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وإلحاق الهزيمة لأول مرة في تاريخ صراعنا مع العدو الإسرائيلي والفضل في ذلك يعود إلى العامل الثقافي أولاً، والعوامل المادية الأخرى تأتي كعوامل مساعدة، لكن الجانب الثقافي والإيماني هو الأساس في تكوين هذه الظاهرة وفي تنامي قدرة هذه الظاهرة.. لذلك مسؤوليتنا اليوم أخطر وأشد، فلا يكفي أن نحقق انتصاراً، لكن يجب علينا أن نحفظ هذا الانتصار وأن نعرف كيفيّة إدارة شؤون ومشاكل مجتمعنا، ولا نستطيع أن نُخفي هذه المشاكل كسائر المجتمعات الإنسانيّة، فالغرب لا يستطيع اليوم أن يزهو بأنّه بمعزل عن هذه المشكلات الاجتماعية. الغرب مع استهدافه لمجتمعاتنا ومع هذا الانفتاح ومع إزالة هذه الحواجز، ومع عدم قدرة أي مجتمع على عزل نفسه بعد ثورة الاتصالات، هناك انتشار عديد من المفاهيم والقيم، هنالك تصدير- ما يسمى بالحرب الناعمة، الحرب على الأفكار، والتأثير على العقول، والتشكيك وإفقاد الثقة بالنفس وبالذات.
اليوم، هناك صرخة في الغرب لدى الكثير من المثقفين والمفكرين بسبب عدم وجود أسر متماسكة بشكل عام. وهناك دول تعاني من عدم قدرتها على تأمين النمو السكاني المطلوب من أجل الاستمرار. هذا التحول في هذه المجتمعات لم يأتِ بشكل سريع. الشهيد السيد محمد باقر الصدر(قده)، له بحث قيّم حول مسألة الفارق بين التجربّة الاجتماعية والتجربة العلمية، فيقول أنّ التجربة العلمية يمكن حصرها في مختبر وبعناصر محدودة ويمكن قراءة نتائجها بفترة زمنيّة قصيرة واستخلاص هذه النتائج، أما التجربة الاجتماعية والإنسانيّة قد تحتاج إلى قرون أو إلى عشرات أو إلى مئات السنين لمعرفة الآثار المتأتيّة عن تطبيق مفهوم ما، أو فكرة ما، وتأثير هذا المفهوم أو هذا التطبيق وتداعيات هذا المفهوم والتطبيق على هذا المجتمع. وبالتالي هنا تكمن أهمية أنّنا ننتمي إلى فكر ليس وضعي، ليس من صنع إنسان، هو فكر جاءت به الرسل والأنبياء، جاء به نبينا محمد(ص) ومن صُنع الإله الذي أعطى للبشرية المنهج الصحيح والسليم للوصول إلى بلوغ السعادة وكيفية تنظيم شؤونها وإدارة شؤونها وإعمار الأرض وتحمّل مسؤولياتها كمستخلَفة من الله سبحانه وتعالى في تحمل هذه المسؤوليات.
إنّ الأفكار الوضعيّة بحاجة إلى إثبات صحتها ودقتها من خلال التطبيق، عندما نعود إلى التطبيق ونجد مفاعيل هذا التطبيق، فاليوم الغرب مثلاً لا يستطيع أنّ يدّعي من الناحية الإنسانيّة والحضاريّة أنه التجربة الأمثل، بل على العكس نستطيع أن نقول وبدون مبالغة وبدون تعصب أو انحياز، أنّ التجربة الغربية المبنيّة على الفكر المادي وتأليه الذات أدت إلى ابتعاد الإنسان عن القيم وعن تحمّل مسؤوليته الأسريّة وعن تكوين أسرة، أصبح كلّ فرد يهتم بنفسه، بملذاته، بمنفعته، بمصلحته بالمعنى الضيق للمادة، ونشأت جراء ذلك أمراضاً عديدة..
 ذكرت سابقاً أنّ هناك دول ومجتمعات تعاني من تناقص التوالد والنمو السكاني وتلجأ إلى تعويض هذا النقص بالاستفادة من مشكلات مجتمعاتنا بتجنيس الوافدين والقادمين والاستفادة من تصدير العقول، وهذه قد تكون مشكلة لنا وقد تكون مشكلة -إن شاء الله- لهم في المستقبل. المشكلة الأخرى أيضاً هي في غياب الأسرة، فالإنسان في الغرب وصل إلى مرحلة يحتاج فيها إلى عناية، إلى ودّ، إلى عطف، إلى حب، إلى رعاية، فهناك الكثير من الأمراض.
حديثنا عن الغرب لا يعني أنّ مجتمعاتنا لا تشكوا من الأمراض، نتحدث عن الغرب لنقول أنّ الغرب ليس هو التجربة المثال والقدوة، وبالتالي يمكن لنا ليس فقط الدفاع عن هويتنا بل أيضاً مواجهة هذا الفكر بمساوئه إذا أحسّنا إدارة هذا الصراع.
المشاكل التي يعاني منها الغرب سببها الأول والأساس هو غياب الأسرة، وتفكك الأسرة، وهذا له عوارضه وله خطورته ولذالك نجد اليوم هذه النزعات الإنحرافية السلوكية لجهة ابتعاد المرأة أو الرجل عن تحمّل مسؤولية أسرة واللجوء إلى الاهتمام بالحيوان -أجلّكم الله، أو الانحراف الجنسي المتمثّل في الابتعاد عن العلاقة السويّة والطبيعيّة بين الرجل والمرأة والشذوذ، واعتبار ذلك حقاً من حقوق الإنسان ومن حريته، وهذا أيضاً تجربة لها عواقبها الخطيرة وآثارها التي ستظهر لاحقاً.
أتحدث عن كل ذلك لأقول ليس نحن من يشتكي فقط، لدينا القوة والمفاهيم والبعد الحضاري في هويتنا الثقافيّة ولكن يجب علينا أن نعرف كيف نتخذ ونتبع المنهج الصحيح والسليم في تتبع ورصد الآثار العمليّة السيئّة؛ لأنّنا لا نستطيع القول أنّه لا يوجد تطبيق سيء في مفاهيمنا المتعاليّة الساميّة، حتى البعض قد يسيء في التعبير عن هذه المفاهيم والأحكام وما شرّعه الله سبحانه وتعالى. طبعاً هذا المؤتمر يعوّل عليه وعلى أمثاله في تقديم التشخيص السليم للواقع من خلال المشكلات، وتقديم الآليات والمقترحات لمعالجة ما تشكوا منه مجتمعاتنا.
اليوم البعض كيف ينفّذ؟ مثلاً موضوع تمكين المرأة، ينفّذ من خلال بعض النماذج العمليّة السيئة ليعمّم ويصل إلى غايته في التصويب على ثقافتنا فالمشكلة في الثقافة وليس في التطبيق وهذا التعميم بالتأكيد ليس منهجاً علمياً ولا صحيحاً. نحن بحاجة إلى منهج علمي واقعي لرصد هذه الظواهر في مجتمعاتنا، لتشخيصها، لمعرفة أسبابها والانتباه على إيجاد الحلول والمعالجة. أعتقد هناك الكثير من العناوين -لا يتسع الوقت للحديث عنها- التي يشكو منها مجتمعنا وأعتقد أن الحاج الزميل العزيز الأخ عبد الله قصير تكلم عن أنّه لدينا أبحاث ولدينا دراسات موجودة، فأعتقد أنّ المطلوب من هذه الأبحاث وهذه الدراسات أن نضع الآليات التطبيقيّة لها من أجل أن نحدّد علاجاً لهذه المشكلة القائمة.
ما أريد قوله -من دون إطالة- نحن اليوم أمام استحقاق انتخابي، أريد أن أطل على هذا الاستحقاق من هذا الجانب، البعض يعطي الاستحقاق الانتخابي بعداً إنمائياً فقط، أو خدماتيّاً بالمعنى الخاص، بأنه إذا قدمنا مشاريع لهذه القرية أو هذه البلدة، وهذا أمر صحيح فعلاً، فالمسؤول مسؤوليته خدمة الناس، أنّ يحمل همومهم، أنّ يفكر في إنماء المناطق التي يمثلها، أنّ يحصل على حصة من موازنة الدولة وإنفاق الدولة وهذا حق المناطق التي يمثلها، لكن هناك بعد آخر أكثر أهمية يتصل بعنوان مؤتمرنا والذي هو البعد الثقافي، نحن في المجلس النيابي نخوض هذا الصراع الثقافي، كثيرٌ من مقترحات القوانين أو تشريعات القوانين تأتي إلينا كنسخة مصورة لإسقاط ما يحاول الغرب تصديره واقتباس هذه التجربة الغربية بمصطلحاتها، بمفاهيمها، بعيوبها، بمساوئها لجعلها مشروع قانون أو اقتراح قانون.
هنا أريد أن أقول للناس الذين ينظرون إلى الاستحقاقات النيابيّة ببعد واحد، ما هو دورنا، أن نخلي الساحة لمن يمثّل مجتمعنا دون أن يكون معبّراً عن هوية هذا المجتمع؟! وهذا يعني تمكين هؤلاء من الوصول إلى تغيير هوية المجتمع تحت عناوين برّاقة وجذّابة دون أن يكون هناك نقاشاً عميقاً أو مستفيضاً، أو من يستطيع أن يدافع عن هوية هذا المجتمع، بالتأكيد مستفيداً مما لدينا من دستور.
اليوم الدستور اللبناني البعض يمسك به من ناحية، ويتخلى عنه من ناحية أخرى. إذا حاولنا أنّ نطور هذا النظام بما يتعلق بموضوع المساواة فكل المنتمين إلى المجتمع اللبناني مهما كانت طائفتهم تواجههم الخشية من مسألة العدد وموضوع تركيبتنا الطائفية، لكن عندما يصل الأمر إلى موضوع الأحوال الشخصية مثلاً، وإلى موضوع مفهومنا الثقافي يُنظر إلينا كأننا نقف في وجه التطور والتمدن وعندما نريد أن ندافع عن هويتنا تطل العلمانية بكافة عيوبها.
طبعاً هؤلاء لديهم حجج يستندون إليها وإن كانت غير مقنعة وغير مبررة، فبعض الظواهر المرضية الموجودة في مجتمعنا لجهة موضوع العنف الأسري مثلاً، أو لجهة بعض النماذج التي يسيء فيها الرجل لزوجته، أو لجهة مشاكل الأسرة في مكان ما، يطل علينا مشروع قانون أو اقتراح قانون ينسف ما لدينا من ركائز تمثّل هويتنا الثقافيّة.
أحببت أنّ أطرح هذا الموضوع، لأقول نحن نخوض صراعاً، وأمامنا تحديات كثيرة، وهذا أمر طبيعي جداً؛ فعندما تصل جماعة ما إلى هذا المستوى من الحضور على المستوى الجهادي والمقاوم، وعلى المستوى السياسي، وعلى المستوى الاجتماعي، بالتأكيد فإنها سوف يكون لديها مشاكل وتحديات مختلفة إن لم تكن في هذا الموقع من الاختبار. وهذا يحتم علينا أن نكون على جهوزية وعلى استعداد، وأن نمتلك المنهج الصحيح والسليم، وأن يكون لنا حضورنا في كافة مؤسسات المجتمع، وأي ضعف أو تهاون في هذا الحضور سينفذ منه من لا يمثّلنا ولا يعبّر عن تطلعاتنا، ولا عن هويتنا ولا عن آمالنا. هناك تركيز متعمّد وممنهج لخلق مشاكل لمجتمعاتنا..
طبعاً لا أحد يقول أنّ مجتمعنا فيما يتعلق بالوضع المعيشي استطاع الوصول إلى حالة الاكتفاء والرضا، ولكن يبقى السؤال مَن هو المسؤول عن ذلك؟ هل مَن يمثّل هذا المجتمع أم الذين رسموا السياسات على مدى عقود من الزمن وكنا نحن معهم في موقع الخلاف، بل في موقع الاعتراض، بل في موقع المواجهة؟ هذه السياسات هي المسؤولة عن ما آل إليه الوضع في لبنان. نحن نتحمل مسؤوليتنا بقدر إسهامنا في هذه السياسات. نتحمل مسؤوليتنا عن مواقفنا وعن ما قمنا به، وأعتقد من الممكن أن يكون هنالك على المستوى الإعلامي بعض القصور في إبراز ما قمنا به، لكن بالتأكيد المسؤولية تقع على الذين كانوا في موقع القرار والذين لم يصغوا إلى أصوات الاعتراض ورسموا سياسات أدّت إلى ما أدّت إليه في الجانب الاقتصادي أو المالي أو الإنمائي.
هناك مسألة أخرى، هي تجهيل البعد السياسي للانتخابات، فلبنان اليوم يمرّ في تحدي كبير مع العدو الإسرائيلي، البعض لا يريد أن يعترف أنّ إسرائيل لا تزال تحتل أجزاء من أرضنا، لا يريد أن يعترف بخطورة المشروع الصهيوني، لا يريد أن يعترف بمسألة هوية مزارع شبعا، مع أنّها حُسمت في الحوار الوطني. بالأمس القريب، عندما حاولنا أن نستفيد من ثرواتنا الطبيعية، بدأ الإسرائيليون بإطلاق التهديدات واعتبروا أن هذا الأمر يعد اعتداءً على سيادتهم وعلى ثرواتهم، وعلى حقنا، لمنعنا من الاستفادة من هذه الثروات، التي هي قد تكون -إنّ شاء الله- مدخلاً، ولو بعد فترة من الزمن، لمعالجة الكثير من مشاكلنا الماليّة والإنمائيّة. إذاً مَن يقف في وجه إسرائيل؟ مَن يقدر على دفع هذا الخطر؟ مَن يقدر على حماية حق لبنان في سيادته وفي ثرواته؟
إذا بقيت هذه المواقف والسياسات التي تعتمد فقط على الغرب وعلى أميركا وعلى الدبلوماسية وعلى منطق "قوتنا في ضعفنا"، والتّي ثبت أنها لم تؤدي إلى حفظ أمن مواطن ولا سيادة بلد. مَن غير المقاومة قادر على توفير هذه الضمانات لكل اللبنانيين؟
التحدي الذي لا يزال قائماً في المنطقة، المتمثل اليوم بمحاولة رسم خريطة سياسية للمنطقة بوسائل مختلفة، فبعد أن فشلوا باستخدام الوسائل العسكرية لجأوا للجماعات التكفيرية، والتي فشلوا بها أيضاً، وبعد أن فشلوا بالمواجهة المباشرة، لجأوا إلى المواجهة من خلال دور بعض القوى الإقليميّة. ومع الأسف بعض القوى السياسية لم يعد لديها من خطاب سوى أنّها تتحدث عن خلافها أو عن عدائها مع المقاومة مع حزب الله. تذهب إلى أقصى منطقة في لبنان، مثلاً ما علاقتنا بعكار وبطرابلس، يتنافسون بينهم بإبراز العداء لحزب الله، هل أفلستم إلى درجة لم يعد لديكم خطاب تقدمونه لهذه البيئة من الناس سوى إثارة الغرائز والعصبيات؟! أنتم جربتم هذا الأسلوب ودفعتم ثمناً بسببه، واليوم أنتم تحاولون أنّ تتلقوا آثار سياساتكم القديمة بالعودة إلى نوع من الاستقرار والتفاهم من أجل أن تتعاونوا ونتعاون سوياً في تشكيل الحكومات. إذا أنتم في التجربة الماضية مَن ينافسكم ممن كان في صفوفكم يأخذ عليكم أنكم تراجعتم عن خطابكم السابق، العودة إلى هذه المزايدات في إثارة العصبيات والغرائز استغباء للناس. أين برامجكم؟!!..
بالنسبة لنا نحن نخوض هذا الاستحقاق كما ترون بكل موضوعيّة وعقلانيّة، بكل هدوء، بكل ثقة بشعبنا، بكل أمل أنّ شعبنا يدرك جيداً دقة وأبعاد هذه المرحلة وأهمية هذا الاستحقاق، رغم أن هناك تركيز منهجي لتسجيل خرق، ولو خرق واحد في بعض الدوائر حتى يتم استغلال هذا الخرق وتوظيفه بالإعلام وبالسياسة. ونحن نعرف أنّه عندما واجهنا وقاومنا واعترضنا وبذلنا جهداً ونجحنا إلى حد ما في تعديل قانون الانتخابات واعتماد النسبية أنّ قانون النسبية لا يتيح فوز لوائح كاملة بكل مقاعدها، من البداية كنا نعرف وقلنا هذا الكلام، فقانون النسبية يعطي لكل من لديه حجم تمثيلي فرصة أن يحصل على تمثيل بقدر حجم التأييد الشعبي الذي لديه، بالتالي الأمر طبيعي، فكما أنّ الآخرين سيكون لديهم خسارة للكثير من المواقع بسبب تغيير طبيعة النظام يمكن في بعض المناطق التي نمثلها أن يحصل بعض التغيير في عدد المقاعد التّي نمثلها. فهل هذا يعني انتصار وخسارة وتراجع؟!!..
كل هذه الإدعاءات والخلاصات مجموعة من الأكاذيب، البعض يريد أن يبحث عن انتصار ولو وهمي، ليقول أنّ رصيد المقاومة لدى شعبها قد تراجع أو قد ضعف، بسبب مواجهة المقاومة للجماعات التكفيرية في سوريا.
يا أعزاءنا أنتم لا تعرفون طبيعة شعبنا، هذا الشعب الذي قدّم خيرة شبابه، هذه الأسر التي لم تبخل في العطاء، شاب واثنين وأكثر وحتى أنّ هناك أسر قدمت كل أولادها، أنتم لا تعرفون طبيعة هذا الشعب وبالتالي لن تستطيعوا أن تصلوا إلى ما تصبون إليه من النيل من هذه الصلة العميقة التي تربط المقاومة مع أهلها، مع مجتمعها؛ لأنّها صلة لا تقوم على حساباتكم ومفاهيمكم الماديّة والنفعيّة، هي صلة متصلة بمبدأ وبرسالة، وبقضية، وبقيم، وبالتالي أنتم لن تستطيعوا أنّ تفقهوا معنى هذا الترابط لأنّكم لا تنتمون إلى هذا الفكر.
أختم لأشكر الرابطة على هذا المؤتمر، وأتمنى أن يكون هذا المؤتمر مناسبة لوضع وتلمّس الحلول من أجل المزيد من تحصين مجتمعنا، ومن أجل المزيد من تطوير العلاقة الأسرية التي تربط أفراد مجتمعنا على قواعد من التآلف والتراحم والتحابب والتعاطف والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التعليقات (0)

اترك تعليق