مُمَهِدَاتْ... وحقيق أن تبادر المرأة المثقّفة الملتزمة الواعية فتمهد الطريق وتفتح الآفاق.

ثلاث حبات تين! (العديسة)  
بقلم: زينب صالح

ثلاث حبات تين! (العديسة)   بقلم: زينب صالح

ثلاث حبات تين! (العديسة)  

بقلم: زينب صالح


لا يا أبو مصطفى! لن أترك بيتي.
 لكنها الحرب يا أم حسن! ماذا ستفعلين هنا؟!
كيف أخرج وأترك أولادي هنا يصارعون النار! هل روحي أغلى من أرواحهم؟
-  لكنك قد تكونين معنا في أمان! لقد ذهب ابنك حسن وأوصاني بك! أرجوك يا حاجة، لا يريد الشباب مجازر جماعية يا حاجة..
- حسن يعلم أني لا أترك بيتي، وأن الموت عندي بين جدرانه أحب إليّ من حياة على أكف التهجير.
- وما ذنب زوجته وطفلتها؟!
- أنا لا أجبر أحداً على المكوث معي. ردّت أم حسن بحزم ثم نظرت بعينين تجاوزتا السبعين من حكايا الزمن الى كنتها فاطمة وقالت لها بحزم وقوة:
- اذهبي يا فاطمة! اخرجي أنت و"أمل" مع أبو مصطفى.   
- لا يا أم حسن! أنت لا تتركين ابنك، وأنا لا أترك زوجي. سأبقى معك، لعلّنا نقوم ببعض المواساة.
هدأت أم حسن قليلاً محاولة إخفاء الفرحة بجواب زوجة ولدها، وهمست في قلبها "لقد عرف ولدي من يختار عندما أحبك يا فاطمة".
ثم شعرت بأنّ قلبها يشتعل شوقاً إلى ولدها الوحيد الذي غادر فور اندلاع الحرب، لم تعد تعرف عنه سوى ما يأتيها من أبو مصطفى أو أحد الإخوان.
ها هم الأهالي يهمون بالرحيل، وقد تبقى وحيدة مع شوقها وقلقها!
وضعت أم حسن كفّاً فوق كتف زوجة ابنها، وكفّاً  فوق رأس حفيدتها، كأنها تجبل صبرها بصبرهما، ثم نظرت أمامها وقالت بثبات كأن الكوكب لا يتزلزل تحتها" اذهبوا يا أبو مصطفى، ليحمكم الله. نحن سنبقى هنا"!


***

غابت الحياة عن ضيعة العديسة.. فقدت الشوارع "كزدرات" الشباب وصرخات الأطفال المرحة، وأصوات السيارات، لترتدي حلة جديدة، لم يبق سوى القليل القليل في بيوت متفرقة. لا يعرفون أخبار بعضهم، لأنهم لا يسمعون سوى تضارب النار  مع التراب والإسفلت. وأم حسن وفاطمة وأمل، يمضين الوقت في الانتظار، يسرّحن جدائل الليل بالكثير من الدعوات، لتصل الى رب يحميهن ويمدّهن بالصبر والأمان. وعند الفجر في هدوء المدفعيات، يعجنّ القليل من الطحين، لسد رمق الجوع بمساعدة ما تدّخره الحاجة من مؤونة للسنة كلّها.


***


-  أمي، ثمة من يدق على الباب!
- ومن ترى يدق علينا يا فاطمة؟!
- لا أدري يا أماه! أيكون أحد شباب المقاومة؟!
ركضت أم حسن باتجاه الباب، تسابقها فرحة اللقاء بالقادم الذي جاء ليطمئن عليهم في هذه الأيام!!
ترى هل يكون ولدها حسن؟! هل يبرد، وأخيراً، لهيب الشوق في قلبها؟!
 لكن، سرعان ما أبعدت عنها هذه الفكرة متمتمة في قلبها، "كل الشباب أولادي! لن أفرّق بين أحد منهم.. كلهم أحباب قلبي!"
وما إن فتحت الباب حتى رأت شابّاً في مقتبل عمره.. 
- السلام عليكم يا حاجة!
- وعليك السلام يا حبيبي! تفضل!
- أعتذر لا يمكن أن أدخل، لكن الشباب أخبروني بأنك بقيت هنا. وقد كان لي مهمة قريبة فأحببت أن أسلم عليك يا أماه!
- ولماذا تعتذر يا حبيبي؟ ما أجمل كلمة أماه تنساب من فمك!
- أفضل البقاء على عتبة الدار لأنه لا رجل في البيت.
- أدخل يا ولدي، أدخل، هذه الغرفة تابعة للدار.
كان الشاب يمشي بحياء شديد، وهي تمشي أمامه تارة وبجانبه تارة أخرى، كأنها تحتضن دعسات أقدامه، كأنها تحمل روحه لعلّها تخفف عنها بعض أعباء شوقه إلى بيته وأهله!
ركضت الطفلة أمل إليه فعانقها بحرارة كبيرة وحنان عارم وكأنه لا يصدق بأنّ ربه ساقه إلى بيت فيه أم كأمه، وطفلة تنسيه براءتها بعضاً من قساوة الحرب..
- هل رأيت أبي؟!
سألته أمل التي لم تبلغ الخمسة أعوام بصوتها الطفولي البريء ، فاغرورقت عيناه بدموع سرعان ما  حجبها قائلاً: "لا تقلقلي يا حبيبتي. والدك بخير إن شاء لله، لكن قدِّمي إليه الدعوات، فقلبك مسجد لا يُرد له دعاء"!
كادت أم حسن أن تصرخ "حقاً حسن بخير!"، لكنها استدركت  ولاذت بصمتها. فهي تعرف أن الساحة تعج بالعشرات وربما بالمئات، وأن هذا الشاب قد لا يعرف حسن أصلاً.
- ما اسمك يا ولدي؟
- منير.
- أأنت جائع يا منير؟ قالت أم حسن ثم استدركت، "وهل هذا سؤال" رددت في سرّها. تنحنحت محاولة النهوض، فنظر إليها بعطف وقلق قائلاً:
- ماذا تأكلن يا حاجة؟ 
لم يكد منير ينهي سؤاله حتى انتفضت أم حسن وأحضرت له رغيفاً من الخبز مع بعض اللبنة والزيتون والكبيس والكشك ووضعته أمامه على صينية.         
- لا تخلو بيوت الجنوب من الخير يا ولدي. تفضل.  نحن بخير يا مهجة الفؤاد. لكن لهفي عليكم أنتم! 
أنتم الذين لا أعرف ماذا تأكلون وكيف تنامون!! آخ آخ يا حبيبي.. دعني صامتة.. هيا يا منير، كل. لا شك بأنّك جائع.
جلست الحاجة بقرب منير، ثم ما لبثت أن نادت فاطمة وطلبت منها أن تحضر الشاي.
- شاي أيضا يا حاجة؟
- نعم يا ولدي.. وهل تستطيع "إسرائيل" أن تثنينا عن الشاي بعد الغداء؟ قالت وهي تتأمل بذلته الرقطاء بشغف، لا يضاهيه شغف تأمل أمّ بشفتيّ طفلها ينطق باسمها للمرّة الأولى!
ضحك الجميع بعفوية، وكأن السماء لا تنبئ بالكثير من القصف.. ضحكوا وكأن القلب لا ينذر بالكثير من أخبار الشهداء..
-  كيف حال الشباب؟ كيف حال معنوياتهم؟
ابتسم منير قائلا: الشباب في أحسن الأحوال. وكأنهم مستعدّون للحرب منذ أعوام!
صمت قليلاً ثم أردف: سأبقى معكم الى حين اختفاء "أم كاMK " قليلاً.

- تقصد: أم كامل ؟

ابتسم منير بلطف قائلاً: نعم أم كامل.

- إذاً ألقِ بجسدك فوق الكنبة واغفُ قليلاً، لا شك بأنك متعب. سندخل نحن الثلاثة إلى الغرفة الأخرى. قالت وهي تنهض ممسكة بيد حفيدتها.

 لم تدع أم حسن مجالاً لمنير كي يتردد أو يكابر النعاس والتعب في عينيه، حتى توارت عن نظره.

غفا منير نصف ساعة على كنبة قرب الباب، وهو يحتضن السلاح، استيقظ بعدها ونادى: أم حسن.

-    إلى أين يا منير؟

سألته بكثير من القلق، وهو يربط أشرطة الحذاء ويهم بالوقوف. 
فأجابها بابتسامة:
- إلى حيث يجب أن أكون.
- أحببنا أن تبقى معنا. لا تصدّق كم آنستنا وأفرحتنا.
- وأنا أيضاً سررت بكنّ كثيراً. لكن يجب أن أذهب.
- ومتى سنراك مرة أخرى؟
- غداً إن شاء لله.
- على بركة الله يا حبيبي.
ركضت أمل إليه وعانقته من جديد. مسح على شعرها وقبّل رأسها، ثم حيّا أم حسن وفاطمة الواقفتين تنظران إليه كالثكلى وهي تودّع فارسها، حتى انصرف وتوارى عن الأنظار.
هوينا، رويداً رويداً، يتسلّل عبر البيوت، وتحت الأشجار. بالكثير من الحذر المحاط بعيون تراقب، تدعو، تحب وتنتظر الأحبة.
وبطيئاً جداً أيضاً مرّ الوقت في البيت بعد انصرافه. دبّت الحياة من جديد. قوي الأمل برؤية حسن أو سماع خبر عنه، أو على الأقل، بات هناك درب يوصل أنين انتظارهنّ إلى مسامع الرجال.
- فاطمة! نادت أم حسن فجأة بحماسة.
- نعم يا أمي!
- هيّا نعجن كمّيات كبيرة من الطحين. هيا ساعديني.
-  لماذا كمّيات كبيرة؟
- حتى نرسل الخبز مع منير عندما يأتي!
دبّت الفرحة في عيني فاطمة! وقامت بكل نشاطها تساعد حماتها على تحضير الخبز لأحبّة القلب.
- أرني يا حبيبتي كم تبقّى من الأرز؟
- الخير كثير يا أماه. عرفت بماذا تفكرّين. غداً إن شاء لله ، على بركة الله عندما يأتي يأخذ معه الأرز والخبز.
في اليوم التالي كانت رائحة الأرز المطبوخ تملأ المكان، تستقبل مع أزهار بسمات أم حسن وفاطمة وأمل إطلالة منير.
- ما هذه الرائحة الشهية!
- حضّرنا لكم الأرز يا منير.
- حقاً؟! ما أسعده من خبر! وأنا أيضاً أحضرت لكنّ.. أرجع سلاحه الحربي خلف ظهره ليتمكن من فتح جيبه، ثم أخرج منها حبات من التين والبندورة.
- لا تعلمن كم كانت فرحتي كبيرة وأنا أحضرها لكنّ. حقا إنها نعمة من الله! سبحانه ما أبسط الأمور التي تدخل إلى قلوبنا الفرحة في هذه الأيام! تفضلي يا أمل.
- حقاً يا منير ما أبسط الأمور التي نحتاجها لنفرح، أمل تحب التين كثيراً. لكن لا، طلّتك علينا ليست بسيطة. صدّق يا ولدي أنّ ابتسامتك أغلى لديّ من الدنيا وما فيها. أشعر بأنك ولدي الذي لا أعرف عنه شيئاً، قالت أم حسن وقد تحشرج صوتها. ثم شدت على قبضة يدها حتى تبقى متماسكة.
- وأنا أيضاً، شعرت بأنك أمي، آمل أن تكوني بخير، رد منير محاولاً منع استرسال الحاجّة بألمها.
ثم جلس يتناول معها طعام الغداء مع أطراف الحديث. يستذكرون أيام السلام وكأنها كانت قبل ألف عام. كأنهم ولدوا في الحرب، وكأن الانتظار هو هواء وجودهم الوحيد.


***


مرّت بضعة أيام ومنير يطل كل يوم، ببعض حبات التين أو العنب أو الفاكهة، ليؤنس عائلة فقدت أنيسها ومعيلها حتى أصبحت زياراته الجزء الذي ينتظرنه كل النهار، بالكثير من الصلوات كي يحميه الله ويرعاه.
اشتدّت المعارك، قوي القصف واقترب. ترى هل تتهاوى بيوت الجيران فوق حنين أبنائها المهجّرين؟؟
هل تبعثرت حجارة أبو محمود لتقضي على أكبر بيوت الضيعة عمراً ؟؟ هل سيعود أبو مصطفى ليقف أمام كومة من الحجارة ويقول: "هنا كان بيتي!"
 ماذا يحدث في الخارج؟؟ أسئلة تدور في رأس أم حسن وكنتها، من دون أن تقدر إحداهما على النطق بكلمة.
تحتضن فاطمة ابنتها، لعلّها تحمي بجسدها فتاةً ينتظر والدها إشراقة عينيها من بين غيم الغياب الذي طالت أيامه..
وحدها زفرات الدعاء تخترق الأنين وصلابة الجدران الصامدة لتبحر نحو السماء.. نحو الأمل والحلم..
في عيني أم حسن الكثير، قلبها الآن ليس أكثر سكوناً من حقول القمح المشتعلة، ولا من بيادر التبغ المزروعة بعرق الجبين، في القلب الآن فارس يجب أن يطل بابتسامة تقول لهذا البيت :"اطمئنوا، نحن بخير.. ما زلنا هنا بقربكم.. ما زلنا نحمي انبعاث ذاك الأمل من صدوركم.."
لكنه غائب. غاب حسن وغاب منير أيضاً تحت زخّ الصواريخ  والقذائف.. ترى أين  كان عندما بدأ القصف؟؟ أين توارى؟؟
" أي حائط الآن يحميك يا حبيبي؟؟ أي بيت يؤويك يا قمر أيام تموز في جفوني.. تراك تنتظر مثلنا هدوء المعركة كي تفاجئنا بسلامة أقوى من كيدهم؟؟ أرجوك عد، فأنت نبراس أنسنا يا ولدي.."
سرعان ما تساقطت من عينيها دمعات دافئة ، وازداد قلبها اشتعالاً. نظرت إليها فاطمة، وخاطبتها بصوت لا يكاد يسمع من ضجة الموت في الخارج:
- أماه أراك تبكين.. بالله عليك ابقي قوية، فأنا وابنتي نستمد منك العزيمة.. مسحت الحاجة دموعها ورفعت يديها الى السماء قائلة:
- يا رب.. لست على نفسي أبكي، احمهم يا رب ...
مرت ساعات وساعات  وبيت أم حسن لم تهدأ ملائكة الدعاء فيه!
المعركة لم تهدأ، ثلاثة أيام مرّت وهنّ في الممر البعيد عن الأبواب والشبابيك. لا يتحركن إلا للضرورة القصوى. لا يكدن يأكلن إلا ما يبقيهن على قيد الحياة.
في ذلك الوقت، ما عرفن كيف تتحرك عقارب الساعة، وهل سينتهي سجنهن في تلك البقعة من الأرض!
وأخيراً! هدأت المعركة! عمّ السكون.
لم تصدق أمل بأنها انتقلت من حضن أمها سالمة الى المطبخ كي تشرب كأس الماء، ما زلن أحياء،  لم يتساقط حائط فوق رؤوسهن. لقد كتب الله لهنّ عمراً جديداً.
 ركضت أم حسن إلى الباب. فتحته، خلفها فاطمة، تمشي على عجل بانتظار أن يكون أحد ما في الخارج.. أحد ما دقّ الباب ولم تسمعنه من أصوات المعركة.
فتحت الحاجة باب البيت، نظرت إلى الخارج، لم يأت حسن، ولم تر منير. 
بعد أن استرسلت بشرودها، قررت أن تبحث عنهما!
انتابها الخوف وهي تجوب الشوارع المبعثرة في أرجائها الحجارة والإسفلت.
لا تكاد تلاحظ تهاوي بعض الجدران والأسقف وتمايل بعض البيوت على بعضها البعض. فالحجارة الآن لا تهم. لا يهم سوى حبيب انتظرنه بفارغ الصبر ولم يقبل بعد، وعدها بأنه سيأتي كعادته مصحوباً ببعض حبات التين، ووعدته ببعض الزاد..

وعدها بابتسامة يحضرها من فوّهات بنادق أبنائها، ووعدته بمزيد من الدعاء الحاني الذي يرفع دمعاته نحو السماء..
وها هي الآن تبحث عنه، لا لتسأله عن وعوده، بل لتراه.. تريد فقط أن تراه سالماً...
لم تدر لما كان قلبها هادئاً على ابنها حسن في تلك اللحظات بينما كان يغلي على منير!
لحقت بها فاطمة. لا تكاد أم حسن تلحظ وجود امرأة تمشي خلفها، تتعثر بخيالها وحيرتها وبحثها عن رجل يشاطر ابنها الغائب هموم الوطن وعودة المهجّرين مرفوعي الرأس..
تجر فاطمة فتاةً أحلامُها تداعب النجوم والقمر، لكنها الآن تركت حكايات الأطفال لتبحث معهما عن رجل كوالدها.. عن حبيب واحد أدخل البسمة إلى قلبها يوم عجز العالم كله عن ذلك..
وفجأة، تراءى لأم حسن شيء ما على الأرض من بعيد. ركضت فاطمة لتقف بذهول أمام جسد طويل ممدّد على الأرض. ما لبثت أمل أن انحنت فوق الوجه المشع حياة، تقبله، وتمسح التراب عنه بدمعات صامتة، أنينها يوقظ ما تبقى من رماد الأرض النائمة. واقتربت أم حسن، فوجئت بشاب ينام بهدوء، متوسداً عنق ابتسامة وعلى يساره مستيقظاً ينام السلاح!
 وضعت يديها فوق كتفيه، ساعدتاها فاطمة وأمل لسحبه. هوينا هوينا، بدموع فاطمة الساكنة خدين متعبين، وأنّات أم حسن الخفية عن عيني العزيزتين، وبراءة سؤال أمل:
-"إلى أين سنأخذه"؟ ودموعها التي تقول:
- الآن أريد أبي!

ثم توقفتا قليلاً، تسمّرتا في مكانهما حين وجدتا نملات تزحف نحو صدره، نحو جيوبه، نحو يده التي تبعثر منها ثلاث حبّات من التين!!

 

 

 

___________________
1- تقع قرية العْدَيْسةِ الجنوبيّة في قضاء مرجعيون، وعلى ارتفاع (650) متراً عن سطح البحر، مبتعدة 105 كلم عن بيروت. 
 2- طائرة حربية بدون طيّار.
 3-  أم كامل، أو البومة كما تسمى في القرى في لبنان كناية عن طائرة الاستطلاع.

 تمّ تعديل الخاتمة من قبل المشرفة.

 

 

 

المصدر: كتاب فسيفساء تموز، جمعية الرابطة اللبنانية الثقافية.

التعليقات (0)

اترك تعليق